عودة إلى أحكام الجنسية المتصلة بالإنفصال
كنت تناولت من قبل، وبالتحديد في الأيام التي تلت ظهور نتيجة الإستفتاء، وسبقت الإنفصال الفعلي، ما سيترتب على الإنفصال من تعقيدات على قانون الجنسية السودانية. ولم تستجب الحكومة آنذاك لما قلته وإختطت لنفسها طريقاً مخالف للدستور، وللمستوى الدولي، فأسقطت الجنسية السودانية عن الجنوبيين وفقا لتعريف قانون الإستفتاء لهم. قامت الحكومة وفقا لذلك بإجراء تعديل على قانون الجنسية أسقط الجنسية السودانية بصورة تلقائية عن كل من اكتسب حكماً أو قانوناً جنسية جنوب السودان، وكذلك أسقطها عن كل من أُسقطت الجنسية عن والده بسبب أنه اكتسب حكماً أو قانوناً جنسية جنوب السودان، وهذا يعني أنه حتى أولئك الذين لم يحصلوا على الجنسية من دولة جنوب السودان ستسقط عنهم الجنسية، لان القانون لا يتطلب إكتسابها لإسقاط الجنسية بل يكفي أن يكون مستحقا لها حتى تسقط عنه الجنسية السودانية. وبالتالي فقد وجد المستحقون لجنسية جنوب السودان أنفسهم مضطرون للعودة للجنوب، حتى ولم يكونوا لديهم رغبة في إكتساب جنسية جنوب السودان حيث لم يترك لهم القانون خيارا فى البقاء أو رفض العودة للجنوب. أصدرت الحكومة ذلك التعديل في تقديري بدافع عقاب الجنوبيين على تصويتهم لصالح الإنفصال، وكانت في ذلك قصيرة النظر، لأن عقابها أصاب من صوت في واقع الأمر ضد الإنفصال، لأن المنطق يقول أن الذين يطلبون الجنسية السودانية لا بد أن يكونوا من المصوتين للوحدة. نتج عن ذلك التعديل الذي أعقب الإنفصال أن وجد عدد كبير من الأفراد ذوي الأصول الجنوبية والذين ولدوا وعاشوا في السودان ولا يعرفون عن الجنوب شيئاً، أنفسهم فجأة بدون جنسية وهو أمر بالغ القسوة في حقهم، فالجنسية ليست فقط رابطة قانونية بين الفرد والدولة، ولكنها أيضا جزء من هوية الشخص لما تقوم عليه من شعور بالإنتماء، وذلك الإنتماء لوطن ما هو الذى يترجم نفسه لعلاقة قانونية تمنح ذلك الفرد الحق فى أن يحمل جنسية ذلك الوطن.
مخالفة الدستور
لم يكن هذا الموقف مقبولاً من عموم الناس في الشمال، والذين تعاطفوا مع إخوتهم من جنوب السودان الذين نشأوا وعاشوا حياتهم كلها بينهم. كذلك فإن موقف الحكومة، من حيث أنه يميز ضد جنسية معينة لم يكن مقبولاً من الدستور. فرغم أن القانون السوداني يقبل تعدد الجنسية إلا مع إسرائيل والتي هي في حالة حرب مع السودان، إلا أنه يرفض الجنسية المزدوجة مع جنوب السودان، رغم أنه في علاقة عادية معها، بالإضافة لأنه لا يسمح للجنوبي بإكتساب الجنسية السودانية مهما كانت الأسباب.
وقد وصل الأمر بهذا الحكم المستحدث في قانون الجنسية إلى أن أدى لرفض السلطات منح سلالة البطل القومي علي عبد اللطيف الجنسية السودانية. تصدت المحكمة الدستورية لهذه المسألة فقضت بحق الجنوبي المولود من أب جنوبي وأم سودانية، في الحصول على الجنسية السودانية، وفقا للمادة 7 (2) من الدستور التي تنص على أنه لكل مولود من أم أو أب سوداني حق لا ينتقص في التمتع بالجنسية والمواطنة السودانية. كذلك فقد كان قرار المحكمة الدستورية والصادر في الخامس عشر من الشهر الماضي بوقف قرار رئيس الجمهورية بإبعاد إبراهيم ألماظ دينق فارقا في مسألة رفض الإعتراف بحق الجنوبيين المستحقين للجنسية لمجرد أن الأب من أصول جنوبية، حيث أجاز مجلس الوزراء عقب ذلك القرار مباشرة، مشروع تعديل القانون للإعتراف بالجنسية للجنوبيين المولودين لأم سودانية.
