حول المشروع الوطني
د اسامة النور عبدالسيد
14 March, 2022
14 March, 2022
لا تصدقوا الكلام، خذوا الحقيقة من أفواه المواقف."
قال الراحل نجيب محفوظ. (كيف يتسنى للحب والسلام العيش بين الفقر ونبابيت الفتوات)
انقسمت القوى السياسية حول الموقف من ادارة البلاد منذ بواكير عهد الاستقلال بين مؤيد للدولة المركزية القابضة والنظام الديمقراطي الحر وتوسيع قاعدة المشاركة الجماهيرية. وذلك لان مجموعة الموالين للنظام القابض تبعا للمصالح الذاتية والمكتسبات والامتيازات الإجتماعية وشكلت تلك المجموعة شبكة من اصحاب المصالح المشتركة في الاقتصاد والمجتمع والنفوذ وظلت طيلة عقود على موقفها ذلك وانحيازها للسلطة الحاكمة وتحالفاتها مع نظم الامر الواقع المستمر ومقاومتها لاي تطور لنظام الحكم في السودان وفي سبيل مصالحها تلك كانت تحالفاتها .
الازمة السودانية المستمرة ان اطراف الصراع السياسي حول الدولة السودانية ونظام الحكم الذي ينبني علي لامركزية الادارة نسبة للتنوع الكبير في مكونات المجتمع واتساع الرقعة الجغرافية مما شكل ضغطا مستمرا علي المركز والدولة في ادارة التنوع والموارد وظهر ذلك جليا في الخلافات والصراع المستمر حول الموارد والسلطة . تجلي ذلك في الازمة الحالية منذ سقوط نظام الانقاذ الذي حكم السودان طيلة ثلاثون عاما بتحالف الاسلاميين وكوادرهم العسكرية وهذه الطبقة التي ارتبطت بمصالحها مع نظام الانقاذ الهجين ورغم تحولاته ومحاولة انفتاحه الصوري مع خصومه من القوي السياسية ولكن ظل يسوف الزمن لمزيد من السيطرة علي مقدرات البلاد الاقتصادية ..
وهناك سؤال يطرح دائما كيف يجتمع السودانيون حول مشروع وطني يؤدي للاستقرار السياسي والاجتماعي وبناء دولة المواطنة وسيادة حكم القانون وهذه هي طبيعة واساس الصراع السياسي في السودان ..
ظلت التحالفات السياسية منذ تاسيس الدولة السودانية الحديثة بين النخب المثقفة من الخريجين والقوي الاجتماعية تقوم على اساس المصالح المشتركة بين الطرفين وعلى تفاهمات علي اقتسام النفوذ والمصالح الاجتماعية والثقافية وليس على اساس برنامج ومشروع سياسي وطني لصالح المجتمع السوداني وتحالفات اقليمية ودولية لدعم تلك المصالح التي ترتبط مصالحها مع الاخرين في الداخل والخارج لذلك حينما تتقاطع تلك المصالح مع بعض تنتج أزمات وتتحول لضغط جماهيري علي النظم وخصوصا في حالات النظم الديمقراطية التي اتت بعد الاستقلال بالانتخابات ونتيجة لسوء الادارة والضغط تتحالف طبقة المصالح مع المؤسسة العسكرية في الاستيلاء على السلطة بالانقلابات العسكرية كما حدث في ١٩٥٨ و١٩٦٩ و١٩٨٩ بانقلاب الجبهة الاسلامية القومية وسيطرتها علي مقاليد الحكم والدولة بعد انتفاضة ابريل وازاحة نظام مايو ولم تستطع القوى السياسية ان تقدم نموذجا لمشروع وطني بالتراضي العام بعد انتخابات ١٩٨٥ وانشغلت بالصراع حول السلطة ولم تحدد اولويات في ادارة التنوع وحلول الأزمات الماثلة مشكلة الحرب في جنوب السودان انذاك والوصول لاتفاق مع الحركة الشعبية جون قرنق الذي شكل ضغطا داخليا وخارجيا. ومن خلال تلك التجاذبات حول الحوار الدستوري والتراضي العام وبين عدم ترتيب الأولويات والانشغال حول الصراع بالسلطة وتحالفات المصالح والانتهازية واستخدام تلك المصالح للاسئثار بالسلطة واقصاء الآخر ضاعت فرصة التراضي الوطني وبالاستقواء بمؤسسات الدولة كانت مذكرة القوات المسلحة التي هيأت المناخ لفرض امر واقع جديد .. وقام اثر ذلك انقلاب الجبهة الإسلامية بفرض امر واقع جديد تمام بنظام احادي ايديولوجي استمر ثلاثين عاما حسوما..
