مهالك إخوان السودان

 


 

 

 


alshiglini@gmail.com


{ رأيت وأنا أسير في إحدى المقابر ضريحاً كُتب على رخامته " هنا يرقد الزعيم السياسي والرجل الصادق" ، فعجبت كيف يُدفن الاثنان في قبرٍ واحد}
ونستون تشرشل


(1)
ربما شطح التعبير قليلاً، أي سحر هو الذي تفشى بين نافخي كير الجهالة؟. كبيرهم الذي قرأ في" حنتوب" الثانوية، ثم درس القانون في جامعة الخرطوم، ثم ابتعثته الجامعة لإنكلترا، ثم فرنسا وحاز على دبلوم عالي في الدين والسياسة و دكتوراه في فقه القانون الدولي. في بريطانيا التقى بالسيد الصادق المهدي، وعبره تسلق إلى العائلة السودانية المميزة، ليتقلد شرف الانتساب إليها، وقد كانت طالبته في الجامعة هي زوجته لاحقاً، وكأن التراث الأكاديمي هو وسيلته للمصاهرة. وهي وسيلة سلك بها قليلي الحظ من الذكاء، من بعد أسوة بالأمين العام.


(2)
قال " كبيرهم الذي علمهم السحر" في لقاءاته بالجزيرة 2010 :
{ قبل الإنقاذ التي اعتبرها ثورة أعادت اللغة العربية هوية البلد و سادت السودان، وسادت على كل لغات السودان، وتلك إنجازات الإنقاذ. عرّبنا السودان كله وجنوب السودان كله قد تعرّب. عبرت الحركة الإسلامية من الصفوة إلى العامة. وثورة أكتوبر لم أكن أدري أنها ثورة !. السودان ليس أبناؤه دمويين. قادة العسكر أيام حكم الفريق عبود لم يفسدوا. وعبود لم يمد يده للمال العام. عام 1964 عام ظهوري في عالم السياسة. لم يكن لي بعد أكتوبر مصدر مال لأدفع به اشتراكات الحركة الإسلامية، زوجتي غنية وكان تدفع اشتراكاتي للحركة. الكم أهم وقلة الإسلاميين هي البداية.

فوجئنا بانقلاب مايو 1969م. ضباطه أكثرهم من الناصريين وقليل منهم كانوا شيوعيين. كان نميري يشرب الخمرة في تاريخه!، وكان زميلي في "حنتوب" الثانوية. بعد استقالتي من التدريس بجامعة الخرطوم مولني التنظيم وكذلك زوجتي. عام 1992 خاطبتُ الكونغرس الأمريكي كزعيم إسلامي.

ذهبت لكندا وضربني أحد الأفراد الذي كان يدرّب الشرطة. نزفت من فمي، وصرت في غيبوبة لمدة ثلاثة أسابيع وكنت مشلولاً. لما صحوت طلبت رجوعي السودان. قال طبيبي( هذا سحر)!.

أسست مجلس التشريع. قامت الدولة الإسلامية في السودان، وتبين لاحقاً ألا ثقة في الجيش. في 26 مايو 1995 تمت محاولة اغتيال الرئيس حسني مبارك في أثيوبيا. وعُرض علينا الأمر في اجتماع مجلس الشورى، ولم نكن نعلم شيئاً. وكان أن جاء بعض التكفيريين من مصر للسودان . وبعد فشل المحاولة، طرح نائبي "علي عثمان" اغتيالهم، ولكنني ضد الاغتيالات قلت أتركوهم أحياء وأنفوهم لأفغانستان. أخذ نائبي أكثر من مليون دولار أمريكي من مال الحركة الإسلامية لتمويل عملية الاغتيال، في حين كنا محكومين بصرف محدود!.

أقر اجتماع مجلس الشوري أن يذهب بقية القتلة لأفغانستان. منْ قدموا المساعدة للجماعة التكفيرية هم( صلاح ومطرف ونافع ). وتم نقلهم لوحدات أخرى. عام 1991 م جاء أسامة بن لادن مستثمرا إلى السودان.}


(3)
تحليل شخصية كبيرهم الذي علمهم السحر:
له ميّزة الفتنة وجدت القبول من الغير. وتنمية الذات ليست وليدة فراغ. بل أخذ من كل العلوم شطيرة طازجة، في وجه تأمين الجهالة عند الغير من أعضاء التنظيم ، وهو ما أبرز صفاته القيادية.

صعد الأمين العام للسلطة بعد المصالحة عام 1977. تدرب الإخوان المسلمين على العمل السياسي. نصح الأمين العام للتنظيم رئيس 25 مايو، بأن الزكاة تجلب 19 ضعف مما تجلبه الضرائب، فكانت النصيحة هي سبب بقاء الزكاة الإجبارية على الجميع. فيما يختص بجريمة محاولة اغتيال حسني مبارك، فأن الحس القانوني يقتضي أن يعرف الأمين العام بداهة أن الساكت على الحق شيطان أخرس، وأن السكوت على الجريمة هو جريمة، فكيف لا يعرفها من هو أكاديمي درس فقه القانون!.
هو الذي اختار رأس الضباط وهو إسلامي منتمٍ للتنظيم، وقابله قبل يوم من انقلاب 1989، ودام سيطرته على التنظيم بعد أن صبر الأخير 10 سنوات يسمع ويطيع، ثم نهض حباً للسلطة، وكان الأمين العام من قبل، قد اختار أشد الإخوان المسلمين فساداً وحباً للرشى وأكثرهم تمسكاً بالسلطة، وطاعة لأولي الأمر.


