هوامش نقدية وملاحظات علي الرسائل الإعلامية لمبعوث البرهان الي مصر
د. فتح الرحمن القاضی
4 May, 2023
4 May, 2023
بسم الله الرحمن الرحیم
التقرير في المآلات المستقبلية للعملية السياسية المرتجاة ليس من واجب الساعة وهو من القضايا الخلافية التي لم تحسم بعد
أين هو موقع الهدنة للأغراض الانسانية، وما مدي جدية السلطة الراهنة في الالتزام بوقف إطلاق نار مستدام يسمح بتأسيس مسارات ومناطق آمنة لغوث المنكوبين ؟؟
إطلاق نداء دولي لاستقطاب المساعدات الإنسانية وتقديم الغوث عبر تأسيس آلية وطنية مقتدرة في حالات الطوارئ يبقي علي رأس الأولويات العاجلة لمجلس الوزراء ووزارات الخارجية والمالية والتنمية الاجتماعية
مقترحاتنا تكتسب حجيتها بين يدي الزيارة المرتقبة لوكيل الامين العام للشئون الانسانية في حالات الطوارئ (OCHA ) للبلاد
د۰ فتح الرحمن القاضی
مستشار فی شٸون العمل الطوعی والإنسانی وحقوق الإنسان
Tel: +249912219666 / E-mail: elgadi100@gmail.com
حرصت علي الاستماع بعناية فائقة الي الإفادات التي تفضل بها سعادة السفير دفع الله الحاج علي وكيل وزارة الخارجية ومبعوث الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة الي مصر لكي اقف ، مثلي مثل غيري من افراد الشعب السوداني ، علي طبيعة الرسائل التي حملها المبعوث الرئاسي الي وزير الخارجية المصري .
مبعث الاهتمام البالغ بافادات سعادة السيد وكيل وزارة الخارجية في مؤتمره الصحفي الذي أعقب لقاء جمعه مع وزير خارجية مصر يأتي من باب كونها تعد أول تصريح صحفي يصدر من قبل مسؤول حكومي رفيع المستوي يبتعثه السيد الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة الي دولة خارجية شقيقة، هي مصر في حالتنا هذه، يعني بتوصيف الاحوال المازومة بالسودان فضلاً عن المآلات المحتملة لمستقبل السودان.
لا يوجد احد يستطيع ان يماري، بالطبع، في مقدرات السفير دفع الله فقد خبرناه في العديد من المحطات في نيويورك وريودي جانيرو وما سواها من المواقع التي شغلها خلال عمله في وزارة الخارجية، وهو بلا شك طراز فريد من العاملين في سلك الدبلوماسية السودانية حنكة ودراية واخلاصا وخبرة الأمر الذي يؤهله بلا شك لكي يشغل منصب وزير خارجية بكل كفاءة واقتدار في اي تشكيل وزاري محتمل .
واضعين في الاعتبار ان مبعوث البرهان لا يمكن ان يفصح عن كامل فحوي الرسالة التي يحملها للحكومة المصرية ذلك أن دهاليز السياسة والدبلوماسية تحوي الكثير من الاسرار مما لا يمكن الاحاطة بتفاصيله جملة واحدة هكذا في اوساط الراي العام ، ولكن مع ذلك نرجو ان يسمح لنا سعادة السفير دفع الله بالتعاطي، علي الاقل ، مع ما تفضل به في المؤتمر الصحفي للسيد المبعوث الرئاسي في اطار حوار تفاعلي نبتدره نحن ونحفز به غيرنا للتعليق علي ما ورد في افاداته المعلنة:
• من الملاحظ ان السفير دفع الله حرص علي تأكيد مشرعية الحرب التي يخوضها الجيش ضد الدعم السريع مع وصف الدعم السريع، الذي كان حتي بداية الازمة جزءاً لا يتجزا من القوات المسلحة، بالمتمردين في تناغم تام مع موقف قيادة الجيش وعلي رأسها البرهان حيال الازمة وهذا امر مألوف فما ينبغي لأي سفير مبتعث وهو يمثل رأس الدولة أن ينطق بخلاف الموقف المعتمد لرئيس البلاد .
• ثم ان سعادة السفير عرض من بعد علي بيان الجامعة العربية مستعرضا النقاط التي تعزز موقف الجيش السوداني وهي المطالبة بانسحاب الدعم السريع من المستشفيات والمناطق المدنية مع عدم اتخاذ المواطنين كدروع بشرية وهذا امر متوقع ايضا في مثل هكذا خطاب.
• غير ان الامر غير المتوقع ان يمضي السيد دفع الله في الحديث عن تفاصيل سياسية لما بعد الازمة الراهنة كاشفا النقاب عن عملية سياسية اسماها بالشاملة وهذا ليس من اختصاص الدبلوماسية السودانية ولا اوان الحديث عن هكذا تفاصيل سياسية مرتقبة مما يعطي مؤشراً واضحاً للنوايا الحقيقة لرئيس مجلس السيادة فيما يعتزم فعله في أعقاب الازمة الراهنة.
• الحديث عن عملية سياسية علي هذا النحو يشيئ ، إذا لم نسيئ الفهم ويرجي أن نتلقي تصويباً إذا ما أخطأنا، كأنما الهدف من صناعة الازمة الراهنة والعمل علي تصعيدها من خلال الدعوة للحرب ونبذ السلام انما يستهدف تقويض العملية السياسية التي كادت ان تثمر التوصل لاتفاق يفضي لحكومة انتقالية مدنية مع عودة الجيش للثكنات ، علاوة علي النية المبيتة لاستبدال المسار السياسي الراهن الذي قطع شوطا بعيدا ولم يبق غير التوقيع عليه لولا خلافات الشق العسكري وما صاحبها من انفجار الاوضاع الامنية والعسكرية بمسار سياسي جديد يراد تدشينه مجددا تحت دعوي الشمول ، وهذا يعني ببساطة العودة بالعملية السياسية الجارية الي نقطة الصفر. ؟؟!!.
