التعافي من جماعة المتعافي: مصارف (البركاوي) !!

 


 

 

 

قرأنا في منصّات التواصل الاجتماعي حديثاً منقولاً عن "عبد الحليم المتعافي" يقول فيه إن (التمكين الجديد أقبح من تمكين الإنقاذ) وهو يقصد وزراء ثورة ديسمبر... وقلنا ربما للرجل بيّنة وسند وبرهان.. والحقيقة إن المرء يُعرف بقرينه.. وقد حاولنا أن نعثر على إشادة بالمتعافي وانجازاته.. ولمّا لم نجد من يهلل له غير الطيب مصطفى قلنا: (إذن فليمد أبو حنيفة رجليه)...!!

ومع الكلام المنسوب للمتعافي قرأنا رداً من سيدة حصيفة وضعت الأمور في نصابها وموازينها وقالت له إن العبرة بنظام الحكم وليس الأشخاص.. وكأنها تشير إلى بيئة الإنقاذ (الموبوءة) التي تكافئ على الفساد وتجعله (عتبة للترقي) وإشارة لـ(المودّة في القربى)..!

غريب هذا الكلام لشخص من الإنقاذ لا يزال (عندو نفس) ليتكلم عن الشؤون العامة وعن الفرق بين وزراء الإنقاذ ووزراء ثورة ديسمبر ويتجرأ فيقول (الوزراء الآن كوارث يقولوا لوزراء الإنقاذ وين انتو؟) وهو يعني بـ"وين انتو" وزراء الإنقاذ بما فيهم (سيادتو) وأنهم الأفضل..! فبالله عليكم ماذا كانت محصلة هذا الرجل الذي تنقل في الوزارات وفي حكم الولايات كما شاء.. (وشاء له الهوى).. هل كان يخدم الوطن وأهله، أم كان يعمل لحسابه الخاص وحساب شركاته وثرواته..؟ والعبرة بما وصل إليه حال الوطن من الإنقاذ: خراب عام غير معهود في دنيا السرقة والاستباحة وبيع (كل حجر ومدر) في البلاد بأبخس ما يكون بيع الأراضي والموانئ والمؤسسات والميادين و(الذمم) والبواخر والطائرات و(كرامة الوطن)...الخ حتى أن احد رفقائه قال في حسرة (جيت لقيتهم باعوا كل الأراضي وما فضلوا أي حتة)..!

أين يجد هؤلاء القوم هذا النوع من (قوة العين)..!! شاهد الناس هذا المتعافي في التلفزيون عندما (زنقه) مزارعون يطالبون بحقوقهم واستحقاقاتهم كيف قذف في وجهوهم بـ(مايك الميكرفون) وغادر مكانهم في استعلاء و(قرف) وكأنه مالك مزرعة خاصة في (بريتوريا) أيام الفصل العنصري وليس موظفاً خادماً للشعب الذي يدفع له مرتبه وما فوق المرتب..هذا هو الرجل وهؤلاء هم وزراء الإنقاذ الذين يبكي على أيام تمكينهم...! بالله عليكم ماذا استفاد السودان من المتعافي وزيراً ووالياً وقيادياً في الإنقاذ (منزوعة البركة)؟!..وهل هناك شيء في الدنيا أقبح من الإنقاذ؟!

قال مرّة أمام الناس في التلفزيون عندما سألوه عن التداخل بين العمل العام والعمل الخاص.. (أنا ما زول كيشه أسجل أملاكي باسمي... المزرعة مسجلة باسم أخواني) هذه هي (فهلوة) أيام الاستباحة..! أيام كان الوزير أو الوالي يدير شركاته وهو في المنصب ويمنح العطاءات بنفسه لنفسه؛ فيمكن أن يكون الإنقاذي وزيراُ للزراعة وله شركاته ومشروعاته الزراعية، ووزيراً للصحة وله مستشفياته، ومديراً لجامعة وله جامعاته، ووزيراً للصناعة وله فابريكاته.. هؤلاء الناس لا تحاول أن تجهد نفسك في معرفة دوافعهم وممارساتهم.. هذا هو حال قيادات الإنقاذ من المستوزرين و(العصبجية) والتابعين وعبدَة الدراهم..ولو كانوا بشراً عاديين لكان أحرى بالفرد منهم (بعد الثورة التي اندلعت ضد الحرامية) أن يقبع في بيته صامتاً نادماً على جرائمه إلى حين استدعائه ومساءلته حول ما سرق وما أفسد وما ضيّع من حقوق وما جر على البلاد والناس من كوارث ومن ظلم وجور وشهادة زور وتبديد موارد واستباحة حرمات.. لو كان منهم من يدخل في تصنيف الناس الأسوياء لقرر أن يواجه بشجاعة تبعة ما صنعت يداه أو أن (يهِج) إلى أي مكان في الدنيا ويهرب خِلسة كما حاول أن يفعل صاحبهم (زول معبر ارقين)..!

لكن هؤلاء نوع غريب من البشر.. ولن تجد في تاريخ البشرية نظيراً له في موت الضمير واستوحاش النفس.. فهم ليسوا من أهل الهمة أو الرغبة قي بناء الوطن وإصلاح حاله وخدمه أهله ولكنهم (طفحوا) على سطح الدنيا ليتملكوا زمام السلطة من غير هدى ولا كتاب منير... لم يكونوا من (نوّارات المجتمع) أو ممن ينشدون محبة الناس.. إنما كانوا في الغالب الأعم من صنف الانعزاليين (الضبلانين) الذين (يكش) الناس من رؤيتهم (لله في لله) والذين تطوف على وجوههم سحائب مظلمة من أثر (انعكاس الباطن على الظاهر).. فلا ترى منهم غير شح النفس و(السناحة) والوجوه التي (ترهقها قترة) والطلعة الباهتة المنحوسة التي لا تنبئ بخير...!

