نداء الجزيرة: معاً لوقف العنف ونهب وترويع المواطنين

 


 

 

تابعنا، نحن الموقعين أدناه من أبناء وبنات الجزيرة داخل وخارج السودان، وغيرنا من أبناء وبنات السودان، بقلوب مثقلة وحزن وغضب عميقين ما حدث ويحدث في مدن وقرى الجزيرة منذ دخول قوات الدعم السريع مدينة ود مدني، عاصمة الولاية، في 19 ديسمبر الماضي وبسط سيطرتها علي نواحي الولاية.
ارتكبت قوات الدعم السريع بعيد اقتحامها لعاصمة الجزيرة، عمليات نهب واسعة تحت تهديد السلاح للسيارات والأموال ومخازن الإغاثة والمنشآت التجارية وغيرها من الممتلكات؛ كما توغلت في معظم أرجاء الولاية مستبيحة المدن والقرى الآمنة. وفي أيما منطقة دخلتها أعملت قوات الدعم السريع معول هدم الأمان ، وزرع الفوضى؛ الأمر الذي فتح الباب واسعاً للمزيد من نهب الممتلكات والأسواق بواسطة مجموعات إجرامية قائمة، أو حديثة التشكل.
إلى ذلك، ارتكبت قوات الدعم السريع العديد من الجرائم ضد المدنيين، تمثلت في أعمال القتل خارج نطاق القانون، والاعتقالات العشوائية والاحتجاز في ظروف قاسية، والتعذيب، والاغتصاب، وغيرها من جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية.
لقد دفعت هذه الانتهاكات بعشرات الآلاف من الأسر في مدن وقرى الجزيرة إلى النزوح القسري من مدنهم وقراهم بحثاً عن ملاذات آمنة في أماكن أخرى داخل البلاد، ووصل بعضهم إلى الدول المجاورة بعد رحلات محفوفة بالمخاطر. ومن اختار أن يستعصم بداره – طوعاً أو كرهاً - بقى خائفاً يترقب، لا يدرى متى تطاله يد البطش، سواء ظل في داره أم اضطرته ضرورات الحياة إلى الخروج منها لأمر ما.
لقد تعاملت قوات الدعم السريع مع سكّان الجزيرة، باعتبارهم أهدافاً مستباحة في أنفسهم وأموالهم، ضاربة بعرض الحائط كافة القيم والأعراف، وتعاليم الأديان، دعك من القوانين - محلية كانت أم دولية. فلذلك نحمل قوات الدعم كامل المسئولية الجنائية والأخلاقية لما قام به أفرادها من تعديات وانتهاكات وترويع للمواطنين في كافة المناطق التي اقتحموها.
على الرغم من مرور أكثر من شهرين على اقتحام قوات الدعم السريع لمنطقة الجزيرة، لا تزال الانتهاكات تحدث باضطراد من قبل هذه القوات؛ اذ توسعت العمليات لتطال مناطق متجددة باستمرار، كما حدث مؤخراً في قرى مناطق شمال وغرب وجنوب الجزيرة، في ريفي الحصاحيصا وريفي المسلمية وريفي طابت وريفي المعيلق وريفي المناقل وريفي المدينة عرب، وريفي الحوش، وقرى الحلاوين التي شهدت أعمال قتل ونهب للممتلكات وترويع للمدنيين عبر أعمال عدائية متكررة على قرى صغيرة تخلو من أي مظهر مسلح.
على صعيد متصل، تسبب دخول قوات الدعم السريع في نهب وتخريب بعض مرافق مشروع الجزيرة وبعض أكبر مشروعات القطاع العام، خاصة مصانع ومزارع السكر في الجنيد وسنار، إما مباشرة من قبل عناصر هذه القوات، أو من جراء حالة الفوضى الأمنية التي جرتها وراءها وفشلت في إيقافها. هذا النهب والتخريب، مع تهجير السكان، وأغلبهم مزارعين، سبب أضراراً جسيمة للموسم الزراعي وستكون له آثار كارثية على البلد بأكملها.