• تري هل هذه هي المسالة الرئيسية التي حرص مبعوث البرهان علي ايصالها للقيادة المصرية سيما وان مصر سبق لها ان استضافت ، كما هو معلوم ، محورا للتفاوض في القاهرة ضم بعض القوي السياسية والشخصيات فيما اصطلح علي تسميته بالكتلة الديمقراطية حيث كان اجتماع القاهرة يستهدف بلورة محور مواز ، او فلنقل مكمل من باب حسن الظن ، للعملية السياسية التي تجري تحت مظلة ما اتفق علي تسميته بالاتفاق الاطاري ؟؟!!. التصريح بخطاب خلافي كهذا في ذروة الازمة من قبل مبعوث البرهان في ظل كارثة عظمي تتفاعل بشكل يومي مما لا يسمح بالتقرير في مصائر البلاد السياسية ومالاتها المستفبلية هكذا دون اخضاع الامور لنظرات متعقلة فاحصة من قبل القوي العسكرية والسياسية معاً أدي لنشوء إحساس مضاد لدي الكثيرين بازاء خطاب سياسي مباشر مختلف عليه لم يكن من الحكمة ان يرد في توجيهات باعث الرسالة ، أي الرئيس البرهان، ولا حديث المبعوث الرئاسي سعادة السفيير دفع الله ، اللهم الا اذا كان السيد رئيس مجلس السيادة يعتزم فعلاً الاستفراد بترسيم المشهد السياسي القادم بمعزل عن القوي الوطنية والاحزاب السياسية قاطبة ، او ينوي فرض حلول وخيارات سياسية بعينها تحت أزيز الطائرات ودوي المدافع وقعقة السلاح بينما لا يجرؤ احد علي الحديث او ابداء راي مخالف مع تعالي صيحات التخوين وإطلاق الاتهامات بالعمالة ذات اليمين وذات الشمال وما يصحبها من قمع للراي الاخر تحت ذريعة الا صوت يعلو فوق صوت المعركة ، ولا موقف وطني صائب سوي دعم القوات المسلحة وهي تخوض معركة الشرف والكرامة ؟؟!!. ومن هنا ننبه الي ضرورة توخي الحرص في اطلاق تصريحات او اطلاق دعاوي من قبل قيادة مجلس السيادة او قيادة الجيش أصالة عن أنفسهم أو عبر المبعوثين والمستشارين مما يمكن ان يساء فهمة او يجري تاويله علي نحو خاطئ بأن القوات المسلحة ليست علي مسافة واحدة من سائر الفرقاء السياسيين في البلاد حيث يجهد طرف منهم في استثمار الازمة الحالية بما يخدم خطه السياسي، لأن ذلك ربما يؤدي الي بعث حالة من الشك في نفوس الناس بإزاء التوجهات الحقيقية للسلطة الراهنة مما ينعكس سلباً علي حالة التعاطف الوطني التي لقيتها القوات المسلحة في الازمة الاخيرة في مواجهة الدعم السريع علي اختلاف الرؤي والتاويلات التي تبرز من هنا وهناك تجاه حقيقة النزاع المسلح في السودان.
• ذات الدعاوي انطلقت بقوة من قبل قبيل التوقيع علي اتفاقية نيفاشا مع ما اشتملت عليه من معايب وخروقات عظمي حيث جري وصف المعارضين لنهجها المعيب بالوقوف ضد السلام ومن فتحت فتحت أبواب السجون لاعتقال كل من يجرؤ علي قول لا بحجة أن هؤلاء شرزمة تمثل العداء لداعي السلام وينبغي التخلص منها عبر عملية تستهدف إزالة (دم الحجامة) حتي يتعافي بقية جسد الامة السودانية وتنعم بالرخاء والوحدة والسلام، غير أن حملة الترهيب تلك لم تفلح في اسكات الكثيرين، ونحن منهم، ليجد الكثيرون طريقهم الي السجون في محاولة يائسة لقمع الراي الاخر ، ليتبين للامة السودانية باكملها بؤس المآل وسوء التقدير بعد زول سحب الغشاوة عن أعين الكثيرين ممن تم سوقهم باسم السلام لاعتماد اتفاقية نيفاشا والحصول علي تفويض بموجبها لتقاسم الحكم شراكة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان لمدة ست سنوات عجاف بلا انتخابات او استفتاء شعبي مكتفين فقط بضمانات دولية غالطة. وهكذار قيض الله لنا الخروج من السجن (ونحن يانا نحن ما غيرتنا ظروف ولا هزتنا محنة) لنجد القوم غارقين في نشوة انتصار زائف وإن هي الا بضع سنوات حتي استفاق القوم من غفلتهم علي تبدد أوهام الوحدة الجاذبة ليرث السودان بفعل صنيع قادة الانقاذ حنظل انفصال السودان الموحد الي قطرين شمال وجنوب؟؟!!، فهل يا تري نشهد تارة أخري انطلاق حملة مماثلة للتخوين تكتسي بشعارات براقة لا خلاف عليها علي شاكلة دعم القوات المسلحة هذه المرة، ليتكشف لنا بعد حين كيف يجري استثمار شعارات عظمي من جملة الثوابت الوطنية التي لا يجوز الخلاف عليها في غير موضعها الحقيقي إذ لا يوجد وطني مخلص يماري في قضية دعم القوات المسلحة او يبدي تشككاً في تعزيز وحدتها وضمان تطويرها نماءها ؟؟!!.
• في ظل الافتقار الي اجهزة علمية لقياس الراي العام يمكن الزعم بأن طوائف ليست بالقليلة من جمهرة الشعب تنادي بالوقف الفوري للقتال وإجراء مفاوضات بين القوات المسلحة والدعم السريع من أجل حقن إراقة المزيد من الدماء والتوصل لتسوية تضع حداً للنزاع الدامي مما يكفل عودة مأمونة الي مسار التسوية السلمية في الوقت الذي تجهد فيه طائفة اخري غير متعقلة في الدعوة الي سفك الدماء وحسم النزاع علي اشلاء الشعب السوداني ، وهكذا فإن الموقف الداعم لوقف الحرب لا يعني بالضرورة خذلان القوات المسلحة أو العمل علي تفتيتها.
