من تاريخ الشرطة في عهد الحكم الثنائي Percy Martin بيرسي مارتن ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
مقدمة: هذه ترجمة لما جاء في الفصل السادس عشر من كتاب (السودان في طريق التطور Sudan in Evolution) لمؤلفه البريطاني بيرسي اف. مارتن Percy F. Martin (1861-1941)، الذي صدر بلندن في عام 1921م عن دار نشر كونستابل وشركاه. Constable & Company ويتناول هذا الفصل تاريخ السجون بالبلاد في عهد الاستعمار الإنجليزي – المصري. للمزيد عن تاريخ الشرطة في السودان يمكن النظر في أطروحة الدكتورة ويلو بيريدج المعنونة: "تحت ظل النظام: تناقضات حفظ النظام في السودان بين عامي 1924 و1989م"، ومقاليها "أَوْكارٌ المجرمين: حفظ الشرطة للنظام في مناطق شمال السودان شبه الحضرية بين عامي 1964 – 1989م" https://www.sudaress.com/alrakoba/1068198 و"إضراب شرطة الخرطوم في يونيو من عام 1951م" https://tinyurl.com/qmlfrt2 المترجم ***** ****** ***** تقدم اللورد ديفيرين (Lord Dufferin) عام 1883م باقتراح تنظيم قوة الشرطة المدنية في مصر (ضمن توصيات أخرى قدمتها لجنته بطلب من غلاديستون، رئيس الوزراء البريطاني، لتقييم الأوضاع في مصر عقب فشل ثورة عرابي. المترجم). وأتبع حاكم عام السودان سير ريجيلاند وينجت ذات النهج وبدأ في إقامة نظام شرطي فعال منذ عام 1899م، وذلك للحفاظ على أمن البلاد. غير أن تطبيق خطط إقامة تنظيم شرطي مدني فعال على أرض الواقع استغرق وقتا طويلا. ولحسن الحظ لم يكن هنالك مع وينجت بالخرطوم شخص مثير للمتاعب بالقاهرة مثل كليف لوييد (مدير الإصلاحات Director of Reforms بمصر) ليغامر بعمل تجارب خطرة ثبت في النهاية خطلها وعدم فائدتها. وإن كانت الإصلاحات التي أدخلت في النظام الشرطي السودان قد أتت بطيئة الوتيرة، فقد أثبتت أنها كانت، على الأقل، واثقة وناجحة وأكيدة. وهنالك مقولة سائدة في الغرب – لعلها لا تبعد كثيرا عن الحقيقة - مفادها أنه ليس هنالك في الشرق مصلحة أو مؤسسة عامة تصعب إداراتها مثل الشرطة. ويدرك حكام الهند هذا أكثر من غيرهم. ونذكر هنا أن اللورد كيرزون كان قد أسس مفوضية قوية للشرطة في الهند لمقابلة هذه المشكلة المعقدة حين كان حاكما لها (بين عامي 1919 و1924م. المترجم). لقد كانت العقبة الأعسر في الأمر هي استحالة العثور على رجال من الطراز الأول لتولى المناصب الرفيعة في إدارة قوة الشرطة. وكانت تلك العقبة واضحة جدا في حالة السودان. فهذا بلد يقطنه أناس من قبائل مختلفة، ولكل قبيلة عاداتها وتحيزاتها المسبقة، ومعهم قليل من المقيمين الأوربيين المنتشرين في أوساطهم. وهذا بالطبع مما يزيد المعضلة تعقيدا أمام السلطات المسؤولة. وكما هو الحال بمصر في الماضي القريب (مثلا في عام1894م)، كانت الشرطة المدنية السودانية كليا أو غالبا تعمل تحت قيادة مآمير مصريين وضباط من الأهالي. وأضيف الآن لهؤلاء مسؤول أوروبي كفء يُعرف بمدير قسم السجون والشرطة (والمخازن أيضا). وبالإضافة لهذا المسؤول الأوروبي هنالك أيضا مفتش