هل صدرت مذكرة القبض ..أم تأجلت ؟؟ …. بقلم: سارة عيسى
سارة عيسى
14 February, 2009
14 February, 2009
يقول الشاعر الحطيئة :
لكل جديد لذة ولكنني رأيت جديد الموت ليس بلذيذ
عمت الفرحة الجميع ، تبادل رجال المؤتمر الوطني التهنئة برسائل الجوال ، في ذلك اليوم لم يقنت إئمة المساجد في صلاة الفجر وهم يدعون الله مخلصين ..إن أنجيتنا من هذه لنكونن من الصالحين ، ليس سبب الفرحة لأن السودان قد تأهل للمستوى الرابع لكأس العالم وهذا مسعى بعيد المنال على الرغم أن ما يُسمى برأسالمية الإنقاذ تجود بدفع أسعار اللعيبة وتضن بمالها على الفقراء والمساكين ، ولك تكن الفرحة بسبب أن أطبائنا قد توصلوا إلي مصل يقلع مرض الملاريا من الجذور ، سبب الفرحة العارمة هو أن الناطقة بإسم المحكمة الدولية نفت أن تكون هناك مذكرة قد صدرت بحق الرئيس البشير ، تنفس الجميع الصعداء وأوت النفوس إلي السكينة بعد الخوف والهلع ، هناك حساسية زائدة في تناول أزمة البشير-أوكامبو في وسائل الإعلام ، وهذه الحساسية أتضحت بعد أن نشرت صحيفة النيويورك تايمز خبراً يفيد بصدور مذكرة إعتقال الرئيس البشير ، الخبر حتى وإن شابه بعض اللبس خلق ضجة كبيرة ، فظهر سفير السودان في الأمم المتحدة بالجلابية والعمامة ، وخاطب وسائل الإعلام هناك- وهو يعلق على الخبر - بأن هذه المذكرة لا تسوى الحبر الذي كُتبت به ، أي أن رجال الإنقاذ كان أول من آمن بخبر صدور المذكرة ، وفي الدوحة تغير خطاب حركة العدل والمساواة ، فقد طلب الدكتور خليل إبراهيم من الرئيس البشير أن يسلم نفسه للجنائية الدولية ، فإن لم يستجيب لذلك فإنه من مسؤولية الحركة القبض عليه وتسليمه للقضاة ، وفي السودان تحسب الدبلوماسيون الغربيون لأمر هذه المذكرة والتي تعتبر الآن قيد البت ، فكيف يتعاملون مع رئيس دولة مطلوب للعدالة ؟؟
الآن قد هدأت الأحوال ، عاد الناس إلي حياتهم الطبيعية ، ومتعهدي التظاهرات عادوا إلي مرحلة البيات الشتوي ، فلم تبلغ القلوب الحناجر في ذلك اليوم لأن النفي صدر في الوقت المناسب ، لكن الإعلام الغربي أصبح يساعد في إنتشار مرض القلب ويرفع ضغط الدم لساسة أعيتهم الحيلة من إدارة شئون البلاد ، رجال الإنقاذ كانوا يراهنون على فيتو صيني يخلط الأوراق ، أو أن تنسحب دول العالم من المحكمة لتترك أوكامبو يغنى بلا جمهور كما فعلت كل من اليمن وجزر القمر ، وربما يجهل البعض أن اليمن أنسحب من المحكمة الدولية لأنها تورطت مع الحوثيين ، فأنشات مليشيات من رجال قبيلة الرئيس وزودتها بالسلاح والأموال للقضاء على تمرد الحوثيين ، لذلك أصبح اليمن السعيد يملك نسخته من الجنجويد ، أما رئيس جزر القمر فلا يعرفه الناس إلا عندما يطوف على موائد القطريين في الدوحة ، ولو خرجت جزر القمر من التاريخ لما شعر بها أحد ، والطريف في الأمر أن الفلسطينيون قرروا الإنضمام للمحكمة الدولية ، وهذه خطوة مشجعة تعوضنا خسارتنا في خروج دويلة جزر القمر ، وقد طلب أوكامبو من العرب بأن يقفوا مع المحكمة الدولية ولا يكونوا أول كافر بها إن إرادوا محاكمة القادة الإسرائيليين على الجرائم التي أقترفوها في غزة ولبنان ، وإعتقادي الكبير أن حركة حماس سوف ترفض هذا المسعى لأن الهجوم على المستوطنات بالصواريخ في الغرب يُعتبر أيضاً جريمة حرب ، لذلك هناك تضارب مصالح لمن يعترضون على دور المحكمة الدولية، لكن ، ليس " عند كل مرة تسلم جرة العجين " ، ربما يكون ما نشرته النيويورك تايمز مغلوطاً أو نحن قرأناه بعد عكس العدسات ، فكما قال الشاعر :
إذا ساءت فعل المرء ساءت ظنونه ..وصدق ما يعتاده من توهم
لكن ما حدث أعطانا صورة طبق الأصل عن طبيعة ما يحدث إن صدرت المذكرة من جديد ، أتوقع بأن لا يصمد رجال الإنقاذ في وجه الصدمة فتقضي عليهم أمراض الإنفعال قبل أن يبلغهم أوكامبو .
سارة عيسي