وكأنما لم تكن كل هذه الجرائم كافية، إذ قطع خدمات الإنترنت، الأمر الذي تسبب في تعميق أزمة السكان الذين أصبحوا في عزلة شبه تامة عن العالم الخارجي. ومما يثير ريبتنا أن قدراً محدوداً من خدمات الاتصالات عاد فقط إلى مناطق سيطرة الجيش، وظل ملايين المواطنين في الجزيرة والنيل الأزرق ودارفور وكردفان والنيل الأبيض محرومين من التواصل مع أقاربهم في المناطق الأخرى، داخل وخارج البلاد، ومن استخدام تطبيقات التحويلات المصرفية التي أصبح الاعتماد عليها كاملاً في الظروف الراهنة.
في نفس السياق، عانى المواطنون في الجزيرة، كما في مناطق السودان الأخرى، من القصف العشوائي من قبل القوات المسلحة السودانية الذي تسبب في قتل مدنيين وخلف أضراراً جسيمة على الأعيان المدنية الخاصة والعامة والبنى التحتية، كما حدث مؤخراً في مناطق متفرقة في الجزيرة مثل الحاج عبدالله ومدنى والحصاحيصا والمسلمية وأبوقوتة، ومناطق متفرقة من شرق النيل الأزرق.
ومما فاقم من المصاب الواقع على أهل الجزيرة، الانسحاب المخزي للجيش من كافة المناطق التي دخلتها قوات الدعم السريع وتقاعسه عن أداء دوره المناط به في حماية المواطنين والزود عن حرماتهم وأموالهم.
لقد ظلت الجزيرة وعلى مدار السنين نموذجاً للعيش المشترك وبوتقة انصهار لمواطنين أتوها من جميع أرجاء البلد ومن خارجها، ومثالاً للروابط الانسانية التي تتجاوز العصبيات والانتماءات الضيقة. ومن المؤسف حقاً أن يسعى البعض – ممن يصطفون على جانبي النزاع – إلى إثارة النعرات العنصرية، والتحشيد على أسس إثنية أو جهوية وتأجيج مشاعر العداء والكراهية بين مختلف الفئات، الأمر الذى يفتح الباب واسعاً لتحول النزاع الدائر الآن الى حرب أهلية مدمرة.
ندين، نحن الموقعين أدناه، كافة أنواع الانتهاكات وجرائم الحرب التي ارتكبها طرفا الحرب: القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع في كافة أنحاء السودان. ونعلن موقفنا المبدئي الداعي لوقف هذه الحرب الكارثية فوراً، إذ أن إيقافها هو وحده الكفيل بوضع حد لمعاناة كافة أهل السودان. وإلى أن تتوقف الحرب، ندعو الطرفين إلى التقيد الصارم بمقتضيات القانون الإنساني الدولي الخاصة بحماية المدنيين، والالتزام بإعلان جدة الذى وقع عليه الطرفان في مايو 2023. كما ندعو الطرفين الى التعاون الجاد مع المنظمات الانسانية الدولية والمحلية بغرض التوصل الى آلية فاعلة تضمن حماية وتدفق المساعدات الانسانية لكافة المتضررين في مجمل المناطق المتأثرة بالنزاع ومناطق تجمعات النازحين والعمل بصورة جادة على درء شبح المجاعة الذى أصبح يخيم على البلاد.
وفيما يتعلق بولاية الجزيرة، فإننا نطالب بالخطوات العاجلة التالية:
من قيادة قوات الدعم السريع
• سحب المسلحين من داخل المدن والقري ونصب أي ارتكازات عسكرية خارج المناطق والأعيان المدنية.
• كشف الذين يرتكبون الانتهاكات علناً بأسمائهم ورتبهم؛ وتقديم كل من يثبت تورطه في ارتكاب الجرائم والمخالفات إلي محاكم حقيقية وليست صورية.
• إعلان القبول بفتح ممرات آمنة لضمان وصول المساعدات الإنسانية والتعاون مع مؤسسات الإغاثة الدولية المعنية تعاوناً كاملاً غير مشروط.