• مهما كانت حقيقة ما دار في دهاليز المباحثات المغلقة التي جرت بين مبعوث البرهان ونظرائه في الخارجية المصرية ، ومهما كانت حقيقة القضايا التي افصح عنها السيد المبعوث صراحة في مؤتمره الصحفي ، فينبغي التركيز هنا ايضا علي القضية الرئيسية التي وردت في إفادة الوزير سامح شكري في حديثه وهي مسالة مفتاحية غابت عن حديث مبعوث البرهان أو فلنقل لم ترد بذات القدر من الوضوح حيث اكد شكري علي مسالة وقف اطلاق النار في مسع لاحتواء النزاع المسلح في السودان.
• وليس ثمة شك في أن الوقف الدائم وغير المشروط لاطلاق النار بين الجيش والدعم السريع هو امر مطلوب بشدة حيث فطنت الدبلوماسية المصرية لاهميته وعبرت عنه في افادات اعلامية عبر عنها وزير الخارجية المصري الامر الذي يحسب لمصلحة الدبلوماسية المصرية ويجعل من مصر دولة مؤهلة لكي تلعب دورا ايجابيا في اي وساطة محتملة تستهدف نزع فتيل الازمة وتسوية النزاع المسلح.
• هذا ما ورد في افادات السفير دفع الله ولكن ما هي القضايا التي كان ينبغي له أن يمنحها الاهتمام الفائق ، ونوجز فيما يلي بعض القضايا التي كان من المفترض ان تحظي بالأولوية في مؤتمره الصحفي ؟؟:
1) بما أن الشقيقة مصر تستضيف حوال ستة ملايين مواطن سوداني وفق بعض الاحصاءات، كما انها سارعت الي فتح حدودها لاستضافة نحو نصف مليون مواطن أو يزيد هرعوا الي مصر هرباً من القتال الدائر في السودان وهذا العدد مرشح بالزيادة مع تطور الاجداث فقد كان لزاماً تقديم صوت شكر مستحق لمصر الرسمية والشعبية ، ولو كنت في موقع السيد مبعوث البرهان لكان هذا اول ما صرحت به في مؤتمري الصحفي. ولا يمكنني الجزم فيما اذا كانت مسالة معالجة اوضاع اللاجئين السودانيين الذين تدفقوا صوب مصر قد اثيرت اثناء لقاء مبعوث البرهان بوزير خارجية مصر ام لا وهي قضية عظمي جديرة بالبحث ، ولكن كان يتعين علي المبعوث الرئاسي أن يلتقي ممثلين عن اللاجئين السودانيين الي مصر في دار السفارة لبحث اوضاعهم الانسانية الصعبة، او تسجيل زيارة تفقدية لاسر اللاجئين الذي حطوا الرحال في ميدان التحرير ليفترشوا الارض بلا ماوي ولا طعام او شراب للنظر في طيفية استنقاذهم، ومن قبل كانت مسالة تدهور الاوضاع بمعبر قسطل ارقين وسوءها البالغ اولي بالبحث في لقاء المسؤولين رفيع المستوي من اجل بحث تكدس عشرات الالاف بالمعبر الرابط بين مصر والسودان وايجاد الحلول والمعالجات الطارئة التي تضع حداً لالوان من المعاناة لا يمكن وصفها.
2) كان من الاولي أن يبدي السيد مبعوث البرهان احساساً متعاظماً بتداعيات الازمة الراهنة وانعكاساتها علي المدنيين من افراد الشعب السوداني وذلك من خلال التركيز علي البعد الانساني المتمثل في إبداء حرص رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش في اعتماد هدنة للأغراض الانسانية واظهار جدية السلطة الراهنة في تطوير الهدنة الي وقف إطلاق نار حقيقي ومستدام يسمح بتأسيس مسارات ومناطق آمنة لغوث المنكوبين ، والحكم علي فشل او نجاح الهدن المتعاقبة يكمن في اعتماد نظام مختلط للرقابة يضطلع به مراقبون سودانيون مستقلون وخبراء دوليون من ذوي الدراية في هذا النوع من الازمات خاصة مع استمرار ظاهرة القصف بالطائرات اثناء الهدنة مما يشكل خرقاً لاطلاق النار. التأكيد علي هكذا مواقف من قبل المبعوث الرئاسي يصبح مطلوباً بشدة لا سيما في ظل التصريحات المتضاربة التي تصدر من بعض قيادات القوات المسلحة وأعضاء مجلس السيادة ، ونعني هنا افادات الفريق ياسر العطا ، وهي تصريحات تصب فيما يبدو في اتجاه لا ينسجم مع الارادة الداعية لوقف الحرب وبسط السلام واستعادة المسار الديمقراطي عبر تسوية تحظي برضاء معظم الاطراف ان لم يكن كلهم.
3) تبدو مسالة إطلاق نداء دولي لاستقطاب المساعدات الإنسانية والمسارعة في تقديم الغوث للمنكوبين والمعوزين عبر آلية وطنية مقتدرة علي رأس الأولويات العاجلة التي ينبغي لمجلس الوزراء أن يضطلع بانجازها ويتحتم هنا علي وزارات الخارجية والمالية والتنمية الاجتماعية بحكم ولايتها علي مفوضية العون الانساني فضلاً عن وزارة الداخلية أن تعمل بكفاءة واقتدار في تناغم تام من خلال تأسيس آلية وطنية للاغاثة ودرء الكوارث من اجل التصدي للتحديات الانسانية الهائلة التي افرزتها الازمة الراهنة. ومن خلال مواكبتنا لاجهزة الانذار المبكر ودرء الكوارث لا سيما خلال كارثة السيول والفيضانات التي اختبرتها بلادنا من قبل يمكن القول بأن التصدي لابعاد الكارثة الانسانية التي خلفتها كارثة السيول والفيضانات لم يكن في مستوي التحدي لا بل اتسم بالضعف والقصور في كثير من الاحايين باستثناء بعض المبادرات المتفرقة التي اضطلع بها كل من الاستاذ جمال النيل وكيل وزارة التنمية الاجتماعية والدكتور نجم الدين موسي مفوض عام العون الانساني ، الامر الذي يدعونا لتصويب الاهتمام تارة أخري للارتقاء بمنظومة الانذار المبكر ودرء الكوارث في البلاد علي ان تباشر هذه المنظومة مهامها تحت رعاية مجلس السيادة او رئيس الوزراء المرتقب والا لن يكون في وسع السودان الاستفادة من العون الدولي المرتقب لمصلحة المنكوبين، او الفلاح في حسن توظيفه علي النحو المرجو في ظل الفوضي الضاربة باطنابها في ربوع السودان . في ظل أوضاع كهذه يتحتم الاعتناء بنفخ الروح في أوصال مؤسسات المجتمع المدني التي يعاني جزء كبير منها من عدم الفاعلية ان لم نقل الكساح ويشمل ذلك ولا يقتصر علي جمعية الهلال الاحمر السوداني التي ابتليت بتدخلات سياسية غير موفقة في الفترة الماضية اقعدتها عن العمل حيث كان يرتجي منها الكثير خاصة في حالات الطوارئ ودرء الكوارث.