هكذا كان تاريخهم قبل السلطة.. (فقر في المروءة) ونفور عن كل ما يجمعهم بالناس..لا يحفظون عهداً ولا يتداعون لمعروف..! هؤلاء هم الذين أخرجتهم الإنقاذ من كهوفهم المظلمة وقالت: هؤلاء هم الوزراء والقادة..! (سبحان الله عمّا يصفون)..!!

من عادة الذي عليه دين لا يرغب في سداده أن ينزوي عن العيون، ومن عادة أصحاب السرقات الاختباء عن الأنظار.. ولكن هؤلاء البشر لهم جرأة غريبة.. وهي (بالمناسبة) ليست جرأه شجاعة ولكنها (جرأة بجاحة).. بعد كل ما فعلوه (يتفاصحون) ويتطاولون على الناس ويلقون عليهم الدروس بما يجب أو ما لا يجب فعله....!

هل الوزراء والمسؤولون الجُدد أقبح من وزراء المؤتمر الوطني وأقل تأهيلاً من تمكين الإنقاذ؟ ربما يقصد المتعافي صاحبه الذين كان رئيساً للبرلمان ثم وقف خطيباً يحاكي صوت ماكينة طباعة العملة (ربربربربرب.. حتى السقف) ويهدد الناس بعدم رفع رءوسهم (خلال أسبوع) لأنه سيقطعها..! أم وزير الصحة الذي قال إن الحكومة تصرف على مرضى السرطان ثم يموتون..وهو يرى في ذلك (إخلالاً بترشيد الصرف).. ثم يسافر للهند للعلاج الطبيعي من (فليته)..! أم يقصد السفير ووزير الخارجية وحامي (خزائن جنيف) الذي قال إن السودانيين (كانوا شحادين قبل الإنقاذ) أم وزير المالية ورئيس حركتهم الذي قال إن السوداني قبل الإنقاذ كان (عندو جلابية واحدة.. وما سمع بي حاجة اسمها كرسي) أم (النائب صاحب الكتائب) الذي أفتى بأن السودانيين كانوا قبل الإنقاذ لا يجدون (قشة كبريت) فيستلفون (الجمرة) من جيرانهم..(من غير أن يشرح لنا كيف أوقد الجيران نارهم)..!! أم الخبير الإعلامي ومدير وكالة أنباء السودان الذي قال إن دخل الفرد في الإنقاذ 1800 دولار.. وربما يقصد المسؤولين من أصحابه الذين كانوا يتنافسون على (الزوجة الرابعة) والعمرة العاشرة من مال الدولة.. أو وزير الدفاع الذي قال انه يدافع عن ثغور البلاد (بالنظر)..ولا ذنب له لأن (الطيارة جات طافية الأنوار وقت العِشا)؟ أم من قال (أمسح أكسح.. ما تجيبو حي)؟ أم نائب رئيس الدولة الذي قال أن السودانيين قبل الإنقاذ كانوا (يتقاسمون الصابونة)؟ أم الذي قال إن من يريد أخذ السلطة من الإنقاذ عليه أن يختبر (قوة ضراعو) أم يقصد الدبلوماسيين الذين يتحرّشون (بالخواجيات) في الحافلات والمواخير.. أو لعله يقصد المسؤولين سارقي أموال الأوقاف والزكاة، أو من تحدى الناس بـ (لحس الكوع).. أو ربما يعني (الرئيس شخصياً) الذي تكفّل بـ(صرف البركاوي) للسفيرة البريطانية...!

صحافة المؤتمر الوطني هي التي تساءلت عن أسباب خراب مشروع الجزيرة تحت ولاية المتعافي للمشروع ولوزارة الزراعة.. وعن النزاع الغريب بينه وبين وزير آخر حول رئاسة إدارة المشروع، وعن حكايته مع (مدير وقاية النباتات)..!
وبرلمان الإنقاذ هو الذي تحدث عن مخالفات بنك الثروة الحيوانية وشركة داجن وشراء أسهم البنك (بالقيمة الدفترية)..! والصحفيون الإنقاذيون هم الذين تحدثوا عن قصة التبرّع (خارج القنوات) بثلاثة مليارات لاتحاد مزارعي النيل الأزرق (جماعة باكاش) وسألوا عن مصيرها ومصير مال التقاوي والتراكتورات.. وهم الذين تحدثوا عن السكر المستورد وعن شريك المتعافي في الاستيراد، وعن الشركة التي تضارب شركة سكر كنانة.. وعن "مشروع تسمين العجول"...! وقال المتعافي بعضمة لسانه في حوار صحفي (يعني عشان بقيت وزير أمشي أقفل مزرعتي)؟ ثم قال (حتى لو كنت فاسداً لن أكون غبياً لهذه الدرجة).... وفي عبارته الأخيرة معنى أن الذكاء يمكن أن يغطي على الفساد.. واللسان "مُغراف القلب"..!!

.. يا جماعة القصة طويلة.. وما يعرفه الناس عن (بلاوي) المؤتمر الوطني وجماعته لا يزيد عما يعلق بإبرة صغيرة من مياه المحيط الأطلنطي..! الله لا كسّب الإنقاذ..!


murtadamore@gmail.com

 

آراء