ويكيليكس الخدعة السياسية الكبري

 


 

 


(1)
ماهو موقع ويكيليكس؟  لماذا ويكيليكس ؟ ولماذا أحدث هذه الضجة ؟ أهو نصير للحق والإنسانية أم هو خدعة سياسية كبري؟ ... ؟؟
موقع ويكيليكس عرف أول ما عرف بأنه نشر عددا من الوثائق التي تدين البيت الأبيض في حربه ضد أفغانستان، وقد سبق له أيضاً نشر ما بات يعرف باسم أوراق البنتاغون التي كشفت العديد من الأسرار حول حرب فيتنام، وهو موقع – حسبما يقول مؤسسوه - يمكّن موظفي الهيئات الحكومية والشركات من نشر وثائق سرية وفضح أسرار مؤسساتهم مع بقاء هوية هؤلاء الموظفين طي الكتمان. ويكون هذا عادة بهدف كشف الفساد داخل تلك المؤسسات. ويقع مكان استضافة الموقع في السويد. وقد حظرت الموقع بعض الدول مثل الولايات المتحدة و بريطانيا و الصين .
وكلمة wikileaks المتكونة من شقين تعني تسريبات الويكي فكلمة (leaks) تعني تسريب وكلمة (wiki) هي التقنية التي يستخدمها الموقع للسماح للمستخدمين بتحرير وإضافة محتوياتهم بالموقع . ويقول أحد مشرفي منتدي عراق فيس بوك أن معني الكلمة الحرفي هي : مجاري التسريب الرخو.. وهي استعارة سياسية للبالوعة المتخصصة بتسريب نضوحات مجاري الصرف السياسي. فترفع اغطية مخابئها وتفتح مغاليق مستودعاتها في اماكن مختفية وبتوقيتات مختارة تسمح بتسريب كميات محددة من عورات الحكومة وهفواتها
في شباط/فبراير 2008 قام مصرف سويسري برفع دعوى على ويكيليكس في أميركا بعد أن نشر ويكيليكس مزاعم عن أنشطة غير مشروعة للمصرف في جزر كيمان، كما ورد في موسوعة ويكيبيديا.wikipedia  وقد نتج عن هذه القضية حظر استخدام اسم النطاق wikileaks.org، لكن الموقع تحايل على هذا باستخدام أسماء نطاقات أخرى مثل http://wikileaks.be. هذا مع الإشارة إلى صعوبة منع الموقع من الصدور على الإنترنت نظرا لتوزعه في مناطق متفرقة. ويعتبر موقع ويكيليكس - كما يقول القائمون عليه - موقعا للخدمة العامة مخصصا لحماية الأشخاص الذي يكشفون الفضائح والأسرار التي تنال من المؤسسات أو الحكومات الفاسدة، وتكشف كل الانتهاكات التي تمس حقوق الإنسان أينما وكيفما كانت.
وتعود أهمية الموقع في كشف الأسرار بالعديد من القضايا ذات البعد الإنساني، منها على سبيل المثال - كما تقول الصفحة الرئيسية للموقع- الأعداد الحقيقية للمصابين بمرض الملاريا الذي يقتل في أفريقيا على سبيل المثال مائة شخص كل ساعة، ويؤكد القائمون عليه أن أهمية ما يسربونه من معلومات تفيد في كشف سوء الإدارة والفساد بالدول التي تعاني من هذه الأزمات كالملاريا مثلا، لأن الدواء متوفر لمعالجة هذا المرض.((أتكون رسالة من ويكيليكس لوزارة الصحة السودانية؟)) ويعتمد الموقع في أغلبية مصادره على أشخاص يوفرون له المعلومات اللازمة من خلال الوثائق التي يكشفونها، ومن أجل حماية مصادر المعلومات يتبع موقع ويكيليكس إجراءات معينة منها وسائل متطورة في التشفير تمنع أي طرف من الحصول على معلومات تكشف المصدر الذي وفر تلك التسريبات. ويتم تلقي المعلومات إما شخصيا أو عبر البريد، كما يحظى ويكيليكس بشبكة من المحامين وناشطين آخرين للدفاع عن المواد المنشورة ومصادرها التي لا يمكن - متى نشرت على صفحة الموقع- مراقبتها أو منعها.