هذا يحل جزء من المشكلة وليس كلها، ولنبدأ القصة من أولها:
الجنسية بين سيادة الدولة وحقوق الإنسان
الحق فى الجنسية هو أساس الحقوق العامة، فأهم تلك الحقوق يتفرع عن حق الجنسية فالجنسية هى أساس الحق فى الحقوق السياسية، كالترشيح والإنتخاب، والحقوق اللصيقة بها كحريتى التنظيم والتعبير، و أيضاً بعض حقوق الجيل الثانى من الحقوق العامة كحق العمل. ورغم أن بعض الحقوق كالحق فى المقاضاة، والحق فى المحاكمة العادلة مثلاً، هى حقوق مقررة للمواطنين والأجانب على السواء، إلا أن الجنسية هى التى تمنح الأشخاص الطبيعيين الحق فى دخول إقليم الدولة والبقاء فيه لأى فترة من الزمن مما يجعل تمتع الأجانب بكافة الحقوق المقررة لهم، رهين بقبول الدولة لدخولهم لإقليمها والبقاء فيها.
إذا كانت الدولة هى مؤسسة تهيمن على إقليم، فإن الجنسية أو المواطنة هى الرابطة القانونية بين الدولة وشعب ذلك الإقليم، وهى بالتالى تعنى القانونين الدولى والداخلى على السواء. كان القانون الدولى، فى مبتدأ الأمر، لإرتكازه على مبدأ سيادة الدولة على إقليمها وعلى شعبها، يُغلِّب جانب الدولة فى العلاقة، ويترك لها سلطة تحديد الأشخاص الذين يحق لهم الحصول على جنسيتها. إلا أنه إعتباراً من نهايات القرن التاسع عشر وبشكل تدريجي بطئ، بدأ يضع قيوداً على مبدأ سيادة الدولة لصالح شعوبها.
بدأ ذلك الإتجاه فى إتفاقية الهيج لعام 1930 والتى إنعقدت تحت إشراف الجمعية العامة لعصبة الأمم، والتى حملت مادتها الأولى الحكم التالي " أنه من حق كل دولة أن تقرر بموجب قانونها الداخلي من هم مواطنيها . وسيكون ذلك القانون معترف به بواسطة الدول الأخرى، طالما أنه متفق مع العهود الدولية والعرف الدولى، والمبادى العامة المقبولة بالنسبة لقوانين الجنسية " وبذلك فقد وضع القانون الدولى بعض القيود، وإن كانت قيوداً غامضة، على حق الدولة فى تحديد أسس الحصول على جنسيتها. ولكن التطور الذى تلى ذلك كان مضطرداً لصالح حقوق الإنسان على حساب الإعتراف بمبدأ سيادة الدولة، فجاءت المادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حاملة لقيود واضحة المعالم على سلطة الدولة حين نصت على أنه " لكل شخص الحق فى جنسية ما . لايجوز أن يحرم شخصاً من جنسيته تعسفاً ولا من حقه فى تغيير جنسيته." هذا المبدأ يلزم الدولة بمنح جنسيتها أولا لمن تتحقق فيهم شروط الإنتماء لإقليمها لدى ميلادهم ويمنعها ثانياً، من أن تنزع عنهم تلك الجنسية إلا لأسباب مقبولة.
الجنسية فى القانون السودانى عند الإنفصال
كان قانون الجنسية السودانية قبل الإنفصال متسقاً مع المبادئ الدولية فى هذا الصدد، فهو يمنح الجنسية بالميلاد بحكم القانون، لمن يفترض أن يقوم لديهم رابطة الإنتماء والولاء للسودان عند ميلادهم، وذلك وفق المعايير المقبولة دوليا لذلك، وهى محل الميلاد، أو جنسية الوالدين، ويجعل حالة من تتوفر فيهم تلك الشروط أو أحدها سودانيين بحكم القانون، لا يملك وزير الداخلية إلا أن يمنحهم شهادة بذلك متى طلبوها وسددوا رسومها.
