وصفة مجانية للنجاة من أنفلونزا الإنتفاضة الشعبية
هذه وصفة مجانية ربما تمنح الطغاة للبقاء في الحكم ، وفي حالة الإطاحة بهم توفر الوصفة حلول نفسية إلى ما بعد هذه المرحلة ، أي أن الوصفة تطبب ثلاثة مراحل ، مرحلة ما قبل الثورة ، مرحلة الثورة ، مرحلة ما بعد الثورة ، وهي شافية بإذن الله أن تيسرت لها الأسباب وكانت ذهنية الطاغية سليمة ومتقبلة لحلولي العملية .
أولاً يجب أن اذكر أن المثال الحي لوأد الثورات و هو كل من الصين في عام 88 والعراق في عام 1991 وإيران في عام 2009 ، وهذا يعني أن هناك أمل في إنهاء الإنتفاضة الشعبية لو توفر للطاغية مرجع ديني يقول للشعب أن التظاهر حرام ، ولو كان للرئيس إبن منشغل في العمل السياسي سوف تكون النقمة عليه أكثر ، لذلك تعهد الرئيس اليمني علي عبد الله صالح إن إبنه أحمد لن يرث الحكم من بعده ، لكنه قبل عدة أعوام صارح شعبه بأن من حق إبنه الترشح للرئاسة لأنه مواطن يمني ، وفي النموذج المصري ساعد وجود نجلي الرئيس في الحياة السياسية علاء وجمال في توسيع نار الثورة ، ويا خوفي على القذافي فهو لا زال يعيش في جزيرة معزولة لم تصل إليها معارضة الأسافير المخيفة ، أما لو كانت للرئيس زوجة ثانية فهذه طامة كبرى ، بالتأكيد سوف يكون لها أخوة وأخوات ، والبتأكيد سوف تتعاون الزوجتان في تحويش الأموال وكنز الثروات من عرق الشعب، فلا زالت ليلى الطرابلسي تدفع ثمن أفعالها وأفعال إخوتها ، ويا خوفي على رئيس له أخوة مثل صدام حسين ، فقد رأينا مصير برزان ووطبان وسبعاوي الحسن ، فهم في الخير والشر سواء .
ثانياً هناك سلاح يجب إجتنابه وهو كتاب الاسافير واصحاب المنتديات ، هؤلاء شكلوا درع الثورة في تونس مصر ، صحيح أن الأنظمة تنبهت لخطورة معارضي الكيبورد ولكن بعد فوات الآوان ، فالرئيس المصري حسني مبارك والذي كان يجاهر بتحقيقه قفزة عالية في مجال الإتصالات وكيف أن كل مواطن مصري أصبح يملك جوالين وخط أرضي ولاب توب ، وأظنه الآن نادماً على ذلك بعد أن رأى مقر حزبه وهو يحترق ويُنهب من قبل الجموع ، وقد وصلت بالرئيس الجرأة فقطع كافة خطوط الإتصال ، فعادت مصر تكنولوجياً إلى حقبة عبد الناصر . ولكن الثورة لم تهدأ والشارع إزداد لهيباً وبطل 6 أكتوبر العظيم خاف من مخاطبة الشارع فترك البلد وهي تحترق وتُنهب .كان الرئيس السادات يُخاطب المتظاهرين : بأنه سوف ( يفرم ) كل من يخرج للشارع ، ففرمته الجماعات الإسلامية في يوم الإحتفال بأكتوبر .
ومن الخطل الكبير زخرفة مقرات الحزب الحاكم وبنائها في واجهة المدينة ، فمنظر إحتراق مقر الحزب ونهبه يسبب الأذى النفسي ويؤذن ببداية النهاية ، هذا الأذى سوف يزداد لو أحرق المتظاهرون صورة الرئيس أو السيدة الأولى ، عندها لن يتراجعون ، هناك ملاحظة هامة ، حزب الرئيس مبارك حصد أكثر من 80% من الأصوات وكذلك حزب الرئيس زين العابدين بن علي ، لكن السؤال الاساسي أين ذهبت هذه الأغلبية الميكانيكية وتبخرت وهي ترى صورة الرئيس قد أحترقت ؟؟؟ ، ويا خوفي على الرئيس لو سكن في ضاحية راقية وعلمت هذه الحشود الثائرة بمكان إقامته ، فهم يستهدفون قصر الرئيس ومكان أقامته ويحاول سرقة التحف والسجاد ، ولا يمانع بعضهم من نهب حتى باقة ورد أو مكيف أو أوراق الحمام ، المهم أن تكون من بيت الرئيس.