نموذج لذلك حالة الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي جاء بالتحالف بين الطايفة والنخبة بتحالف فوقي املته مصلحة القيادات في وقت تحاذب سياسي في اواخر الستينات نتج عنه الحزب الاتحادي الديمقراطي بمكوناته حزب الشعب الديمقراطي والحزب الوطني الاتحادي وما حدث بعدها من تشاكسات سياسية انتجت طرد النواب الشيوعيين من البرلمان المنتخب وما تلاها من تداعيات جاءت بانقلاب مايو نميري وبعض الشيوعيين والقوميين العرب .. ودخل الحزب في معارضة نظام مايو حتى سقوطه في ابريل ١٩٨٥ ودخل الحزب الانتخابات بخلافات حول الهياكل ومؤسسات الحزب ظلت في يد القيادات العليا ولم يقوم المؤتمر العام للحزب حتى انقلاب الانقاذ ودخول الحزب في معركة معارضة الانقاذ والمشروع الاسلامي وهو غير موحد في موقفه المعارض وحدثت الانشطارات والتشظيات طيلة فترة الإنقاذ وكانت اغلبها في الموقف من نظام الإنقاذ ومعارضته وقد اضعفت المنظومة باكملها نتيجة لذلك وأيضا العامل الاهم وجود مراكز قوي حزبية ظلت تختطف القرار السياسي والاداري الحزبي بحكم قربها من القيادات العليا ومن اجل مصالحها الذاتية البحته ولذلك طلت المناداة بوحدة الحزب هي أماني القواعد الجماهيرية للحزب فقط واشواق للجماهير بعودة حزب الحركة الوطنية في عهوده الذهبية ووعوده للجماهير ببناء دولة حديثة ديمقراطية ودولة مواطنة وسيادة حكم القانون.
مايحدث الان من أفكار للنخبة لوحدة الحزب حول مصالح وليس حول مشروع سياسي وبرنامج وفكر لإدارة الدولة الوطنية .. فتراهم يتقلبون ذات اليمين وذات الشمال ولا يرون ابعد من خطوتهم وامالهم الشخصية فهذه ازمة في حد ذاتها وداء عضال اصاب رأس الهرم ..
ويحتاج لارادة وتجرد وصبر وحسم لإعادة البناء على نظيف او كما قال : الطيب صالح
(يا زول انت عاوز حصه طويله علي شان نفهمك النظام الجديد في البلد . إنت فاكر ود حامد هي ود حامد ال انت عارفها ؟
لا لم أكن أظن ذلك . ولكنني لم أتوقع أن يصبح سعيد البوم مؤذناً ).
انتهي…
د اسامة النور .. الخرطوم بحري
elnurabdelsaeed@yahoo.com
///////////////////////
قال الراحل نجيب محفوظ. (كيف يتسنى للحب والسلام العيش بين الفقر ونبابيت الفتوات)
انقسمت القوى السياسية حول الموقف من ادارة البلاد منذ بواكير عهد الاستقلال بين مؤيد للدولة المركزية القابضة والنظام الديمقراطي الحر وتوسيع قاعدة المشاركة الجماهيرية. وذلك لان مجموعة الموالين للنظام القابض تبعا للمصالح الذاتية والمكتسبات والامتيازات الإجتماعية وشكلت تلك المجموعة شبكة من اصحاب المصالح المشتركة في الاقتصاد والمجتمع والنفوذ وظلت طيلة عقود على موقفها ذلك وانحيازها للسلطة الحاكمة وتحالفاتها مع نظم الامر الواقع المستمر ومقاومتها لاي تطور لنظام الحكم في السودان وفي سبيل مصالحها تلك كانت تحالفاتها .
الازمة السودانية المستمرة ان اطراف الصراع السياسي حول الدولة السودانية ونظام الحكم الذي ينبني علي لامركزية الادارة نسبة للتنوع الكبير في مكونات المجتمع واتساع الرقعة الجغرافية مما شكل ضغطا مستمرا علي المركز والدولة في ادارة التنوع والموارد وظهر ذلك جليا في الخلافات والصراع المستمر حول الموارد والسلطة . تجلي ذلك في الازمة الحالية منذ سقوط نظام الانقاذ الذي حكم السودان طيلة ثلاثون عاما بتحالف الاسلاميين وكوادرهم العسكرية وهذه الطبقة التي ارتبطت بمصالحها مع نظام الانقاذ الهجين ورغم تحولاته ومحاولة انفتاحه الصوري مع خصومه من القوي السياسية ولكن ظل يسوف الزمن لمزيد من السيطرة علي مقدرات البلاد الاقتصادية ..
وهناك سؤال يطرح دائما كيف يجتمع السودانيون حول مشروع وطني يؤدي للاستقرار السياسي والاجتماعي وبناء دولة المواطنة وسيادة حكم القانون وهذه هي طبيعة واساس الصراع السياسي في السودان ..
