مناهضة العنصرية (3 / 5)
عصام على عبدالحليم
4 August, 2022
4 August, 2022
لقد واصل جهاز الدولة السودانية المستقلة تقاليد ومواريث الدولة الاستعمارية العنصرية . اعادت انتاجه مستفيدة من ومستلهمة ايضا سيرة الدولات السابقة منذ السلطنات فى بعدها الاثنى والدينى، ومستفيدة من ارث الرق وتقاليد اختراع الانساب العربية . ولقد إختار الاوائل من جيل الحركة الوطنية الاسلام والعروبة وحدهما كمكونات للهوية ، او افترضوا مجالا عربيا واسلاميا – شمسه ساطعة تخفى الكواكب - شكّلوا على ارضه مؤتمر الخريجين ( والذى قال نشيده : امة اصلها للعرب / دينها خير دين ) والاحزاب السياسية ، ومشروع القومية السودانية ، فلبسته الدولة جلبابا ايديولوجيا قمّصه لها الله ، فقال اسماعيل الازهرى رئيس مجلس السيادة بعروبة السودان واسلامه ، بعد ان غشاه رسل الحضارة العرب المسلمين وهم فى طريقهم لنشرها فى افريقيا . وقد عفته عروبته واسلامه – كما يبدو - من التزامات حكومته التى اطلقت الوعود الانتخابية للجنوبيين باولويتهم فى وكبر نصيبهم من وظائف السودنة ، فما نالوا سوى ستة وظائف من مجموع ثمانمئة ، كانت ارفع الوظائف بين نصيب الجنوبين مساعد مفتش ! فمنعتهم اقترابا من بنية القوة ووفرتها للشماليين/العرب . وفى الستينات عبر الامام الهادى المهدى عن نفس الفكرة ، فخاطب الملك فيصل فى بلاطه قائلا " والسودان يا صاحب الجلالة بلد عربى اسلامى فى اغلبيته وعموم اسباب حضارته وثقافته ، وهو يشكل الرمح الاسلامى العربى فى افريقيا ، ويشكل طلائع الغزو السلمى الانسانى فى مجاهل افريقيا ، لذلك فانه يلقى عداء الصليبيين واصحاب النعرات العنصرية كالقومية الافريقية والقومية الزنجيه ...الى اخره (...) واننا يامولاى (...) نترك لحسن تقديركم ان تنظروا فيما يبدو انه التزام ادبى على الدول والشعوب الاسلامية ، والدول والشعوب العربية خاصة ان تنصر الشعب السودانى المسلم (...) فى كفاحه الجديد من اجل الاسلام ، وفى سياسته الاسلامية الزاحفة الى تلك البقاع الافريقية المتخلفة " .( اورده حسن موسى، " شبهات حول الهوية ، ملاحظات حول اشكالية الفن والهوية فى السودان " ، كتابات سودانية العدد الثالث ، ص 15) .
وفى ورقة د. بولا الباسقة " شجرة نسب الغول في مشكل الهوية الثقافية وحقوق الإنسان في السودان
أطروحة في كون الغول لم يهبط علينا من السماء" وردت نماذج مفحمة لعينة من الخطاب العنصرى ينطقها من هم على سدة جهاز الدولة ، حيث اقتطف محمد أحمد المحجوب فى مقالته (الحركة الفكرية في السودان في أي طريق ينبغي أن تسير )" أن عقلية هذا الجيل هي نتاج لتفاعل حضارات مختلفة , ومتناقضة أحيانا , وثقافات تمثل لكل تيارات التراث العالمي (.....) بيد أننا لا ينبغي أن نشك في أن الثقافة العربية هي الغالبة (...) كما أن الإسلام هو دين الغالبية الساحقة في هذه البلاد. أنه الدين الذي تتقبله قبائل الجنوب الوثنية بحماسة منقطعة النظير والذي يتناسب تماما مع فطرتها ". ويورد د. بولا ايضا المحجوب مواصلا بناء فكرته " أن المثل الأعلى للحركة الفكرية في هذه البلاد هو أن تكون حركة تحترم تعاليم الدين الإسلامي الحنيف , وأن تكون ذات مظهر عربي في تعبيرها اللغوي , وأن تستلهم التاريخ القديم والتاريخ الحديث لأهل هذه البلاد وتقاليد شعبها "