• ضمانة حرية وسلامة الانتقال بالنسبة للسكان داخل مدنهم وقراهم، ومنها وإليها، مع ضمان حرية نقل البضائع والمؤن إلى داخل الولاية أو خارجها.
• عدم التضييق على المواطنين او التعرض لهم، أو ترويعهم أو نهب ممتلكاتهم ووضع آليات فعالة لضمان ذلك.
• الإقلاع الفوري عن ممارسة الاعتقالات التعسفية للمواطنين واحتجازهم بصورة غير مشروعة، وكذلك التعذيب والمعاملة السيئة، بتهمة التعاون مع الاستخبارات العسكرية أو الجيش، أو بغرض انتزاع معلومات منهم.
• رد الممتلكات التي تم نهبها، أو التعهد بتقديم التعويض المناسب، وفق ما يمكن أن تقرره جهات أممية أو محايدة.
• التعاون مع شركات الاتصالات بغرض إعادة خدمات الاتصالات وشبكات الإنترنت فوراً ودون شروط.
• إعادة فتح مراكز الإيواء، أو فتح مراكز إيواء جديدة للنازحين في المدن الرئيسية، مع تسهيل عمل غرف الطوارئ والهيئات الدولية العاملة في هذا المجال، وأن يتعهد الطرفان بتسهيل عمل هذه الهيئات ومراكز الإيواء. والسماح بفتح المستشفيات والمراكز الصحية لتقديم الخدمات العلاجية وعدم التعرض للكوادر الطبية وطالبي الخدمة.
من القوات المسلحة السودانية
• التقيد بقواعد وموجهات القانون الإنساني الدولي الخاصة بحماية المدنيين، خاصة في إطار معاركها الرامية إلى استعادة بعض المواقع التي فقدتها في الجزيرة أو غيرها، وإيقاف القصف العشوائي بالطيران والمسيرات في الجزيرة وكافة مناطق الحرب لما سببته وتسببه من أضرار جسيمة على المدنيين والبنية التحتية.
• الكف عن استهداف الناشطين وأعضاء غرف الطوارئ ولجان المقاومة بذريعة تعاونهم مع الدعم السريع، والتقيد بمبادئ حقوق الإنسان والإجراءات القانونية الواجب اتباعها لدى اعتقال أي شخص وفق تهم، أو أفعال إجرامية محددة.
• إعلان القبول بفتح ممرات آمنة لضمانة وصول المساعدات الإنسانية والتعاون مع مؤسسات الإغاثة المعنية تعاوناً كاملاً غير مشروط لإيصال المساعدات لمواطني الجزيرة وتجمعات النازحين في شتى نواحي البلد.
• تجنب استخدام التكتيكات الحربية التي تعرّض سكان الجزيرة المدنيين للهجمات .
من هيئات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الانسان والعون الإنساني
• ندعو لجنة تقصي الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان، التي بدأت عملها بالفعل إلى إعطاء الأولوية لحماية المدنيين، خاصة في الجزيرة والخرطوم ودارفور وشمال وجنوب كردفان.
• على المجتمع الدولي أن يبدي حزماً أكبر في عدم تسامحه مع جرائم الحرب التي يرتكبها الطرفان المتقاتلان في السودان، وإرسال رسائل لا لبس فيها إلى قادة طرفي الحرب بإمكانية مساءلتهم عن كل ما ترتكبه قواتهم، سواء كان بأوامر منهم أو بصمتهم وعجزهم عن محاسبة مرتكبي الجرائم.
• لا زالت جهود الإغاثة الموجهة إلى السودانيين أدني كثيرًا من المطلوب، رغم نداءات مقدمي الغوث، وبالتالي يجب العمل على تدارك هذا الوضع قبل تفاقم الكارثة أكثر مما هي عليه.
• وإلي أن تفتح الممرات الآمنة، نحث المجتمع الدولي على إسقاط مواد الإغاثة والأدوية، خصوصاً المنقذة للحياة، بواسطة الطائرات.

