هذا ما قاله عمرو بن كلثوم في الجاهلية

 


 

 

هذا ما قاله عمرو بن كلثوم في الجاهلية: إذا بلغ الرضيع لنا فطاما ... تخر له الجبابرة ساجدينا ... ونشرب أن وردنا الماء صفوا ويشرب غيرنا كدرا وطينا !!..
ونحن معشر أهل السودان الحبيب نقول في القرن الحادي والعشرين ، زمن التنوير والعلم والايمان والابتكار والإبداع والمباحث في كافة أنشطة الفكر والثقافة والمعلومات :
( الخرطوم عموم باخواتها الكبري أم درمان والصغري بحري كل هذه البقاع الطيبة الشاسعة تريفت والنيلان يحضنان بعضها في رقة وحنان والبقية في قرب وتواصل معهما مما يجعل الحياة تسير مثل الذهب النضير ورغد العيش الكريم الطيب الوفير ... وجاءت حفنة من عرب الشتات وغيرت من اللوحة فائقة الجمال الي كابوس وصرنا كالعيس في البيداء يقتلها الظما والماء في النيلين مبذول وفي الافرع وفي الوديان والخيران واعلي الجبال والابار والجمامات والقنوات ... هذا التدفق الهائل من الماء تركناه واهملناه والعالم من حولنا يراقبنا في اندهاش ... ولسان حالهم يقول : ماذا ينتظر هؤلاء القوم وعندهم كل هذا النعيم من أخصب اراضي الدنيا وعندهم الري من مختلف المصادر وعندهم تراث واسع في فن الفلاحة ... ؟!
واليوم الصورة قاتمة وكالحة وأهل السودان تركوا ديارهم المحببة الي نفوسهم وخرجوا نازحين وكان الخيار المر لبعضهم اللجوء إلي دول الجوار في انتظار ربما يطول لما تسفر عنه محاولات عبثية واجتماعات عقيمة فارغة ومؤتمرات للدردشة كل مخرجاتها للاسف المطالبة بوقف الحرب فورا والسماح بإيصال الاغاثات للمحتاجين وكلا هذين الأمرين لم يتحققا لأن الجميع لا رغبة لهم في إصلاح الحال وكل له غرضه المضمر وكل يريد أن ينهش من كعكة السودان ومنهم للاسف بعض فلذات أكبادنا الذين تحولوا إلي مخالب فاتكة عميت بصيرتها ولم تعد تفرق بين العدو والصديق وبات المال والمنصب هو الطلب المفضل والرغبة الجامحة ودونها يهون الوطن ويتشرد الشعب وتصبح أرض النيلين خالية من أهلها ليحتلها عرب الشتات وينشرون فيها الفوضي ويخربون البنية التحتية ويفعلون المنكرات والعالم يتفرج ويهزا ويدير لنا اسطوانة مشروخة من الشجب والإنكار وابداء القلق وأنه معنا قلبا وقالبا ... وعندما نتلفت يمنة ويسري لانري غير الجثث تملأ الساحات والرحب وقد عجز الطرفان المتقاتلان عن القيام بواجب ستر الموتى بكل مايستحقونه من كرامة والمواطن ليس هنا لكي يقوم بواجبه نحو أهله وذوي قرابته وصارت هذه الأجساد الطاهرة التي بارحت دنيانا الفانية لقمة سائغة للكلاب في منظر تقشعر منه الأبدان وتظل الصورة الي الأبد لاتبارح الخيال وقد صار العجز فينا قد بلغ مرحلة أن ننظر الي اهلنا الذين فارقوا الحياة من بعد ولا نعطيهم حقهم من الوداع الاخير وهذه الوصمة فينا ستظل عالقة لأجيال وأجيال ترويها كتب التاريخ بأننا من فرط أهمالنا وتعلقنا بسفاسف الأمور والجدل العقيم والمزايدات أضعنا درة افريقيا سوداننا بكل قيمه وحضارته ورقيه ونقاء أهله وطيبتهم وحبهم للغير وحب الغير لهم ولم يبق لنا إلا أن نهدي لابناءنا هذين البيتين للشاعر الجاهلي عمرو بن كلثوم لعل أحد الأبناء يحقق لنا الحفاظ على بلدنا الذي ضيعناه بعد تولي الزمام فيه القتلة والمجرمون فاقدو العلم و المعرفة والذوق السليم ) !!..
قالها عمرو بن كلثوم بالانجليزية ايضا حتي يفهم الجميع مغزي حديثه المثير :
( If our infant attains weaning .... Tyrants fall to him prostraiting ............................
We reach the spring to drink water soft and pure .... While others drink muddy and soil ...............................................) !!..

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
لاجيء بمصر .

ghamedalneil@gmail.com

 

آراء