مصالح السودان العليا وامنه القومي في وجود دولة قومية قوية في مصر

 


 

محمد فضل علي
13 November, 2022

 

عندما يتحدث الناس عن الامن القومي ذلك علي افتراض ان هناك بقية باقية وخيط رفيع وحد ادني من الامن القومي في السودان البلد الذي ينحدر الان بسرعة صاروخية نحو هاوية ومصير مجهول كدولة فاشلة بكل ماتحمل هذه العبارة من معني ومايترتب عليها من نتائج وذلك بدون اقرار واعتراف واعلان رسمي .
علي صعيد اخر وعن التطورات الجارية في الجوار السوداني والشقيقة مصر تسود حالة من الخزلان والاحباط الاوساط الاخوانية في مصر وفي كل البلاد العربية والشرق اوسطية التي تحتضن تلك الجماعات وذلك بعد الفشل الذريع لحملات التعبئة والحشد والاعداد لتظاهرات في الشارع المصري والتي حدد لها الحادي عشر من نوفمبر الجاري علي امل ان يسفر الامر عن عودتهم الي الحياة السياسية في مصر من اي مدخل وخلق حالة من الفوضي والترويع والحملات الانتقامية من قوي الانتفاضة والثورة الشعبية المصرية التي اسقطت حكمهم في الثلاثين من يونيو 2013 علي نفس الطريقة الانتقامية التي يتم التعامل بها الان مع قوي الثورة والانتفاضة السودانية من قمع وقتل وتنكيل في المعتقلات السرية والاعدام بدون محاكمات بواسطة فلول الدولة الاخوانية العميقة وطابورهم الخامس داخل وخارج البلاد.
علي العكس مما كان ينتظره خصومها في الجماعات الاخوانية فقد حققت مصر اختراقات كبيرة علي الاصعدة الدبلوماسية وعلي صعيد العلاقات الدولية عبر مؤتمر قمة المناخ وحازت علي اعجاب الحاضرين من مختلف انحاء العالم بسبب دقة الاعداد والتنظيم المبهر للمؤتمر والاعتناء براحة المشاركين خاصة علي صعيد الامن والحماية من علي البعد مما جعل روساء الوفود المشاركة ورئيسة الكونجرس الامريكي يتجولون بكل هدوء في المنطقة التي شهدت انعقاد قمة المناخ وقد اشاد الرئيس الامريكي بالقمة وبدور الدولة المصرية ومجهوداتها الدبلوماسية في الساحة الفلسطينية ومقترح الرئيس المصري من اجل وقف الحرب الانتحارية المكلفة بين روسيا واوكرانيا باعتبار ذلك بمثابة ضوء اخضر لمصر لكي تمضي قدما في مجهوداتها لوقف تلك الحرب قبل خروج الوضع عن السيطرة وتحول تلك الحرب الي تهديد مباشر للمتبقي من الامن والسلم الدوليين وقد تحولت بالفعل بتاثيرها الخطير علي الامن الغذائي في الكثير من البلدان التي اصبحت تواجه خطر المجاعات التي قد تتسبب في موت الملايين من شعوب الدول الفقيرة ..
وقد وصلت اثار الحرب الروسية الاوكرانية الي معظم بلاد العالم وضربت اقتصاديات الدول الكبري بقوة بطريقة من الممكن ان تتسبب علي المدي القريب في انفجارات اجتماعية داخل الدول الغنية الكبري وداخل الولايات المتحدة ودول مثل كندا وفرنسا وبريطانيا ..
مما يعطي مقترح الرئاسة المصرية بالتدخل لوقف تلك الحرب اهمية خاصة كون مصر تعتبر وسيط غير منحاز وبلد تملك القدرة علي استضافة اي محادثات مباشرة بين روسيا واوكرانيا واي دول ومنظمات وكيانات يمكنها المساهمة في تحقيق ذلك الهدف واعادة الامن والاستقرار الي روسيا واوكرانيا وفي العالم الذي اصبحت معظم دولة في مركب واحدة في مواجهة الكوارث الكونية والاوبئة والحروب المدمرة ولن ينجوا منها احد اذا غرقت تلك المركب بمن عليها من دول العالم كبيرة او صغيرة.