ظلت التحالفات السياسية منذ تاسيس الدولة السودانية الحديثة بين النخب المثقفة من الخريجين والقوي الاجتماعية تقوم على اساس المصالح المشتركة بين الطرفين وعلى تفاهمات علي اقتسام النفوذ والمصالح الاجتماعية والثقافية وليس على اساس برنامج ومشروع سياسي وطني لصالح المجتمع السوداني وتحالفات اقليمية ودولية لدعم تلك المصالح التي ترتبط مصالحها مع الاخرين في الداخل والخارج لذلك حينما تتقاطع تلك المصالح مع بعض تنتج أزمات وتتحول لضغط جماهيري علي النظم وخصوصا في حالات النظم الديمقراطية التي اتت بعد الاستقلال بالانتخابات ونتيجة لسوء الادارة والضغط تتحالف طبقة المصالح مع المؤسسة العسكرية في الاستيلاء على السلطة بالانقلابات العسكرية كما حدث في ١٩٥٨ و١٩٦٩ و١٩٨٩ بانقلاب الجبهة الاسلامية القومية وسيطرتها علي مقاليد الحكم والدولة بعد انتفاضة ابريل وازاحة نظام مايو ولم تستطع القوى السياسية ان تقدم نموذجا لمشروع وطني بالتراضي العام بعد انتخابات ١٩٨٥ وانشغلت بالصراع حول السلطة ولم تحدد اولويات في ادارة التنوع وحلول الأزمات الماثلة مشكلة الحرب في جنوب السودان انذاك والوصول لاتفاق مع الحركة الشعبية جون قرنق الذي شكل ضغطا داخليا وخارجيا. ومن خلال تلك التجاذبات حول الحوار الدستوري والتراضي العام وبين عدم ترتيب الأولويات والانشغال حول الصراع بالسلطة وتحالفات المصالح والانتهازية واستخدام تلك المصالح للاسئثار بالسلطة واقصاء الآخر ضاعت فرصة التراضي الوطني وبالاستقواء بمؤسسات الدولة كانت مذكرة القوات المسلحة التي هيأت المناخ لفرض امر واقع جديد .. وقام اثر ذلك انقلاب الجبهة الإسلامية بفرض امر واقع جديد تمام بنظام احادي ايديولوجي استمر ثلاثين عاما حسوما..
نموذج لذلك حالة الحزب الاتحادي الديمقراطي الذي جاء بالتحالف بين الطايفة والنخبة بتحالف فوقي املته مصلحة القيادات في وقت تحاذب سياسي في اواخر الستينات نتج عنه الحزب الاتحادي الديمقراطي بمكوناته حزب الشعب الديمقراطي والحزب الوطني الاتحادي وما حدث بعدها من تشاكسات سياسية انتجت طرد النواب الشيوعيين من البرلمان المنتخب وما تلاها من تداعيات جاءت بانقلاب مايو نميري وبعض الشيوعيين والقوميين العرب .. ودخل الحزب في معارضة نظام مايو حتى سقوطه في ابريل ١٩٨٥ ودخل الحزب الانتخابات بخلافات حول الهياكل ومؤسسات الحزب ظلت في يد القيادات العليا ولم يقوم المؤتمر العام للحزب حتى انقلاب الانقاذ ودخول الحزب في معركة معارضة الانقاذ والمشروع الاسلامي وهو غير موحد في موقفه المعارض وحدثت الانشطارات والتشظيات طيلة فترة الإنقاذ وكانت اغلبها في الموقف من نظام الإنقاذ ومعارضته وقد اضعفت المنظومة باكملها نتيجة لذلك وأيضا العامل الاهم وجود مراكز قوي حزبية ظلت تختطف القرار السياسي والاداري الحزبي بحكم قربها من القيادات العليا ومن اجل مصالحها الذاتية البحته ولذلك طلت المناداة بوحدة الحزب هي أماني القواعد الجماهيرية للحزب فقط واشواق للجماهير بعودة حزب الحركة الوطنية في عهوده الذهبية ووعوده للجماهير ببناء دولة حديثة ديمقراطية ودولة مواطنة وسيادة حكم القانون.
مايحدث الان من أفكار للنخبة لوحدة الحزب حول مصالح وليس حول مشروع سياسي وبرنامج وفكر لإدارة الدولة الوطنية .. فتراهم يتقلبون ذات اليمين وذات الشمال ولا يرون ابعد من خطوتهم وامالهم الشخصية فهذه ازمة في حد ذاتها وداء عضال اصاب رأس الهرم ..
ويحتاج لارادة وتجرد وصبر وحسم لإعادة البناء على نظيف او كما قال : الطيب صالح
(يا زول انت عاوز حصه طويله علي شان نفهمك النظام الجديد في البلد . إنت فاكر ود حامد هي ود حامد ال انت عارفها ؟
لا لم أكن أظن ذلك . ولكنني لم أتوقع أن يصبح سعيد البوم مؤذناً ).
انتهي…
د اسامة النور .. الخرطوم بحري
elnurabdelsaeed@yahoo.com
///////////////////////