دعتني نقابة المحامين في الإسبوع الماضي لحضور ورقة يقدمها ديفيد هويل بمقر نقابة المحامين، وكان موضوع الورقة ملفتا، فالورقة تتحدث عن مخالفة الإدارة الأمريكية للقانون الأمريكي فيما يتعلق بتضمين السودان في كشف الدول الراعية للإرهاب، فرفع إسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب هو ما يتمناه الجميع، ففيما عدا القلة المستفيدة من إنهيار الإقتصاد، كلنا ننوء بعبْ تسديد فاتورة بقاء إسم السودان في تلك القائمة.
وقد سمعت إسم هويل هذا أول ما سمعته في إشتراكه في الحملة التي تهدف لخروج الدول الإفريقية عن المحكمة الجنائية الدولية، والتي تدعي أن المحكمة الجنائية الدولية هي محكمة أوروبية لمحاكمة الرؤساء الأفارقة، ولم أكن معجباً بشكل خاص بخطه ذاك. لا أريد أن أدخل في نقاش حول ذلك الآن، ولكنني فقط أريد أن أقول أن السودان لا مصلحة له في تلك الحملة، وأن مصلحته تنحصر فقط في مناهضة الإتهام الموجه لرئيس الجمهورية، وأن الحل الأمثل لذلك يتم عبر تفعيل نصوص الدستور، التي تتحدث عن تحقيق المصالحة الوطنية الكاملة، وتضميد الجراح، وهذه الأهداف توفرها العدالة الإنتقالية، والممثلة في تجارب الدول المختلفة في آلية الحقيقة والمصالحة.
من هو ديفيد هويل؟
ديفيد هويل هو كاتب من زيمبابوي، يتمتع بالجنسية البريطانية، ويباشر عمله من لندن. رسمياً هو مدير مجلس الشؤون العامة الأوروبية السودانية ESPAC وهو مجلس تم إنشاءه في عام 1998م كمجلس الشؤون العامة البريطاني السوداني، وفقاً لموقع المجلس على الشبكة العنكبوتية. ويذكر الموقع أن المجلس يتم تمويله بواسطة القطاع الخاص، ولكنه لا يذكر إسماً محدداً في هذا الصدد. لذلك فإن ديفيد هويل لا يتمتع حقيقة بمصداقية كاملة فيما يكتب، وقد تم التشكيك في كتاباته من قبل عدد من الكتاب منهم الألماني Helmest Strizek والذي يصنف كتابات هويل بأنها ليست من ضمن الكتابات التي يمكن إعتبارها موثوق فيها سياسياً. أكثر ما يؤخذ على ديفيد هويل هو غرقه في السياسة اليمينية، وهو الأمر الذي جعله يظهر في لندن في الثمانينات وهو يحمل شارة في صدره تقول "إشنقوا مانديلا" وهو امر لا يتسق مع تعاطفه اللاحق مع أفريقيا في مواجهة الأوروبيين.
عموماً فرغم ان بعض الدوائر المؤثرة لا تصنف ديفيد هويل كأكاديمي مستقل، فإن ذلك لا يجب أن يمنعنا من سماع وجهة نظره وإستخدامها فيما ينفعنا.
قائمة الدول الراعية للإرهاب
قائمة الدول الراعية للإرهاب هي قائمة خاصة بالولايات المتحدة الأمريكية، يتم إعدادها بموجب ثلاثة قوانين. يحدد وزير الخارجية الأمريكي البلدان التي تدخل في تلك القائمة متى ظهر له من واقع السجل المقدم له أنها ضالعة في تقديم الدعم المتكرر لأعمال الإرهاب الدولي. وهذه القوانين سنوردها هنا باللغة الإنجليزية منعا لأي لبس هي
6(j) the Export Administration Act , section 40 of the Arms Export Control Act, and section 620A of the Foreign Assistance Act.