4) الانشغالات التي تقدم ذكرها كان ينبغي لها ان ترد بوضوح ليس في رسائل سعادة السفير دفع الله ، دفع الله به الشرور عن البلاد وجلب علي يديه الخير العميم، خلال مؤتمره الصحفي بمصر فحسب وإنما أعتماد الانشغالات المذكورة منهجا راتباً في التصدي لتحديات الازمة الراهنة في سائر أنشطة وزارة الخارجية ومؤتمراتها الصحفية داخل البلاد وخارجها بحسبان الخارجية هي الجهة الناطقة بلسان السودان والحادبة علي مصالحه والمعبر عن طموحاته وآماله في مختلف المحافل الاقليمية والدولية بمعزل عن التناقضات والمنازعات التي تجري علي المستوي المحلي بين الفرقاء السودانيين.... تري هل تصبح الخارجية بطاقهما المقتدر علي قدر الامل والتحدي ...ليتها تفعل ...
5) وتكتسب الملاحظات النقدية والاستدراكات التي حرصنا علي الدفع بها في اتجاه وزارة الخارجية ومن خلفها الاجهزة المعنية المختصة بمعالجة الاوضاع الانسانية بالبلاد أهميتها من حيث كونها تستبق الزيارة الهامة التي يعتزم السيد (مارتن قريفث) ، وكيل الأمين العام للشئون الانسانية ومنسق الاغاثة في حالات الطوارئ القيام بها الي الخرطوم OFFICE FOR THE COORDINATION OF HUMANITARIAN AFFAIRS ( OCHA) وهي زيارة تجد منا كل إحتفاء وترحيب لا سيما وهي تجئ في ظل ظروف عصيبة اضطر معها معظم الموظفين الدوليين بوكالات الامم المتحدة العاملة بالسودان ان لم يكن كلهم الي الجلاء خارج السودان صوب مصر وما سواها من دول الجوار ليجري معظم العمل عبر الاسافير (ONLINE) ، والحال كذلك فلا يدري مدي نجاعة عمليات الاغاثة الطارثة خاصة وان غالب العاملين في الامم المتحدة من الوطنيين قد اتخذوا لهم ملاذاً آمناً في دول الجوار بحيث لم يكد يوجد الا النذر اليسير من العامليين لادارة العملسات علي الارض ، وهذه من جملة المعضلات التي ينبغي أن تجد لها موضعاً للبحث بواسطة الاطقم الفنية في وزارات الخارجية والتعاون الدولي ومفوضية العون اثناء لقائهم بالمبعوث الاممي الرفيع. بيد أنه لا يقل أهمية عن ذلك مسارعة الاجهزى المعنية في إنجاز فروضها المنزلية وترتيب بيتها من ال\اخل إذ ليس من اللائق ولا المقبول أن يجد السيد وكيل الامين العام الاجهزة المختصة في حالة فوضي عارمة مما يتعذر معه إدارة عمليات الغوث الانساني بنجاعة واقتدار حتي لو نجحت وطكالة (اوشا ) في استقطاب الدعم واستدعاء العون اللازم لغوث السودان.
6) في إطار تفعيل الالية الوطنية لادارة الطوارئ ودرء الكوارث فيسرنا أن نعيد تقديم التصور المتواضع الذي سبق لنا أن طورناه من وحي ولايتنا في يوم من الايام علي مفوضية العون الانساني ودفعنا به ابان كارثة السيول والفيضانات الي سعادة السيد وزير التنمية الاجتماعية ووكيل الوزارة ومفوض العون الانساني غير أن ما جاء فيه من مقترحات لم يتم ترجمتها الي أرض الواقع علي النحو المطلوب لسبب أو لآخر، ومهما كان الأمر فها نحن ندفع بذات التصور تارة أخري الي مختلف جهات الاختصاص، ومن ضمنها وزارة الخارجية، لعل وعسي أن يجد التصور حظه اللائق من الاهتمام هذه المرة حتي تنتفع به العباد والبلاد.
7) ونحن نخلص الي خاتمة الهوامش النقدية والملاحظات التي دفعنا بها ، بكل تواضع، إلي سعادة السفير دفع الله الحاج علي وكيل وزارة الخارجية ومبعوث رئيس مجلس السيادة الي الشقيقة جمهورية مصر العربية فيسرنا أن نتوجه إلي شخصه الكريم بخالص آيات المحبة والاحترام والتقدير مثمنين لكل ما يبذله من جهود للارتقاء بالدبلوماسية السودانية. والتحية موصولة عبره ومن خلاله الي الدبلوماسية السودانية ممثلة في سفرائها الأماجد والاطقم المساندة من الاداريين علي امتداد دول المعمورة وهم يضطلعون بمهام خطيرة وشاقة في اطار التصدي لتحديات جسيمة تتثمل في معالجة واحدة من أخطر الازمات التي يشهدها السودان في تاريخه الحديث ، داعين لهم بالفلاح في احتواء اثار الأزمة علي المستويين الاقليمي والدولي والخروج من مضاعفاتها المحتملة باقل الخسائر الممكنة؟.
