ودنوباوي “والخیر تجقلب والشکر لحماد”

 


 

 

الخیر تجقلب والشکر لحماد هذا المثل ینطبق تماماً علی ما أود أن أسرده لکم الآن أحبتي. في عام 1999 قرر والدي المرحوم الدکتور الطيب عبدالرحیم محمد تأسیس معهد لتدریس الدراسات الإسلامية باللغة الانجلیزیة. والدي کان مولعا جداً بهذا التخصص وکان یود إدخاله إلی السودان وجعل السودانيين يستأنسون بوجود دراسات إسلامية تُدرس باللغة الانجلیزية في السودان.
کان الوالد من أنصار حزب الأمة وتجمعه علاقات جیدة بآل المهدي. بعد أن خرج الوالد من نیجیریا اتجه إلی لندن، حیث کان یعمل هناک في مجلة عالمية ویحصل علی امتیازات جیّدة، حیث کان من المفترض أن یرسل لأسرته حتی تستقر معه في لندن، لکن شاء القدر في عام 1985 أن تنقلب حکومة جعفر النمیري ويتجه الصادق المهدي للإمساک بزمام الحکم في السودان، فأرسل له حینها رسالة إلی لندن یطلب فيها من الوالد القدوم إلی السودان وترک بریطانیا وخیرها ومستقبل أولاده حیث رغّبه في منحه وزارة وأن یصبح وزیراً، فترک الوالد لندن وخیرها وأتی إلی السودان، فلم یجد من السيّد الصادق المهدي إلا خلف الوعد، لم ینل شيئاً مما وعده السيّد الصادق به. هذه قصة علی حدة لا أودّ التطرق إلیها الآن. ونعود إلی قصتنا، نعود إلی قصة والدي وتأسيسه لصرح علمي لم ینل منه لا حقوق مادية ولا حقوق معنوية بل بذل جهودا جبارة في تشييد وتأسيس هذا الصرح العلمي لکن من قطف ثماره کان شخصاً آخر لم یکن یملک حینها مؤهلات علمية لیزعم أنّه من أسس هذا الصرح العلمي. نعود إلی قصتنا أحبتي.

تحدث مع السيدة بخيتة الهادي في تخصيص قطعة الأرض المجاورة لمنزلها في ودنوباوي لتأسيس هذا المعهد عليه. وبالفعل بدأ الوالد بتحویل هذا المبنی لقاعات للدراسة وسخّر کل جهده وأمواله من أجل هذا الأمر. ولقد وقفتُ معه وأخي الدکتور أنس في تشیید هذا العمل. کان أبي في بداية تشییده هذا الصرح العلمي یبیت في نفس المکان.
وبالفعل بعد جهود جبارة نجح الوالد في تشیید هذا الصرح العلمي وبدأ في إستقبال الطلاب الجامعيين السودانیین وغیر السودانیین.
بدأ الوالد نواة هذا الصرح العلمي بقبوله لطلاب تایلنديين في هذا المعهد "معهد ودنوباوي للدراسات الإسلامية"، وأضاف علیها قسماً لتدریس الحاسوب حیث وظَّف صدیق أخي الذي کان قد تخرَّج للتو من دراسة هندسة الحاسوب من إیران. وبمرور الزمان نجح هذا المعهد وذاع صیته وتوافد علیه الطلاب.
بعد أن رأت السيّدة بخیتة الهادي المهدي نجاح هذا العمل، سوّلت لها نفسها في الاستیلاء علی هذا الصرح العلمي الذي لم تبذل فيه أي جهد یُذکر سوی قطعة أرضها التي منحتها لوالدة. استولت السيّدة بخيتة وحوّلت اسمه من معهد ودنوباوي إلی کلية الإمام الهادي. وسلبت من أبي کل حقوقه المعنوية (الملکية الفکرية) والمادية. ولم ینل أبي من هذا الأمر سوی فتات. وبالفعل انطبق المثل الذي يقول "الخیر تجقلب والشکر لحمّاد".

هیثم الطیب عبدالرحیم محمد

mohamedabumani@gmail.com
/////////////////////////////

 

آراء