*كنت في مسجد قالوبلي بأوبرن لأداء صلاة الجمعة إبان وقوع الهجوم الاثم على مسجدين بكرايست تشيرس بنيوزيلندة الذي إستشهد فيه أكثر من50 مصلياً برصاص غادر وهم يصلون في سلام، إضافة لعشرات من المصابين تقبل الله الشهدء بواسع رحمته وعاجل الشفاء للمصابين. *قبل أن أتناول هذين الهجومين الاثمين لابد أن أذكر ان مسجد قالوبلي أحد المساجد الكثيرة في سدني كان محتشداً كالعادة كل يوم جمعة بالمصلين الذين ضاقت بهم ساحة المسجد في الطابقين وفي الساحة الخارجية بصورة تشرح الصدر وتفرح القلب. *قصدت من هذه المقدمة تأكيد حقيقة إنتشار الإسلام في العالم رغم كل المؤامرات المصنوعة التي تحاك ضده عبر جرائم إرهابية يرتكبها بعض الغلاة أعداء الحياة والسلام والتعايش الإنساني وينسبونها إلى الإسلام والإسلام برئ منهم ومن أفعالهم. *هناك شبه إتفاق وسط الرأي العام المحلي والإقليمي والعالمي على أن الإرهاب لادين له ولا وطن ولا جنس وأنه موجود منذ قديم الزمان في المجتمعات الإنسانية بمختلف معتقداتهم وثقافاتهم وأصولهم الإثنية. *هناك أيضاً شبه إجماع على رفض وإدانة كل الجرائم الإرهابية في أي مكان ومن أي جماعة أو أفراد، كما حدث للهجومين الاثمين على المسجدين بنيوزيلندة الجمعة الماضية، لكن لابد من التوقف عندهما لدلالتهما الخطيرة على تنامي جماعات الغلاة والعنف وكراهية الاخر في الكثير من المجتمعات، الأمر الذي يهدد السلام والتعايش بين الناس كافة. *لابد أولاً من تجنب ردود الأفعال الإنفعالية والتصنيفات المسبقة والتعميم المخل الذي يؤجج الفتن بين مكونات الأمم والشعوب بل داخل الشعب الواحد، خاصة عندما نعرف طبيعة الفعل الإجرامي ودوافعه كما في هجومي نيوزيلالندة الذي تم تصويره والتبشير له عبر بيان مكتوب نشر بعض ما جاء فيه في بعض الصحف. *حسب إفادات إعلامية وصحافية فإن المتهم الأول قد أعد مسبقاً بياناً من 74 صفحة إعترف فيها بانه قومي متعصب إثنياًً بل وفاشستي كما ورد في الغارديان، وأنه خطط لهذا العدوان مع سبق الإصرار وأنه يكن عداءً للمهاجرين. • *بغض النظر عن التحقيقات التي بدأت مع عدد من المتهمين في هذين الهجومين الاثمين فمن الواضح ان ماحدث يجسد عملياً إفرازات جماعات الغلاة دعاة كراهية الاخر التي يتبناها بصورة مؤسفة اليمين المتطرف في كثير من بلاد العالم بقيادة زعيمهم المثير للجدل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. • *نثق في أن العدالة ستأخذ مجراها وينال الجاني او الجناة عقابهم المستحق، لكن الأمر المهم الأهم هو محاصرة تنامي العنف و كراهية الاخر وسط جماعات اليمين المتطرف التي لا تستند على مرجعية عقدية أو فكرية أو سياسية، إنما كا ذكر الجاني في رسالته" المانفيستو" فإنه يستند على خلفية إثنية معادية لكل الاخرين. • *هذا يضاعف المسؤولية الإعلامية والتوعوية وسط أنصار السلام والخير والمحبة والتعايش الإيجابي بين الناس لتعزيز القيم الإيجابية التي تحافظ على السلام والتماسك المجتمعي والإنساني في كل بقاع العالم بلا تعصب ولا كراهية أو إدعاء وصاية فوقية على الاخرين، مع ضرورة وضع وتنفيذ كل الترتيبات القانونية والأمنية لتأمين السلام المجتمعي وحامية دور العبادة من كل أنماط التعدي والعنف المادي واللفظي. •