والله المستعان ... وما التوفيق الا من عند الله العلي القدير،،،
الخرطوم في 3 مايو 2023 م
/////////////////////////
التقرير في المآلات المستقبلية للعملية السياسية المرتجاة ليس من واجب الساعة وهو من القضايا الخلافية التي لم تحسم بعد
أين هو موقع الهدنة للأغراض الانسانية، وما مدي جدية السلطة الراهنة في الالتزام بوقف إطلاق نار مستدام يسمح بتأسيس مسارات ومناطق آمنة لغوث المنكوبين ؟؟
إطلاق نداء دولي لاستقطاب المساعدات الإنسانية وتقديم الغوث عبر تأسيس آلية وطنية مقتدرة في حالات الطوارئ يبقي علي رأس الأولويات العاجلة لمجلس الوزراء ووزارات الخارجية والمالية والتنمية الاجتماعية
مقترحاتنا تكتسب حجيتها بين يدي الزيارة المرتقبة لوكيل الامين العام للشئون الانسانية في حالات الطوارئ (OCHA ) للبلاد
د۰ فتح الرحمن القاضی
مستشار فی شٸون العمل الطوعی والإنسانی وحقوق الإنسان
Tel: +249912219666 / E-mail: elgadi100@gmail.com
حرصت علي الاستماع بعناية فائقة الي الإفادات التي تفضل بها سعادة السفير دفع الله الحاج علي وكيل وزارة الخارجية ومبعوث الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة الي مصر لكي اقف ، مثلي مثل غيري من افراد الشعب السوداني ، علي طبيعة الرسائل التي حملها المبعوث الرئاسي الي وزير الخارجية المصري .
مبعث الاهتمام البالغ بافادات سعادة السيد وكيل وزارة الخارجية في مؤتمره الصحفي الذي أعقب لقاء جمعه مع وزير خارجية مصر يأتي من باب كونها تعد أول تصريح صحفي يصدر من قبل مسؤول حكومي رفيع المستوي يبتعثه السيد الفريق البرهان رئيس مجلس السيادة الي دولة خارجية شقيقة، هي مصر في حالتنا هذه، يعني بتوصيف الاحوال المازومة بالسودان فضلاً عن المآلات المحتملة لمستقبل السودان.
لا يوجد احد يستطيع ان يماري، بالطبع، في مقدرات السفير دفع الله فقد خبرناه في العديد من المحطات في نيويورك وريودي جانيرو وما سواها من المواقع التي شغلها خلال عمله في وزارة الخارجية، وهو بلا شك طراز فريد من العاملين في سلك الدبلوماسية السودانية حنكة ودراية واخلاصا وخبرة الأمر الذي يؤهله بلا شك لكي يشغل منصب وزير خارجية بكل كفاءة واقتدار في اي تشكيل وزاري محتمل .
واضعين في الاعتبار ان مبعوث البرهان لا يمكن ان يفصح عن كامل فحوي الرسالة التي يحملها للحكومة المصرية ذلك أن دهاليز السياسة والدبلوماسية تحوي الكثير من الاسرار مما لا يمكن الاحاطة بتفاصيله جملة واحدة هكذا في اوساط الراي العام ، ولكن مع ذلك نرجو ان يسمح لنا سعادة السفير دفع الله بالتعاطي، علي الاقل ، مع ما تفضل به في المؤتمر الصحفي للسيد المبعوث الرئاسي في اطار حوار تفاعلي نبتدره نحن ونحفز به غيرنا للتعليق علي ما ورد في افاداته المعلنة:
• من الملاحظ ان السفير دفع الله حرص علي تأكيد مشرعية الحرب التي يخوضها الجيش ضد الدعم السريع مع وصف الدعم السريع، الذي كان حتي بداية الازمة جزءاً لا يتجزا من القوات المسلحة، بالمتمردين في تناغم تام مع موقف قيادة الجيش وعلي رأسها البرهان حيال الازمة وهذا امر مألوف فما ينبغي لأي سفير مبتعث وهو يمثل رأس الدولة أن ينطق بخلاف الموقف المعتمد لرئيس البلاد .
• ثم ان سعادة السفير عرض من بعد علي بيان الجامعة العربية مستعرضا النقاط التي تعزز موقف الجيش السوداني وهي المطالبة بانسحاب الدعم السريع من المستشفيات والمناطق المدنية مع عدم اتخاذ المواطنين كدروع بشرية وهذا امر متوقع ايضا في مثل هكذا خطاب.
• غير ان الامر غير المتوقع ان يمضي السيد دفع الله في الحديث عن تفاصيل سياسية لما بعد الازمة الراهنة كاشفا النقاب عن عملية سياسية اسماها بالشاملة وهذا ليس من اختصاص الدبلوماسية السودانية ولا اوان الحديث عن هكذا تفاصيل سياسية مرتقبة مما يعطي مؤشراً واضحاً للنوايا الحقيقة لرئيس مجلس السيادة فيما يعتزم فعله في أعقاب الازمة الراهنة.
• الحديث عن عملية سياسية علي هذا النحو يشيئ ، إذا لم نسيئ الفهم ويرجي أن نتلقي تصويباً إذا ما أخطأنا، كأنما الهدف من صناعة الازمة الراهنة والعمل علي تصعيدها من خلال الدعوة للحرب ونبذ السلام انما يستهدف تقويض العملية السياسية التي كادت ان تثمر التوصل لاتفاق يفضي لحكومة انتقالية مدنية مع عودة الجيش للثكنات ، علاوة علي النية المبيتة لاستبدال المسار السياسي الراهن الذي قطع شوطا بعيدا ولم يبق غير التوقيع عليه لولا خلافات الشق العسكري وما صاحبها من انفجار الاوضاع الامنية والعسكرية بمسار سياسي جديد يراد تدشينه مجددا تحت دعوي الشمول ، وهذا يعني ببساطة العودة بالعملية السياسية الجارية الي نقطة الصفر. ؟؟!!.
