هذا الذي جرى أمام المحكمة.. ما تفسيره..؟!

 


 

 

ما حدث بالأمس من إفادات شاب صغير في محكمة سودانية (تكاد السماوات يتفطّرن منه وتنشق الأرض وتُخِر الجبال هدّا)..! وقد طارت بهذه الواقعة قنوات وصحف (حتى فزعنا منها بآمالنا إلى الكذب)..ولا بد أنها أحدثت زلزالاً في الأفئدة حتى لغير السودانيين حول خفايا ما يجري تحت سلطة الانقلاب..!
لقد روى حدث صغير أمام المحكمة ودموعه تجري على خديه عن حالة تعذيب رهيب و ابتزاز مفجع وقع عليه أمام جبروت أجهزة نظامية رسمية ليشهد بما لا يعرف عنه شيئاً وقد جرى هذا التعذيب والترهيب في مكان معلوم قال الفتى انه الاستخبارات العسكرية..وتفاوتت الصحف والمواقع الإخبارية ومنها إقليمياً "جريدة الشرق الوسط" و"القدس العربي" في توصيف المكان بين أنه موقع أجهزة نظامية وبين أنها المباحث المركزية والاستخبارات العسكرية..! وشرح الفتي أنواع التعذيب ومنها الضرب المبرح (الذي وقفت المحكمة على أثاره في جسد الفتى)..والركل والسب والترهيب وغمر زنزانته بالماء وتهديده بمزيد من التعذيب وبإلصاق تهمة الشذوذ عليه اختلاقاً ومن ثم فضحه أمام المحكمة وأمام أسرته وأهله وأقرانه..!
الحكاية إن هذا الفتى جعلت منه الأجهزة العدلية والأمنية الشاهد الرئيسي في قضية تم فيها القبض عشوائياً على ثمانية من شباب الاحتجاجات السلمية في ملف فرد من الاستخبارات وجد مقتولاً في أحد الميادين.! لقد وصف عضو هيئة الدفاع عن الشباب المحتجزين "معتز المدني" ما حدث مع الفتى "جاد كريم" بأنه كارثة أخلاقية وفضيحة دستورية وقانونية..وقد صدق.! .فهذه الواقعة تبلغ درجة من الخطورة لا يكاد يتصوّرها إنسان..! كما أكد المدني أن مجريات هذه القضية توضّح أن هناك استهدافاً وتصفية حسابات وتلفيق بيّنات ضد المتظاهرين السلميين بواسطة الأجهزة العدلية والشرطية والنظامية..!
فتى صغير أمام جبروت أجهزة بهذه الأسماء الضخمة يتعرّض لابتزاز وتعذيب حتى أنه يقف مذهولاً أمام المحكمة ويلاحظ القاضي مبلغ ما يعتريه من اضطراب عنيف.. فيتوكل الفتي على الحي الدائم ويشرح للقاضي كيف انه خاف على نفسه من هول التعذيب وفظاعة التهديد الذي يتصل بسمعته..! ثم لماذا الابتزاز والاتهام بالشذوذ للفتى بواسطة مَنْ يندرجون في سلك الضباط الكبار..وقد ذكر الفتي أسماءهم تعييناً...!! إنهم أفراد في أجهزة حسّاسة نعم...ولكن ما رأي هذه الأجهزة في هذا الذي يدور داخل مقارها..؟!
في أي كهف نازي نحن..؟! وفي أي غابة مدارية من غابات كمبوديا في أيام الخمير الحُمر..؟!! استغفر الله فما يحدث هنا وهناك في أوكار الأنظمة الباطشة وكهوف المافيا السرّية لا يمكن مقارنته بهذا الالتفاف الجهنمي على فتي لم يكد يبلغ الحُلم واعتصاره بأحط أساليب الوحشية والنذالة من اجل أن يشهد زوراً على رفاقه بأمرٍ لم يره.!! وإذا كان لابد من اختلاق أمر مشين وإلصاقه على فتى صغير برئ.. لماذا تهمة الشذوذ الجنسي تحديداً..وليس ابتزازه بأنه زوّر شيكات أو سرق (كنتين الحي)...!!
من أين نبدأ..؟ وإلى أين ننتهي في وصف هذه القصة المؤلمة الحزينة التي تذبح البراءة والعدالة في ضريح يرى فيه الناس أنه مسؤول عن حماية المواطنين..وفي مؤسسات ينيط بها القانون حماية الوطن وحراسه ثغوره وتأمين أهله..! كل هذا (الرهبوت) من اجل إجبار فتى صغير ليشهد زوراً ويدلي بأقوال مختلقة وملفقة تماماً ضد آخرين في حادثة لا يعلم عنها شيئاً...أين المسؤولين في هذه الأجهزة التي جرت فيها كل هذا الوقائع المخزية..؟ وما رأى أهل القضاء والنيابات..؟!
ثم ما جدوى أن يسلك مسؤولون راشدون في هذه الأجهزة النظامية هذا المسلك الصعب لمجرد إدانة متهمين زوراً عن طريق إرهاب شاهد حدَث...! لمن يتبع هؤلاء الضباط الكبار..؟! أتوقف هنا معتذراً لاستشعاري حالة من الغثيان....!

murtadamore@yahoo.com

 

آراء