هيئة العلماء والمساج الشرعى!

 


 

 




كتبت من قبل أقول أنه وفى عهد إنحطاط وتفكك الدولة الإسلامية إنشغل بعض الفقهاء بفتاوى عبثية من شاكلة : هل حمل قِربة مملؤة بـ (ريح البطن) ينقض الوضؤ أم لا ينقضه ؟! ولا شك أن أي عاقل من حقه أن يتساءل حول كيفية ملء القِربة بـ (ريح البطن) .. بـ (كومبروسور) أم مباشرةً من المانح الى القِربة ؟ وكيف سُدّت القِربة بعد تمام الملء ؟ وما الذى يجبر عاقل على حمل القِربة ببضاعتها النتنة تلك ثم ينشغل ويحار حول صحة وضوئه ؟ هو العبث والتنطع وعدم (الشغلة) فى رأيي .
والسبت الماضى طالعتنا صحيفة الخرطوم الغراء وعلى صفحتها الأولى خبر مفاده أن هيئة علماء السودان طالبت بإغلاق مراكز المساج غير المرخصة ودعت لضبط مهنة المساج ، ومضت الهيئة تؤكد أنه وإن كان المساج علاجاً لأمراض وتحت إشراف شخص مأمون ، طبيب أو خبير، فلا حرج فيه بشرط ألا يمارس هذا المساج رجال على نساء ، ولا نساء على رجال ، وأنه يصح فى حالات العلاج ونحوه لكن بالضوابط الشرعية المطلوبة .
وفاتنى أن أقول أننى طالعت هذا الخبر المهم وأنا فى مكان عام يرتاده بسطاء الناس بإنتظار إنهاء معاملة لى بأحد مرافق الحكومة ، وكان الى جوارى رجل كبير السن أشعث أغبر ومن سيمائه تبدو رقة الحال ، سألنى الرجل بوداعة أهلنا الطيبين : (يا ولدى الجريدة فيها شنو ؟) ، قلت له هيئة العلماء بصدد تحريم المساج طالما جاء بطريق غير شرعى . قال : (والمساج ده حاجة بياكلوها يا ولدى ؟) ، شرحت له عملية المساج فقاطعنى قائلاً : (يا ولدى متقول  (العِصّير) ولا (مرقان الفلايت) .. وده حرمتو شنو ؟ حرّم نحن زمان الواحد لما يجى تعبان أكان ما إتمشقلو بى زيت سمسم ما يرتاح .. حسع زيت السمسم للفول ما لاقينو بعد ما رطلو بقى بى خمستاشر ألف .. وناس الكناتين بقوا يكبوا لينا الزيت فى الفول بالسى سى .. والفول زاتو فاضل يعدو بالحبة ). شرحت له تقنية المساج وفنونه فى مصحات ماليزيا ومنتجعات بانكوك وشواطئ بالى باندونيسيا التى لا يعرفها هذا الرجل ويؤمها بعض المترفين والمتنفذين فى بلادنا ، فذاك ترف لا يطاله إلا هؤلاء ، أما متعبو الشعب السودانى فحسبهم (مرقان الفلايت على عنقريب كرابو حبل ) ، وما لهم سوى البنات الصالحات والأبناء الصالحين الذين يعملون على (عِصّير) أقدام الأباء المكدودة بأوجاع الحياة ومشاويرها المضنية ، وهو بالتأكيد (عِصّير) مرخص ويخضع للضوابط الشرعية .
وحكاية (ضبط المهنة) هذه التى وردت فى مطالبة هيئة العلماء المؤقرة هى بلا شك محل إحترامنا وتقديرنا ونأمل أن تنداح هذه المطالبة لتشمل مهن أخرى هى أولى بالضبط المهنى ... مهنة الوزير والمساعد والمستشار ووزير الدولة والوالى ونائب الوالى والوزير الولائى  والمعتمد ..  فهؤلاء وغيرهم نأمل أن تراجع الهيئة المؤقرة تراخيصهم وتعمل على التصدى لهدر بعضهم للمال العام ، وتضبط أداءهم المهنى وفق المعايير الشرعية .
سؤال أخير مهم ومُلِح فى أيامنا هذى : هل حمل قِربة مملؤة بـ (ريح البطن) ينقض الوضؤ أم لا ينقضه ؟ ده السؤال ولا بلاش.

fadil awadala [fadilview@yahoo.com]

 

آراء