من حسنات المعتقلات :معرفتنا لبعضنا

 


 

 

 

*اعلان قوانين الطوارئ وانزالها الى ارض الواقع ومحاكمة المحتجيين وتجار الوقود والدقيق بمقتضاها والحراك الجماهيري الذي دخل شهره الرابع في هذا الجو المأزوم ، امتلأت المعتقلات بالشباب والشابات والشيوخ في مناظر غاية في الالم وعندما تصادر الحريات العامة تحت اي مسمى تكون القيم الانسانية الرفيعة قابلة للبزوغ في كل آونة وحين ،فالحكومة التي ارادت ان تواجه الاحتجاجات ضد الازمة بمزيد من القهر والاستبداد وفتح المعتقلات على مصراعيها حتى اصبح لكل بيت نصيب في الاعتقال بدرجات تتفاوت ،لكن القاسم المشترك الاعظم بين كل اهل السودان هو انهم سيواجهون العنف بالعنفوان ،والامر قد استحكم لدرجة احتاج فيها الى الحل العاجل فليس امامنا من سبيل للحفاظ على المتبقي من هذا الوطن المحزون سوى الوقوف مليا امام حقائق الواقع التي تشير الى عبقرية هذا الشعب الذي ينظر للمأساة بروح تغذي فيه الحس الجمعي للبحث عن مخرج.

*وشعبنا بمختلف احزابه وتباين الرؤى الفكرية عند بعضنا البعض فقد ساقت الانقاذ الجميع بمعتقلاتها المفتوحة الى ان يتوحدوا خلف الارث السوداني النبيل فما خرج به بعض الذين تم اطلاق سراحهم انهم كانوا يُبرزون القيم عند بعضهم البعض فيحدثونك عن ان شيخ المناضلين السودانيين المهندس/ صديق يوسف ظل في محبسه بأعوامه الثمانية والثمانين لا يشكوا ولايكل ولايمل ويقابل اصحاب السجن بابتسامته الوضيئة ويطالب لهم بحقوقهم عند سجان شرس ولايطلب لنفسه شئ فليس عجيبا ان ترى في منزله عمر الدقير من المؤتمر السوداني وبروفيسور جلال مصطفى يوسف من تيار الوسط للتغيير وبروفيسور حيدر الصافي من الحزب الجمهوري و ياسر العوض واحسان عبد العزيز من الحركة الشعبية اجتمع كل هؤلاء الاقطاب من اليمين واليسار والوسط جمعهم محبة وتقدير ينطون عليه لسيد المناضلين وشيخهم ، وبرغم الحيرة البادية في وجوه الجميع الا ان هذا الجمع يبشر بأن مستقبل هذا البلد منفتح على التغيير الناضج والمستنير .
*الدرس المستفاد من هذه التجارب المريرة وهذا القهر الذي لم يستثني احدا قد برزت منه النتائج الباهرة في ان المشهد السياسي الذي يضج بالاحتجاجات يتشكل في داخله ما يجعل من التغيير وسيلة لبناء انسان جديد قبل السودان الجديد وهذا يحسب في ميزان حسنات جماعة الاسلام السياسي الذين اوصلونا الى مرحلة غاية في الرفعة من انه لن يخرج علينا احد ليخدعنا باسم الدين ولا يمكن لأهل السودان ان تجوز عليهم مرة اخرى اكذوبة وخداعاً باسم القداسة في السياسة ،شكرا للأب صديق يوسف شيخ المناضلين والمعتقلين السياسيين الذي استقبل ذكرى ميلاده في المعتقل وخرج ليواصل مسيرته في مقاومة الفساد والاستبداد ؟اطلقوا سراح كل المعتقلين السياسيين فان السجن ليس حلا ولن يكون ، ولكن من حسنات المعتقلات معرفتنا لبعضنا وإن اختلفنا..وسلام يااااااااوطن..
سلام يا
عندما اعلن مولانا احمد هارون عن ايقاف الوجبات في اجتماعات المؤتمر الوطني بالمكتب القيادي فهل كان ذلك خطوة اولى من سيادته ليعد القوم للأنيميا ؟! خاصة وانهم عندما نراهم في امواج نرى كم الشره وهم يزدردون الطعام ازدراداً ، التحية لمولانا احمد هارون وهو ينتبه الى ان المؤتمر الوطني تمر افكاره عبر معدته فأرادهم بلا نقط نقط ...وسلام يا..
الجريدة الاثنين 25/3/2019

 

آراء