ويذكر د. بولا مساهمة عالم اللغة السوداني الدكتور عشاري أحمد محمود الناقدة للسياسة اللغوية والتخطيط اللغوي في السودان حيث تفيدنا : " يتضح موقف حزب الأمة من برنامج نهج الصحوة (ص14) والميثاق السوداني (النسخة الأولية) . فقد ورد في البرنامج أن ( انتماء السودان القومي عربي لأن العربية لسان أهله أو اكتساب لغالبية شعبه) 23 ويتم أفراغ الأفريقية من أي محتوي ثقافي - لغوي حين يشار أليها (كانتماء) تاريخي وجغرافي (....) ويرد ذكر اللغات الأقلية علي النحو التالي : " اللغات الأخرى المتحدثة في بعض الأقاليم والقبائل السودانية تعتبر جزءا من التراث القومي وتعطي رعاية "24 . وهذا المستوي من التعميم والإجمال هو أما غش ،، أو تهميش ,, أو كلاهما معا " . وفى اقتراح د. بولا (للمكان الذى اتى منه الغول ) يورد ايضا نص د. عشارى الخاص بحزب الاتحادى الديمقراطى : " ويبدو برنامج الحزب الاتحادي أكثر وضوحا في عروبته . يكتب عشاري " وتبين أحدي وثائق الحزب ألإتحادي الديمقراطي موقفه المركز علي نشر العربية في الجنوب وفي مناطق جبال النوبة, وعلي تعزيز الثقافة العربية الإسلامية . وفي هذه الوثيقة يشير الحزب الي أن نشر العربية جهاد .25. "
اذن ارتباط جهاز الدولة ب "العرقنة" وبالعنصرية هو ارتباط داخلى ، وضّحته تجربة الرق فى الممالك والسلطنات السودانية القديمة ( كما اشرنا سريعا اليه اعلاه) وقبل قدوم الاستعمار الاروبى واستمرار هذا الارتباط بعده فى حنايا الدولة الاستعمارية والوطنية بعده ، مما يمكن معه الاستنتاج ان تاريخ الرق ( والعنصرية ) وتاريخ الدولة مرتبطان . فتكوّن الدولة ساهم وارتبط بتكوّن "العرق" وعملية "العرقنة " والاستبعاد والتفرقة العنصرية . واستمرت الدولة خائضة فى انتاج واعادة انتاج الهوية الوطنية والسكان اهل الوطن والقوى العاملة والامن الوطنى ومشاريع التنمية .. الخ من خلال منظومة تعبير طبقية و"عرقية" عكست نفسها فى بنى ومستويات عديدة ، منها موضوعة السلطة والواقعة الاقتصادية الاجتماعية (اوما يشتهر الان بموضوعة الثروة ) . ( انظر معلومات الكتاب الاسود ) والدولة هنا تنطرح كوحدة لجماع عمليات ( هويوية ) وعمليات ثقافية واقتصادو-اجتماعية ، وبنية مؤسسات وادوات طبقية ، تخدم قوى اجتماعية سائدة – تنفذ ما تقدمه ايديولوجياتها من برامج سياسية - تتجاوز فى اجتماعها كل ذلك التعريف الشائع- عند بعضهم - للدولة كحقيقة سياسية محايدة ، او كإناء مستطرق فارغ يمكن ملؤه بالايمان او العنصرية او ما يشاءون. وقد اشارت معلومات "الكتاب الاسود "- بالرغم من التحفظ المنهجى - ببعض النجاح الى الظاهرة ، عندما رصدت التدنى المفرط فى حظ بعض الاقاليم ( ركزت على دارفور بصفة خاصة ) فى نصيبها من تولى المواقع العالية فى جهاز السلطة، كما اشارت قبلها تجربة السودنة .
الاثنية
لم تعد الاثنية سمة افريقية خاصة بعقلها الذى تعشش فيه رواسب ماقبل الحداثة ( كما يدعون ) . فهى وان كانت سابقة للحداثة ، لكن الحداثة قامت باعادة تشكيلها باداة الاستعمار، وحشرت عديد المجموعات المختلفة فى بنية سياسية واحدة سمتها بالدولة الوطنية . وخارج افريقيا ، انفجرت الصراعات الاثنية على مدى العشرين سنة الفائتة فى عقر الدار الاروبية . فى شرقها تحديدا، خرجت الاثنيات تتبختر عارضة نقائها "العرقى" على قارعة الطريق ، وفى وسط الطريق تبيد "الاعراق" الاخرى مطهرة اراضيها من رجسهم . وفى غرب اروبا تحسسوا جلدهم الابيض ، ولبسوا اقمصة القومية المزدانة ، ودفعوا المهاجرين اليهم الى الاطراف الفقيرة من المدن ، واطلقوا خطابا سياسيا يحمل عنصرية ناعمة ( واحيانا عنيفة ) وسموه التعدد الثقافى ، واقاموا مؤسسات الاقتصاد والخطاب ومنظمات تخطيط القوى العاملة والبوليس لرسم حدوده .
ونستون تشرشل كتب فى "حرب النهر : رصد وقائع اعادة احتلال السودان " ما يلى : " يتكون السودانيون من عدة قبائل ، ولكن يمكن التمييز وبشكل واضح بين عرقين رئيسيين : السكان الاصليين والمستقرين العرب . السكان الاصليون زنوج سود كما الفحم . فحول ، اقوياء ومتوحشون ذوى عقل بسيط ، يعيشون كما يمكن ان نتخيل رجال ما قبل التاريخ - يصطادون ، يتشاجرون ، يتزاوجون ويفنون ، بلا افكار ابعد من تلبية حاجاتهم الحيوية " حدد تشرشل انهم يدينون بالسحر ويعبدون الاسلاف ، وان ضمور ذكاءهم يوضح انحطاط عاداتهم " .
