ماذا يعني التلصُص ليلاً لمسح شعارات الثورة ورموز شهدائها من الجدران؟ ومَنْ أولئك الذين يقفون خلف هذه المحاولات الدنيئة التي تحاول طمس ومسح مآثر الثورة الخالدة التي خطّها الشباب والرجال والنساء والأطفال بدمائهم قبل أن تخطّها أيدي الإبداع... ما أكبر الوهم إذا ظن هؤلاء الجهلة وأحباب الظلام والقهر أنهم بتلويث الجدران ومسح الشعارات قد مسحوا الثورة.. فالثورة أضحت مجسّدة ومطبوعة في ضمائر الناس ومحفورة في أفئدتهم ووجدانهم.. وهيهات...!!
سواء كان مَنْ يقف خلف هذا العمل الوضيع عسكريين أو مدنيين مسؤولين أو بشر من السابلة والدهماء.. وسواء كانوا بعض (دعاة النصب والاحتيال) أو المتاجرين بالدين أو بعض المهووسين من ربائب الإنقاذ التي زادت الإنقاذ من جهلهم بشعاراتها الفارغة وتشجيعها للإرهاب والتطرف والتشدد الكاذب و(الفقه الميت) أو إذا كانوا من فلول وموتوري المؤتمر الوطني أو الشعبي- لا فرق- أو من يسمون أنفسهم كذباً وتمويهاً بأنصار الشريعة أو كانوا من (محبي الباسطة ولحم الضأن) أو كان وراء هذا العمل (الخسيس) أثرياء الغفلة من الراتعين في الحرام الذين تؤذيهم شعارات العدالة والسلام والحرية ويخافون على (تولاتهم) ويخشون من انكشاف سرقاتهم تحت أضواء الثورة.. أو كانوا من الذين تسنّموا مناصب لا يستحقونها فسرقوا ريع الدولة وتنعموا بالمال الحرام...الخ فكل الأمر سواء وسيذهب جهدهم هباء.. وستبقى الثورة في القلوب ويظل هؤلاء الذين يتلصصون بالليل لمحو شعاراتها وإبداعاتها في حُكم الجرذان الليلية التي لابد أن يكشفها ضوء النهار.. وسيقول الناس عنهم جرذان لأن (الفاعل مجهول) ومتى فعلوا ذلك بالنهار وكشفوا عن أنفسهم واحترموا أدميتهم وقالوا (بعضمة لسانهم) نحن الذين فعلنا ذلك ..حينها سنرفع عنهم اسم الجرذان ونرد لهم بشريتهم ونحاورهم بالحسنى ونقول لهم: ماذا يضيركم في تزيين المدن التي دمغتها الإنقاذ بالقبح والكآبة.. ولماذا ترفضون استبدال القبح برسومات تنطق بالنور والضوء وحيث تشع الريشة المُبدعة جمالاً يشعر فيه الناس بقيمة تراثهم ومعالم بلادهم لشحن أنفسهم بالأمل والانشراح والفأل والبشرى من أجل تقوية العزائم لبناء السودان الجديد..وحتى تظل ذكرى شهدائهم الكريمة حيّة في النفوس تلهم بالتضحية ونكران الذات وهم يبتسمون للحياة قبل أن تغتالهم يد الغدر والهمجية؟!
هؤلاء هم الإنقاذيون الفاسدون وشيعتهم من الانتهازيين الذين أزعجهم زوال الإنقاذ (التي لا يبغون عنها حولا)..هم معروفون بسيماهم.. إنهم الإمّعات (أصحاب العاهات) الذين يكرهون الفنون ويعادون الإبداع.. إنهم أصحاب الأحاسيس المتحجّرة والحس الغليظ التي لا يستجيب لدواعي الجمال ومعاني الحب والرحمة والخير والحق.. وقد ظلوا يمسكون بتلابيب السلطة وكل مؤسسات البلاد وأموالها وتحت أيديهم كل إمكاناتها فهل استطاعوا رسم (لوحة واحدة)؟ أو كان بينهم شاعر أو قاص أو فنان أو روائي أو مسرحي أو مطرب أو خطاط واحد..؟! (سبحان الله يا خي)..! مع أن أحوال البشر الأخرى تسري عليهم.. فقد تجد بينهم القاتل والسارق واللص والمرتشي والكاذب والشحيح والبخيل والحاسد والخائن والجاهل والحاقد والمأفون وهاتك العرض وعديم المروءة ومكذوب الدين.. والرويبضة (قيل وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال الرجل التافه ينطق في أمر العامة)..!!
مسحتم الجدران.. هل مسحتم الثورة وتوقير شهدائها من وجدان الشعب وضميره..؟! (هل تمسحون من السماء نجومها .. بأكفكم أم تطمسون هلالها)..؟!