مسلسل محاكمة مدبري انقلاب ٨٩ بالأمس كان خلطة بين الكوميديا والتراجيديا !!

 


 

 

في أروقة المحاكم تكون هنالك ما يسمي بالسوابق القضائية وذلك لغرابتها وخروجها عن المألوف لدرجة تصل بها الي عدم التصديق بل الخوف والتوجس منها وهذه القضايا غريبة الأطوار البعيدة عن أي منطق تضمن عادة في صحيفة القانون ( Law Journal) ويحررها عادة قضاة علي درجة عالية من النباهة لتكون نبراسا يهتدي به اللاحقون من القضاة الذين حتما سيرون الغرائب و العجائب في أروقة المحاكم !!..
كنت عادة اتحاشي جلسات محاكمة مدبري انقلاب ١٩٨٩ التي يبثها التلفزيون القومي كل ثلاثاء وعلي مدار ثلاث ساعات لاني احس بان ايقاع المداولات بطيء وممل واحيانا تكون هنالك هرجلة والمكرفون يتنقل ما بين القاضي والدفاع والاتهام والمتهم والصوت غالبا يخرج منهم غير واضح والقاضي يكتب كل إفادة يأتي بها المتهم بصورة تشبه حصة الاملاء في المدرسة الأولية !!..
ولكن يوم الثلاثاء ٢٠٢٢/١٢/٦ كان المسلسل ( كارب) جعلني اتسمر أمام الشاشة ولا ابارحها إلا عندما سمعت الحاجب يصيح ( محكمة ) !!.. معلنا نهاية هذه الجلسة الاستثنائية المفعمة ( بالتراجيوكوميديا ) !!..
رايت غير مصدق عيني الطيب سيخة الذي يعرفه الجميع بعنفه وشراسته يبدو كالحمل الوديع وينفي عن نفسه جريمة مشاركته في انقلاب الكيزان ويؤكد أنه يوم الانقلاب كان يباشر عمله في العيادة الخارجية بالسلاح الطبي ومعه زميل له صرح باسمه وواصل بأن البشير عينه وزيرا لشؤون الرئاسة بعد شهر من نجاح الانقلاب !!..
كما هو واضح فإن الطيب سيخة نفض يده عن أي تخطيط وتنفيذ للانقلاب ومع ذلك قبل المنصب الوزاري وسار فيه بالعنف والقسوة التي عرف بها منذ أيام دراسته بجامعة الخرطوم التي استحق فيها لقب سيخة سلاحه الذي كان يرهب به الطلبة الكفار علي حد زعمه !!..
هل تصدقون أن هذا السيخة قد اقسم باغلظ الإيمان إبان الإدلاء بشهادته أن كل ما يقال عنه وعن سيخته المشهورة مجرد إشاعة ليس لها أساس من الصحة كما نفي إصابته بلوثة عقلية وإيداعه مستشفى الماحي وأيضا اقسم بأن هذه ايضا إشاعة ونفي دق مسمار علي رأس الراحل الدكتور علي فضل ووصف هذه الحادثة أيضا بأنها إشاعة وأنه بريء منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب !!..
ببساطة الطيب سيخة يريد أن يخرج من كل ماعرف به من دموية كما تخرج الشعرة من العجين ونسب كل حديث الناس عنه أنه مجرد إشاعات ولم يتذكر أن معظم المفصولين للصالح العام من أجل التمكين كانت قوائمهم تحت إشراف وزارته وكان احيانا في تطوافه علي الوزارات في ماسمي بيوم الخدمة ينهي خدمة البعض علي الهواء مباشرة بل كان يسيء إليهم ويظهر حقده القديم عليهم منذ أن كانوا زملاء له في الثانوي أو الجامعة !!..
وتم استجواب فيصل مدني مختار ونفي نفيا قاطعا أي صلة له بالانقلاب وان البشير وضعه في المجلس العسكري دون مشاورته وقد احتج علي ذلك لكن احتجاجه رفض وقالوا له ( اركز ) احتجاجك مابفيدك وقد سبق السيف العزل !!..
عموما تم استجواب يونس محمود وعلي الحاج وكلهم نفضوا يدهم عن المشاركة في الانقلاب وظهروا مثل الحملان الوديعة الطيبة الطاهرة وهذا ما جعلني أتحسس راسي هل بقي فيه برج لم يطير!!..

حمدالنيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي.
معلم مخضرم.

ghamedalneil@gmail.com

 

آراء