موقف الأستاذ علي أحمد إبراهيم من د. النعيم (٤ – ٤) (ج) والأخيرة

 


 

 

الأستاذ خالد الحاج عبدالمحمود يكتب الجزء الثالث والأخير من الحلقة الرابعة:

بسم الله الرحمن الرحيم.
((لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ ۚ))

موقف الأستاذ علي أحمد إبراهيم من د. النعيم (٤ - ٤) (ج) والأخيرة

*الأخلاق*
معلوم أن المعصوم صلى الله عليه وسلم قال: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".. والفكرة الجمهورية دعوة لتحقيق مكارم الأخلاق والتبشير بها..
مقابل هذا د. النعيم يدعو للإنحلال الأخلاقي الشامل، ويفلسف له.

*كتابة مقدمات لكتب الانحلال الجنسي*

*كتاب ميلودي نموذجاً*

*إنّ من أقبح ما قام به النعيم تشجيع الشبّان والشابات من المنحرفين جنسياً، على ممارسة انحرافاتهم، والإشادة بهم كأبطال!!*
ونحن هنا نورد نموذجاً لهذا العمل، كتاب (ميلودي)، الذي كتب له *مقدمة تشيد بالكتاب وتمجِّده.*
اسم الكتاب
‏Real Stories of American Muslims..
الكاتبة
‏Melody Moezzi..
الناشر
‏The University of Arkansas Press
– 2007
‏Foreword by
‏Ahmed An- Na'im-Abdullahi
الرابط:
‏https://books.google.com/books/about/Wa ... r.html?id=
‏6uo6EASQGcgC

تقول صاحبة الكتاب عن كتابها، أنّه يتناول *قصص حقيقية* لمسلمين أمريكيين.. لقد أجرت الكاتبة مقابلات مع اثني عشر شخصاً، من المسلمين والمسلمات، من أصول مختلفة، وأوردت قصصهم.
*غرض الكتاب الأساسي، هو الدفاع عن الممارسات الجنسية، خارج رباط الزوجية، بصور مختلفة*.. بل وجعل هذه الممارسات إسلاماً!! ووصفها بأنها تقوم على *قيم رفيعة مثل الصدق والشجاعة.*

د. النعيم في تقديمه للكتاب، يؤيد كل ما ورد فيه، ويمجِّده، دون أيّ تحفظ.. *ولم يعترض على قضية واحدة مما ورد في الكتاب*.. ولم يرَ في ما ورد في الكتاب، أي شيء يحتاج لتصحيح، مما يؤكد أنّه يؤيد، ويشجع كل ما ورد فيه.
د. النعيم بدأ مقدمته بقوله: "احتفل بهذا الكتاب، وأمجِّده، كجهد فكري عميق، ومؤثر، باتجاه التصالح مع هويتي كمسلم أمريكي، وانطلق في ذلك من منطلق إيجابي ومؤيد له".. ونحن سنرجع لأقوال النعيم في المقدمة في نهاية كتابتنا هذه.

من المهم جداً أن نعرف أن ميلودي، مؤلفة الكتاب، تلميذة للنعيم، في القانون، وفي أفكاره الخاصة.. وهي شديدة الإعجاب بآرائه.
أوردت ميلودي، في كتابها قصة اثني عشر شابّاً وشابّة، كما ذكرنا.. يكاد يكون جميعهم طلاب جامعات أو من الخريجين الجدد.. وجميعهم من الأمريكيين، من أصول مختلفة.. ونحن لا نحتاج للرجوع لممارسات هذه النماذج فقد ذكرناها مرات عديدة، المهم عنها أن كل فرد من هذه النماذج يروي تجربته في الانحراف الجنسي، وقد أوردت ميلودي هذه التجارب.