وفقا لذلك فقد كان على الدولة أن تحدد من من الجنوبيين المتمتعون بالجنسية السودانية وقت إنفصال الجنوب سيظل محتفظا بتلك الجنسية ومن الذي سيفقدها. لم تكن أحكام إسقاط الجنسية عن السودانيين بالميلاد كافية لمواحهة واقع الإنفصال الذي يفرض أحكاماً جديدة من خارج الأحكام التي تحكم الأحوال العادية. أول نتائج الإنفصال ظهور دولة جديدة يحمل شعبها شعور بالإنتماء لها، وبالتالى فلا بد أن يُنتِج ذلك جنسية جديدة، مما يسبب بالضرورة تأثيراً على الجنسية القائمة، خارج إطار أحكام قانون الجنسية الذي كان سائدا وقت الإنفصال. لذلك فقد رأى القائمون على الأمر تعديله بحيث يتم إسقاط الجنسية السودانية عن كل الجنوبيين فور الإنفصال. ما فات القائمون على الأمر آنذاك هو أن ذلك الواقع الجديد لا يمنح أى من الدولتين سلطة غير مقيدة فى إختيار معايير إكتساب أو فقدان الجنسية، بل يخضع سلطانهما لقواعد العرف الدولى والمعاهدات التى تحكم مسألة خلافة الدولة. مسألة الجنسية يحكمها بشكل أساسى العهد الدولى المعروف بإسم إتفاقية جنسية الأشخاص الطبيعيين فى حالة خلافة الدول والذى تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2000.
خلافة الدولة
وضع إنفصال الجنوب فى اليوم التاسع من يوليو عام 2011 دولة السودان في الحالة المعروفة فى فقه القانون الدولى بخلافة الدولة. وخلافة الدول هى حالة تنجم عن تكوين دولة أو دول جديدة نتيجة لإنفصال إقليم عن دولة قائمة أو إنحلال إتحاد لدولتين أو أكثر، مما يؤدى لحلول دولة محل دولة أخرى فى المسئولية عن العلاقات الدولية لإقليم من الأقاليم التى كانت تشكل إقليم الدولة السلف. والمقصود من الدولة السلف هى الدولة التى حلت محلها دولة أخرى لدى حدوث خلافة الدول، أما الدولة الخلف فهى الدولة التى حلت محل دولة أخرى لدى خلافة الدول. يتم تحديد حقوق وإلتزامات كل من الدولتين بالإتفاق مع بعضها البعض، أو بإتباع مبادئ إتفاقيتى فيينا حول خلافة الدول، و الأساس فى هذا كله هو أن تلتزم كل دولة بالإلتزامات، وتتمتع بالحقوق، التى تتصل بالإقليم الذى أصبح من مكوناتها، ويلزم لإكمال ذلك بالطبع موافقة الدول الثالثة وهى الدول التى كانت طرفا فى الإتفاقيات مع الدولة السلف . تحتفظ الدولة السلف بعضوية المنظمات الدولية، وبالعلم، والإسم، والتمثيل الدبلوماسى.
مركز الدولة السلف
قد تتنازع دولتان أو أكثر على مركز الدولة السلف، مثل ما تم بالنسبة للصين حين نشأت دولة الصين الشعبية كنتيجة لسيطرة القوات الشيوعية على كل أرض الصين فى عام 49، وتبقى للحكومة السابقة ( الصين الوطنية ) جزيرة فورموزا. ولما كانت الحرب الباردة على أشدها فقد فرض التحالف الغربى على الأمم المتحدة أن تعامل الحكومة الدمية فى فورموزا بإعتبارها الدولة السلف، فشغلت مقر الصين فى الامم المتحدة ومجلس الأمن بما فى ذلك حق الفيتو حتى صدر قرار الجمعية العمومية فى عام 1971، متجاوزا الإعتراض الأمريكي، بأن تحتل الصين الشعبية مقعد الصين فى الأمم المتحدة ومجلس الأمن. من ناحية أخرى فقد تكون هنالك صعوبة فى تحديد الدولة السلف فى حالة إنحلال إتحاد يجمع بين عدد من الدول كما تم عند إنحلال دولتى الإتحاد السوفيتي ويوغوسلافيا السابقتين. فعقب إنحلال الدولة القديمة للإتحاد السوفيتي رأى الإتحاد الروسي أنه يجب إعتباره الدولة السلف، ولما كانت الدولة