ينتج عن وضع إسم الدولة المعنية في قائمة الدول الراعية للإرهاب، أن يتم فرض بعض العقوبات عليها. هذه العقوبات تندرج في أربع فئات رئيسية، وهي فرض قيود على المساعدات الخارجية الأمريكية، وفرض حظر على الصادرات والمبيعات المتصلة بالسلع الحربية، و ضوابط معينة على صادرات المواد ذات الاستخدام المزدوج، والقيود المالية. وهي قائمة شاملة لأهم وليس كل القيود الممكن فرضها على الدول الموجودة في القائمة.
بالإضافة لذلك فإن هنالك حزمة من العقوبات التبعية تصدر في مواجهة الدول التي تتعامل مع الدول الراعية للإرهاب، بتعاملات تجارية محظورة، أهمها بيع السلاح.
حالياً السودان هو أحد أربعة دول تشملها قائمة الدول الراعية للإرهاب بالإضافة لكوريا الشمالية وإيران وسوريا.
جوهر ورقة هويل
"لقد أسيء فهم برودون بشكل خاص في أوروبا. ففي فرنسا ، كانوا يتجاوزون عن كونه اقتصاديًا سيئًا، لإعتقادهم بأنه فيلسوف ألماني جيد. في ألمانيا، كانوا يتجاوزون عن كونه فيلسوفًا سيئًا لإعتقادهم بأنه أحد أقدر الاقتصاديين الفرنسيين، فهو ألماني وأستاذ اقتصادي في نفس الوقت. ونحن نرغب في الاحتجاج على هذا الخطأ المزدوج" كارل ماركس في فقر الفلسفة
تقوم مناقشة هويل لمسألة وضع السودان على قائمة الإرهاب، على أنه ليس هنالك دليل على أن السودان قد قام بأي عمل من الأعمال التي تنص عليها القوانين الثلاث التي تجيز للوزير أن يضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب. وقد عمد في ورقته إلى إستخدام امثلة عن تصريحات متضاربة لنفس الشخص تتعلق بنفس الموضوع، وحديث عن بن لادن وإستعداد السودان لتسليمه. وقد أدخل بذلك بعض البهجة على بعض النفوس، ولكنني ظللت غير خاضع لتأثير هذا الإقتراب من المشكلة، لأنني إعتقدت أنه غير مجد ولا يساعدنا في حل المسألة الرئيسية.
لقد كنت أنتظر من شخص يقدم نفسه بإعتباره خبيراً في السياسة الدولية، يقدم ورقة عن مخالفة القرار بضم السودان للقائمة، أن يقدم ما يفيدنا في مناهضتها من منظور قانوني. أما ما ظل يكرره من حين لآخر، من أن إبقاء إسم السودان على القائمة هو في واقع الأمر يخدم السياسة الأمريكية الخارجية، فهذا لا يحتاج لدليل، فمعلوم أن وزير الخارجية لن يُقدِم على أي أمر، ما لم يكن يخدم السياسة الأمريكية الخارجية. كل ما كان مطلوبا من السيد هويل هو أن يقدم إما خطاً سياسياً أو قانونياً، لمناهضة وضع السودان على القائمة، ولكن أطروحة السيد هويل كانت طوال الوقت تذكرني بنقد ماركس لبرودون، فلقد كانت أطروحته من حيث السياسة تهزم نفسها بنفسها self defeating لأنها ترغب في إثبات أن قرار السيد وزير الخارجية يخدم السياسة الأمريكية الخارجية، وهذا هو بالضبط ما هو مطلوب منه. أما من حيث القانون فهي فاقدة للفاعلية تماما.