فد. النعيم يقول عن هذه النماذج وانحرافاتها: *"أنا احتفل بهذا الكتاب، وأمجده كجهد فكري عميق، ومؤثر، باتجاه التصالح مع هويتي كمسلم أمريكي، وانطلق في ذلك من منطلق ايجابي، ومؤيد له".. احتفل بهذا الكتاب.. وأمجده.. وانطلق من منطلق ايجابي مؤيد له!!* النعيم يتحدث عن التصالح مع هويته كمسلم أمريكي.. وفي هذا التصالح يترك الإسلام، وقيم الإسلام، ويتبنّى الجانب المنحط، والمخالف لمبادئ الإسلام الأساسية، من الحياة الأمريكية!!
لو لم يرد في الكتاب أي شيء، يأخذه المسلم عليه، سوى *الطعن في أخلاق أبي الانبياء، سيدنا إبراهيم عليه السلام، والطعن في هاجر.. والطعن في نسب سيدنا اسماعيل، وبالتالي الطعن في نسب سيد الخلق أجمعين، وأشرف من ولدت الأمهات.. لو لم يرد، سوى هذا البهتان العظيم لاستحق الكتاب أن يوصف بأنه، أسوأ وأحقر ما كتبه بشر..* أما أن يكون الكاتب منتمياً للإسلام، والمقدم له كذلك، فهذا يجعل العمل خارج إمكانية أن يوصف..
ومع هذا السوء، الكتاب لم يترك شيئاً من الكبائر، إلا وقد توفّر عليه، ومجّده، ونسبه للإسلام، في عدم حياء منقطع النظير.
يقول د. النعيم في مواصلة تمجيده للكتاب: *"كما احتفل أيضاً بهذا الكتاب، وأمجّده بصفتي مواطناً عالمياً، وداعية حقوق إنسان، نظراً لأن مبادرة ميلودي في هذا الكتاب، إنما هي بسبيل استكشاف واستلهام الإمكانيات الإبداعية للتنوع والتعدد داخل، وفيما بين المجتمعات، في كل مكان..* إنّ الغرض المحدد لهذه المقدمة المختصرة هو أن أقدم بعضاً من الخلفية والسياق لهذا التوفيق والمصالحة فيما يخص الهوية، من واقع التنوع السكاني، لأخلص لتأكيد القيمة العليا للتعددية –ليس فقط بالنسبة للمجتمعات المهاجرة– والمستضيفة، في الولايات المتحدة الأمريكية، بل على نطاق كوني".. لا يوجد في الإسلام تعددية بالمعنى الذي يتحدث عنه د. النعيم وصحبه.. لا توجد أي تعددية حول أركان الإسلام، وإنما هي الوحدة، فكل مسلم ملزم بأركان الإسلام كما وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم.. فمن لا يؤمن بلا إله إلا الله – الركن الأول والأساسي – ليس مسلماً.. وهذا ينطبق على د. النعيم.. ولا توجد أي تعددية في الإسلام حول الحرام البيّن، خصوصاً بالنسبة إلى الكبائر، مثل الزنا.. والأمر كله ليس متروكاً للأفراد من المسلمين، ليقرروا فيه، وإنما هو محدد بصورة قاطعة من قبل الله ورسوله.. فالحلال هو ما حلل الله ورسوله.. والحرام هو ما حرّم الله ورسوله، وهذا أمر بداهة، ولا يغيب عن أي مسلم يهمه دينه.. فالتنوع بالصورة التي وردت عن شخصيات الكتاب، من أشكال السلوك الجنسي، خارج الزواج الشرعي، هو خروج من الإسلام، وليس تنوّعاً داخله، كما يزعم د. النعيم وتلميذته ميلودي.. الإسلام، في شريعته بداهة، لا يدعو للفاحشة.. يقول تعالى: ((وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)).. فد. النعيم وصحبه، يزعمون نفس زعم هؤلاء الأقدمين الذي نفاه القرآن.. *لا أحد، طبيعي، من المسلمين* لا يعلم أنّ الزنا، والمثلية الجنسية من كبائر الفواحش المنهي عنها.. قال تعالى: ((وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا ۖ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا)).. لم يقل: لا تزنوا، وانما قال (ولا تقربوا الزنا).. ويقول عن قوم لوط: ((إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ)).. يقول تعالى: ((قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)).. والنعيم وصحبه يقولون على الله ما لا يعلمون.. يقول تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ) *ود. النعيم وصحبه، يعملون عملاً واسعاً، ومنظماً، ومموّلاً، في تبرير الفاحشة، ونشرها، وجعلها هي نفسها دين – إسلام.. وهم يجدون التمويل والدعم والمديح، كأبطال، ويمجدون بعضهم البعض.*
في مقدمته العجيبة يقول د. النعيم: "ولدى التحليل النهائي، فإنّ هنالك طرق لا حصر لها لفهم وتطبيق الإسلام.. وبقبولهم لهذا التفاوت الكبير في الفهم والتطبيق، يمكن للمسلمين وغير المسلمين، على حدّ سواء أن يتعلموا الكثير من بعضهم البعض، وأن يحققوا مستويات أكبر من الفهم المتبادل، والقبول لأفكار ومعتقدات بعضهم البعض".. كل هذا كذب وبهتان.. وعلينا أن نتذكر أنّ النعيم قال: "لا يوجد شيء متماسك اسمه إسلام".. الإسلام، لا يقاس ولا يحاكم بواقع المسلمين –فالمسلمون قد نصلوا عن دينهم فقد تقسموا إلى ما أخبر به المعصوم في قوله: "افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة كلها في الهاوية الا واحدة فهي الناجية، وافترقت النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة.. وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في الهاوية إلا واحدة".
من أعظم مفارقات د. النعيم، أنه يقول في المقدمة أنّه يقدم الكتاب لأهله، فهو قد قال: "هذا الكتاب مهم بالنسبة لي شخصياً، وبالنسبة لزوجتي، ولأطفالنا، ولحفيدتي"!! بئس ما قدمت لأهلك!!

