من الذي يعين رئيس الوزراء القادم

 


 

 

اقتربت العملية السياسية من نهاياتها، وفقا للجدول الذي وضعته (الحرية و التغيير المركزي) في آطاري ( الاتفاق الإطاري) إبعد كمال كل من ( مسودة الدستور – و الإعلان السياسي – و تشكيل مجلس الوزراء) رغم المعارضة التي تواجه العملية السياسية، من قبل العديد من القوى السياسية، إذا كانت قوى الحرية الديمقراطي و التحالف الجذري و لجان المقاومة. إلا أن المشروع السياسي المطروح في الساحة هو ( الاتفاق الإطاري) حيث عجزت القوى الأخرى أن تسوق تصوراتها و تجعلها مادة للحوار يمكن تثير جدلا. و كانت القوى السياسية و العسكر قد أكدوا أنهم حريصون أن تبلغ العملية السياسية نهاياتها وفقا للجدولة التي تمت خلال اتفاق ضم قيادات القوى السياسية الموقعة على الاتفاق الإطاري و المكون العسكري و ممثلي اللجنة الثلاثية و الرباعية في بيت الضيافة بالقصر الجمهوري. إلا أن التوقعات لترشيح شاغلي مناصب رئيس الوزراء و الوزراء شغلت الرأي العام من خلال الترشيحات التي تنشر في وسائل الاتصال الاجتماعي، و هي مجرد تخمينات. الغريب في الأمر أن ماتزال القوى السياسية تركز على السلطة التنفيذية دون السلطة التشريعية و القضائية اللتان تمثلان أضلاع المثلث للبناء الديمقراطي.
السؤال الذي يجب أن تجاوب عليه القوى السياسية الموقعة على ( الاتفاق الإطاري) من هي الجهة التي سوف تعين رئيس الوزراء؟
و هنا يجب أن نفرق بين القوى التي ترشح رئيس الوزراء و التي سوف تعين رئيس الوزراء، فالذي يعين رئيس الوزراء هي التي تكون لها السلطة في عملية تسير الفترة الانتقالية حتى إذا كانت بعيدة عن المسرح السياسي. نقلت بعض الصحف تغريدة للمتحدث باسم الحرية والتغيير جعفر حسن قال فيها "نقترب كثيراً من تشكيل السلطة المدنية المفضية لدولة مدنية مؤكد أن قوى الحرية والتغيير تسرع الخطى لتشكيل الحكومة المدنية" و في جانب أخرأكد مساعد رئيس حزب الأمة القومي للشؤون الولائية رئيس لجنة السلام بقوى الحرية والتغيير عبدالجليل الباشا، لـ(الصيحة) أن الجميع الآن مشغولون بوضع معايير رئيس الوزراء، مبيِّنًا أن أهم تلك المعايير أن يكون شخصاً له خبرة كبيرة في جانب إدارة الشأن العام وله دارية بتصريف أمور الدولة وله علاقات دولية واسعة" و أضاف الباشا قائلا في ذات التصريح " أن كل قوى سياسية موقعة على الاتفاق الإطاري ترفع المعايير التي ترى أن تتوفر في شخصية رئيس الوزراء، و لا يتم الدفع بأسماء مرشحة لمنصب رئيس الوزراء وإنما المواصفات والمعايير التي يجب توفرها في رئيس الوزراء وبعدها تتم مناقشة المعايير والرؤى المرفوعة ويتم الاتفاق من بينها على معايير محدَّدة" هنا خلاف بي حديث جعفر حسن الذي يمثل ( التجمع الاتحادي) في في المجلس المركزي للحرية و التغيير و حديث الباشا القيادي في حزب الأمة و ممثل حزب الأمة في المجلس المركزي للحرية و التغيير. عندما يؤكد جعفر أن اختيار رئيس الوزراء يتم من قبل الحرية و التغيير يؤكد الباشا أن القوى السياسية الموقعة على ( الاتفاق الإطاري) هي التي تختار رئيس الوزراء وفقا للمعايير التي تم الاتفاق عليها. و كل الاثنان يتفقان على أختيار رئيس الوزراء دون الإشارة إلي تعين رئيس الوزراء، باعتبار أن الترشيح يعني هناك سلطة أخرى يقع عليها عبء الموافقة عليه ثم تعين رئيس الوزراء.
أن عملية (الاتفاق الإطاري) هي تسوية بين الجيش و القوى السياسية الممثلة في القوى التي توقع على الاتفاق. و هذا الاتفاق إذا أخرج الجيش من المعادلة السياسية، أو لم يخرج، تصبح العملية في فقه السياسة تسوية، لأنها تمت بين طرفين التزما بتنفيذها. لذلك لابد من معرفة رأي الطرف الأخر، ماذا قال عن تعين الحكومة... في ورشة الإصلاح الأمني و العسكري التي تعقد في اليومين الماضيين؛ قال الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة "أن القوات المسلحة في السودان يجب أن تكون تحت امرة سلطة مدنية منتخبة" و أضاف قائلا " أن القوات المسلحة لا ترغب في التمكين لأي جهة سياسية غير منتخبة" أن حديث البرهان يؤكد؛ أن المكون العسكري سوف يظل باق في السلطة حتى إذا كان بعيدا عن السلطة التنفيذية، و في ذات الوقت يرفض تمكين جهة سياسية، أن تكون مسيطرة على الفترة الانتقالية. معنى ذلك؛ أن القوى السياسية سوف تقدم الترشيحات للمكون العسكري، هو الذي يوافق أو يرفض أو يطالب بالتعديل و الحزف أو التغيير. و بالتالى يصبح العسكر هم المناط بهم تعين رئيس الوزراء و الموافقة على حكومته، ثم ينسحب العسكر من المشهد السياسي و ليس من السلطة. و المكون العسكري لن يسمح أن يعين رئيس للوزراء و تترك له حرية الاختيار. باعتبار أن كلمة البرهان عدم تمكين جهة سياسية واحدة تؤكد أن تعرض عليهم أسماء جميع شاغلي الحقائب الدستورية في السلطة التنفيذية و يختاروا الذين يعتقدون أنهم لا يمثلون جهة سياسية بعينها في أن تكون مسؤولة عن الفترة الانتقالية.
كان الممثل الأممي فوكلر بيرتس أقترح أن يكون شاغلي المناصب الدستورية في السلطة التنفيذية من السياسيين في الصف الثاني أو الثالث. هذا القول يحمل إشارة واضحة أن العسكر لن يوافقوا على أسماء من تحالف سياسي واحد. و يرجع ذلك لمنطق الأشياء أن قوى عسكرية انقلبت على الحكومة مكونة من تحالف سياسي لا يمكن أن تقبل إرجاع السلطة لذات التحالف ثم الابتعاد عن السلطة لتقع تحت رحمتها. لابد أن توسع دائرة المشاركة بالصورة التي لا تجعلهم أصحاب القرار داخل السلطة التنفيذية. لذلك سيظل المكون العسكري يشرف على الفترة الانتقالية حتى الانتخابات. و تسليم السلطة كاملة للقوى المنتخبة التي تمثل الشرعية الدستورية. إذا لم تفهم النخبة السياسية هذا السيناريو تكون غير واقعية في تقيمها لمجريات العمل السياسي و تفكير العسكر. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

 

آراء