• تري هل هذه هي المسالة الرئيسية التي حرص مبعوث البرهان علي ايصالها للقيادة المصرية سيما وان مصر سبق لها ان استضافت ، كما هو معلوم ، محورا للتفاوض في القاهرة ضم بعض القوي السياسية والشخصيات فيما اصطلح علي تسميته بالكتلة الديمقراطية حيث كان اجتماع القاهرة يستهدف بلورة محور مواز ، او فلنقل مكمل من باب حسن الظن ، للعملية السياسية التي تجري تحت مظلة ما اتفق علي تسميته بالاتفاق الاطاري ؟؟!!. التصريح بخطاب خلافي كهذا في ذروة الازمة من قبل مبعوث البرهان في ظل كارثة عظمي تتفاعل بشكل يومي مما لا يسمح بالتقرير في مصائر البلاد السياسية ومالاتها المستفبلية هكذا دون اخضاع الامور لنظرات متعقلة فاحصة من قبل القوي العسكرية والسياسية معاً أدي لنشوء إحساس مضاد لدي الكثيرين بازاء خطاب سياسي مباشر مختلف عليه لم يكن من الحكمة ان يرد في توجيهات باعث الرسالة ، أي الرئيس البرهان، ولا حديث المبعوث الرئاسي سعادة السفيير دفع الله ، اللهم الا اذا كان السيد رئيس مجلس السيادة يعتزم فعلاً الاستفراد بترسيم المشهد السياسي القادم بمعزل عن القوي الوطنية والاحزاب السياسية قاطبة ، او ينوي فرض حلول وخيارات سياسية بعينها تحت أزيز الطائرات ودوي المدافع وقعقة السلاح بينما لا يجرؤ احد علي الحديث او ابداء راي مخالف مع تعالي صيحات التخوين وإطلاق الاتهامات بالعمالة ذات اليمين وذات الشمال وما يصحبها من قمع للراي الاخر تحت ذريعة الا صوت يعلو فوق صوت المعركة ، ولا موقف وطني صائب سوي دعم القوات المسلحة وهي تخوض معركة الشرف والكرامة ؟؟!!. ومن هنا ننبه الي ضرورة توخي الحرص في اطلاق تصريحات او اطلاق دعاوي من قبل قيادة مجلس السيادة او قيادة الجيش أصالة عن أنفسهم أو عبر المبعوثين والمستشارين مما يمكن ان يساء فهمة او يجري تاويله علي نحو خاطئ بأن القوات المسلحة ليست علي مسافة واحدة من سائر الفرقاء السياسيين في البلاد حيث يجهد طرف منهم في استثمار الازمة الحالية بما يخدم خطه السياسي، لأن ذلك ربما يؤدي الي بعث حالة من الشك في نفوس الناس بإزاء التوجهات الحقيقية للسلطة الراهنة مما ينعكس سلباً علي حالة التعاطف الوطني التي لقيتها القوات المسلحة في الازمة الاخيرة في مواجهة الدعم السريع علي اختلاف الرؤي والتاويلات التي تبرز من هنا وهناك تجاه حقيقة النزاع المسلح في السودان.
• ذات الدعاوي انطلقت بقوة من قبل قبيل التوقيع علي اتفاقية نيفاشا مع ما اشتملت عليه من معايب وخروقات عظمي حيث جري وصف المعارضين لنهجها المعيب بالوقوف ضد السلام ومن فتحت فتحت أبواب السجون لاعتقال كل من يجرؤ علي قول لا بحجة أن هؤلاء شرزمة تمثل العداء لداعي السلام وينبغي التخلص منها عبر عملية تستهدف إزالة (دم الحجامة) حتي يتعافي بقية جسد الامة السودانية وتنعم بالرخاء والوحدة والسلام، غير أن حملة الترهيب تلك لم تفلح في اسكات الكثيرين، ونحن منهم، ليجد الكثيرون طريقهم الي السجون في محاولة يائسة لقمع الراي الاخر ، ليتبين للامة السودانية باكملها بؤس المآل وسوء التقدير بعد زول سحب الغشاوة عن أعين الكثيرين ممن تم سوقهم باسم السلام لاعتماد اتفاقية نيفاشا والحصول علي تفويض بموجبها لتقاسم الحكم شراكة بين المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودان لمدة ست سنوات عجاف بلا انتخابات او استفتاء شعبي مكتفين فقط بضمانات دولية غالطة. وهكذار قيض الله لنا الخروج من السجن (ونحن يانا نحن ما غيرتنا ظروف ولا هزتنا محنة) لنجد القوم غارقين في نشوة انتصار زائف وإن هي الا بضع سنوات حتي استفاق القوم من غفلتهم علي تبدد أوهام الوحدة الجاذبة ليرث السودان بفعل صنيع قادة الانقاذ حنظل انفصال السودان الموحد الي قطرين شمال وجنوب؟؟!!، فهل يا تري نشهد تارة أخري انطلاق حملة مماثلة للتخوين تكتسي بشعارات براقة لا خلاف عليها علي شاكلة دعم القوات المسلحة هذه المرة، ليتكشف لنا بعد حين كيف يجري استثمار شعارات عظمي من جملة الثوابت الوطنية التي لا يجوز الخلاف عليها في غير موضعها الحقيقي إذ لا يوجد وطني مخلص يماري في قضية دعم القوات المسلحة او يبدي تشككاً في تعزيز وحدتها وضمان تطويرها نماءها ؟؟!!.
• في ظل الافتقار الي اجهزة علمية لقياس الراي العام يمكن الزعم بأن طوائف ليست بالقليلة من جمهرة الشعب تنادي بالوقف الفوري للقتال وإجراء مفاوضات بين القوات المسلحة والدعم السريع من أجل حقن إراقة المزيد من الدماء والتوصل لتسوية تضع حداً للنزاع الدامي مما يكفل عودة مأمونة الي مسار التسوية السلمية في الوقت الذي تجهد فيه طائفة اخري غير متعقلة في الدعوة الي سفك الدماء وحسم النزاع علي اشلاء الشعب السوداني ، وهكذا فإن الموقف الداعم لوقف الحرب لا يعني بالضرورة خذلان القوات المسلحة أو العمل علي تفتيتها.