ويقول بالرغم من كثرتهم العددية الا ان العرب تفوقوا عليهم بالذكاء و بقوة الشخصية . يقول لقد امتص الاصليون العرب عندما فشلوا فى طردهم ، ولكن "العرق" الاقوى فرض لغته وعاداته على الزنوج وفرض بعضا من دمه فغير من ملامحهم الجسدية ، و تميز الهجين المنتج بالوضاعة والقسوة .
هارولد ماكمايل كتب فى ( تاريخ العرب فى السودان) عن وجود 3 "اعراق" فى السودان : الزنوج ، العرب والحاميين . العرب دفعوا بالزنوج الى الجنوب واحتلوا اراضيهم او اختلطوا بهم –عن طريق الزواج - فى ممارسة امتدت الى ازمان طويلة ابتدأت منذ القرن السابع الميلادى ، كما حدث فى سلطنات الفونج ، الفور - الداجو والكيرا - حيث وجد العرب مكانا بارزا فى بلاط السلطان .
وهكذا فرغ الاستعمار البريطانى من تحديد التركيب "العرقى" للسودانين – كما فعلوا مع باقى سكان القارة الافريقية ( ذلك المكان الخاص المنسجم فى كليته الذى اخترعها علم الخرائط ورغائب التوسع الاروبى كما اشار ادوار سعيد) . وقد جاء هذا التصنيف "العرقى" ضمن بنية شاملة اعتمدت على "العرق" كمبدأ منظم للعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ...الخ منتجة لنظام عنصري ، يرتبها بشكل راسى يحتل فيه الاروبى سدته العليا .
واصلت الدولة الوطنية ماورثته من خبرة "الحكم غير المباشر" الطاغية الكلونيالية ، معترفة بذلك التركيب "العرقى" للسودانين ( وقالت مافى مشكلة ، فكلنا اخوان ) واستفادت من اشكال ادارته . فاستمرت ضريبة الدقنية ، واستمر العمل بالقانون الكلونيالى للحكم المحلى ( قانون 1837 وقانون مارشال 1952) ، ولم تصدر السلطة الوطنية قانونا للحكم الشعبى المحلى الا فى 1971 بعد 16 سنة بعد الاستقلال ! وظّفت الدولة الاستعمارية وحكومات مابعد الاستقلال مفهوم القبيلة (السكان الاصليين) و استمر توظيف المفهوم يمارس سلطانه النافذ عبر نظام الارض والدار/الحاكورة (دار حمر ، دار رزيقات، دار فور/ دار حامد الخ) واستمرت القبيلة تمارس سلطانها على " اراضيها " تمنع وتمنح حق التواجد واستخدام المتاح من الموارد بعد تقديم رسوم معلومة . واستمرذلك النظام من سلطة القبيلة محققا لبنية من نظام ضرورى تترابط فيه القوة والثقافة والارض كالسياج يحيط باثنية تعين من هم داخلها باسياد البلد ،ومن هم خارجها تحددهم كاَخر(غريب) . انه نظام للتفرقة الاثنية ، استخدمته السلطة الوطنية – عندما فشلت مشاريعها التنموية (الزراعة بشقيها الحيواني والنباتي واستقرار الرعي والرعاة ، وحفر الابار ، وترسيم مسارات الرحل واخفاق وقف الزحف الصحراوي الخ) وعندما اشتدت عليها الازمات – استخدمته لدعم سلطانها ونظام قوتها السياسية ، وتوسيع قاعدتها الاجتماعية .وقد عبر ذلك الارتباط – فى لحظات صدق مع الذات الايديولوجية – عن عنصريته ( وعن التفرقة العنصرية ) فى قيام التجمع العربى فى دارفور ، و تسليح قبائل المسيرية ضد الدينكا ، وفى اندلاع الحروب القبلية ، ومذبحة الضعين وحروب الابادة الاخرى . لاحظ ان عامل الاهمال التنموي ونقص الموارد ساهم ايضاً فى حروب كبيرة تمّت بين قبائل محسوبة على العرب ، مما يؤكد تعقيد المشكلة وضرورة استصحاب تفسير اجتماعي-إقتصادى مع الاثنى . واضح ان الطبقات السائدة وحكوماتها متورطة اما فى استثمار ورقتيْ الاثنية والدين او الاهمال التنموي للهامش الجغرافي او الاثنان معاً .
