ومفاوضات أديس أبابا .. المحروقات

 


 

 



5/6/2012م
(1) مفاوضات أديس أبابا
بدأت مفاوضات أديس بمثل ما رغبت الحكومة السودانية بالحوار حول الملف الأمني. حتى الآن  لا تبدو  هنالك خلافات تستعصي على الحل بين حكومة الجنوب والحكومة السودانية. بوصول السيد وزير الدفاع والفريق محمد عطا لأديس أمس  من المتوقع أن تتسارع خطى الحوار حول الملف الأمني. بالملف الأمني قضيتان: الأولى تتعلق بالمنطقة العازلة، والثانية بالدعم الذي تقدمه حكومة الجنوب للمتمردين في دارفور ومنطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. المنطقة العازلة سبق الاتفاق حولها، ولكن الآلية ترغب في نشر قوات أجنبية على الحدود بالمناطق الساخنة. الجنوب وافق على المقترح ولكن السودان لا يزال يرفض وجود أي قوات أجنبية في العملية أو على أقل تقدير داخل حدوده. ظني أن هذا الخلاف سيتم تجاوزه سريعاً، إذ بإمكان الطرفين أن يشكلا فرق مراقبة دورية في الحدود يتم الإشراف عليها من الآلية الإفريقية.
تتبقى مسألة عويصة وهي قضية دعم الجنوب للتمرد. متمردو دارفور تم الدفع بهم لداخل حدودها ويمكن بسهولة أن يتم تصفية الوجود المادي للدارفوريين كليا من الجنوب، ولكن الدعم يمكن أن يتواصل بأشكال أخرى وليس بمقدور الحكومة السودانية التحقق مائة بالمائة من توقف الدعم وسيكتفي بإخراج متمردي دارفور من الجنوب فقط.
التمرد الأكثر تعقيدا هو تمرد الحلو عقار. بإمكان الحكومة مطالبة الجنوب بسحب الفرقة التاسعة والعاشرة إلى داخل حدود الجنوب وبإمكان حكومة الجنوب أن تفعل ولكن ذلك لن يحل مشكلة الأمن بالمنطقتين، إذ إن الآلاف من مسلحي النوبة ومجموعات من جنوب النيل الأزرق ستبقى في الميدان. مرة أخرى لا يمكن التحقق من الدعم الجنوبي للمتمردين أو إيقافه نهائيا.ولذا لا مفر من التفاوض مع حاملي السلاح. تحاول الحكومة الآن الدفع بأبناء جبال النوبة من غير حملة السلا ح للعب دور ما في إيقاف الحرب في الجبال. هذه خطوة جيدة ولكن ليست بديلا للتفاوض مع المتمردين. استدعاء الآلية الرفيعة لعقار وعرمان أمس لطاولة المفاوضات بأديس يشي بأن الآلية الإفريقية تذهب بسرعة باتجاه  استعادة المفاوضات بين الحركة الشعبية (الشمال) وحكومة السودان حتى ولو بشكل غير مباشر. يا ترى ماذا ستخسر الحكومة لو انخرطت في مفاوضات بغرض نزع سلاح مجموعات المتمردين سلميا ثم استوعبتهم في العملية السياسية؟. أليس ذلك أجدى من استمرار حرب لا منتصر فيها ولو دامت نصف قرن؟!!.
ما يبشر الآن هو انطلاق العملية السلمية  بأديس أبابا بعد أن جربت الحكومتان في الجنوب والشمال عبثية الحرب وتلقت دورسا جديدة في لا جدواها ولذا تجدني متفائلا بإمكانية الحصول على نتائج أفضل بكثير مما حصلنا عليه في كل المفاوضات السابقة.
(2) المحروقات
لا تزال قضية زيادة المحروقات تثير جدلا بين الاقتصاديين كما أثارت الخطوات التي اتخذها بنك السودان مؤخرا تجاه الدولار. ما استوقفني أن كلا الخطوتيين شهدتا اختلافا بين الفريق الاقتصادي للحزب الحاكم. لوحظ اختلاف بين نواب البرلمان وحزبهم الحاكم ثم خلاف بين اتحاد العمال الذي هو مؤتمر وطني وبين الحكومة التي تتجه لإقرار زيادة المحروقات. تثير هذه الخلافات تساؤلا أساسياً إلزامية قرارات الحزب الاقتصادية.؟. هناك مكتب اقتصادي في الحزب الحاكم يفترض أنه يضع السياسات ويقدم الحلول والبدائل ثم يدفع بها إلى الحكومة لتتبناها عبر مؤسساتها، أو أن يحدث العكس أن تضع الحكومة سياسة ما فتأتي بها إلى الحزب الحاكم ليبدي رأيه أو يمضي قراره بالموافقة أو الرفض. كما حدث في زيادة المحروقات، إذ قدم الحزب الحاكم فأجازها. ولكن على الرغم من ذلك تخرج قطاعات تتبرأ من قرارات الحزب مما يشكك في قدرة الحزب بإلزام قطاعات الحزب المختلفة بقراراته. صحيح أن الحكومة في النهاية ستمرر سياستها ولكن ليس من مصلحتها أن يشكك قادة الحزب في مدى جدواها منذ البداية. إذا عجز الحزب عن إقناع قيادييه بأهمية وضرورة  القرارات التي يتخذها فكيف يستطيع إقناع الآخرين بها؟!!.

عادل الباز



 

آراء