د. النعيم يعمل على تزييف الإسلام، وتزييف التاريخ، في سبيل نشر الفاحشة بين المؤمنين – فهو يزعم أنّ الإسلام يتكيف مع العادات الدينية والثقافية!! اسمعه يقول من تقديمه لكتاب ميلودي: *"إنّ النجاح التاريخي المميز للإسلام كدين عالمي، يمكن أن يعزى بصورة كبيرة إلى مقدرة الإسلام على التكيّف مع التقاليد والعادات الدينية والثقافية للمجتمعات التي يسعى للإنتشار فيها على مكث وتدرج"*..
هذا محض كذب، وافتراء على الله ورسوله.. الإسلام لا يتكيف مع غيره، وإنما يطلب من غيره أن يتكيف معه.. الإسلام لا يخضع للواقع كيفما كان، وإنما يعمل على تغيير الواقع ليتوافق مع قيّمه وتعاليمه.. هو أحدث تغييراً جذرياً في الجزيرة العربية، وفي كل منطقة انتشر فيها.. وهو لا يساوم في أساسياته – والمحرمات من أساسياته.. هو لا يقر أي منكر، ويطلب من المسلمين أن يغيروا المنكر.. *وهو في شريعته ينهى نهياً قاطعاً، عن التشبه ولو في المظهر،* بأصحاب الأديان والثقافات الأخرى على عكس ما يزعم النعيم.. قول النعيم هذا الذي أوردناه له، هو بالضبط نقيض قول الأستاذ محمود الذي جاء فيه: *"إنّ القرآن لا يتلاءم مع الأوضاع، وإنما يعرضها على الوضع الذي لا يرضى له بديلاً، ثم يشذبها، ويهذبها، حتى تسلس له، وتنسجم معه.. ومن المألوف أنّ الأوضاع تحتوي على أخلاط شتى من الصالح، والطالح، ووظيفة القرآن وظيفة الميزان الذي يعطي كلاً قيمته، ووزنه، وينبذ ما لا قيمة له ولا وزن".*
يقول د. النعيم: *"واهتداءً بالنموذج التأسيسي لرسالة النبي محمد في غرب الجزيرة العربية في مطلع القرن السابع، يسعى المسلمون دائماً للتكيف مع الظروف الإجتماعية والثقافية التي يجدونها سائدة في المجتمعات التي يقدمون إليها، دون أن يفرضوا آراءهم الدينية أو السياسية، وأساليب حياتهم، على المجتمعات، إلا في أدنى مستوى.. وبالتالي فإن صفة مسلم أو إسلامي قد تطورت دائماً في الزمن"*.. إنّ هذا أمر غير طبيعي، أن يكذب مسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ويبهته هذا البهتان العظيم، الذي يصوّر رسالته بما هو عكس ما قامت عليه.. لا أحد عدا النعيم، حتى ألدّ خصوم الإسلام، لا يعترف بالتغيير الجذري الذي أحدثته رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في الجزيرة العربية، وفي كل الأماكن التي وصلت إليها.. هذا باطل بداهةً، ويعكس الواقع عكساً.. يقول د. النعيم: *"علماً بأنّ كافة العناصر والتفاعلات التي شكلت الهوية الإسلامية في أي وقت من الأوقات، في أي مكان من الأمكنة، قد كانت أيضاً نتاج للتفاعل والتعاطي المستمر مع المجتمعات غير الإسلامية، داخل البلد الواحد وخارجه، بدءاً من دولة شبه الصحراء الأفريقية إلى القارة الهندية، ومن دول أوروبا الشرقية، ووسط آسيا، إلى دول جنوب شرق آسيا"*..
كل هذا باطل بداهة ومغالطة للتاريخ.. الهوية الاسلامية ليست نتيجة تفاعل، فيه يتنازل المسلمون عن مبادئهم، وإنما هي تقوم بصورة جوهرية على مبادئ وقيم الإسلام الواضحة.. وعبر تاريخ الإسلام، لم يكن المسلمون مجرد متأثرين بغيرهم، وإنما كانوا هم دائماً من يؤثر، خصوصاً في وقت سيادة الإسلام، في الأماكن التي ساد فيها.. وحتى عندما يكون المسلمون أقلية مستضعفة، لا يتخلون عن هويتهم.
ما يريد د. النعيم أن يقوله، أو هو قاله بالفعل، هو: على المسلمين في أمريكا أن يتكيفوا مع الدين الأمريكي والثقافة الأمريكية، وطريقة الحياة الأمريكية، بكل ما فيها، كما فعل أبطال كتاب ميلودي الذي قدم له، دون أي مرجعية من دينهم، حتى في مجال الحلال والحرام.. فإذا كانت الثقافة الأمريكية، تسمح بالزنا، وأنواع الشذوذ الجنسي المختلفة، فعليهم أن يتقبلوا ذلك، كما فعل أبطال كتاب ميلودي، وأن يعتبروا أن هذا هو نفسه الإسلام، وهم في ذلك يهتدون بالنموذج التأسيسي لرسالة النبي كما زعم، في بهتانه العظيم.. هذا هو جوهر رسالة د. النعيم بصورة عامة، وفي مقدمة كتاب ميلودي بصورة خاصة.. *هو يدعو المسلمين لترك معاييرهم، وقيمهم، واتباع المعايير والقيم الغربية*، حتى تلك التي تتناقض تناقضاً حاداً مع الإسلام.. وفي عدم حياء منقطع النظير زعم النعيم أنّ هذا ما فعله المعصوم، وفعله غيره من المسلمين اهتداءً بهديه.. *إن هذا رجل لا يتورع عن أي شيء، هو يكذب على الله، وعلى رسوله، وعلى قرآنه، فلا شيء يمنعه من الكذب على الآخرين.