• مهما كانت حقيقة ما دار في دهاليز المباحثات المغلقة التي جرت بين مبعوث البرهان ونظرائه في الخارجية المصرية ، ومهما كانت حقيقة القضايا التي افصح عنها السيد المبعوث صراحة في مؤتمره الصحفي ، فينبغي التركيز هنا ايضا علي القضية الرئيسية التي وردت في إفادة الوزير سامح شكري في حديثه وهي مسالة مفتاحية غابت عن حديث مبعوث البرهان أو فلنقل لم ترد بذات القدر من الوضوح حيث اكد شكري علي مسالة وقف اطلاق النار في مسع لاحتواء النزاع المسلح في السودان.
• وليس ثمة شك في أن الوقف الدائم وغير المشروط لاطلاق النار بين الجيش والدعم السريع هو امر مطلوب بشدة حيث فطنت الدبلوماسية المصرية لاهميته وعبرت عنه في افادات اعلامية عبر عنها وزير الخارجية المصري الامر الذي يحسب لمصلحة الدبلوماسية المصرية ويجعل من مصر دولة مؤهلة لكي تلعب دورا ايجابيا في اي وساطة محتملة تستهدف نزع فتيل الازمة وتسوية النزاع المسلح.
• هذا ما ورد في افادات السفير دفع الله ولكن ما هي القضايا التي كان ينبغي له أن يمنحها الاهتمام الفائق ، ونوجز فيما يلي بعض القضايا التي كان من المفترض ان تحظي بالأولوية في مؤتمره الصحفي ؟؟:
1) بما أن الشقيقة مصر تستضيف حوال ستة ملايين مواطن سوداني وفق بعض الاحصاءات، كما انها سارعت الي فتح حدودها لاستضافة نحو نصف مليون مواطن أو يزيد هرعوا الي مصر هرباً من القتال الدائر في السودان وهذا العدد مرشح بالزيادة مع تطور الاجداث فقد كان لزاماً تقديم صوت شكر مستحق لمصر الرسمية والشعبية ، ولو كنت في موقع السيد مبعوث البرهان لكان هذا اول ما صرحت به في مؤتمري الصحفي. ولا يمكنني الجزم فيما اذا كانت مسالة معالجة اوضاع اللاجئين السودانيين الذين تدفقوا صوب مصر قد اثيرت اثناء لقاء مبعوث البرهان بوزير خارجية مصر ام لا وهي قضية عظمي جديرة بالبحث ، ولكن كان يتعين علي المبعوث الرئاسي أن يلتقي ممثلين عن اللاجئين السودانيين الي مصر في دار السفارة لبحث اوضاعهم الانسانية الصعبة، او تسجيل زيارة تفقدية لاسر اللاجئين الذي حطوا الرحال في ميدان التحرير ليفترشوا الارض بلا ماوي ولا طعام او شراب للنظر في طيفية استنقاذهم، ومن قبل كانت مسالة تدهور الاوضاع بمعبر قسطل ارقين وسوءها البالغ اولي بالبحث في لقاء المسؤولين رفيع المستوي من اجل بحث تكدس عشرات الالاف بالمعبر الرابط بين مصر والسودان وايجاد الحلول والمعالجات الطارئة التي تضع حداً لالوان من المعاناة لا يمكن وصفها.
2) كان من الاولي أن يبدي السيد مبعوث البرهان احساساً متعاظماً بتداعيات الازمة الراهنة وانعكاساتها علي المدنيين من افراد الشعب السوداني وذلك من خلال التركيز علي البعد الانساني المتمثل في إبداء حرص رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش في اعتماد هدنة للأغراض الانسانية واظهار جدية السلطة الراهنة في تطوير الهدنة الي وقف إطلاق نار حقيقي ومستدام يسمح بتأسيس مسارات ومناطق آمنة لغوث المنكوبين ، والحكم علي فشل او نجاح الهدن المتعاقبة يكمن في اعتماد نظام مختلط للرقابة يضطلع به مراقبون سودانيون مستقلون وخبراء دوليون من ذوي الدراية في هذا النوع من الازمات خاصة مع استمرار ظاهرة القصف بالطائرات اثناء الهدنة مما يشكل خرقاً لاطلاق النار. التأكيد علي هكذا مواقف من قبل المبعوث الرئاسي يصبح مطلوباً بشدة لا سيما في ظل التصريحات المتضاربة التي تصدر من بعض قيادات القوات المسلحة وأعضاء مجلس السيادة ، ونعني هنا افادات الفريق ياسر العطا ، وهي تصريحات تصب فيما يبدو في اتجاه لا ينسجم مع الارادة الداعية لوقف الحرب وبسط السلام واستعادة المسار الديمقراطي عبر تسوية تحظي برضاء معظم الاطراف ان لم يكن كلهم.
3) تبدو مسالة إطلاق نداء دولي لاستقطاب المساعدات الإنسانية والمسارعة في تقديم الغوث للمنكوبين والمعوزين عبر آلية وطنية مقتدرة علي رأس الأولويات العاجلة التي ينبغي لمجلس الوزراء أن يضطلع بانجازها ويتحتم هنا علي وزارات الخارجية والمالية والتنمية الاجتماعية بحكم ولايتها علي مفوضية العون الانساني فضلاً عن وزارة الداخلية أن تعمل بكفاءة واقتدار في تناغم تام من خلال تأسيس آلية وطنية للاغاثة ودرء الكوارث من اجل التصدي للتحديات الانسانية الهائلة التي افرزتها الازمة الراهنة. ومن خلال مواكبتنا لاجهزة الانذار المبكر ودرء الكوارث لا سيما خلال كارثة السيول والفيضانات التي اختبرتها بلادنا من قبل يمكن القول بأن التصدي لابعاد الكارثة الانسانية التي خلفتها كارثة السيول والفيضانات لم يكن في مستوي التحدي لا بل اتسم بالضعف والقصور في كثير من الاحايين باستثناء بعض المبادرات المتفرقة التي اضطلع بها كل من الاستاذ جمال النيل وكيل وزارة التنمية الاجتماعية والدكتور نجم الدين موسي مفوض عام العون الانساني ، الامر الذي يدعونا لتصويب الاهتمام تارة أخري للارتقاء بمنظومة الانذار المبكر ودرء الكوارث في البلاد علي ان تباشر هذه المنظومة مهامها تحت رعاية مجلس السيادة او رئيس الوزراء المرتقب والا لن يكون في وسع السودان الاستفادة من العون الدولي المرتقب لمصلحة المنكوبين، او الفلاح في حسن توظيفه علي النحو المرجو في ظل الفوضي الضاربة باطنابها في ربوع السودان . في ظل أوضاع كهذه يتحتم الاعتناء بنفخ الروح في أوصال مؤسسات المجتمع المدني التي يعاني جزء كبير منها من عدم الفاعلية ان لم نقل الكساح ويشمل ذلك ولا يقتصر علي جمعية الهلال الاحمر السوداني التي ابتليت بتدخلات سياسية غير موفقة في الفترة الماضية اقعدتها عن العمل حيث كان يرتجي منها الكثير خاصة في حالات الطوارئ ودرء الكوارث.