أوروبي دائم للشرطة ومعه مساعد وكاتبين، أحدهما للمخازن والآخر للسجون. وكان تدريب رجال الشرطة (التي تعمل بالنهار) في ظل النظام القديم غير كافٍ، وكان الضبط والربط عندهم سائبا متهاونا. ولم يكن هناك أي اهتمام أو تدقيق في اختيار المتقدمين للالتحاق بالشرطة. أما العاملين بالشرطة (التي تعمل بالليل) والخفراء، فليس هنالك شيء حسن يمكن أن نذكره في حقهم. فقد كان بعضهم يساعدون اللصوص في سرقاتهم من أجل نيل جزءٍ مما ينهبونه، أو لمآرب أخرى. وكانوا – جميعهم تقريبا – يأتون لحراسة المرافق التي يسند لهم حراستها وهم يحملون معهم "مراتب النوم"! وما زال الخفراء في بعض المدن السودانية يحتفظون بعادة قديمة وهي الصياح بـ (ها... مين هناك؟) لتأكيد وجودهم وللتنبيه والتحذير، مثلما يحدث في المدن الهندية وفي أمريكا اللاتينية، وما كان يحدث أيضا قبل عقود طويلة في لندن القديمة. ولا شك أن نوعا من التحذير الصوتي قد يكون ضروريا، ليس فقط لطرد الحيوانات المتوحشة التي تجوب في المنطقة، وتقوم في بعض المدن السودانية مثل القضارف وكسلا بخطف المعز والغنم وحتى صغار الجِحاش وأصحابها ينظرون، بل لمنع أولئك الخفراء – قليلي الرواتب – من النوم في نقاط حراستهم! وكان صياح الخفراء المستمر والعالي النبرة على فترات متقاربة يشكل إزعاجا وإرهاقا شديدين لسكان المنطقة. وكان تكرار الصياح يفقده كثير من أهميته، إذ أن من يجول في المنطقة – من البشر والحيوانات – سيفقد الإحساس بالخوف، والألفة تقود في هذه الحالة – كما في غيرها - إلى الازدراء، كما جاء في الأمثال. وقررت الحكومة في عام 1910م القيام بتغيير الأوضاع التنظيمية في الشرطة. وبدأت في الخطوة الأولى بتعيين السيد جي. اتش. بلومبيرق (من شرطة مديرية الخرطوم)، الذي سبق له العمل لسنوات طويلة في الجيش البريطاني حتى بلغ فيه رتبة ضابط صف. رفض بلومبيرق عرضا للترقية إلى رتبة الضابط، وقبل بالعمل في الوظيفة الجديدة (مراقب أو مشرف superintendent) التي عرضتها عليه حكومة السودان برئاسة الشرطة. وبالإضافة لخبرته العسكرية الطويلة، كان الرجل قد اكتسب خبرة واسعة في تنظيم مصالح الخدمة العامة المختلفة في الهند وأرض الصومال البريطانية. وشجعت كل تلك الخبرات السلطات المختصة بحكومة السودان على استقطابه للعمل بها. جاء السيد بلومبيرق للخرطوم في يوليو من عام 1910م، ووجد أنه قبل بوظيفة أطلق عيلها (مراقب)، رغم أنه وجد نفسه مسؤولا فقط عن التصديق على طلبات ترخيص البنادق والحيوانات البرية والخمور وغير ذلك من التراخيص. لذا ذهب لمقابلة مدير مديرية الخرطوم ليسمح له بالبدء في عمل أكثر جدية يتعلق بتنظيم قوة شرطة الخرطوم. ولم يسمح للرجل ببدء العمل فيما عُين من أجله إلا في نهاية عام 1910م، حين طلب منه البدء بتنظيم قوة الشرطة في ام درمان. لاقت تمارين وتدريب تنظيم تلك الوحدة نجاحا كبيرا، وأدى ذلك إلى تقليل كبير في معدلات الجريمة بأم درمان. وكان هذا حافزا لتعميم التجربة على كل قوة الشرطة في مديرية الخرطوم لتكون جميعا في نفس