الثقافة / الاثنية:
بالرغم من ان العنصرية كفهم وممارسة تحظ ببعض الثبات الظاهرى فى البنية النفسية للعنصرى ـ الا انها متغيرة ، تُحدد ملامحها وتعبيراتها المراحل التاريخية المتواترة ( لايوجد نظام واحد للتحديد العنصرى ، لايوجد عنصرى واحد ولا ضحية واحدة ، بل يتعددون) . قد تحاول ان تخفى العنصرية قبحها فى بعض سماحة الثقافة ، مبتعدة عن البايولوجيا و خصائص الجسد كمعيار غامض ، هابط ومفضوح . او تخفى مراميها فى خطاب الايديولوجيا الذى يزعم امتياز الثقافة العربية ولغتها والتى نالته من ارتباطها المحكم بالدين الاسلامى عندما جاء تنزيلا من رب حكيم .
تعبر الثقافة عن نفسها كمحتوى اساسى يعطى المعنى للافراد كما يعطى الهوية الجماعية . وفى حالة قهرها – كما فى التجربة الاستعمارية ومابعدها – تنهض المشاريع لاستعادتها . وقد يرتبط ذلك بمشروع سياسى يستمد قوته واهدافه منها ، كما وقد يربكها فى نفس الوقت ، وذلك بتداخل الثقافة مع المجالات الاثنية والدولة والقومية – تلك المجالات - المعقدة مما اشرنا اليه اعلاه ، والمجالات الاخرى الاقتصادية-الاجتماعية ، فتشتبك الحدود .
تحاول الانثربولوجيا الاجتماعية ان ترسم الحدود ، وقد انضمت اليها مجموعة من العلوم الاجتماعية الاخرى ( التاريخ والاقتصاد الاجتماعى وعلوم الاجتماع والفلسفة والنظرية النقدية ..الخ) الى جانب السياسين ـ كما فى البلد الحبيب ـ والناشطين فى المنظمات المدنية المختلفة ومن نسميهم عموما بالمثقفين يطرحون معارف – فى تجربتنا ـ بصدد الهوية والثقافة ( او الهوية الثقافية ) كامر ملح وفى عمق شان البلد ومصائرها .
ففى نقده الثقافى لاحظ د. شريف حرير استغناء "عازة فى هواك" من اهل الاطراف حيث لم تتجاوز محبة عازة مدى شمبات ولم تذهب ابعد من حبالها ، فهى لم تكن سوى تعبيرا عن العروبة " ليس من حيث الثقافة بل من حيث العرق – عازة لم تكن مثالا خاليا من العرق والدين بل عبرت عن نظرة ثقافية اخذت من المجموعات المسيطرة فى وسط البلاد " (د. شريف حرير " هل هى عنصرية فى قناع اسلامى ؟ تراجع القومية وانبعاث الاثنية فى دارفور ") .
اما ابكر ادم اسماعيل فيقدم نماذج من نتائج التفرقة العنصرية حية فى واقع العيان والتجربة ، تسعى بيننا كتعابير اعمق ، ودلائل مقيمة لسيطرة وسيادة مايسميه بالمركزية الاسلاموعربية ؛ فيقول فى روقته " جدلية المركز والهامش وإشكال الهوية في السودان " : " وفي نفس السياق تدخل اللغة واللون في تقسيم العمل (الرسمي) فكل من لديه (لكنة) محروم من العمل في أماكن معينة مثل الأجهزة الإعلام والعلاقات العامة ، بسبب (الأحادية الرسمية للغة العربية) واحتقار اللغات الأخرى خوفاً من إبراز وجه السودان (غير الحضاري!) وهذا بالإضافة لتقلص أعداد (الملونين) عامة في مؤسسات التعليم العالي ، وما يستتبعها من وظائف، بسبب اشتراط النجاح في اللغة العربية لمنح الشهادة السودانية ، ومن ثم تضاؤل فرص هؤلاء في عملية الاقتراب من بنى التأثير والسلطة فى معناها العام .
