يسألونك عن القصيدة السونيت أو القصيرة

 


 

 

زهير عثمان حمد
يُعد السونيت نوعًا من الشعر يتميز ببنيته الفريدة والمحكمة، وهو يتألف عادة من 14 بيتًا شعريًا يُرتب فيها الشاعر أفكاره وعواطفه بشكل متناسق ومتوازن. في الأدب العربي المعاصر، يُعرف السونيت بعدة أسماء تعكس خصائصه وتأثيراته الثقافية، ومنها:القصيدة الإيطالية: تُشير إلى الأصول الإيطالية للسونيت وتأثير الأدب الإيطالي على هذا النوع من الشعر.والقصيدة الصغيرة: يُستخدم هذا الاسم للدلالة على حجم السونيت الصغير نسبيًا مقارنةً بأشكال الشعر الأخرى. وكذلك القصيدة الحديثة: يُستخدم هذا الاسم للإشارة إلى التجديد والتطور الذي يشهده السونيت في العصر الحديث.
يمكن إعادة صياغة المقطع الذي قدمته بالشكل التالي ليتناسب مع الوزن والقافية العربية، مع الحفاظ على الخصائص الأساسية للسونيت:في الشعر العربي يُعلي السونيت قدره،بأبياته الأربعة عشرة يُزهر ويثمر.يُسمى "القصيدة الإيطالية" بفخر،
و"القصيدة الصغيرة" كما في الأدب يُذكر , يتناول الحب والطبيعة بالتأمل،ويُعبر عن الذات في صراع وجدل., بنظام إيقاعي يلتزم الشاعر،وبالقوافي والتفعيلات يُبدع ويُحل.في السونيت تتجلى الرومانسية،وتُغنى بالزمان والجمال بحكمة وفلسفة.تُستثمر السرد بأساليبه المتنوعة،كالمونولوج والحوار والمفارقة.
السونيت في الشعر العربي يتألق،
بهندسة القصيدة الحسبية يتمازج ويتداخل. وبالإيقاع الشعري يتحقق الجمال، وبالتفعيلة التي لا تتقيد بعدد، يتفرد ويتأصل. وشهد السونيت رحلة طويلة عبر التاريخ، بدءًا من إيطاليا في القرن الثالث عشر، حيث وُلد هذا النوع الشعري وترعرع. كانت هذه الفترة تمثل نقطة تحول حاسمة في الفكر الإنساني، حيث بدأ الانتقال من تمجيد الإله البطل إلى الإنسان العادي، ومن السلوك البطولي إلى السلوك الفردي العاطفي. وقد انعكس هذا التحول في السونيت، الذي يُعتبر أول شكل شعري غنائي يُكتب للقراءة الصامتة، مخاطبًا الوعي الذاتي والصراع الداخلي.

مع مرور الزمن، انتشر السونيت وتطور في الأدب الإنجليزي، حيث أصبح مرتبطًا بشكل وثيق بشعراء مثل ويليام شكسبير. وقد أثرت السونيتات الشكسبيرية بشكل كبير على الأدب العربي المعاصر، حيث استلهم الشعراء العرب منها في تكوين قصائدهم، مع الحفاظ على خصائص الشعر العربي من وزن وقافية.

في العصر الحديث، تُعد السونيت مرجعًا للقصيدة الحسبية، حيث تُظهر تأثيرها في الهندسة الإيقاعية والتفعيلات الشعرية. وقد تم تكريم هذا الشكل الشعري في أعمال مثل "ديوان السونيت" للشاعرة والباحثة الأمريكية فيليس ليفين، التي جمعت فيه أكثر من 600 سونيتة، تروي حكاية السونيت عبر العصور.