4) الانشغالات التي تقدم ذكرها كان ينبغي لها ان ترد بوضوح ليس في رسائل سعادة السفير دفع الله ، دفع الله به الشرور عن البلاد وجلب علي يديه الخير العميم، خلال مؤتمره الصحفي بمصر فحسب وإنما أعتماد الانشغالات المذكورة منهجا راتباً في التصدي لتحديات الازمة الراهنة في سائر أنشطة وزارة الخارجية ومؤتمراتها الصحفية داخل البلاد وخارجها بحسبان الخارجية هي الجهة الناطقة بلسان السودان والحادبة علي مصالحه والمعبر عن طموحاته وآماله في مختلف المحافل الاقليمية والدولية بمعزل عن التناقضات والمنازعات التي تجري علي المستوي المحلي بين الفرقاء السودانيين.... تري هل تصبح الخارجية بطاقهما المقتدر علي قدر الامل والتحدي ...ليتها تفعل ...
5) وتكتسب الملاحظات النقدية والاستدراكات التي حرصنا علي الدفع بها في اتجاه وزارة الخارجية ومن خلفها الاجهزة المعنية المختصة بمعالجة الاوضاع الانسانية بالبلاد أهميتها من حيث كونها تستبق الزيارة الهامة التي يعتزم السيد (مارتن قريفث) ، وكيل الأمين العام للشئون الانسانية ومنسق الاغاثة في حالات الطوارئ القيام بها الي الخرطوم OFFICE FOR THE COORDINATION OF HUMANITARIAN AFFAIRS ( OCHA) وهي زيارة تجد منا كل إحتفاء وترحيب لا سيما وهي تجئ في ظل ظروف عصيبة اضطر معها معظم الموظفين الدوليين بوكالات الامم المتحدة العاملة بالسودان ان لم يكن كلهم الي الجلاء خارج السودان صوب مصر وما سواها من دول الجوار ليجري معظم العمل عبر الاسافير (ONLINE) ، والحال كذلك فلا يدري مدي نجاعة عمليات الاغاثة الطارثة خاصة وان غالب العاملين في الامم المتحدة من الوطنيين قد اتخذوا لهم ملاذاً آمناً في دول الجوار بحيث لم يكد يوجد الا النذر اليسير من العامليين لادارة العملسات علي الارض ، وهذه من جملة المعضلات التي ينبغي أن تجد لها موضعاً للبحث بواسطة الاطقم الفنية في وزارات الخارجية والتعاون الدولي ومفوضية العون اثناء لقائهم بالمبعوث الاممي الرفيع. بيد أنه لا يقل أهمية عن ذلك مسارعة الاجهزى المعنية في إنجاز فروضها المنزلية وترتيب بيتها من ال\اخل إذ ليس من اللائق ولا المقبول أن يجد السيد وكيل الامين العام الاجهزة المختصة في حالة فوضي عارمة مما يتعذر معه إدارة عمليات الغوث الانساني بنجاعة واقتدار حتي لو نجحت وطكالة (اوشا ) في استقطاب الدعم واستدعاء العون اللازم لغوث السودان.
6) في إطار تفعيل الالية الوطنية لادارة الطوارئ ودرء الكوارث فيسرنا أن نعيد تقديم التصور المتواضع الذي سبق لنا أن طورناه من وحي ولايتنا في يوم من الايام علي مفوضية العون الانساني ودفعنا به ابان كارثة السيول والفيضانات الي سعادة السيد وزير التنمية الاجتماعية ووكيل الوزارة ومفوض العون الانساني غير أن ما جاء فيه من مقترحات لم يتم ترجمتها الي أرض الواقع علي النحو المطلوب لسبب أو لآخر، ومهما كان الأمر فها نحن ندفع بذات التصور تارة أخري الي مختلف جهات الاختصاص، ومن ضمنها وزارة الخارجية، لعل وعسي أن يجد التصور حظه اللائق من الاهتمام هذه المرة حتي تنتفع به العباد والبلاد.
7) ونحن نخلص الي خاتمة الهوامش النقدية والملاحظات التي دفعنا بها ، بكل تواضع، إلي سعادة السفير دفع الله الحاج علي وكيل وزارة الخارجية ومبعوث رئيس مجلس السيادة الي الشقيقة جمهورية مصر العربية فيسرنا أن نتوجه إلي شخصه الكريم بخالص آيات المحبة والاحترام والتقدير مثمنين لكل ما يبذله من جهود للارتقاء بالدبلوماسية السودانية. والتحية موصولة عبره ومن خلاله الي الدبلوماسية السودانية ممثلة في سفرائها الأماجد والاطقم المساندة من الاداريين علي امتداد دول المعمورة وهم يضطلعون بمهام خطيرة وشاقة في اطار التصدي لتحديات جسيمة تتثمل في معالجة واحدة من أخطر الازمات التي يشهدها السودان في تاريخه الحديث ، داعين لهم بالفلاح في احتواء اثار الأزمة علي المستويين الاقليمي والدولي والخروج من مضاعفاتها المحتملة باقل الخسائر الممكنة؟.
والله المستعان ... وما التوفيق الا من عند الله العلي القدير،،،
الخرطوم في 3 مايو 2023 م
/////////////////////////