الحق فى الصمت ( أثناء مرحلتى الإستجواب والمحاكمة ) حق متأصّل فى منظومة حقوق الإنسان، مكفول للمُتّهم/ ين، لحمايته/ م من التعسُّف، وحفظ حقّه/ م فى تحقيق المحاكمة العادلة، على مبدأ إفتراض براءة ( المُتّهمم )، وهو( ضمان) مهم للحق فى ( أن لا يُرغم – المُتّهم - على الإعتراف بالتهم المنسوبة إليه أو الشهادة ضد نفسه )، ولكنه - بطبيعة الحال - حق مشروط ، لكونه ليس له – أى الصمت - أىّ إعتبار فى تحديد الإدانة أوالبراءة، وهذا يعنى أنّ إلتزام الصمت، والإصرارعليه، لن ينجى المتّهم/ ين من سير المحاكمة، طالما التزمت المحكمة بمعايير المحاكمة العادلة المعروفة دولياً، وهُنا بيت القصيد، فى ما نلاحظه هذه الأيّام فى ظاهرة الإمتناع عن التعاون مع النيابة بـ(إلتزام الصمت)، من متهمى نظام الإنقاذ، فى قضايا الفساد أوالتعذيب أوإنتهاكات حقوق الإنسان، أوجريمة تقويض النظام الديمقراطى ( 30 يونيو 1989)، أو غيرها من الجرائم الأُخرى، مثل جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وقد طالعتنا الصُحف، كما قرأنا فى وسائط الميديا الإجتماعية – مراراً- حالات ( إمتناع ) عن التعاون مع المحققين،" أبطالها " – حتّى الآن - المتّهم عمر البشير، والمتّهم بكرى حسن صالح، والمتهّم على عثمان ( والأخير - وللأسف - رجل قانون، يُفترض فيه، معرفة بالقانون الدولى والقانون الوطنى )، من المفترض أن تجعله – هذه المعرفة – يفكّرمرّتين، ويُدير البصر كرّتين، قبل لجوئه لحيلة ( الصمت)، الذى لن يُجدى شيئاً، وهذا حديث يطول !. هذه الظاهرة، يبدوأنّها ستتحوّل إلى ( إتجاه ) جديد، سيمضى على نهجه، بقيّة متهمى العهد المُباد، فى التعامل مع التحقيقات النيابية، الموجهة ضدهم، ولكنّها – بلا أدنى شك – هى حيلة العاجزين، عن مواجهة التُهم المنسوبة إليهم، وقد فات على هؤلاء المتهمين أنّ ( صمتهم ) أو ( إمتناعهم ) عن التعاون مع ( المُحقّقين ) سوى فى المرحلة الأولى ( النيابة )، أو التى تليها ( القضاء)، لن ( ينجيهم ) من السير فى طريق تحقيق العدالة فى التهم المنسوبة إليهم، وإن حاولوا أن يلوذوا بـ(الصمت)، لأنّ ( الكلام ) يتيح للمتهم الحق فى الإعتراض على التهم ، وحقه فى الطعن في الأدلة المقدمة من النيابة، وحقه في تقديم أدلة من جانبه !. من المعلوم، فى التجرية الدولية ، كفالة الحق للمتّهم فى أن يلتزم الصمت، وأن لا يتحدّث، إلّا أمام محاميه، الذى يحق له - قانوناً - أن يحضرالإستجواب، وينصح موكله، بالإستفادة من الحق فى الصمت – أى عدم الإجابة على بعض الأسئلة، والسودان - بالضرورة - ليس جزيرة معزولة عن نظام التقاضى الدولى، وعليه - وحتماً - ، لن يفوت على وكلاء النيابة ولا على القضاة فى السودان مسألة حق المتهم فى ( الصمت )، ولن يدخلهم عدم تجاوب المتهمين، فى الحيرة، أو العجز عن السير فى طريق تحقيق العدالة، لأنّهم – وبكل بساطة - سيخطرون المتهم/ ين أنّ استخدام هذا ( الحق ) لا " يُفسّر ضدّه/م أو لمصلحته/م "، وهو بالتالى لن يوقف إجراءات التقاضى والمقاضاة، فلماذا إضاعة الوقت والجهد يا هؤلاء ؟!. أُضيف أنّ من حق ، بل، واجب المحكمة أن تنبه المتّهم أنّ عدم تعاونه مع المحكمة، بمحاولة استمراء مسألة الحق فى ( الصمت )، ومواصلة ( رفض التعاون معها )، من الممكن، أن تعتبر المحكمة - هذا السلوك - ( إهانة )، فتصدر فيه حُكماً بـ( إهانة ) المحكمة، وذلك، حتّى قبل النظر فى الدعوى/ القضية الماثلة أمامها، ثمّ تمضى فى مواصلة السير فى إجراءات القضية المعروضة امامها، وإن صمت المتّهم، وبعد " وزن البيات " ستصدر المحكمة حكمها ، دون أن يُعيق هذا الصمت سير العدالة، وطالما قامت المحكمة بتنبيه المتهم وتحذيره حول مسألة ( الصمت )، فإنّ المتهم لن يستطيع بالدفع بهذا الحق ، إذا ما قرّر اللجوء للمحاكم الأعلى، فى الحكم الصادر بحقه / ضده من محكمة الموضوع !.عليه، وعطفاً على كل ما سبق، يكون من الأفضل للمتهمين التعاون مع النيابة والمحكمة، لتحكم العدالة لهم أوعليهم، وليطمئنّوا أن هذه الثورة التى خلعتهم من سدة الحكم، لأجل العدالة، ستظل ملتزمة بتحقيق العدالة، لهم ولسواهم. ويبقى، السؤال الذى يطرح نفسه – وببساطة شديدة – تُرى من هو ذلكم المُفكّر القانونى العبقرى الذى أعطى هولاء المتهمين – فرادى أو جماعة – هذه ( الوصفة )، وهى وصفة بائرة – كما أوضحنا – ولن تحميهم من المسائلة القضائية، فيما ارتكبوه من جرائم يندى لها الجبين الحُر، ولن توفّر لهم ( الإفلات من العقاب )، والأفضل لهم مواجهة الواقع المُر، بالإستفادة من الحق فى الدفاع عن أنفسهم وأعمالهم وأفعالهم، ليبقى أمام النيابة وبعدها القضاء استخدام السلطة التقديرية فى وزن وتقييم ( البيّنات ) التى أمامها، ومن ثمّ اتخاذ القرار فى مواصلة الإجراءات بتحديد التُهم، أو اسقاط التهمة . أخيراً، لن نحتاج للتذكير بالمثل السودانى الذى يُعيب " كُتر البتابت " !.. ويبقى أنّ شعبنا الذى حكم على الإنقاذ ( عدلاً وقصاصاً ) بإنهائها، وإنهاء ظلمها وظلاماتها بالثورة، يعلم – برؤيته وفطنته وذكائه وفراسته - أنّ فى صمت مجرمي الإنقاذ، أمام إجراءات التقاضى والمقاضاة ، كلاما "، ولعلّه من نوع الكلام الذى وصفه الشاعر بأنّه " الكلام المغتغت، وفاضى و خمج " !. وبمثلما رفض شعبنا ذاك الكلام، سيرفض - أيضاً ، وحتماً- - فكرة الحيلة والتحايل والاحتيال باللجوء للـ( " الصمت " )، وهذا بلاغ للشعب ولكافة أطراف الحرية والتغيير، ولجان المقاومة ! .