(4)
نص الوثيقة المؤامرة لاغتيال الشهيد "محمود محمد طه "،و نزعم أنها من تدبير " كبيرهم الذي علّمهم السحر". ليس في الوثيقة توقيع أو بصمة. حاذق كاد ينجو من العقاب. لأن لا أحد يدخل على مكتب رئيس الجمهورية بدون إذن من أحد، سوى الأمين العام لتنظيم الإخوان المسلمين، الذي هو المستشار القانوني لرئيس الجمهورية وسكرتير الرئيس:
*
النص:
*
الرئيس القائد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
المنشور المرفق وزعه الجمهوريون،
وقد قبض على ستة منهم وتم التحقيق معهم وسوف يعرضون للمحاكم،
وبهذا فقد أتاحوا لنا فرصة تاريخية لمحاكمتهم ,
وسيعلم الذي ظلموا أي منقلب ينقلبون.
ولا شك أنها بداية لمسيرة ظافرة
بإذن الله يتساقط دون هدف كل
مندس باسم الدين، وكل خوان كفور
ولله الأمر من قبل ومن بعد.
وفقكم الله لقيادة المسيرة الظافرة
وإتمام نهج الله على آثار المصطفى صلى الله عليه وسلم
وأصحابه، ومنْ سار بسيرهم ونهجهم إنه سميع مُجيب الدعاء
*
الحمد والشكر لله، ( توقيع رئيس 25 مايو)
ولصفيه ورسوله
محمد رسول الله
والله أكبر على المنافقين
6 ربيع ثاني 1405


(5)
وعد الأمين العام لتنظيم الإخوان المسلمين، أن يكون الانقلاب العسكري مرحلة، حتى تأمين مسارات التنظيم. وهو الاسم الحركي لملكية التنظيم مفاصل الدولة السودانية. وكان التأمين هو الاسم الحركي لتمكين التنظيم من أن تكون يده هي العليا.
*
لم يكن الثوار من شباب الجنسين يرغبون السلطة، ولم يقارعوا السلطة استخدام السلاح. ورغم ذلك بلغ عدد شهداء الثورة أكثر من خمسين شخصاً .لقد كان شعار قادة الثورة أنهم يقودونها " سلمية "، ولم تكن مخربة، كانت عصابة المتربصين تنتظر أن تكون المقاومة مسلحة رغم أنه كان بيدها أن تفعل.
تمجدت أرواح الشهداء. ندعو للقصاص القانوني العادل ، في وجه أناس لا يعرفون مقاييس العدالة، والدعوة لإطلاق سراح كل المعتقلين والمعتقلات. وتمجد شعب السودان الذي انتظمت كتائبه في الدعوة لسقوط حكم الإخوان المسلمين. والمندسين الذين تحمّلهم السلطة إطلاق الرصاص على المتظاهرين، هم ربائب تنظيم الإخوان المسلمين الذي سندوا الانقلاب منذ ميلاده.


(6)
ذكر بروفيسور "عبدالله علي إبراهيم " في ختام مقاله بعنوان
(أحمد الخير أحمد عوض الكريم: مسيح الإسلاميين ..):

{ أتمنى ما أزال أن يكون خروج هذه الجماعة من الإسلاميين للمساهمة الإيجابية المستقلة في حل الأزمة الآخذة بخناقنا تعزيزاً للوطنية السودانية. فقد كنت قريباً من بعض أعضاء هذه الجماعات وأعرف ما يثقل خاطرهم عن حركتهم بما يزهدهم في "محاكم التفتيش" المنصوبة. إنهم عارفون أن حركتهم ارتكبت بانقلاب 1989 خطأ مهلكاً مسبوقة إليه. وهو خطأ موجب للتأمل والنظر للوعي به لا التكفير عنه لو كف المعارضون عن التهريج بالتوبة.}

*
لم يزل البروفيسور يبحث عن مخرج للإخوان المسلمين ،كأن السيطرة على مفاصل الدولة والتمكين واستئصال الآخرين ، وتعذيبهم وقتلهم ، مجرد أخطاء صغيرة ، يمكن لفصيل منهم أن يعود في ثوب جديد ،بعد أن أحرق التنظيم كل مراكبه . ولم يعد التنظيم يستهدي بصوفية امتدت لأكثر من ستة قرون. فقد جاء التنظيم بتكفير الآخر وبادعاء أنهم يملكون الحقيقة، الذي كان الفساد والمغنم والحوزة هو رائده، والدخول للجذور الاقتصادية ومنع الآخرين من كل شيء هو منهاج الشورى التي يقول بها أعضاء التنظيم.


عبدالله الشقليني
21 يناير2019
/////////////////

 

آراء