المستوى من حيث الأداء المهني. غير أن الخطوات الحقيقية لتنفيذ ما ورد في مقترحات السيد بلومبيرق الخاصة بإعادة تنظيم شامل لقوة الشرطة لم تبدأ بالفعل إلا في عام 1913م. ففي أكتوبر من ذلك العام بدأ التجنيد للقوة الجديدة. ومع نهاية العام التالي كانت نواة كبيرة من تلك القوة قد تكونت بالفعل، وكان من الممكن البناء عليها لتكون قوة كبيرة فعالة. تم اختيار رجال تلك القوة الشرطية بعناية فائقة. وتتطلب الاختيار معرفة تفاصيل كل متقدم بصورة مفصلة، مثل الاسم كاملا واسم قبيلته واسم شيخ قريته، ومركز المديرية التي قدم منها. وتؤخذ من المتقدم بصمات يديه في استمارة خاصة، وبصمات إبهامي يديه مع الأصابع الثمانية الأخرى في استمارات مختلفة. وترسل كل تلك البينات مجتمعةً إلى السجن المركزي في الخرطوم بحري للتحقق والاستعراف (identification) مستقبلا. وإن وجد أن المتقدم سبق له أن أدين بجريمة في أي وقت من أوقات حياته، فسيرفض طلبه للالتحاق بالشرطة على الفور. ويجب على رجل الشرطة الالتزام بالعمل في قوة الشرطة لثلاث سنوات، يمكن تجديدها لعامين آخرين أو أكثر بموافقة السلطات المختصة. ويقدم لمجند للشرطة مَجَّاناً السكن (في داخليات) والزي الرسمي والأدوات الخاصة بعمله، ويمنح كذلك 120 قرشا شهريا إلى حين تخرجه بعد إكمال كل التدريبات البدنية والمهنية والتمارين المطلوبة وكل الاعمال الروتينية المطلوبة للتخرج. وبعد ذلك ينال الخريج راتب العسكري (النفر)، الذي يساوي 165 قرشا شهريا. أما الأمباشي (العريف) والشاويش (الرقيب) والباشاويش (الرقيب - أول) فرواتبهم الشهرية 195 و225 و255 قرشا، على التوالي. أما صول التعليم) رقيب الفوج الرئيس( فراتبه السنوي يتراوح بين 48 و 72 جنيها مصريا. وكانت مرتبات رجال الشرطة الخيالة (السواري) تزيد قليلا عن مرتبات رجال الشرطة الآخرين. وكانت الحكومة توفر لهؤلاء الأزياء الرسمية والأدوات الأخرى، ومنها الخيول التي يركبونها وسروجها. أما الشرطة الذين كانوا يركبون الجمال فقد كان عليهم شراء حيواناتهم بأنفسهم. وكانت الحكومة تدفع مقدما مبلغ عشرة جنيهات لكل متجند من هؤلاء ليشتري لنفسه جملا يستخدمه في عمله، ويتم خصم ذلك المبلغ من راتبه بعد ذلك على أقساط شهرية. وكان نظام تدريب رجال الشرطة – بمختلف أنواعهم – موحدا. وكان يشمل التمارين والضبط والربط والروتين المتبع عادةً في الثكنات. وكان التدريب يشمل أيضا المعرفة الممتازة بنظم وأحكام الشرطة، والتعليم المدرسي (حيث يدرسون مبادئ القراءة والكتابة، ولاحقا كتابة التقارير المبدئية)، ومعرفة اجراءات المحاكم القضائية، وطرق وأسباب الاعتقال وغير ذلك. وعندما أدخلت تلك الإجراءات الجديدة لأول مرة، كانت أعداد الذين يقرأون ويكتبون من رجال الشرطة لا تتعدى الـ 25%. غير أن البقية أجبروا على الالتحاق بفصول محو الأمية (أربعة حصص في الأسبوع). وكان على رجال قوة الشرطة المدنية بمختلف أقسامها أيضا التدرب على عمل الإسعافات الأولية. لا تزال قوة الشرطة المدنية بالخرطوم قليلة العدد نسبيا، ولا