(كلام عابر)
أول مرة أشاهد فيها الفنان عبدالعزيز المبارك كانت في حي الموردة ،أم درمان، يوليو 1976 في حفل زواج زميلتي في العمل عليها رحمة الله ورضوانه. كان عبدالعزيز وقتها قد صعد صعودا مستحقا بسرعة الصاروخ للقمة وأصبح له معجبون كثيرون من الجنسين ومن مختلف الأعمار. كانت أمسية لا تنسى حلق فيها المغني بالحاضرين في سماوات الطرب.. لم أشهد له حفلا بعد ذلك ولكني اصبحت مستمعا جيدا لاغانيه سواء كانت مسجلة أو عبر الراديو.
ودارت الأيام وجرت السنين ليطلب إلى صديق عزيز أن أذهب نيابة عنه لمطار الظهران لاستقبال الفنان عبدالعزيز المبارك القادم من جدة التي كان مقيما فيها آنذاك. كان ذلك قبل ربع قرن من الزمان. كانت المناسبة حفل زواج ابنة ذلك الصديق الذي حالت ظروفه دون استقبال الضيف. وصل عبدالعزيز المبارك وبعد التحية بادر بالسؤال إن كنا قد جهزنا العود الذي طلبه لأنه لظرف طاريء لم يتمكن من إحضار عود من جدة. طمأنته بأن الأعواد متوفرة ينتقي منها ما يشاء وأردفت قائلا له أن المشكلة ليست في وفرة الأعواد ولكن المشكلة هي هل هناك عود يليق بعبدالعزيز المبارك. انفجر ضاحكا وتبعه كل الحاضرين. انتقل جو المرح لداخل السيارة طوال الطريق من مطار الظهران إلى مقر إقامته في مدينة الدمام. ترك فيّ يومها انطباعا بأنه إنسان مرح ودود يدخل القلوب بسرعة وبلا استئذان. منعني ظرف قاهر من حضور حفل تلك الليلة وهي كانت آخر مرة أرى فيها عبدالعزيز المبارك الذي لم أتشرف بوجود صلة شخصية تربطني به في يوم من الايام.
رحيل فنان جميل من زمن جميل ومن طراز عبدالعزيز المبارك خسارة جسيمة لا تعوض وأمر يثير الحزن في جو شح فيه الجمال وانتشر فيه القبح وأصبح كل عاطل من الموهبة يمارس الغناء بجرأة تحير العقول. ألف رحمة ونور على الفنان الودود المهذب عبدالعزيز المبارك.
abdullahi.algam@gmail.com