الروسية تسيطر على أكثر من 50% من مساحة الإتحاد السوفيتي، فقد رؤى أن مطلبها صحيح فتولت مقعد الإتحاد السوفيتي فى الجمعية العامة للامم المتحدة ومجلس الأمن، ولكن يبدو أن قبول الأمم المتحدة لذلك كان من وجهة نظر واقعية أكثر من قانونية، لأن روسيا هى المسيطرة على الأسلحة النووية والقوى العسكرية التى تسببت فى منح الأتحاد السوفيتي المقعد الدائم فى الأمم المتحدة . بالنسبة ليوغوسلافيا فعندما إنفصلت أربعة جمهوريات من جمهورية يوغوسلافيا الفيدرالية الإشتراكية، طالبت الدولة التى تبقت من الإتحاد، والتى كانت تضم صربيا ومنتنجرو إعتبارها فى موقع الدولة السلف وأن يئول إليها مقعد يوغوسلافيا فى الأمم المتحدة، ورغم أن الأمم المتحدة وافقت أولاً على ذلك، إلا أنها تحت الضغط الأمريكي سحبت ذلك الإعتراف بعد فترة وجيزة، بدعوى أن الإتحاد قد إنحل ولا توجد دولة خلف، وقد تم قبول صريبا ومنتنجرو فى عضوية الأمم المتحدة بهذا الإسم فى عام 2000 . بالنسبة للسودان فإن هذه المسألة لا تشكل صعوبة لأن الجنوب سينفصل عن الدولة الأم وبالتالي فإن شمال السودان أصبح هو الدولة السلف، وتم تحديد إقتسام الإلتزامات والحقوق الدولية على أساس ذلك.
أثر خلافة الدولة على قانون الجنسية
وفقاً لذلك فإن خلافة الدولة السودانية كانت تجيز للدولة السلف أن تصدر قانوناً للجنسية، يحدد بشكل رئيسي من سيتم إسقاط الجنسية السودانية عنه بسبب خلافة الدولة، أو باللغة العادية بسبب نشوء دولة مستقلة فى جنوب السودان . كما وكانت هذه الحالة يتوجب على الدولة الجديدة، وهى دولة جنوب السودان أن تصدر قانونا للجنسية. وتضع المادة (6) من الإتفاقية الدولية إلتزاما على الدولتين بأن يقوما بذلك على أسرع وجه، وبدون تأخير غير مبرر، كما تلزمهما بإبلاغ الأشخاص الذين سيتأثرون بذلك بأحكام ذلك القانون. الإلزام الأساسى الواقع على الدولتين الخلف والسلف، هو إتخاذ جميع التدابير للحيلولة دون أن يصبح الأشخاص الذين كانوا في تاريخ خلافة الدول يتمتعون بجنسية الدولة السلف عديمي الجنسية نتيجة لهذه الخلافة.(مادة 4 من الإتفاقية).
الجنوبيون المقيمون خارج شمال السودان
بالنسبة للقواعد التى تضمنتها الإتفاقية فلا جدل حول صحة إسقاط الجنسية السودانية عن الجنوبيين المقيمين بشكل عادى فى جنوب السودان، وذلك لأن هؤلاء هم مسئولية الدولة الخلف، فدولة جنوب السودان وفقا لأحكام المادة 24 من الإتفاقية ملزمة بمنح الحق فى جنسيتها للأشخاص الذين يعيشون بصفة عادية فيما أصبح عند خلافة الدولة جزء من إقليمها. ولكن كان يقع إلتزام على السودان بأن لا يفعل ذلك إلا بعد إكتسابهم لجنسية دولة جنوب السودان. أى أنه كان يتوجب على حكومة السودان أن تعمل بالتنسيق مع حكومة جنوب السودان، بحيث يتم إكتساب الجنسية الجنوبية وقت إنفصال الجنوب، ويتم إسقاط الجنسية السودانية عنهم بمجرد سريان قانون الجنسية لجنوب السودان . ودولة جنوب السودان وفقا لأحكام المادة 24 من الإتفاقية ملزمة بمنح الحق فى جنسيتها للموجودين فى إقليم دولة ثالثة، مالم يكونوا قد حصلوا على جنسية تلك الدولة، متى كانت تربطهم علاقات قانونية فيما أصبح عند خلافة الدولة جزء من إقليمها ، أو متى ما كانوا قد ولدوا فيما أصبح عند خلافة الدولة جزء من إقليمها، أو كانوا يعيشون بشكل عادى فيما أصبح عند خلافة الدولة جزء من إقليمها.