يحمل رجالها غير الهراوات، بينما يحمل رجال الشرطة الخيالة السيوف. غير أن رجال الشرطة في أم درمان والجيلي كانوا يحملون بنادق قصيرة من نوع (.303). وكان السلاح (الناري) الذي تستخدمه الشرطة في غالب مناطق السودان هو نوع واحد من البنادق اسمها مارتيني – انفيليد (يمكن رؤية تلك البنادق هنا https://en.wikipedia.org/wiki/Martini%E2%80%93Enfield المترجم). ووجد أنه من الأفضل استخدام الشرطة لنوع واحد من البنادق والذخيرة. لم يكن هنالك قسم أو إدارة للمخابرات السرية (أو ما كان يعرف بالبوليس السري. المترجم) بالشرطة السودانية. ولم تقم إدارة الشرطة حتى الآن بتعيين من يعملون بصورة دائمة في اقتفاء آثار السراق. غير أنه يؤمل أن يتم إنشاء وحدة لهذين الفرعين في المستقبل القريب. يقع مقر الرئاسة العامة لقوات الشرطة في مدينة الخرطوم (المركز)، وفيه يتم تدريب كل المجندين. وتم تعيين نائب قائد للشرطة مقره في أم درمان. وقسمت قوة شرطة الخرطوم المركزية إلى ثلاثة أقسام متساوية تقريبا (بها أعداد متقاربة من ضباط الصف) بغرض تقسيم العمل بالليل والنهار، بحيث يعمل قسمان بالتتابع كل ست ساعات، بينما يكون القسم الثالث في حالة "استراحة". وبذا ينال أفراد كل قسم استراحة من العمل الروتيني في اليوم الثالث (أي يعفون من العمل الشرطي المعتاد، ولكنهم قد يكونوا يعملون في التدريب أو الدراسة بالفصول أو غير ذلك). وكان بالشرطة السودانية نظام ممتاز للتفتيش. ويعطى كل رجل شرطة قصاصة مرقمة يحملها دوما، عليها اسمه ودوريته (أو نقطة عمله) ووظيفته ووقت ذهابه للعمل ووقت عودته. وكان يطوف على نقاط الشرطة ضابط (أو رقيب - أول) في أوقات مختلفة من اليوم بغرض التفتيش. وكان من يقوم بالتفتيش يضيف لتلك القصاصة وقت زيارته للنقطة ويوقع عليها. ويُعاقب كل شرطي لا يكون موجودا في نقطته أو مع دوريته، إلا إذا أعطى سببا قويا لغيابه. ومن حسن الحظ أن مدينة الخرطوم كانت قد خُططت بطريقة تسمح للشرطة للقيام بواجباتها بطريقة فعالة ومنظمة. ولا توجد أدنى مقارنة بين النظام الشرطي الحالي والنظام القديم (نظام الخفراء عديم الجدوى) الذي تم هجره إلا في عدد قليل من المناطق الطرفية بالعاصمة المثلثة. ويمكن الآن للمرء أن يرى رجال الشرطة وهم يجوبون العاصمة في دوريات عديدة متواترة وهم في زي رسمي أنيق. لا تزال قوة الشرطة للأسف أقل بكثير مما هو مطلوب بالفعل. إلا أنه من المأمول أن تعوض زيادة الفعالية في تقليل آثار ذلك النقص إلى حد ما. وتُعد الصعوبات التي تواجه العمل الشرطي بالخرطوم أقل حدةً من تلك التي تواجهه في أم درمان. ولا شك أن السبب في ذلك هو تعرج شوارع أم درمان الضيقة وبيوتها العديدة التي تشبه "جحور الأرانب"، وهو ما يعيق العمل الشرطي المعتاد، ويتيح فرصا أكبر للمجرمين لخرق القانون. لقد كانت السرقة والتعدي على الممتلكات شائعة في أم درمان. وظهرت بالمدينة، بصورة تكاد تكون "وبائية"، حالات لحوادث إجرامية عديدة رغم مجهودات الشرطة الدؤوبة لكبح الجريمة بها. غير أن الحالات