وأخطر ما قاله د. النعيم، حديثه عن الوحي.. وهو حديث شديد التناقض.. ويعكس الأمر عكساً.. فقد رأينا أن د. النعيم لا يؤمن بالوحي الملائكي للرسل، ويزعم أن القرآن هو نتيجة اجماع بشري، كما يزعم أنّ الدين من حيث هو صناعة بشرية، وكل ذلك أوردنا النصوص حوله.. فهو يقول: "فكرة أخرى أريد أن أقدمها هنا، هي أن الله خلق العالم أيضاً!! وعلى هذا أيّاً كان العالم الآن فهو خلق الله، وهو بالتالي جزء لا يتجزأ من الوحي، لهذا: الوحي ليس فقط في الكتب السماوية.. الوحي في حياتنا!! وهذا هو السبب الذي اقول به أن الوحي يجب فهمه باستمرار من المنظور التاريخي، عبر الزمن، وليس كشيء (مجرد) خارج حياتنا.. إن الوحي في الحقيقة محايث، وجزء لا يتجزأ من الحياة كما نعرفها، ونمارسها.. وعليه، عالمنا المتغير هنا هذا هو من الله، بنفس القدر الذي به الوحي من الله!!"(١).. هذا النص، يجعل به النعيم كل الانحرافات السلوكية الجنسية هي وحي، وبالطبع على رأس هذه الانحرافات، ما ورد في كتاب ميلودي.. والنص كله يقوم على التناقض الحاد في الأساسيات.. ففي هذا النص يجعل النعيم الانسان مسيراً، وكل أفعاله هي أفعال الله.. على النقيض تماماً مما قرره في أن الإنسان مخير.. وبالطبع كما ذكرنا النعيم يرفض الوحي الملائكي وعلى ذلك تنبني كل دعوته في هدم الدين.. فجميع الأنبياء والمرسلين لم يوح اليهم بشيء، وانما هم يكذبون عندما يقولون ان الله اوحى لهم.. وفي هذا المجال فصل في الحديث عن القرآن وعن الشريعة.. والآن هنا هو يثبت الوحي الملائكي للانبياء (الوحي ليس فقط في الكتب السماوية، الوحي في حياتنا).. فهو يناقض نفسه ويجعل هنالك كتب سماوية تقوم على الوحي رغم كل الحديث المفصل الذي ينفي فيه الوحي الملائكي، ويزعم فيه أن القرآن ليس موحًى به.
ود. النعيم هنا يبعد الشريعة بصورة كلية عندما يبعد الوحي الملائكي للرسل، ثم يأتي ليجعل الممارسات التي يقوم بها أبطال ميلودي هي وحي، وهو يبني في ذلك على شمول فاعلية الله.. فكيف عرف د. النعيم أن الله يريد هذه الممارسات؟ لم يرد الوحي بالمعنى الذي ذكره في لغة ما.. وانما هو مجرد الخلق العام.. وهذا الخلق يدخل فيه الخير والشر.. الحلال والحرام فلماذا اختار د. النعيم الجانب الشرير وحده، جانب الانحرافات الجنسية.. ولماذا ترك جانب الخير؟! لا يوجد شيء يعطيه هذا الحق، غير رغبته في نشر الفاحشة بين المسلمين.. وكل هذا الذي فعله النعيم هو على علم تماماً انه ضد الدين، ضد الاسلام.. فهو على علم بالاختلاف بين الرضا والارادة.. وعلى علم أن الرضا هو المطلوب.. أقول أنه على علم، وبكل ثقة، لانه على الاقل ترجم كتاب الرسالة الثانية الى الانجليزية.. وهذا الأمر مبين بوضوح في الكتاب.

