يتحدثون عن كنكشة البرهان ويتجاهلون كنكشة حميدتي!

 


 

 

* تكمن كنكشة البرهان و كنكشة حميدتي في تلافيف الصراع الأمريكي الروسي.. ولا خير في حميدتي ولا خير في البرهان، فكلا الرجلين آفتان ابتُليَ بهما السودان.. وكلاهما بيدقان يلعب كل منهما لصالح ورقته الشخصية أثناء اللعب لصالح روسيا، او الإمارات أو أمريكا.. ومصالح السودان خارج اللعبة إلا بأقل القليل..
* البرهان، المعَد نفسياً، منذ الصغر، للكنكشة في السلطة، متى واتته، يلعب لصالح أمريكا دعماً لحلم أبيه حلماً ظل يؤجج كنكشته على كرسي السلطة منذ اعتلَى كرسي الرئاسة بعد ابنعوف.. أما حميدتي، فيكنكش لإبقاء ميليشيا الجنجويد حرة طليقة ضمن الأجهزة (النظامية) إلى ما شاء الله، طوال الفترة الانتقالية وما بعدها، تمتيناً لعلاقاته مع مرتزقة فاغنر الروسية، ومع دولة الإمارات الداعمة لمصالح آل دقلو..
* لقد نَصَّ الاتفاق الإطاري على الإصلاح الأمني كما نص على دمج ميليشيا الجنجويد في الجيش وفق جداول زمنية متفق عليها.. وعلى ذلك النص يبني حميدتي دفوعاته، ويتحدث عن الحاجة إلى إجراءات وخطوات محددة وفقاً لجدول زمني حدده ذلك الاتفاق.. ويطالب بأن يسبق الإصلاحُ الأمني دمج َ ميليشيا الجنجويد وفق الجدولة الزمنية المنصوص عليها.. والجدولة الزمنية هذه سوف تبقي الوضع الراهن للجيش والجنجويد على ما هو عليه، status quo، وكأننا لا رحنا ولا جئنا..
* وهذا يعني إستمرار التعاون المريب بين ميليشيا الجنجويد وبين مرتزقة فاغنر في تسليح ميليشيا الجنجويد وفي مجال تعدين الذهب والماس واليورانيوم داخل السودان وفي دول الجوار، بل والتأثير السياسي والعسكري على السودان وعلى تلك الدول، كما رأينا تحركات حميدتي وقفله حدود السودان مع أفريقيا الوسطى خوفاً من قلب نظام الحكم في تلك الدولة التي تحميها مرتزقة فاغنر..
* لكن بإيعاز من أمريكا قرر البرهان ومحمد إدريس دبي أن يتولى الجيشين السودني والتشادي مسئولية حماية الحدود المشتركة، وإعفاء الجنجويد من تلك المسئولية..
* أمريكا تريد فك الارتباط بين الجنجويد وفاغنر بأي صورة.. وتضغط ضغطاً متواصلاً على البرهان لقطع ذلك الارتباط، وأيسر وسيلة للفصل بين الجنجويد وفاغنر هي دمج ميليشيا الجنجويد في الجيش السوداني، بما يجعل كلمة البرهان هي العليا في أي حراك عسكري يتعلق بالجيش والجنجويد معاً.. وهذا يعني تقليص دور حميدتي في اتخاذ القرارات إلى أدنى مستوياته..
* لا غرابة، إذن، في أن يصر حميدتي على أن تسبق عملية الإصلاح الأمني عملية دمج الجنجويد في الجيش، فذلك يتيح له فرصة ترتيب وضعه في المنظومة الأمنية حيث أن الاصلاح الأمني سوف يأخذ وقتاً ليس بالقصير، كما وأن الاصلاح قد يُطَهُِر الجيش من أتباع النظام السابق؛ هذا إذا أريد له أن يتم بمهنية عسكرية عالية المنهج، ومن المتوقع ن تُجابه العملية بمعارضة قوية من أصحاب المصالح المزدوجة..
* إن الحديث عن الكنكشة حديث ذو سحر في النفوس المتعطشة ل(حرية سلام وعدالة)..وقد اهتبل حميدتي السانحة، فتلاعب بكلمة (المكنكشين)، لعبة القط بالفأر، فلقي استحساناً منقطع النظير في الوسائط.. وانبرى من توّجوه بأكاليل النصر، ووقف له عدد من الاعلاميين وقفات إجلال وتعظيم standing ovation، وأغدقوا عليه من أوصاف الإقدام والشجاعة ما لم ينله حتى عنتر بن شداد، وأربوا فزادوا على كل ذلك صفات الشهامة والثبات على المبادئ والكرم والجود..
* قال ثبات على المبادئ قال!
* لقد مسحوا الشريط الدموي الذي يستحيل أن يغيب عن ذواكر اولياء الدم في دارفور ومناطق أخرى.. ومسحوا شريط بداية ونهاية علاقته بموسى هلال، كما مسحوا شريط علاقته بالبشير الذي تباهى في لقاء جماهيري كبير بمنطقة شطاية في سبتمبر عام ٢٠١٧،قائلاً:- ” ما فى رئيس عندو زى قوات الدعم السريع، طلبنا من حميدتى (٥) آلاف شاب خلال اسبوعين، لكن هو جاب (٦) آلاف شاب ومواطن جاهز؛!".. ومسحوا شريط مجزرة القيادة العامة التي عمل فيها جنجويد حميدتي ما لم يفعله تتار هولاكو في بغداد..
* كان الثوار يعتبرون حميدتي صديقاً وشريكاً في الثورة، لكنه انقلب عليهم كما انقلب على موسى هلال وعلى المخلوع عمر البشير..
* ليس مرادي التحريض ضد حميدتي، غير أن المبالغة في الاحتفاء به تجبرني على إسداء النصح للذين اتخذوا حميدتي صديقاً للثورة، طالباً منهم ألا يبالغوا في الإحتفاء به كل ذلك الاحتفاء، وعلى ألا يؤملوا في أن يكون حميدتي شخصاً مختلفاً عن حميدتي وتاريخه المتقلب، وهو الذي ركل صداقته للثوار، وأظهر دمويته البشعة في مجزرة القيادة العامة.. لذا على المحنفين بتصريحاته أن يستوعبوا ما رمى إليه الشاعر في:- "احذر عدوَّك مرةً واحذر صديقَك ألفَ مرة فلربما انقلبَ الصديقُ فكان أدرى بالمضرة"..
* ربما يعكس هذا الإكبار والإجلال سذاجة في تقدير مواقف حميدتي التاريخية.. وربما يكون تبجيل حميدتي نكاية بالفلول الذين صنعوه من لا شيئ وانقلب عليهم بعد أن ارتقى أعلى المناصب على أكتافهم..
* في تقديري أن السذاجة هي المحرك لاحتفاء كثيرين من الذين تغويهم الكلمات المسايرة لأمانيهم، لكنهم سوف يعضون أصابع الندم على سذاجتهم في مقبل الأيام..
** أما البرهان، فأقول ما قاله الزعيم سعد زغلول لزوجته في لحظة يأس باتعة:- ( غطيني يا صفية، مافيش فايدة!)
ِحاشية..... ِحاشية..... ِحاشية..... ِحاشية..... ِحاشية.....
* أنا لا أثق في البرهان، ولا أثق في حميدتي، ولدي إيمان لا يساوره أدنى شك في أن توقيع الإثنين معاً على الاتفاق النهائي يقع في عداد المستحيلات.. و الله (يكضِّب الشينة)!
* قوموا إلى ثورتكم، يحفظكم الله!

osmanabuasad@gmail.com
///////////////////////

 

آراء