السيد هويل يريد أن يقول أن وزير الخارجية الأمريكي، من الناحية القانونية، خالف القانون حين أمر بضم السودان إلى قائمة الدول الراعية لللإرهاب دون أن يكون لديه دليلاً على ذلك. ورغم أن السيد هويل لم يكن في هذه الفرضية مقنعاً، خاصة وأنه لم يتعرض لضلوع الشيخ محمد عبد الرحمن في دعوى محاولة تفجير مبنى التجارة الدولية، التي صدر في أعقابها القرار، والذي كان على علاقة طيبة بالحكام في السودان آنذاك، وكان مقيماً لفترة في السودان ، ومنه حصل على التأشيرة لدخول أمريكا. إلا أن كل هذا ليس بذي جدوى بدوره، فالمسألة بالنسبة لنا نحن المحامين هي على ماذا نبني موقفنا القانوني إذا ثبت لنا ان السيد وزير الخارجية قد بنى قراره دون أن تكون أمامه بينة كافية، إلى أين نأخذ دعوانا؟ السؤال هو هل نستطيع أن نأخذها إلى القضاء الأمريكي؟ إذا كان ذلك هو السبيل المتاح فما هي فرص نجاح طرقه؟
البينات المطلوبة لإتخاذ القرار
لا نعرف سابقة أمريكية حاولت فيها دولة أن تتحدى، امام المحاكم الأمريكية، مدى صحة قرار وزير الخارجية بضمها إلى قائمة الدول الراعية للإرهاب. ولو حاولنا أن نجد سابقة تفيدنا في هذا الموضوع فإن بحثنا سيطول دون فائدة، لذلك فلن نفعل. ونكتفي هنا بالنظر إلى السوابق المتعلقة بالمنظمات، وليس الدول، الراعية للإرهاب، فوفقا للقانون الأمريكي يمكن لوزير الخارجية أن يضع أي منظمة أجنبية ضمن قائمة المنظمات الداعمة للإرهاب، و يترتب على ذلك الإدراج بالقائمة نتائج قانونية خطيرة، حيث يصبح من غير المشروع لأي شخص في الولايات المتحدة، أو خاضع لولاية الولايات المتحدة، تقديم دعم مادي، أو موارد عمدا إلى تلك المنظمات. إذا نظرنا إلى مدى رقابة المحاكم الأمريكية على البينات التي إستند عليها السيد وزير الخارجية، والتي بنى السيد هويل ورقته على ضعفها، نجد أن المحاكم الأمريكية تدخلها في هذا الموضوع يكاد أن يكون غير موجود. وهذا ما جعل المحكمة تشعر بالإحباط وتعبر عنه في دعوى Mullane v. Cent. Hanover Bank & Trust Co., 339 U.S. 306, 314 (1950). بقولها إن المحكمة محبطة بشكل واضح بسبب عدم وجود ضمانات إجرائية تمكنها من الرقابة على صحة النتائج التي توصلت إليها وزيرة الخارجية. وهو الأمر الذي دعاها أن تذكر في مفتتح حكمها، أنه في العادة تبدأ محاكم الاستئناف حكمها بما تعتبره الوقائع الثابتة في الدعوى، ولكنها لن تفعل ذلك في هذه الدعوى، لأن ما ستتلوه في القسمين التاليين قد يكون أو لا يكون حقائق. "إن المعلومات التي سيتم تلاوتها هي بالتأكيد لم تثبت بدليل من النوع الذي يتم عادةً تلقيه في المحاكم، لأن المادة التي إعتمد عليها وزير الخارجية كسجل يقرر بموجبه، قد إستُمدت من مصادر بعضها قد تمت تسميته، والآخر لم يُسمى ، وليس لدينا طريقة لتقييم مدى دقتها" وأضافت المحكمة "لأنه لا شيء في التشريع يقيد الوزير من أن يعتمد على تقارير منقولة لثلاث مرات عن جهات مختلفة، قبل أن تصله ) (third hand information أو قصص صحفية، أو مواد مأخوذة من الإنترنت، أو غيرها من الإشاعات فيما يتعلق بأنشطة المنظمة" ، قد يتكون "السجل الإداري" في نهاية المطاف من لا شئ آخر، كشفت المحكمة عن مدى عدم ارتياحها لكل ذلك بقولها " لن نتوصل إلى أي حكم على الإطلاق فيما يتعلق بما إذا كانت المادة المعروضة على الوزيرة صحيحة أم غير صحيحة. وكما كتبنا في وقت سابق ، فإن السجل يتكون بالكامل من إشاعات، لم يتعرض أي منها على الإطلاق لاختبار بواسطة الخصم، ولم تكن هناك فرصة للأدلة المضادة من قبل المنظمات المتأثرة بذلك القرار. ربما تكون استنتاجات الوزيرة خاطئة ، لكن ذلك يعتمد على جودة المعلومات الواردة في التقارير التي تلقتها، وهو أمر ليس لدينا طريقة للحكم عليه. كما ورأت المحكمة في People's Mojahedin Organization of Iran v. Department of State ("PMOI) أن السلطة التنفيذية لديها مصلحة قاطعة في سرية معلوماتها الحساسة وأن المحاكم مكان "غير ملائم لتحديد حساسية المعلومات السرية" ، أكدت المحكمة من جديد أن وزير الخارجية يحتاج فقط إلى الكشف عن المعلومات غير السرية المستخدمة في التسمية إلى المنظمة المعينة.
