وداعا بروفيسور أحمد !!

 


 

د. زهير السراج
14 November, 2022

 

manazzeer@yahoo.com

* فجعنا ظهر الخميس اول امس بوفاة احد اجل العلماء والاطباء واساتذة الطب والباحثين واحد انبل النبلاء واكثر الناس رقة وتواضعا واخلاقا، البروفيسور (احمد محمد الحسن) الاستاذ بكلية الطب ومعهد الامراض المتوطنة بجامعة الخرطوم واشهر الباحثين في علم الامراض (الباثولوجي) وامراض المناطق الحارة، ووزير البحث العلمي السابق ونائب مدير جامعة الخرطوم وعميد كلية الطب السابق عن عمر ناهز الثانية والتسعين قضاه في البحث والعلم والتدريس والتطبيب ومساعدة آلاف الزملاء والباحثين والطلاب والمرضى حتى لحظة وفاته بلا من ولا اذى ولا مال، يشهد له كل من عرفه من السودانيين والاجانب.

* اكتب إسم (أحمد محمد الحسن) في موقع البحث (جوجل) هكذا مجردا من لقب البروفيسور، ستكتشف كم هو عظيم هذا العالم الجليل وماذا قدم للعلم والبشرية، وإلى اية درجة كنا جاحدين وناكرين للجميل في حق هذا الانسان العظيم، وهكذا نحن مع العلم والعلماء الاجلاء، ولو كان مطربا هاويا او مغنية مبتدئة لسار باسمها الركبان وتهافتت عليها اجهزة الاعلام !

* صحيح أن البروفيسور الجليل (احمد محمد الحسن) حصل على العديد من الجوائز الوطنية والكثير من الجوائز العالمية في مجال الطب والعلوم والبحث العلمي، وخلد اسمه باحرف من نور في تاريخ العلم والطب والبحث العلمي، وصحيح ان زملاءه وتلاميذه واصدقاءه يعرفون قدره ومقامه الرفيع ويضعونه في مكان خاص في اعماق قلوبهم ويحبونه كحب آبائهم وامهاتهم بل اكثر، ولكن هل يكفي ذلك لمقابلة عطائه الكبير ورد جميله الذي يطوق اعناقنا ويرفع اسمنا عاليا في العالم، ويمسح هزائمنا في كل المجالات، من السياسة إلى كرة القدم !

* لو فتحت أية فضائية سودانية في أي وقت، لن تجد إلا مذيعة تتبرج بالكلام تمجيدا لمطرب ناشئ أو مطربة مجهولة، أو قد تجد سياسيين يتحذلقون بالكلام ويقبع وسطهم مذيع ينفخ في مزمارهم الذي لا يطرب سواهم، وإذا كنت من المحظوظين فقد تشاهد لقطة من مباراة كرة قدم قديمة تحلق بك في ذلك الزمن الجميل، او تسمع مدحة من اولاد الماحي تعيد اليك التوازن النفسي الذي فقدته طويلا، أو يفتح الله عليك بإحدى أغاني (عثمان حسين) تضمد وجدانك المجروح منذ سنين!!

* أما أمثال البروفيسور الجليل (احمد محمد الحسن) الذي ملأ الدنيا علما في الداخل والخارج، وصنع الامجاد العلمية والطبية، فلا تحلم بأن تراهم على شاشة تلفزيون أو تقرأ اسمهم في صحيفة أو تسمع صوتهم من مذياع، فلم يفعلوا شيئا سوى (تبديد ) العمر في العمل النافع الذى يبقى في الارض ويذهب غيره جفاء، وانقاذ ارواح الناس، واكتشاف الادواء والادوية، وتقديم المعرفة للبشرية وطلاب العلم، وتأليف الكتب العلمية المرهقة وكتابة آلاف الاوراق العلمية التي يزنها العالم بميزان الذهب الخالص، ولكنه في بلادنا محض هراء لا يستسيغه متحذلقو الشاشات والميكرفونات حتى يسعوا لبروفيسور أحمد وغيره واستضافتهم والاستماع إليهم، وتعريف الناس بهم وبانجازاتهم الخالدة، وتحفيز الناس للسير في طريقهم.

* كان بروفيسور (أحمد) أحد عباقرة السودان في البحث العلمي، له أكثر من اربعمئة ورقة علمية منشورة في أشهر الدوريات العالمية وله اربع كتب علمية تعد من اهم المراجع العلمية في جامعات العالم الكبرى، كما كان أحد اعلم وأشهر الاطباء في علم الامراض (الباثولوجي) وامراض المناطق الحارة، كما كان صديقا للجميع ومرجعا للكثير من المؤسسات العلمية والاكاديمية في العالم والسودان. كان احد العظماء الذين يستحيل تعويضهم. ونحمد الله أنه خالد بعلمه وعمله وتاريخه الناصع واسرته وتلاميذه وسيرته العطرة التي لن تموت

* رحم الله استاذنا الجليل بروفسير (احمد محمد الحسن) وألهم اسرته وبناته وتلاميذه وزملاءه واصدقاءه الصبر الجميل. ان القلب ليحزن وان العين لتدمع وان لفراقك يا بروفيسور احمد لمحزونون. ولكننا لا نقول الا ما يرضي الله. انا لله وانا اليه راجعون. ارقد هانئا قرير العين مبتسم الوجه منشرح الصدر كما كنت دائما في حياتك التي بذلتها لغيرك يا اجل وانبل واصدق الناس.

 

آراء