هل مات ضمير عبدالله حمدوك رئيس وزراء عبدالفتاح برهان؟

 


 

 

لم اكن ابدا من رافعي يافطة -شكرا حمدوك، أو يافطة (المؤسس). كنت انتقده كثيرا على ضعفه وتردده في اتخاذ المواقف والقرارات الحاسمة التي تتطلبها المرحلة، عبر مقالات منشورة على صفحات موقع سودانايل وسودانيز اون لاين وعدد من المواقع الالكترونية. لكن بعد الإجراءات الانقلابية للجنرال عبدالفتاح برهان يوم 25 أكتوبر، دافعت عنه بشدة، كوّن ما حدث يوم 25 أكتوبر، انقلاب عسكري كامل الأركان على سلطة مدنية.
نعم، دافعنا عن عبدالله حمدوك، باعتباره رئيس وزراء (الثورة)، حتى ظهر لنا يوم الاحد 21 نوفمبر 2021، على شاشة تلفزيون عبدالفتاح البرهان، موقعا على اتفاق استسلام، استجابة لإملاءات (العسكر جنجويد)، وتلبية شروط دول الخراب العربي (مصر -السعودية -الأمارات) المدعومة من إسرائيل وبمباركة دولية.
وقد جاء التوقيع على هذا الاتفاق الاستسلامي بعد أيام من المفاوضات السرية في قصر عبدالفتاح برهان، والتي وجد فيها عبدالله حمدوك تحقيقاً لانتصار وهمي تُخيل له بأن "العسكر جنجويد" سيفون بوعودهم ويلتزمون بما تعهدوا به، وجاء قبول حمدوك بالتوقيع على هذا الاتفاق بعد سبع وعشرين يوما في الاحتجاز المنزلي دون تلفزيون وتلفون وانترنت وولخ.
هذا الاتفاق الاستسلامي، رفضه كافة قطاعات الشعب السوداني. لكن حمدوك يحاول يائسا تقديم مبررات واهية لإقناع الناس به -كقوله، انه وقع على هذا الاتفاق (لحقن الدماء)، أو قوله: "لم أخن الشارع وعودتي من أجل السودانيين. وقوله ان البلاد لا تبنى بـ”الغبائن الشخصية” ولابد من مصالحات واسعة بين كل مكونات المجتمع السوداني".
أولاً -يجب تثبيت الاتي:
مطالبات الشارع السوداني بحكومة مدنية 100% ،ليست تفشيا للغبائن!
مطالبات الشارع بفك الشراكة السياسية مع العسكر، ليست تفشيا للغبائن!
نعم، البلدان لا تبنى بالغبائن الشخصية، ولا تبنى أيضا بإنصاف الحلول ومسك العصا من النصف يا عبدالله حمدوك!
الثورة هي التي أتت بعبدالله حمدوك الى منصبه كرئيس للوزراء، فإن التبريرات التي يقدمها لإقناع الشارع بهذا الاتفاق الانهزامي، ليست لها أية أرضية.. فهل مات ضمير حمدوك، لأن:
حينما يموت الضمير، تموت معهُ الكثير من الأشياء، وتصبح بلا لون أو معنى ومُباحةٍ، ويصبح معها الإنسان مُجرد هيكل جامد، فارغ، صداهُ في داخلهِ فقط..
يُصبِح كل شيء مباح : الكذب، الخيانة، القتل والسكوت عن القتل.. حينما يموت الضمير،
حينما يموت الضمير، يصبح الأنين الآدمي كمعزوفة رومانسية من قيثارة فريدة، وأصوات المدافع كقرع الطبول، وهدم المساجد على المصلين، وتدمير المنازل على رؤوس أصحابها كمشاهدة فيلم أمريكي مثير..
حينما يموت الضمير، يُنظر للأوطان كمزارع عائلية، والشعب قطيع من غنم..
حينما يموت الضمير، تتعطل إنسانية الإنسان وتفقد حواسه قيمتها، ويغدو صاحب عقل لا يفقه، وصاحب عين لا تبصر، وصاحب إذن لا تسمع، وصاحب قلب لا يدرك ما يقول..
موت الضمير هو السبب في انتشار ظاهرة النفاق السياسي والكذب والغش والخداع، كظاهرة مرضية تنتعش في الأوساط السياسية في السودان.. فهل مات ضميرك يا حمدوك بترديدك للأكاذيب التي لا يريد الشارع السوداني الثائر سماعها؟

bresh2@msn.com

 

آراء