هل يخوض الشعب الفلسطيني المعركة نيابة عن البشرية؟
د. الوليد آدم مادبو
1 April, 2009
1 April, 2009
لا شك أن التصويت الأخير في شأن القضية الفلسطينية داخل الأمم المتحدة قد أعاد إلي أذهان الكثيرين التجاذب الحاد الذي تعانيه تلكم المنظمة العريقة بين التوجهات الإنسانوية للمجتمع البشري ( الذي أصبح أكثر تشوقاً لأهمية العدل كأساس لاستقرار الشعوب) والنزعات الامبريالية للدول العظمي التي لا تسعي لتأمين احتياجاتها من الموارد فقط بل أيضا تسعي للإبقاء علي الهرم العرقي الاجتماعي الذي أسس له النظام الرأسمالي والذي وضع الصهيونية علي اعلي الهرم، يليهم الغربيون، الصفر، السمر، ثم الإنسان الأسود. إن هذه الهرمية العرقية المستوحاة من قيم توراتية/ إنجيلية محرفة هي التي تبرر لقادة البشرية اليوم (من يملكون الـﭭﻴﺘﻭ) النظرة الاستعلائية، الاستبدادية والازدرائية للشعوب الأخرى. لأنه متما ظن شخص أو شعب أو جماعة إنها مصطفاة من قبل الآلة على أساس عرقي وليست فقط عقدي فإنه لا يتوانى في هضم حقوق الآخرين الاقتصادية، السياسية والاجتماعية.إن دول الشمال القطبي تستهلك موارد بشرية اليوم لتدر على اقتصاديتها مبلغ 350 بليون دولار تتصدق منها بمبلغ 10 بليون دولار على دول العالم الثالث. ولذا فإنني أقول أنه لا سبيل لاستقرار الشعوب وتنعمها بالسلام إلا بتوفر وعي أخلاقي ينشد الإنسانوية على المستوى الثقافي كأساس لتحقيق التكافل الاقتصادي والسياسي. توفر هذا الوعي لازم لتحرر جميع الشعوب (وليست فقط الشعب العربي). إذا علمنا هذه الحقيقة فإننا يجب أن نعلم أن الشعب الفلسطيني يخوض معركة التحرر نيابة عن البشرية جمعاء. ومن ثم وجب علينا تطوير خطاب عالمي يساعدنا في اصطصحاب كافة الملل في معركة تكون فاصلة ضد الكيان الصهيوني. إن الكيان الصهيوني يستشعر هذا الخطر ولذا فإنه يستثمر أي فرصة يجدها للخروج من المأزق الأخلاقي عسكرياً. لماذا نعطيه هذه الفرصة (وهل لنا الخيار!) ألم نعي بعد أن استخدام السلاح يجب أن تسبقه تهيئة عامة وتمهيد استراتيجي يضرب العدو ليست فقط في عمقه العسكري، إنما الوجودي؟ إن التنسيق لا يمكن أن يتم في وجود أنظمة تتقاطع مصالحها وأهوائها وتظن أن نفوذها يتضاءل حال التعويل على شعوبها؟إنني ألحظ من خلال قراءتي للتاريخ أن الملكيات في كل العالم تتطور تدرجياً إلى جمهوريات لكن العكس تماماً يحدث في العالم العربي إذ أن الجمهوريات تتراجع لكي تكون ملكيات، ذلك أنها مافتئت تتقهقر حتى سببت الهزائم على جميع الأصعدة. ببساطة هي فقدت الشرعية التي جاءت بها في المقام الأول: صد العدوان الخارجي ومقاومة الهزيمة النفسية التي حلت بالأمة منذ أن استفحل الوجود الصهيوني في المنطقة. إن الملكيات التي كان قوامها الملك باعتباره حامي حمى الدولة والدين استحالت إلى بلديات غايتها تحقيق "الرفاهية" للشعوب، ولو على حساب الكينونة، العقيدة، الذات، التاريخ والمروءة.
لا تسقنـي كأس الحياة بذلة | بل فاسقني بالعز كأس الحنظل |
كأس الحيـاة بذلة كجهـنم | وجهـنم بالعـز أطيب منزل. |
د. الوليد آدم مادبو
auwaab@gmail.com