في الصفحات التالية قائمة بأسماء الموقعين. نرجو من جميع الراغبين في التوقيع على النداء ، بغض النظر عن انتمائهم/هن الجغرافي، الدخول عبر اللينك:
https://chng.it/s2GtPymnV8
التوقيعات (بالترتيب الأبجدي، مع حفظ الألقاب)
1. إبراهيم عبد المجيد ابراهيم النعمة، معلم
2. أحمد صالح علي صالح، طبيب
3. احمد فخر الدين، ناشط سياسي
4. أسامة الكاشف، كاتب وناشط سياسي
5. اسامة عبد الجليل، باحث اجتماعي وناشط سياسي
6. إسماعيل حامد، خبير التراث الثقافي لدى اليونسكو
7. إسماعيل عبد الحفيظ، فنان تشكيلي، الرئيس الأسبق لاتحاد الفنانين التشكيليين
8. أماني جعفر السنهوري، ناشطه سياسية/مدنية
9. أماني عبد الجليل، باحثة وكاتبة
10. أمير سالم، باحث
11. أميرة آدم محمد، أكاديمية
12. أنور الحاج، باحث وناشط سياسي
13. أيوب مصطفى، كاتب
14. بابكر ريزا، محامي ومدافع حقوقي
15. الباقر العفيف، مدير مركز الخاتم عدلان
16. تهاني عباس، مدافعة عن حقوق الانسان
17. الحاج وراق، كاتب وصحفي
18. حسام الدين النعيم، باحث
19. خالد عايس، استشاري السكتة الدماغية
20. خالد كودي، فنان تشكيلي واستاذ جامعي
21. رانيا مأمون، كاتبة
22. سلمان محمد احمد سلمان، خبير قانوني، رئيس مجلس إدارة جامعة الخرطوم
23. الشيخ عبد الوهاب سعيد، ناشط سياسي
24. شيرين خيرى، ناشطه نسوية
25. صبري الشريف، رجل أعمال، ناشط ومؤسس منبر السلام والديمقراطية
26. صديق عبد الهادي، الرئيس السابق لمجلس إدارة مشروع الجزيرة والمناقل
27. صلاح الامين، خبير بالمنظمات الدولي
28. صلاح الزين، باحث أنثروبولوجي، أستاذ جامعي، وكاتب
29. طارق حسن، مترجم، مناضل مدني
30. طارق محيسي، ضابط شرطه متقاعد وناشط سياسي
31. عاطف إسماعيل، معلم وناشط في العمل العام
32. عبد الباقي مختار، رجل أعمال
33. عبد السلام سيد أحمد، خبير في مجال حقوق الإنسان
34. عثمان حامد محمد، باحث في هندسة البيئة
35. عصام جبر الله، ناشط سياسي
36. عفيف إسماعيل، كاتب وشاعر
37. علي الأمين محمد الحاج، مناضل مدني/فنان تشكيلي
38. علي عثمان العبيد، استشاري جراحة العظام
39. عمر الحاج ، كاتب ومؤلف مسرحي
40. عمر عثمان العبيد، مهندس مدني
41. فايز السليك، كاتب وصحفي
42. فيصل محمد صالح، صحفي ووزير سابق
43. قصي مجدي سليم، كاتب وصحافي
44. لمياء بابكر، ناشطة سياسية
45. مجدي النعيم، باحث ومترجم
46. محمد أحمد محمد عايس، استشاري جراحة الفم والوجه والفكين
47. محمد الفاضل الطريفي، صانع أفلام
48. محمد سيف الدولة، خبير نقابات
49. محمد عبد السلام بابكر، خبير حقوقي، العميد السابق لكلية القانون بجامعة الخرطوم
50. معتصم بيضاب، شاعر
51. مكى عباس مكى، مستشار قانوني
52. منى هاشم، معلمة
53. مي عبد الرحيم محمود، أكاديمية
54. نجلاء الماحي، محامي ومدافعة عن حقوق الإنسان
55. نهلة كشكوش، ناشطة حقوقية واقتصادية
56. نون كشكوش، محامية
57. هالة الكارب، مديرة منظمة صيحة
58. هدى المصطفى، ناشطة
59. ياسر عرمان، رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان/التيار الثوري
60. طارق الجزولي/ صحفي

 

 

آراء