عودة اخري الي اوضاعنا الداخلية في السودان الشئ الطبيعي والمفترض من القوي الشعبية والسياسية السودانية التي تعمل جاهدة بكل الوسائل علي استرداد الشرعية واعادة بناء مؤسسات الدولة السودانية القومية التي دمرها الاسلاميين علي مراحل خلال سنين حكمهم الاستبدادي الدموي الطويل ان تدعم وتعزز وجود دولة قومية مدنية قوية وموحدة في الجوار السوداني في مصر في كل الاوقات والاحوال بغض النظر عن من يحكم مصر علي قاعدة الاعتراف بشرعية الاوضاع المترتبة علي انتصار الانتفاضة والثورة الشعبية المصرية التي اسقطت حكم جماعة الاخوان المسلمين في الثلاثين من يونيو 2013 بعد تدخل مباشر من الجيش القومي في مصر وحمايته لحركة الشارع المصري واخماد الفتنة في مهدها ووقف مخطط اخونة الدولة المصرية والمنطقة العربية .
المخطط الذي كانت الحركة الاسلامية السودانية جزء منه من موقعها في القيادة المركزية للتنظيم الدولي لجماعة الاخوان المسلمين الذين توافدوا علي مصر في ذلك الوقت من كل حدب وصوب من الجمهورية الاسلامية المزعومة في ايران ممثلة في الرئيس احمدي نجاد ومن السودان الشيخ الترابي ومن بعده الحاكم الحقيقي للسودان في ذلك الوقت الشيخ علي عثمان محمد طه ومن اليمن وليبيا والكويت وحتي ممثلين حركة الاخوان في بعض الجمهوريات السوفيتية السابقة وتبادلوا القبلات والانخاب بعد ان اعتقدوا واهمين ان الامور قد الت اليهم بالسيطرة علي ذلك البلد الاستراتيجي الهام بعد فوز مرشح جماعة الاخوان المصرية الدكتور محمد مرسي في الانتخابات المتعجلة والغير مكتملة لرئاسة الجمهورية المصرية .
لقد اوقف الشعب والجيش المصري ذلك المخطط الجرثومي الطموح لجماعة الاخوان المسلمين قبل ان ينتشر ويستحفل وتترتب عليه نتائج كارثية ومضاعفات خطيرة علي الاوضاع الاستراتيجية للجوار المصري في ليبيا والسودان وعلي المنطقة العربية التي تحولت اجزاء واسعة منها قبل ذلك الي مقابر جماعية وبلاد غارقة في الفوضي والفساد والممارسات الجاهلية من ذلك النوع الذي يجري اليوم في العراق وسوريا واليمن وفي لبنان بصورة نسبية وذلك كنتيجة مباشرة لتدخل الدولة العظمي وراعية حقوق الانسان والديمقراطية المفترضة وتكرمها بتفكيك اخر جيش قومي في العراق واغتيال قيادته الشرعية لينتهي الامر الي ما انتهي اليه اليوم من كوارث تمددت خارج حدود ذلك البلد ضحية عصر الخمينية الامريكية وذلك النوع النادر من فصام الدولة الذي جسده الغزو العسكري الامريكي لبلاد الرافدين في البلد الذي سيظل صريعا وغارقا في الفوضي والفساد تدير اموره حكومات صورية ووشلليات طائفية وعشائرية في غياب حكم الدولة وسيادة القانون وسيبقي الحال في العراق وسوريا واليمن علي ماعليه حتي اشعار اخر .
لقد تدخلت عناية السماء وحنكة واحترافية الجيش القومي في مصر في يونيو 2013 وجنبت مصر مصير مظلم كان سينتهي بها الي خمينية عربية واذا استمر الاخوان في حكم مصر كان سيكون انتصار الانتفاضة والثورة الشعبية في السودان امر من رابع المستحيلات وكان السودان سيكون قد تحول اصلا الي قاعدة عسكرية وحديقة خلفية لمشروع الخلافة الاخوانية وللجيوش المتعددة الجنسيات التي كانت ستتمدد لاسناد جماعات العنف والارهاب في العمق الاستراتيجي للاراضي الليبية وتمكين تلك الجماعات المسعورة من الاستفراد بالشعب الليبي وحكمه بالحديد والنار الي ما شاء الله.

 

آراء