ويقول ايضا " أما على مستوى الملكية وتوزيع الثروة في السودان، فمثلا في مشروع الجزيرة تم توزيع الأراضي الزراعية في المشروع على أبناء الكيانات ذات الأصول العربية بحجة أنهم ملاك سابقين للأرض قبل قيام المشروع. بينما ترك أبناء الكيانات الأخرى يعيشون في الكنابي كعمال منذ تأسيسه في العشرينات. وقد ظل هذا التوجه مستمرا بعد الاستقلال وحتى الآن دون أن تقوم الدولة (المستقلة) التي غيرت كل شيء بمراجعة وضعية توزيع وتمليك الأراضي الزراعية ومراعاة ظروف سكان الكنابي (المزارعين الحقيقيين) المستقرين منذ ذلك الوقت(...). ولكن الحجج التي كانت تساق لتبرير عملية توزيع الأراضي وتمليكها في الجزيرة، تم التخلي عنها عندما تعلق الأمر بمناطق الزراعة الآلية في جبال النوبة والنيل الأزرق وأعالي النيل. بل قامت الدولة بإزالة القرى وطرد المواطنين لإقامة المشاريع التي تم توزيعها على تجار المدن وكبار (البيروقراطية) المدنية والنظامية، الذين في غالبيتهم ليسوا من تلك المناطق "
ويستمر ابكر فى رسم تجليات توجهات جهاز الدولة المعبر عن المركز ذاكرا دوافع الاخضاع (وقد يعنى العنصرية ) في ممارسات السلطة بصدد سياسات الاسكان ونتائجها العنيفة تجاه الاعراق غير العربية ، فيقول " أما فيما يتعلق بما يسمى بالسكن العشوائي، فبالرغم من أن معظم الأحياء السكنية في العاصمة مثلا، غير مخططة وينطبق عليها عملياً تعريف السكن العشوائي، إلا أن التكسير والإزالة تطال غالباً المناطق التي يقطنها أبناء المناطق والكيانات المهمشة بالدرجة الأولى. وبطريقة مهينة، وبدون تعويضات على الخسائر المادية. في الوقت الذي تترك فيه مناطق أخرى مجاورة تنطبق عليها كل المعايير الموضوعية، لا لسبب إلا الأصول الاثنية والجهوية لقاطنيها" . وفى الجزيرة ، فى قرية محمد زين طلب عبدالرحيم هارون شهادة سكن من رئيس اللجنة الشعبية ، فواجهه رئيسها ضياء الدين الطيب صارخا: " يا لاجئ .. ياعب " ونصحه بالرجوع الى بلده دارفور !
يتبع
isamabd.halim@gmail.com
///////////////////////
وفى ورقة د. بولا الباسقة " شجرة نسب الغول في مشكل الهوية الثقافية وحقوق الإنسان في السودان
أطروحة في كون الغول لم يهبط علينا من السماء" وردت نماذج مفحمة لعينة من الخطاب العنصرى ينطقها من هم على سدة جهاز الدولة ، حيث اقتطف محمد أحمد المحجوب فى مقالته (الحركة الفكرية في السودان في أي طريق ينبغي أن تسير )" أن عقلية هذا الجيل هي نتاج لتفاعل حضارات مختلفة , ومتناقضة أحيانا , وثقافات تمثل لكل تيارات التراث العالمي (.....) بيد أننا لا ينبغي أن نشك في أن الثقافة العربية هي الغالبة (...) كما أن الإسلام هو دين الغالبية الساحقة في هذه البلاد. أنه الدين الذي تتقبله قبائل الجنوب الوثنية بحماسة منقطعة النظير والذي يتناسب تماما مع فطرتها ". ويورد د. بولا ايضا المحجوب مواصلا بناء فكرته " أن المثل الأعلى للحركة الفكرية في هذه البلاد هو أن تكون حركة تحترم تعاليم الدين الإسلامي الحنيف , وأن تكون ذات مظهر عربي في تعبيرها اللغوي , وأن تستلهم التاريخ القديم والتاريخ الحديث لأهل هذه البلاد وتقاليد شعبها "
ويذكر د. بولا مساهمة عالم اللغة السوداني الدكتور عشاري أحمد محمود الناقدة للسياسة اللغوية والتخطيط اللغوي في السودان حيث تفيدنا : " يتضح موقف حزب الأمة من برنامج نهج الصحوة (ص14) والميثاق السوداني (النسخة الأولية) . فقد ورد في البرنامج أن ( انتماء السودان القومي عربي لأن العربية لسان أهله أو اكتساب لغالبية شعبه) 23 ويتم أفراغ الأفريقية من أي محتوي ثقافي - لغوي حين يشار أليها (كانتماء) تاريخي وجغرافي (....) ويرد ذكر اللغات الأقلية علي النحو التالي : " اللغات الأخرى المتحدثة في بعض الأقاليم والقبائل السودانية تعتبر جزءا من التراث القومي وتعطي رعاية "24 . وهذا المستوي من التعميم والإجمال هو أما غش ،، أو تهميش ,, أو كلاهما معا " . وفى اقتراح د. بولا (للمكان الذى اتى منه الغول ) يورد ايضا نص د. عشارى الخاص بحزب الاتحادى الديمقراطى : " ويبدو برنامج الحزب الاتحادي أكثر وضوحا في عروبته . يكتب عشاري " وتبين أحدي وثائق الحزب ألإتحادي الديمقراطي موقفه المركز علي نشر العربية في الجنوب وفي مناطق جبال النوبة, وعلي تعزيز الثقافة العربية الإسلامية . وفي هذه الوثيقة يشير الحزب الي أن نشر العربية جهاد .25. "