الإستثناء الوحيد الذي يسمح للمحكمة بمراجعة البينات التي أسس عليها الوزير قراره، هو أن يثبت الطاعن أنه يجوز له تحدي القرار من ناحية مخالفته للتدابير السليمة للقانون Due process of the law وهو تحدي غير متاح للدول الأجنبية. ومن كل ذلك نرى أن الحديث عن ضعف البينات التي قرر بموجبها وزير الخارجية وضع السودان في القائمة، لن تأخذنا بعيداً لأنها مسألة ستكون المحاكم مشلولة أمامها.
القرارات ذات الصبغة السياسية
لقد قامت ورقة السيد هويل على أن قرار السيد وزير الخارجية في هذا الصدد هو قرار سياسي وليس قانوني، وهذا بالضبط ما سيهزم أي محاولة لمقاومة القرار من الناحية القانونية. بالنسبة للقرارات ذات الطبيعة السياسية، ومن ضمنها القرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية، فإن المحكمة العليا كانت دائما ترفض أن تضع قرارها محل قرار السلطة التنفيذية، فإما أن تؤيدها، أو ترفض التدخل فيها. ففي قضية بيكر ضد كار (1962) وهي القضية الأساسية في هذا المجال، أوجز القاضي وليام برينان رأي الأكثرية بقوله أنه من بين حالات أخرى، أن الامتناع عن التدخل القضائي سيكون مناسباً كلما أثارت قضية ما مسائل تتعلق بالسياسة الخارجية.
في دعوى v. Kerry Zivotofsky حيث كان موقف وزارة الخارجية يقوم على عدم دستورية القانون الذي يلزم الرئيس باتخاذ موقف معين في السياسة الخارجية، على أساس أن القانون ينتهك سلطة الرئيس في الاعتراف بالدول الأجنبية وفقا لما يرى. وقفت محكمة الاستئناف في مقاطعة كولومبيا في يوليو 2013 ، مع وزارة الخارجية في هذه النقطة. وعندما وصلت الدعوى للمحكمة العليا قررت في 2015 أن الرئيس يتمتع بالسلطة الحصرية لمنح الاعتراف الرسمي لدولة أجنبية. وأنه يمكن للرئيس أن "يعتمد فقط على سلطاته الدستورية الخاصة به مطروحًا منها أي صلاحيات دستورية للكونغرس بشأن هذه المسألة"
في دعوى Kiobel v. Royal Dutch Petroleum والمتصلة بأحكام قانون التواطؤ الأجنبي (ATS) ، الذي أقره الكونغرس الأول في عام 1789. والذي يوفر للمحاكم الفدرالية ولاية قضائية على الدعاوي المؤسسة على إنتهاك للقانون الدولي، أو معاهدة مع الولايات المتحدة، بالنسبة لوقائع وقعت خارج الولايات المتحدة، رأت الأغلبية بأن السماح بالولاية القضائية خارج الإقليم سيشكل خطراً في" الميدان الدقيق للعلاقات الدولية ". إن الافتراض القائم" ضد تطبيق القانون خارج الحدود الإقليمية يساعد على ضمان عدم إتخاذ السلطة القضائية، نتيجة لتفسير خاطئ للقانون الأمريكي، قراراً يؤدي لتأثيرات على السياسة الخارجية، لا تريدها الفروع السياسية بوضوح ".
