نعم لموكب 16 أكتوبر … نعم لموكب 21 أكتوبر … بقلم: عبد القادر محمد أحمد /المحامي

 


 

 

السبب الذي جعل الناس يتوجسون من موكب 16 أكتوبر انه جاء امتدادا لتجمع قاعة الصداقة الذي اخترقه أنصار النظام المباد، وجاء تحت شعار حل الحكومة وتفويض الجيش.

لقد كان من الطبيعي أن يخلق الموكب حالة من التوجس وعلى رأسه السادة جبريل ابراهيم واركو مناوي، فهما جزء من السلطة الحاكمة، يفترض أن يعبرا عن رأيهما ويحلا الخلافات داخل السلطة بطريقة مختلفة، وليس التعبير بطريقة تتماهى مع المكون العسكري الذي يسعى للانقلاب على الوثيقة الدستورية، ويسلك في ذلك سلوكا همجيا بإزالة الحواجز التأمينية حول القصر ومجلس الوزراء.

لقد كنا نرى الموضوعية في بعض تصريحات السيد مناوي وإخوته بعد توقيع اتفاقية السلام، وكنا ننتظر ومن واقع تجربتهم المريرة أن يكونوا قادة اكثر حكمة وحنكة في إدارة الدولة، لذلك لا أحد يزايد عليهم كما يعتقدون، لكننا نحكم هنا على الافعال وليس النوايا، خاصة الأفعال التي لا يمكن التحكم في مآلاتها ويصحبها التشنج والغضب الذي لا يليق بالقادة.

بخلاف ذلك ومن واقع ما شاهدنا وسمعنا من شعارات وكلمات، لا أرى ما يجعلنا نرفض الموكب ونشكك في نوايا الجميع، فالملاحظ أنه يضم مختلف فئات الشعب السوداني المسحوق الذين خرجوا ليعبروا عما وصل بهم الحال، فهؤلاء لا علاقة لهم بالخلافات السياسية وتعقيداتها، فالسياسة عندهم لقمة العيش ولا يستطيع احد إنكار أننا نمر بحالة معيشية قاسية، لذلك خرج هؤلاء في موكب 16 أكتوبر وسيخرجون في موكب 21 أكتوبر، فلا تناقض في ذلك وهذه هي الديمقراطية .

كما يلاحظ أن الموكب يضم طائفة من الثوار الذين ضحوا وساهموا في صناعة الثورة، ولا يستطيع أحد أن ينكر بأن هناك قضية تستحق أن يخرجوا من أجلها، فقد مضت نصف الفترة الانتقالية وشعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة لم تتحقق، وهم لا يرون الا التخبط والتدافع نحو كراسي السلطة، لذلك خرجوا في موكب 16 أكتوبر وسيخرجون في موكب 21 أكتوبر ولا تناقض في ذلك، وهذه هي الديمقراطية.

كما يلاحظ أن الموكب يضم اشخاصا لا يمارسون السياسة، ولا يقفون ضد الثورة وأهدافها ومنها إزالة التمكين ومحاكمة الفساد، لكنهم تضرروا من لجنة التفكيك التي جعلت نفسها فوق القانون وخالفت أهدافها وراحت تمارس الظلم وتبث الكراهية وتمزق النسيج الإجتماعى، من حق هؤلاء أن يخرجوا في موكب 16 أكتوبر وموكب 21 أكتوبر، فلا تناقض في ذلك، وهذه هي الديمقراطية.

ولا مشكلة في أن يضم الموكب كيانات أو أحزاب، فوسط الأزمة السياسية التي نعيشها صدر إعلان سياسي جديد، ظاهره توحيد قوى الثورة وحقيقته الالتفاف عليها، وقعت عليه تنظيمات وبقيت خارجه تنظيمات، فإزدادت الخلافات وإنقسم شركاء السلام، وخارجه أيضا لجان المقاومة وغيرهم من الثوار، وكيانات أخرى منها "تضامن قوى المجتمع السوداني" و " تحالف البديل الديمقراطي" و "العودة لمنصة الثورة" وهي تحالفات تضم أشخاصا وكيانات لها ثقلها ودورها المشهود في الثورة، وهي ترى في الإعلان السياسي إعادة إصطفاف من ذات كيانات المجلس المركزي للتغيير التي فشلت في القيام بدورها فتشرذمت، بعضها بقي في مكانه وبعضها إستوزر محاصصة، وجميعهم لا زالوا يمارسون سياسة العزل.
لذلك خرج بعض هؤلاء في موكب 16 أكتوبر وسيخرجون في موكب 21 أكتوبر ولا تناقض في ذلك وهذه هي الديمقراطية.

ولا أرى مشكلة في أن يخرج البعض للمطالبة بحل حكومة المحاصصات الحزبية، وأن يتولى رئيس الوزراء مهمة تشكيلها من كفاءات وطنية مستقلة، فهذا يتوافق والوثيقة الدستورية، لقد خرج من رفعوا هذا الشعار في موكب 16 أكتوبر وسيخرجون في موكب 21 أكتوبر، ولا تناقض في ذلك، وهذه هي الديمقراطية.

بالتالي فأن أكبر خطأ يمكن أن يرتكب في حق الثورة هو أن يخرج موكب 21 أكتوبر في مواجهة موكب 16 أكتوبر، علينا التمسك بالسلمية وحق الجميع في التعبير عن رأيهم، وليكن الشعار الموحد هو تأكيد المضي في طريق الثورة ونبذ العزل والاستقطاب والمطالبة بتحقيق شعارات الثورة في الحرية والسلام والعدالة، ومهامها الانتقالية بكل تفاصيلها الواردة في الوثيقة الدستورية.

أما أنصار النظام السابق الذين لا زالوا يعيشون أوهاما لن تتحقق ويحاولون الإصطياد في الماء العكر، ويمارسون مهاراتهم في التحشيد ودس الشعارات مثل "عسكرية... و فوضنا الجيش"، نقول بكل إحترام وصدق، ليس من مصلحة أحد الوقوف ضد إرادة الشعب في التحول المدني الديمقراطي، ليس من مصلحة احد رفض دولة سيادة حكم القانون التي تشكل ملاذا آمنا للجميع.

نصيحة أخوية للجنرالين البرهان وحميدتي واخوتهما أعضاء المجلس العسكري السيادي، نقولها بكل إحترام وصدق، إركبوا حصان الثورة فلا مفر من هذا الشعب إلا إليه.
تحية إجلال وتقدير ومحبة لرجال القوات المسلحة الذين يقفون مع الدولة المدنية، ويعملون في صمت لكي تنحصر مهام قوات الشعب المسلحة في حماية الوطن وحدوده.

aabdoaadvo2019@gmail.com

 

آراء