اذن ارتباط جهاز الدولة ب "العرقنة" وبالعنصرية هو ارتباط داخلى ، وضّحته تجربة الرق فى الممالك والسلطنات السودانية القديمة ( كما اشرنا سريعا اليه اعلاه) وقبل قدوم الاستعمار الاروبى واستمرار هذا الارتباط بعده فى حنايا الدولة الاستعمارية والوطنية بعده ، مما يمكن معه الاستنتاج ان تاريخ الرق ( والعنصرية ) وتاريخ الدولة مرتبطان . فتكوّن الدولة ساهم وارتبط بتكوّن "العرق" وعملية "العرقنة " والاستبعاد والتفرقة العنصرية . واستمرت الدولة خائضة فى انتاج واعادة انتاج الهوية الوطنية والسكان اهل الوطن والقوى العاملة والامن الوطنى ومشاريع التنمية .. الخ من خلال منظومة تعبير طبقية و"عرقية" عكست نفسها فى بنى ومستويات عديدة ، منها موضوعة السلطة والواقعة الاقتصادية الاجتماعية (اوما يشتهر الان بموضوعة الثروة ) . ( انظر معلومات الكتاب الاسود ) والدولة هنا تنطرح كوحدة لجماع عمليات ( هويوية ) وعمليات ثقافية واقتصادو-اجتماعية ، وبنية مؤسسات وادوات طبقية ، تخدم قوى اجتماعية سائدة – تنفذ ما تقدمه ايديولوجياتها من برامج سياسية - تتجاوز فى اجتماعها كل ذلك التعريف الشائع- عند بعضهم - للدولة كحقيقة سياسية محايدة ، او كإناء مستطرق فارغ يمكن ملؤه بالايمان او العنصرية او ما يشاءون. وقد اشارت معلومات "الكتاب الاسود "- بالرغم من التحفظ المنهجى - ببعض النجاح الى الظاهرة ، عندما رصدت التدنى المفرط فى حظ بعض الاقاليم ( ركزت على دارفور بصفة خاصة ) فى نصيبها من تولى المواقع العالية فى جهاز السلطة، كما اشارت قبلها تجربة السودنة .
الاثنية
لم تعد الاثنية سمة افريقية خاصة بعقلها الذى تعشش فيه رواسب ماقبل الحداثة ( كما يدعون ) . فهى وان كانت سابقة للحداثة ، لكن الحداثة قامت باعادة تشكيلها باداة الاستعمار، وحشرت عديد المجموعات المختلفة فى بنية سياسية واحدة سمتها بالدولة الوطنية . وخارج افريقيا ، انفجرت الصراعات الاثنية على مدى العشرين سنة الفائتة فى عقر الدار الاروبية . فى شرقها تحديدا، خرجت الاثنيات تتبختر عارضة نقائها "العرقى" على قارعة الطريق ، وفى وسط الطريق تبيد "الاعراق" الاخرى مطهرة اراضيها من رجسهم . وفى غرب اروبا تحسسوا جلدهم الابيض ، ولبسوا اقمصة القومية المزدانة ، ودفعوا المهاجرين اليهم الى الاطراف الفقيرة من المدن ، واطلقوا خطابا سياسيا يحمل عنصرية ناعمة ( واحيانا عنيفة ) وسموه التعدد الثقافى ، واقاموا مؤسسات الاقتصاد والخطاب ومنظمات تخطيط القوى العاملة والبوليس لرسم حدوده .
ونستون تشرشل كتب فى "حرب النهر : رصد وقائع اعادة احتلال السودان " ما يلى : " يتكون السودانيون من عدة قبائل ، ولكن يمكن التمييز وبشكل واضح بين عرقين رئيسيين : السكان الاصليين والمستقرين العرب . السكان الاصليون زنوج سود كما الفحم . فحول ، اقوياء ومتوحشون ذوى عقل بسيط ، يعيشون كما يمكن ان نتخيل رجال ما قبل التاريخ - يصطادون ، يتشاجرون ، يتزاوجون ويفنون ، بلا افكار ابعد من تلبية حاجاتهم الحيوية " حدد تشرشل انهم يدينون بالسحر ويعبدون الاسلاف ، وان ضمور ذكاءهم يوضح انحطاط عاداتهم " .
ويقول بالرغم من كثرتهم العددية الا ان العرب تفوقوا عليهم بالذكاء و بقوة الشخصية . يقول لقد امتص الاصليون العرب عندما فشلوا فى طردهم ، ولكن "العرق" الاقوى فرض لغته وعاداته على الزنوج وفرض بعضا من دمه فغير من ملامحهم الجسدية ، و تميز الهجين المنتج بالوضاعة والقسوة .
هارولد ماكمايل كتب فى ( تاريخ العرب فى السودان) عن وجود 3 "اعراق" فى السودان : الزنوج ، العرب والحاميين . العرب دفعوا بالزنوج الى الجنوب واحتلوا اراضيهم او اختلطوا بهم –عن طريق الزواج - فى ممارسة امتدت الى ازمان طويلة ابتدأت منذ القرن السابع الميلادى ، كما حدث فى سلطنات الفونج ، الفور - الداجو والكيرا - حيث وجد العرب مكانا بارزا فى بلاط السلطان .