في قضية غولدووتر ضد كارتر، والتي طعن سبعة وعشرون عضواً في الكونغرس في ممارسة الرئيس لحق الولايات المتحدة في إنهاء معاهدة الدفاع المتبادل التايوانية. وكذلك في قضية نارنجي ضد المدنيون، حين طعن الإيرانيون الذين يحملون تأشيرات طلابية في لائحة تنفيذية تمنع استفادتهم من إجراءات فحص الهجرة، قبلت المحاكم الجزئية نظر الدعوتين إلا أن قرار المحكمتين قد ألغي في الاستئناف، حين قررت المحاكم الإستئنافية أن المحاكم الفيدرالية لا يجوز لها التدخل في الشؤون الخارجية للولايات المتحدة.
قررت المحكمة العليا أن القضية تقوم على نقطة نزاع سياسية، وأن المحكمة الجزئية ما كان يجوز لها أن تسمع القضية، لأنها" تنطوي على تحدي لسلطة الرئيس في إدارة العلاقات الخارجية لبلادنا"
السبيل للخروج من القائمة
إذا كان الطريق إلى إنهاء بقاء السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب عبر قرار قضائي غير وارد، فالحديث عن وجود بينات تسند ذلك القرار لا يعود له جدوى.
كل ما أراد هويل أن يثبته، هو أن القرار بوضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب هو قرار سياسي. حسناً ولكن هذا بالضبط هو ما يحصنه ضد القضاء الأمريكي، ويجعل الإدارة الأمريكية مستقلة بالقرار فيه، لأنها مسألة متعلقة بالسياسة الخارجية الأمريكية. وبالتالي فإن الوصول إلى هذا الهدف يتم عبر مفاوضات مع وزارة الخارجية الأمريكية ولن يجدي في ذلك اي مرافعات قانونية. لذلك فإنني أقترح على الأصدقاء في نقابة المحامين أن يتركوا هذا الأمر للدبلوماسيين، فليس للمحامين ما يمكن أن يقدموه في هذا المجال.
وهذا الأمر مفهوم لوزارة الخارجية، لذلك فإنها أخذت الطريق المختصر لذلك. وقد صرح الوزير غندور أنه بصدد فتح حوار مع وزارة الخارجية الأمريكية حول رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب في هذا الشهر. لا أعتقد أن الوزير النابه غندور في حاجة للحجج التي قدمها السيد هويل حول عدم ضلوع الحكومة السودانية في رعاية الإرهاب، ولا للعودة بنا إلى أيام بن لادن، مع ما تحمله من خطر التذكير بأن أمريكا كان الظن آنذاك أنه قد دنا عذابها. الموضوع كله يتوقف على ما ذكره السيد نائب وزير الخارجية الأمريكي لدى زيارته للسودان في أواخر نوفمبر الماضي، حين ذكر أن الطريق لتحسين العلاقات يمر عبر إصلاح حالة حقوق الإنسان في السودان. واقع الأمر هو أن إصلاح حالة حقوق الإنسان يحققها إصلاح القوانين لجعلها متلائمة مع الدستور، وهذا لا يحتاج لمفاوضات، فهو خضوع لنص دستوري. وإصلاح حالة حقوق الإنسان هو أحد ركائز الوثيقة الوطنية، التي ضمت مخرجات الحوار الوطني، الذي دعت إليه الحكومة، وبصمت على نتائجه، وتعهدت بإنفاذها. إذاً ماهي المشكلة ؟ المشكلة هي أن الحكومة لا تتوفر لديها الإرادة السياسية لإجراء الإصلاح القانوني الذي طالبها به معارضوها وأنصارها على السواء، لأنها تتوجس من من إنفاذ الحريات العامة المضمنة في الدستور.
قد تحتاج الحكومة لحوار مع الخارجية الأمريكية، لكنها تحتاج أكثر لحوار مع نفسها.
نبيل أديب عبدالله
المحامي
nabiladib@hotmail.com
/////////////