الجنوبيون المقيمون فى الشمال
بالنسبة للجنوبيين المقيمين بشكل عادى فى الشمال فلم يكن جائزا لحكومة السودان أن تسقط عنهم الجنسية ضربة لازب، فوفقا للمادة 25 من الإتفاقية فإن حكومة الدولة السودانية لا تستطيع إسقاط الجنسية عن الأشخاص الذين يقيمون بشكل عادى فى أحد مكونات إقليمها بعد الإنفصال، أو الذين لهم صلة قانونية مناسبة بإحدى الوحدات المكونة لدولة السودان والتى تبقت ضمن إقليم السودان بعد الإنفصال، أو يقيمون بصفة إعتيادية فى دولة ثالثة وكانوا قد ولدوا فى أحد المكونات التى ما زالت تشكل جزء من إقليم دولة السودان أو كانوا يعيشون فيها بصفة إعتيادية قبل مغادرتهم لإقليم دولة السودان. ولكن يجوز لحكومة الشمال عقب الإنفصال أن تسقط جنسيتها عن أى من الطوائف التى يتوجب على دولة الجنوب منحهم الجنسية على أن لا تفعل ذلك إلا بعد حصول تلك الطوائف على الجنسية الجنوبية. يجب ايضاً الإشارة لأن المبدأ بالنسبة لحق الإقامة وفق المادة 14 هو أن لا تؤثر خلافة الدول على مركز الأشخاص المعنيين كمقيمين بصفة اعتيادية. ويجب على الدولة المعنية إتخاذ جميع التدابير الضرورية لتمكين الأشخاص المعنيين الذين اضطروا، بسبب وقوع أحداث تتصل بخلافة الدول، إلى مغادرة مكان إقامتهم الاعتيادي في إقليمها من العودة إليه.
الحق فى الخيار
يفرض القانون الدولي على الدولتين مراعاة القواعد متصلة بالحق فى الخيار بين الجنسيتين وهى :
1- تراعي الدول المعنية إرادة الأشخاص المعنيين متى كان هؤلاء الأشخاص مؤهلين لاكتساب جنسية دولتين أوأكثر من الدول المعنية.
2- تمنح كل دولة معنية الأشخاص المعنيين الذين لهم صلة مناسبة بتلك الدولة الحق في اختيار جنسيتها إذا كان هؤلاء الأشخاص سيصبحون، لولا ذلك، عديمي الجنسية نتيجة لخلافة الدول.
3- إذا قام الأشخاص الذين لهم حق الخيار بممارسة هذا الحق، يكون على الدولة التي اختار أولئك الأشخاص جنسيتها أن تعطيهم هذه الجنسية.
4- إذا قام الأشخاص الذين لهم حق الخيار بممارسة هذا الحق، يكون على الدولة التي تخلى أولئك الأشخاص عن جنسيتها أن تسحب هذه الجنسية منهم، إلا إذا كانوا سيصبحون بذلك عديمي الجنسية.
5- ينبغي للدول المعنية أن تتيح مهلة معقولة لممارسة حق الخيار.
تضع الإتفاقية أيضا على الدولتين إلتزام بمراعاة وحدة الأسرة ولذلك فإنه وبالتالي فإن السودان لا يجوز له أن ينزع جنسية جنوبي قبل بإرادته جنسية جنوب السودان متى كان ذلك سيؤدى لأن تفقد أسرته وحدتها.
الجنسية المزدوجة والباب الموارب
على ضوء ذلك كله إننا نرى أن التعديل يجب أن يعود بقانون الجنسية السودانية للمستوى الدولي المقبول، بحيث يقبل الجنسية المزدوجة مع جنوب السودان، خاصة وأنه يقبلها مع كل الدول، وأن يمنح الحق في الجنسية للجنوبيين الذين يتمتعون بروابط قانونية مناسبة مع السودان، وذلك ينطبق بصفة رئيسية على الجنوبيين الذين كانوا يعيشون بصفة عادية فى الشمال، أو المولودون لأب أو أم شمالية بصفة عادية فى الجنوب، وأيضا بالنسبة للقبائل الحدودية من الجانبين الذين ينتقلون عبر الحدود بحثا عن المرعى .
كنا ومازلنا ندعو للتعامل مع الإنفصال بإعتباره ليس نهائياً ولنترك الباب مواربا لإمكانية العودة إلى الوحدة، وأهم الترتيبات التى يمكن لها أن تترك الباب موارباً هى الترتيبات الخاصة بالجنسية لأن فيها تكمن الروابط بين الشعبين وبين الدولتين .
nabiladib@hotmail.com