وهكذا فرغ الاستعمار البريطانى من تحديد التركيب "العرقى" للسودانين – كما فعلوا مع باقى سكان القارة الافريقية ( ذلك المكان الخاص المنسجم فى كليته الذى اخترعها علم الخرائط ورغائب التوسع الاروبى كما اشار ادوار سعيد) . وقد جاء هذا التصنيف "العرقى" ضمن بنية شاملة اعتمدت على "العرق" كمبدأ منظم للعلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية ...الخ منتجة لنظام عنصري ، يرتبها بشكل راسى يحتل فيه الاروبى سدته العليا .
واصلت الدولة الوطنية ماورثته من خبرة "الحكم غير المباشر" الطاغية الكلونيالية ، معترفة بذلك التركيب "العرقى" للسودانين ( وقالت مافى مشكلة ، فكلنا اخوان ) واستفادت من اشكال ادارته . فاستمرت ضريبة الدقنية ، واستمر العمل بالقانون الكلونيالى للحكم المحلى ( قانون 1837 وقانون مارشال 1952) ، ولم تصدر السلطة الوطنية قانونا للحكم الشعبى المحلى الا فى 1971 بعد 16 سنة بعد الاستقلال ! وظّفت الدولة الاستعمارية وحكومات مابعد الاستقلال مفهوم القبيلة (السكان الاصليين) و استمر توظيف المفهوم يمارس سلطانه النافذ عبر نظام الارض والدار/الحاكورة (دار حمر ، دار رزيقات، دار فور/ دار حامد الخ) واستمرت القبيلة تمارس سلطانها على " اراضيها " تمنع وتمنح حق التواجد واستخدام المتاح من الموارد بعد تقديم رسوم معلومة . واستمرذلك النظام من سلطة القبيلة محققا لبنية من نظام ضرورى تترابط فيه القوة والثقافة والارض كالسياج يحيط باثنية تعين من هم داخلها باسياد البلد ،ومن هم خارجها تحددهم كاَخر(غريب) . انه نظام للتفرقة الاثنية ، استخدمته السلطة الوطنية – عندما فشلت مشاريعها التنموية (الزراعة بشقيها الحيواني والنباتي واستقرار الرعي والرعاة ، وحفر الابار ، وترسيم مسارات الرحل واخفاق وقف الزحف الصحراوي الخ) وعندما اشتدت عليها الازمات – استخدمته لدعم سلطانها ونظام قوتها السياسية ، وتوسيع قاعدتها الاجتماعية .وقد عبر ذلك الارتباط – فى لحظات صدق مع الذات الايديولوجية – عن عنصريته ( وعن التفرقة العنصرية ) فى قيام التجمع العربى فى دارفور ، و تسليح قبائل المسيرية ضد الدينكا ، وفى اندلاع الحروب القبلية ، ومذبحة الضعين وحروب الابادة الاخرى . لاحظ ان عامل الاهمال التنموي ونقص الموارد ساهم ايضاً فى حروب كبيرة تمّت بين قبائل محسوبة على العرب ، مما يؤكد تعقيد المشكلة وضرورة استصحاب تفسير اجتماعي-إقتصادى مع الاثنى . واضح ان الطبقات السائدة وحكوماتها متورطة اما فى استثمار ورقتيْ الاثنية والدين او الاهمال التنموي للهامش الجغرافي او الاثنان معاً .
الثقافة / الاثنية:
بالرغم من ان العنصرية كفهم وممارسة تحظ ببعض الثبات الظاهرى فى البنية النفسية للعنصرى ـ الا انها متغيرة ، تُحدد ملامحها وتعبيراتها المراحل التاريخية المتواترة ( لايوجد نظام واحد للتحديد العنصرى ، لايوجد عنصرى واحد ولا ضحية واحدة ، بل يتعددون) . قد تحاول ان تخفى العنصرية قبحها فى بعض سماحة الثقافة ، مبتعدة عن البايولوجيا و خصائص الجسد كمعيار غامض ، هابط ومفضوح . او تخفى مراميها فى خطاب الايديولوجيا الذى يزعم امتياز الثقافة العربية ولغتها والتى نالته من ارتباطها المحكم بالدين الاسلامى عندما جاء تنزيلا من رب حكيم .
تعبر الثقافة عن نفسها كمحتوى اساسى يعطى المعنى للافراد كما يعطى الهوية الجماعية . وفى حالة قهرها – كما فى التجربة الاستعمارية ومابعدها – تنهض المشاريع لاستعادتها . وقد يرتبط ذلك بمشروع سياسى يستمد قوته واهدافه منها ، كما وقد يربكها فى نفس الوقت ، وذلك بتداخل الثقافة مع المجالات الاثنية والدولة والقومية – تلك المجالات - المعقدة مما اشرنا اليه اعلاه ، والمجالات الاخرى الاقتصادية-الاجتماعية ، فتشتبك الحدود .