إذن جوليان أسانج صنع ضجيجا فلفت إليه الأنظار .. فمن هو جوليان أسانج ؟ بحسب بعض المصادر - هو صحفي أسترالي من مواليد عام 1971، يتولى حاليا منصب رئيس تحرير موقع ويكيليكس والمتحدث الرسمي باسمه، وهو حائز على عدة جوائز عالمية في مجال حقوق الإنسان والصحافة مثل جائزة منظمة العفو الدولية عام 2009  (بفضل كشفه لعمليات الاختفاء القسري والإعدام الجماعي بغير محاكمة للمعارضين في كينيا) وجائزة صحيفة إيكونميست لمقاومة الرقابة للعام 2008، وغيرها من الجوائز، درس الفيزياء والرياضيات في جامعة ملبورن لكنه لم يتخرج. ساهم في تطوير مجموعة من برامج أنظمة المصادر المفتوحة، إذن هو شخص طبيعي لن تحوم حوله أي شبهات في حال البحث عن هويته . وسيرفض الرأي العام أي اتهام حوله وسيعتبر محاولة لابتزازه ليتخلي عن نشاطه ، وهذا ما حدث عندما قام باحث عن تاريخ مؤسس الموقع فرد قائلاً عن اتهامه بقيامة بعمليات إغتصاب: "على ما اعتقد حسب رأى أن سانج ما هو الى صحفى يعمل بنزاهة، والتهم التى نسبت له على ارتكاب الجنس (يقصد الإغتصاب) ما هى الى تهم باطلة تتهمه فيها بعض الاطراف لتنال من سمعته وما هو إلا إنذار له فقط. وغيره اعتبر التهم محاولة لضرب مصداقيته. لكن أليس من الممكن أن هذا ما يراد لنا أن نظنه (شهيد الحق والشرف!)
هل الموقع خدعة سياسية بغرض توجيه الأنظار إليه ومن ثم الضرب بكل القوة التى تتاح للمواقع الإلكترونية ذات الإقبال العالي، فقد أثبتت المواقع الإلكترونية في سنوات عمرها القليلة أنها أكثر جدوى في الوصول إلى الجمهور من الوسائل الإعلامية التقليدية، وكثيرا ما تلبي احتياجات قراء الصحف ومشاهدي التلفزيون ومستمعي الإذاعة في آن واحد، كما تعد هذه الوسيلة الإعلامية ثورة في مجال التفاعل مع الجمهور، إذ أثبتت قدرة هائلة على تقديم مواد تفاعلية لم يسبق أن قدم التاريخ مثيلا لها حتى في التواصل المباشر بين الأشخاص.
ومازال الموقع يواصل في احتلال صدارة التشويق والإثارة علي جميع الوسائل الإعلامية الأخري، وقريباً سيقومون بترجمة صفحاته إلي لغات أخري بالرغم أن القنوات الإخبارية تنافست في نشر كل ما هو موجود علي صفحاته.. " وثائق سرية للعراق ينشرها ويكيليكس .. بعد أكبر عملية تسريب لوثائق سرية .. موقع ويكيليكس يستعد لنشر 400 ألف .. وثائق موقع ويكيليكس .. آخر مستجدات ويكيليكس .. موقع ويكيليكس يفضح نوري المالكي .. .. "