التي تم التعامل معها بنجاح كانت قليلة نسبيا. ومما ساعد على شيوع السرقات والتعدي بأم درمان هو إعدام الإضاءة في تلك الأزقة الضيقة المتعرجة. ولا يبدو أن هنالك حلولا سهلة للمشاكل الأمنية بالمدينة، لارتفاع تكلفة حل مشكلة الإضاءة في تلك الأزقة، خاصة في أحياء أم درمان القديمة. وتُجرى الآن مساعٍ حثيثة لإصلاح عاجل لطرق مدينة أم درمان تحت قيادة مهندس مساحة مقدام ومبادر. ويؤمل ذلك المساح أن تنفض أم درمان في غضون عامين قذاراتها القديمة وأزقتها الملتوية الخطرة، وتغدو مثل الخرطوم في الأمن والأمان والنظافة (للمزيد عن تخطيط مدينة أم درمان يمكن النظر في المقال المترجم بعنوان: " الحاجة لإزالة الأحياء العشوائية الفقيرة في أم درمان. http://www.sudanile.com/95255 .المترجم". تحتاج الآن أم درمان بصورة عاجلة لشرطة خيالة (سواري). وعلمت أن النية معقودة لإنشاء مثل ذلك الفرع. وتوجد فرقة "هجانة عرب" صغيرة تقوم بمهام شرطية كبيرة، غير أن قلة عدد أفرادها يضاعف من حجم الأعمال المسندة لها. ولا شك أن الشرطة التي تستخدم الإبل الجيدة التدريب في تحركاتها كانت، وما زالت، تؤدي أعمالا جليلة على الرغم من صغر عدد أفرادها. وهنالك مقترح الآن بتعيين عدد من رجال الشرطة الأوربيين بعد أن أتضح للسلطات الحاجة الماسة لأمثال هؤلاء الرجال. وجدت السلطات أن رجال الشرطة الذين تم تعيينهم من المناطق المحلية لقوا قبولا كبيرا من السكان، وكانوا أكثر كفاءةً ممن سبقهم من رجال الشرطة السابقين الذين تم تعيينهم من الجنود السودانيين السابقين، ومن الجنود المصريين الذين ما زالوا يعملون بالجيش المصري. ولم يعد هؤلاء الجنود المصريين يعملون في قوة الشرطة السودانية إلا في مدينتي وادي حلفا وبورتسودان، إذ رأى المسؤولون ضرورة عمل هؤلاء في هاتين المدينتين بسبب إقامة عدد كبير من الأجانب فيهما. ولم يعد لهؤلاء الجنود المصريين (العاملين في الشرطة) وجود في الخرطوم منذ عام 1910م. كان زي الشرطة الرسمي الذي يرتديه رجال الشرطة بالخرطوم نافعا جدا وفعالا بصورة لافتة للنظر. وكان ذلك الزي مصنوعا من قماش كاكي رمادي فرنسي (French grey Khaki) ومبطنا بقماش قرمزي اللون. وكان لهم زي أبيض للمناسبات الاحتفالية. وكان الشرطي يضع على رأسه قبعة عالية (طُّرْطُور) مخروطية الشكل وليست لها حواف، تشبه الطربوش التركي إلى حد ما، وتمثل القاعدة للعمة الرمادية، التي يُلصق عليها رمز المديرية (رأس فيل). كانت السلطات توفر الزي الرسمي لرجال الشرطة. وكان إدارة الشرطة تطلب من رجالها العناية الفائقة بزيهم الرسمي، والحرص على أن يراهم الأهالي منضبطين وفي أجمل صورة ممكنة. كان مجمل من التحقوا بخدمة الشرطة في السودان الإنجليزي المصري نحو 3,900 رجلا، منهم 2,301 من المشاة، و1,159 من شرطة الخيالة. وازدادت مع مرور السنوات كفاءة قوة الشرطة بصورة عامة. غير أنه يلزمها الكثير من التدريب الإضافي حتى ترقى لمستويات أعلى، وترفع من مستويات العاملين بها. ولا شك في أن ذلك سيحدث في مقبل السنوات.