لم أسمع قط بإنسان كان على دين سماوي، ثم تركه وتنكر له، بمثل ما فعل د. النعيم.. فلماذا يهلك هذا الرجل نفسه بهذه الصورة البشعة.. أنا أعرف السبب المباشر، ولكنني أعتقد أنه غير كافٍ، وأتساءل عن السبب الحقيقي!! فتنة النعيم أكبر فتنة تعرض لها المجتمع الجمهوري، وأبعدت بعض أفراده عن الدين، وذلك لأنها فتنة واضحة البطلان، من المستحيل أن يقع فيها إنسان وهو بكامل عقله!! كل ما ورد في اقوال النعيم محيرٌ جداً.. لماذا يكذب بهذه الصورة التي يعرف أنّها لا تجوز على أحد؟! لماذا يبني على المغالطة في أهم حقائق الوجود؟ وأغرب ما في الموضوع توحد النعيم على أمره، وكأنه لم ينقسم قط، هذا مع علمه التام أنّ معظم أقواله الأساسية تناقض بدائه الأمور!! لقد أخذت فتنة النعيم نصيبها من الإخوان الجمهوريين، وستأخذ أكثر من ذلك.. الجمع بين الأستاذ محمود ودعوته، ود. النعيم وهرطقاته، أمر مستحيل تماماً.. فكل من يحاول الجمع، هو فقط يخرج نفسه من الدين، فإن الله تعالى أغنى الشركاء عن الشراكة، فمن أشرك به شيئاً ترك نصيبه لشريكه!! الأمر المحير أنّ كثير من الجمهوريين يغيب عنهم أنّ الفكرة دين.. بل أكثر من ذلك يعتبرون أن النسبة للفكرة الجمهورية هي بمجرد الانتماء، وكثير من هؤلاء عندما تتفتح بصائرهم، يجدون أنفسهم خارج الفكرة!!
لقد رأينا صورة من الإساءات التي يسيء بها النعيم الأستاذ محمود، وأي جمهوري لا تجد هذه الإساءات منه الرفض الشديد والاستهجان، هو ليس برجل!! ولا ينتظر منه أي خير، لا لنفسه ولا لغيره.

نحن نختم بسؤال أخير للأستاذ علي أحمد إبراهيم: أطلب شهادتك أمام الله وأمام الناس: هل د. النعيم مسلم يؤمن بالله ورسوله والكتاب الذي أنزل على رسوله؟
وننتظر من الأستاذ علي مشاركته كما وعد، حتى لا يؤكل كما أُكل الثور الأبيض.. وليتفضل ويبين لنا كيف أن الثور الأبيض - عبدالله أحمد النعيم - أُكل.
تنتهي حلقاتنا عند هذا الحد حتى نلتقي في مجال آخر.

وشكراً.

خالد الحاج عبد المحمود.
رفاعة
١٦ أكتوبر ٢٠٢٣

المراجع:
(١) مقتطفات من محاضرة للنعيم بعنوان:
Religion in the changing world: ancient and modern.
على الرابط التالي:
http://www.youtube.com/watch?v=NKpLc450rZk

awadhow@gmail.com

 

آراء