كنا في العالم العربي نرى سيارات الشرطة المصفحة وعليها جنوداً متجهمي الوجه وتكسو تقاسيمهم القساوة والشراسة ، نظام الشرطة أصبح غير فعالاً في مواجهة الجماهير الغاضبة ، ففي القاهرة والسويس لاذوا بالفرار وتركوا سياراتهم وهي تحترق ، بل الاسوأ من ذلك أن بعضهم خلع الزي الرسمي وأندس بين الجماهير ليشارك في أعمال السلب والنهب ، ومن الخطأ الكبير أن يدعو الرئيس الجيش للنزول في الشوارع ، فهذا السلاح لم يعد فعالاً أيضاً ، فالجماهير عرفت كيف أن تأسر قلب جنود الجيش عن طريق القبل والأحضان ، شاهدت يوم أمس مدرعة تابعة للجيش المصري وقد كُتب عليها : يسقط ..يسقط حسني مبارك ، فالسلاح المصري الوحيد الذي نجا من هذه الشعارات هو سلاح الطيران . ولا ننسى شيئاً هاماً وهو أن كل من بن علي ومبارك هما خريجا المؤسسة العسكرية ، وكلاهما يرأس الحزب الحاكم ، هذا ما يدحض القول بأن حظوظ العسكر قوية في مواجهة الثورات .
نقطة هامة وهي خطاب الرئيس للشعب ، فلو خاطب الرئيس الشعب من ساعة التظاهر لقالت الجموع أنه متسرع وظنت أنها تمكنت من إجتذابه ، أما لو تأخر في إلقاء كلمته لقالت الناس أين الرئيس ؟؟ وسوف يزيد الهمس بأنه فرّ إلى خارج البلاد ، أما اصدقاء الرئيس فسوف يزعمون أنه فراغ سياسي ، وقد سمعت الدكتور مصطفى الفقي يردد هذه النغمة في قناة الجزيرة ، ومصطفى الفقي من المفكرين الذين طالما دعموا نظام الرئيس حسني مبارك وبرروا سياساته في وسائل الإعلام .
من هنا أطلب من موظفي البلدية التخلص من مكبات القمامة ، هذه المكبات تحولت لحصون منيعة وأبطأت تحرك قوات الأمن في تونس ومصر ، وعلى الدولة أن تحظر إستيراد الزي الغربي مثل الجنز والتي.شيرت ، وتحظر الجوالات والبلاك بيري بالذات ، وإغلاق مقاهي الكوفي شوب وتعطيل خدمات الفيسبوك وتويتر ، لا اقول أن هذه الوسائل فعالة ولكن أقول أنها تمنح الطاغية وقتاً ليحزم أمتعته ويغادر البلاد .
نعود لنقطة هامة وهي موقف أميركا ، فهل هي مع الشعب أم مع الدكتاتور ؟؟ أعتقد أن أمريكا منذ أن أبتكرت سياسة الشرق الأوسط الجديد اصبحت زاهدة في رموز الأنظمة العربية الحاليين ، بل أنها تتوق للإطاحة بهم وذلك لقناعة راسخة في أمريكا وهي أن بقاء هذه الأنظمة سوف يولد العداء لأمريكا ، لذلك تردد الرئيس مبارك في الإتصال على أوباما ، فهو لا يريد أن يكون آخر المتصلين ، وقد لاحظت أن الرئيس أوباما طلب من مصر فتح وسائل الإتصال مثل الأنترنت والجوال ، فهو يعلم أن إتاحة هذه الخدمات تعني إزاحة النظام .
مربط الفرس أو اللحظات الاخيرة للرئيس ، متى يقرر الرئيس حزم أمتعته ومغادرة البلاد ؟ وإلى أين يتجه وكم سياخذ معه من الأموال وما هي وسيلة الفرار ؟؟حتى لا أفسد عليكم متعة هذه اللحظة المثيرة سوف أتركها لمقالي القادم .
سارة عيسي
sara_issa_1@yahoo.com