تحاول الانثربولوجيا الاجتماعية ان ترسم الحدود ، وقد انضمت اليها مجموعة من العلوم الاجتماعية الاخرى ( التاريخ والاقتصاد الاجتماعى وعلوم الاجتماع والفلسفة والنظرية النقدية ..الخ) الى جانب السياسين ـ كما فى البلد الحبيب ـ والناشطين فى المنظمات المدنية المختلفة ومن نسميهم عموما بالمثقفين يطرحون معارف – فى تجربتنا ـ بصدد الهوية والثقافة ( او الهوية الثقافية ) كامر ملح وفى عمق شان البلد ومصائرها .
ففى نقده الثقافى لاحظ د. شريف حرير استغناء "عازة فى هواك" من اهل الاطراف حيث لم تتجاوز محبة عازة مدى شمبات ولم تذهب ابعد من حبالها ، فهى لم تكن سوى تعبيرا عن العروبة " ليس من حيث الثقافة بل من حيث العرق – عازة لم تكن مثالا خاليا من العرق والدين بل عبرت عن نظرة ثقافية اخذت من المجموعات المسيطرة فى وسط البلاد " (د. شريف حرير " هل هى عنصرية فى قناع اسلامى ؟ تراجع القومية وانبعاث الاثنية فى دارفور ") .
اما ابكر ادم اسماعيل فيقدم نماذج من نتائج التفرقة العنصرية حية فى واقع العيان والتجربة ، تسعى بيننا كتعابير اعمق ، ودلائل مقيمة لسيطرة وسيادة مايسميه بالمركزية الاسلاموعربية ؛ فيقول فى روقته " جدلية المركز والهامش وإشكال الهوية في السودان " : " وفي نفس السياق تدخل اللغة واللون في تقسيم العمل (الرسمي) فكل من لديه (لكنة) محروم من العمل في أماكن معينة مثل الأجهزة الإعلام والعلاقات العامة ، بسبب (الأحادية الرسمية للغة العربية) واحتقار اللغات الأخرى خوفاً من إبراز وجه السودان (غير الحضاري!) وهذا بالإضافة لتقلص أعداد (الملونين) عامة في مؤسسات التعليم العالي ، وما يستتبعها من وظائف، بسبب اشتراط النجاح في اللغة العربية لمنح الشهادة السودانية ، ومن ثم تضاؤل فرص هؤلاء في عملية الاقتراب من بنى التأثير والسلطة فى معناها العام .
ويقول ايضا " أما على مستوى الملكية وتوزيع الثروة في السودان، فمثلا في مشروع الجزيرة تم توزيع الأراضي الزراعية في المشروع على أبناء الكيانات ذات الأصول العربية بحجة أنهم ملاك سابقين للأرض قبل قيام المشروع. بينما ترك أبناء الكيانات الأخرى يعيشون في الكنابي كعمال منذ تأسيسه في العشرينات. وقد ظل هذا التوجه مستمرا بعد الاستقلال وحتى الآن دون أن تقوم الدولة (المستقلة) التي غيرت كل شيء بمراجعة وضعية توزيع وتمليك الأراضي الزراعية ومراعاة ظروف سكان الكنابي (المزارعين الحقيقيين) المستقرين منذ ذلك الوقت(...). ولكن الحجج التي كانت تساق لتبرير عملية توزيع الأراضي وتمليكها في الجزيرة، تم التخلي عنها عندما تعلق الأمر بمناطق الزراعة الآلية في جبال النوبة والنيل الأزرق وأعالي النيل. بل قامت الدولة بإزالة القرى وطرد المواطنين لإقامة المشاريع التي تم توزيعها على تجار المدن وكبار (البيروقراطية) المدنية والنظامية، الذين في غالبيتهم ليسوا من تلك المناطق "
ويستمر ابكر فى رسم تجليات توجهات جهاز الدولة المعبر عن المركز ذاكرا دوافع الاخضاع (وقد يعنى العنصرية ) في ممارسات السلطة بصدد سياسات الاسكان ونتائجها العنيفة تجاه الاعراق غير العربية ، فيقول " أما فيما يتعلق بما يسمى بالسكن العشوائي، فبالرغم من أن معظم الأحياء السكنية في العاصمة مثلا، غير مخططة وينطبق عليها عملياً تعريف السكن العشوائي، إلا أن التكسير والإزالة تطال غالباً المناطق التي يقطنها أبناء المناطق والكيانات المهمشة بالدرجة الأولى. وبطريقة مهينة، وبدون تعويضات على الخسائر المادية. في الوقت الذي تترك فيه مناطق أخرى مجاورة تنطبق عليها كل المعايير الموضوعية، لا لسبب إلا الأصول الاثنية والجهوية لقاطنيها" . وفى الجزيرة ، فى قرية محمد زين طلب عبدالرحيم هارون شهادة سكن من رئيس اللجنة الشعبية ، فواجهه رئيسها ضياء الدين الطيب صارخا: " يا لاجئ .. ياعب " ونصحه بالرجوع الى بلده دارفور !
يتبع
isamabd.halim@gmail.com
///////////////////////