ويُعتبر الناقد الأمريكي بول أوبنهايمر من الذين أكدوا على أهمية السونيت في تاريخ الفكر والأدب الحديث، مشيرًا إلى أن ابتكار السونيت كان حدثًا رئيسيًا في بداية الفكر الحديث. وبهذا، يُظهر السونيت تأثيره العميق والمستمر في الأدب العالمي، مُحققًا تداخلًا بين الأشكال الشعرية والتعبير عن الذات والعواطف
لسونيت، بالفعل، شكل شعري يحظى بإعجاب كبير وقد لاقى اهتمامًا من النقاد العرب المعاصرين. على سبيل المثال، تناولت الناقدة الدكتورة نادية هناوي السونيت في شعر حسب الشيخ جعفر في كتابها “السونيت في شعر حسب الشيخ جعفر”، حيث قدمت رؤية نقدية جديدة ومختلفة حول هذا النمط الشعري. وتطرقت في دراستها إلى تجربة الشاعر حسب الشيخ جعفر مع السونيت الشكسبيري وكيف أضاف إلى الشعرية العربية المعاصرة جديدًا يكشف عن ممكنات هذا النوع الشعري.
كما تمت ترجمة “السونيتات الكاملة” لوليم شكسبير إلى العربية، مما يدل على الاهتمام المتزايد بهذا الشكل الشعري2. السونيت يُعتبر نمطًا شعريًا يتميز بتكثيف الألفاظ وابتسار الصور وتقديم الأفكار بشكل مركز ومؤثر، وهو ما يجذب النقاد والشعراء على حد سواء لاستكشاف إمكانياته الفنية والجمالية..
في الأدب العربي المعاصر، تم تبني السونيت وتكييفه ليتناسب مع خصائص الشعر العربي، مثل الوزن والقافية. الشعراء العرب استخدموا السونيت للتعبير عن مجموعة واسعة من الموضوعات، من الحب إلى القضايا الاجتماعية والسياسية. ومثال على ذلك هو الشاعر حسب الشيخ جعفر، الذي جرب نمط السونيت الشكسبيري في شعره، مما أضاف بُعدًا جديدًا للشعرية العربية المعاصرة. وقد تميزت قصائده بالتدوير والتفعيلات المتنوعة، وكذلك بالدلالات المكثفة والصور الشعرية المبتسرة.
السونيت في الأدب المعاصر يمكن أن يكون بمثابة جسر بين التقاليد الشعرية الكلاسيكية والحداثة، حيث يستمر الشعراء في استكشاف إمكانياته الفنية والتعبيرية. السونيت يُعد من أهم الأشكال الشعرية في التراث الأدبي، وله أهمية كبيرة لعدة أسباب

جبران خليل جبران، الشاعر والكاتب اللبناني الأمريكي، يُعتبر من أبرز الشخصيات الأدبية التي أثرت في الأدب العربي والعالمي. السونيت له أهمية خاصة في شعر جبران للأسباب التالية:التعبير عن العواطف: استخدم جبران السونيت كوسيلة للتعبير عن العواطف العميقة والمشاعر الإنسانية بطريقة مكثفة ومؤثرة.الأسلوب الفني: يتميز شعر جبران بأسلوبه الفني الرفيع واستخدامه للغة الشعرية الغنية، والسونيت يُعطيه الإطار المناسب لصياغة أفكاره بشكل جمالي.

التجديد الأدبي: ساهم جبران في تجديد الشعر العربي من خلال تبنيه لأشكال شعرية متنوعة مثل السونيت، مما أضاف تنوعًا وغنى للأدب العربي.التأثير الثقافي: أثرت سونيتات جبران في القراء والكتاب حول العالم، وساعدت في نشر الأدب العربي وتقديمه للثقافات الأخرى.

من خلال سونيتاته، قدم جبران خليل جبران رؤية فلسفية وروحية عميقة، وأظهر قدرته على استخدام هذا الشكل الشعري للتعبير عن موضوعات متنوعة تتراوح بين الحب والطبيعة والتأملات الروحية. وفي نهاية هذه السياحة التي حاولت فيها البحث عن هذا النوع من الكتابة الشعرية أيضا ركنت لتجريب كتابة القصيدة القصيرة

في حب الإله أجد سكوني
وفي ذكره يطمئن كياني
أسير على درب الهوى مفتوني
وقلبي يغني للحق ألحاني

أرى في كل الكون وجه حبيبي
وأسمع في صمت الليل أغاني
فكل الوجود بعيني يطيب
وكل الحياة تسبح بأماني

أحبك يا من هو الحب بعينه
ويا من إليه المشتاق يبني
فلا شيء يعدل حبك في سنينه
ولا شيء يسمو فوق هذا الجناني

فيا رب قد جئتك مستسلمًا
فخذ بيدي إلى روض الأماني

zuhair.osman@aol.com
//////////////////////

 

آراء