وتحول موقع ويكيليكس المتخصص في الإهتمام بقضايا البيئة في الدول النامية وفضح النفايات المدفونة وأمراض الملاريا إلي القضايا السياسية الساخنة وللفت الأنظار بدأ بأمريكا وفضح ملفاتها .. فهل فعل ؟ هل فاجأنا بما نشره من ملفات عن الإستراتيجيات المنفذة ، يقول الشيخ سلمان العودة في حوار معه باحدي القنوات :الكثير من الناس لم يُفاجأوا بمضمون هذه التسريبات؛ خاصةً في الشرق الإسلامي والعربِي؛ لأنَّهم في الأصل على يقينٍ بأنَّ السياسة تخفي الشيء الكثير، ولذلك فهم ينتظرون الأكثر. وإذا كانت الوثائق التي نُشرت الآن وثائق سِرَّية فهناك ما هو سري للغاية !".
وما نشر ليس بأسوأ مما حدث في أبوغريب  أو (غوانتي نامو) الذي نام عنه الكثير من المتابعة الإعلامية ، وإذا ما راجعنا كل التسريبات لا نجدها تمس اسرائيل إلا في قضية أو قضيتين لا أثر لهما فما هي المشكلة أن ترفض إسرائيل بيع تقنية الطائرة بدون طيار للإتحاد السوفيتي لخوفها من أن تنتقل للصين؟ وهل روسيا تفتقر حقاً لهذه التقنية؟؟ وما نشر عنها وعن تركيا يصب في صالحها كالخبر السابق ، ومحاولتها ضرب المفاعل الإيراني يشبه الخبز البائت، والمثير للضحك والإستهزاء ما نشره الموقع عن أموال البشير ، لكن الخطير فعلاً ما تنشرة من وثائق يلقي بالفتنة بين الدول العربية والإسلامية في محاولة تشبه كثيراً عمليات التفجير التي ينفذها الموساد لتنسب لجماعات إسلامية فهنالك بعض التعليقات وبعض التسريبات المختارة مصممة لكي تنزل الوقيعة بيننا فنتفرق أكثر فأكثر وما يأكل الذئب إلا منا إن ظللنا علي ما نحن عليه، وما أشبه الليلة بالبارحة، معلومات أكيدة عن أسلحة دمار شامل بالعراق .. وماذا؟ لا شئ سوي التخطيط بفاعلية ولا ننتبه إلا بعد حدوث الوقائع لنقول أن كل ما مضي كان تخطيطاً لهذا اليوم ؟ فهل نحن بالغباء الذي نصدق دوماً المسرحيات التي يؤديها نفس الممثلين وعلي ذات المسرح ونظل نتفرج لنصفق ونضحك علي أنفسنا بعد أن دفعنا قيمة مشاهدة المسرحية السمجة من دماءنا وأموالنا ومن مستقبلنا ؟،
نعم قدم الموقع معلومات مهمة وأفاد عددا من جمهوره لكننا نعلم أن الإعلام يصنع الخبر ولم يعد ينقله كما السابق ، ويذكرني كل هذا بحديث هرتزل - الصحفي الصهيوني النمساوي الذي استطاع جمع دهات اليهود حوله وصناعة برتكولات حكماء صهيون – يقول :"الضجة هي كل شيء، والحق أن الضجيج يؤدي إلى الأعمال الكبيرة، وذلك أنها ستلفت الأنظار، وتعبىء الأنصار، وتضعف الأعداء" ، وأعتقد أن ويكيليكس نجح في البداية فقط، وما تتويج صاحبه شخصية العام إلا لمزيد لفت الأنظار إلى ما نشر من نكاته الفاشلة والتي لم تصب مقتلا من أحد.  لقد غاب عن ويكيليكس أن العالم أصبح أسرة واحدة، وأن الرقي الفكري شمل الكل إلا من أراد أن يعيش داخل قوقعة البارود المغشوش ، السؤال الأخير هو، هل هذه التسريبات هي فعلا تسريب للمعلومات أم مجرد طعم لزيادة حجم مشكلتنا الحقيقة وهي أننا ننجرف وراء كل ما يقال ولا نتعلم من اخطائنا، هذه الأحداث هي بوابه لاغراض أخرى وتم فتح هذه البوابه عمداً .
ahmed karuri [ahmedkaruri@gmail.com]

 

آراء