• ها وقد إنبرى الرئيسُ ترامب شخصياً ليُعلن من واشنطون عن موافقة دولتي السودان وإسرائيل على إقامة علاقاتٍ بينهما، وكما فعل بالضبط مع الإمارات والبحرين، فإنَّ التطبيع قد أصبح واقعاً..
ولقد كان واضحاً لكلِّ متابع، ومنذ تغريدة ترامب الواعدة بقرب موعد رفع اسم السودان من القائمة قبل يومين، أن هذا التطبيع هو مسألةُ وقتٍ فقط، ووقتٍ قريبٍ جداً !!
• الحقيقةُ الصادعة هي أن السودان يحتاجُ بإلحاحٍ أن يُرفع اسمه، وفوراً، من قائمة الدول الداعمة للإرهاب المشؤومة التي وضَعَنا فيها نظام الإنقاذ لعقدين كاملين .. كما أن الرئيس ترامب هو الآخرُ يحتاج أن يذيع هذا الإعلان، وبنفسه، وفوراً، ومن واشنطون، لأن موقفه الإنتخابي أمام منافسه الديموقراطي ‹جو بيدن› أصبح في حالة ضعفٍ وتراجعٍ مستمرٍ وحرِج، وأما رئيس الوزراء الإسرائيلي فهو أكثر حاجةً من الإثنين لهذا الإعلان لأسبابٍ داخليةٍ ضاغطةٍ إلى أقصى حد !! وبالنتيجة فإن هذا التطبيع هو (تطبيعُ إضطرارٍ وجبرٍ وجوعٍ للسودان)، ولأمريكا وإسرائيل فهو تطبيعُ إحتياجٍ إنتخابيٍّ مُلِح !!
• لقد أحلّت الشريعةُ الإسلامية للمضطر أكل (الفطيسة)، وحتماً فإنَّ ما أُضُّطرت إليه الحكومة السودانية الإنتقالية هو أشدُّ مضاضةً عليها وعلى غالبِ شعبِها من أكل الفطيسة..ولكن، وما حيلتُها وقد عجزت حتى عن إطعام شعبِها برغيف العيش ‹الحلال› وتظن أن هذا الرغيف العيش بيد أمريكا، ويزدادُ عجزُها وفشلُها عن الإيفاء بأبسط واجباتها يوماً بعد يوم، وليس أمامها إلا المشي في الطريق ‹البطَّال› ؟!
وبرأيي، فإنَّ موافقة حكومة الثورة على (تطبيع الجبر) هذا هو بالضبط كإضطرارِ، وموافقة ‹أمِّ الأيتام المصون› على ‹مواقعة› اللئام، تحت وطأة الجوع والمسغبة، وتضوُّر صغارها تحتها للأكل والشرب وقد جفَّ ضرعُها، وهلك زرعُها !!
• وقد أصبح التطبيعُ واقعاً، فلابد أن ننصح التنظيريين (ركَّابي السروج) المتعددة أن يكفُّوا الآن ألسنتهم وحلاقيمهم عن لومِ أمِّ الأيتام المضطرةِ إلى مواقعة اللئام، وأكلِ الفطيسة، فليس أدعى للكُفر والمواقعةِ الحرام من الجوع شئ.. كما أننا نأملُ أن يتريثَ حملةُ راية الأخلاق والمبادئ في السياسة، وألا (يشيلوا وش القباحة وراس النايحة)، وأن يمهلوا الجوعى إلى عامٍ فيه يُغاثُ الناسُ وفيه يعصرون، ثم يذكرونهم بعد ذلك بالمبادئ والأخلاق !!
• بكل أسف، وفي موائد اللئام، وفي بنوكهم لا تصرفُ شيكاتُ الأخلاق والمبادئ كالتي حواها بيانُ الإمام الصادق، كما لا تُعتمدُ تنظيراتُ الحلاقيمِ العريضةِ الضخمة من كَذَبة اليمين واليسار كيزاناً وشيوعيين، ومن باب أولى، فهناك، لن يرحمَ توسلاتِ أمِّ الأيتامِ المصون سوى إستوائِها ‹أرضاً› إستعداداً لمواقعة اللئام، وسيصفِّقُ لها عندئذٍ أصدقاؤها، وجيرانُها، وسيخففون عليها وقعَ الوطأةِ الأولى، وقد فعلوا..