A trip to the zoo: colonial sightseeing and spectacle in Sudan (1901 – 1933) بيرنارد تتيل Brendan Tuttle ترجمة وتلخيص: بدر الدين حامد الهاشمي
تقديم: هذه ترجمة مختصرة لبعض ما ورد في مقال بقلم الدكتور بيرنارد تتيل، نُشر عام 2019م في العدد الحادي عشر من "مجلة تاريخ السياحة J. Tourism History". حصل الكاتب على درجة البكالوريوس في علم الآثار وعلم الإنسان (الأنثروبولوجي) من جامعة بيترسبيرج عام 1999م، وعلى درجة الدكتوراه في الأنثروبولوجي من جامعة تمبل بولاية بنسلفانيا الأمريكية عام 2013م، برسالة عنوانها: "الحياة شائكة: سرد التاريخ والانتماء والمكان المشترك في بور بجنوب السودان" "Life is Prickly: Narrating History, Belonging, and Common Place in Bor, South Sudan". ويعمل المؤلف – بحسب سيرته المبذولة في الشابكة العنكبوتية - في مؤسسة Forcier بمدينة جوبا، وباحثا في جامعة مدينة نيويورك (CUNY). وللكاتب عدد من المقالات المستلة من رسالته وأبحاثه بجنوب السودان منها هذا المقال الذي اعتمد الكاتب فيه على وثائق مخابرات حكومة السودان بأرشيف السودان بجامعة درم البريطانية وأرشيف جنوب السودان بجوبا، وعلى مقابلات شخصية مع أحفاد وأقرباء الذين قاموا بتلك الزيارة للخرطوم في 1933م، وبمقابلة شخصية في بور مع أبناء الذين عملوا في حراسة الحيوانات البرية في الغابات. المترجم ****** ******* ******* نظمت الإدارة البريطانية الاستعمارية في أغسطس من عام 1933م رحلة لبعض زعماء قبائل جنوب السودان وعائلاتهم للسياحة في الخرطوم، وزيارة الأهل والأصدقاء. وشمل برنامج رحلتهم زيارة حديقة الحيوان، وقاموا فيها بإطعام فرس النهر المسمى (رودلف)، وشاهدوا الأسد والكانجرو. وبحسب ما سجله فرانك ديريك كورفيليد (1) باشمفتش منطقة النوير الشرقية (وصديق عالم الأنثروبولوجيا الشهير إي. ايفانز – بريتشارد)، الذي رافق الزعماء الجنوبيين وعمل كمرشد سياحي لهم، في تقرير له فقد كان الكنجارو أكثر حيوان أثار دهشة أولئك الزوار، بل أن أحد الزعماء أصر بأن ذلك "المخلوق" لا يمكن أن يكون حيوانا، ولكنه عجز عن أن يفسر ما هي طبيعته. وكانت زيارة الوفد للحديقة في نهاية أول يوم من أيام رحلة الخرطوم السياحية التي استغرقت ثلاثة أيام. وشملت تلك الزيارة جولة في أرجاء الخرطوم وأم درمان، وزيارة لمزرعة ألبان عزيز كافوري النموذجية، ولشركة النور (الكهرباء) والطاقة ببري، ومحطة معالجة المياه، ومستودع للأسلحة والذخائر، والمطار، وقصر الحاكم العام. وكان مساعد السكرتير الإداري هو من قام بتحضير بإعداد برنامج تلك الزيارة على نمط كتاب دليل السياح، واختيرت للوفد الجنوبي نفس الأماكن التي كان يزورها البريطانيون القادمون للعمل بالسودان لأول مرة للتعرف على الحياة في الخرطوم. وضم الوفد الجنوبي الزائر الزعيم ليوم لات (Liom Yat)، وهو زعيم النوير الذي يتوسط لحل مشاكل أفراد قبيلته ويوفق بين المتخاصمين منهم (يُسمى leopard-Skin Chief)، وأربع من زوجات الزعماء، ومترجمين، لأحدهما ثلاث زوجات حضرن لأم درمان لمقابلة طبيب، ومع المترجم الآخر زوجة واحدة. وكان تنظيم الحكومة لمثل تلك الزيارة للزعماء الجنوبيين من الأمور العادية، فلهؤلاء سلطة وهيبة في أوساط مواطنيهم، ولهم مكانتهم عند الحكومة الاستعمارية. غير أن ما كان في غاية الغرابة هو أن الحكومة كانت قد دبرت تلك الرحلة السياحية بغرض الإرعاب والإحباط. فقد قصدت الحكومة أن تُرِي أولئك الزعماء قوتها العسكرية والمدنية (بزيارة مستودعات الأسلحة والمطار وشركة النور والطاقة) وهيبتها (بزيارة القصر). (أشار الكاتب لزيارة سابقة للخرطوم عام 1928م لخمسين من زعماء النوير عقب مشاكل أمنية في لو Lou أودت بحياة بعض الأفراد المدنيين ورجال الشرطة، وكانت من أغراض الزيارة إعادة هيبة الحكومة واحترامها، وزرع الخوف في نفوس أولئك الزعماء بمشاهدة الأسلحة والطائرات التي تملكها. المترجم). وفي هذا المقال نستعرض بإيجاز تاريخ بعض تلك الرحلات السياحية – الدبلوماسية في السودان إبان الاستعمار، بدءًا من عام 1901م (حين زار أم درمان وفد جنوبي بعث به أحد مشاهير دينكا ملوال) وحتى عام 1933م، بتلك الرحلة السياحية للخرطوم. وصاحب تلك الزيارات للعاصمة توسع متدرج في السياحة في العهد الاستعماري. وكان غردون باشا قد مارس من قبل (في سنوات الحكم التركي – المصري) سياسة جلب الزعماء الجنوبيين للخرطوم "ليدركوا قوة الحكومة"، كما قال في إحدى رسائله إلى خيري باشا في أكتوبر 1874م. وتلك سياسة كانت قد أُتبعت من قبل مع الزعماء في الهند المستعمرة الذين كانوا يصفونهم بـ "الزعماء المعادين الصغار 'les petits sultans qui se montrent hostiles ". ******* ******** *********** 1/ 1901 – 1902م شهدت سنوات الحكم الاستعماري إعادة لما كان قائما من صلات (اجتماعية وتجارية وغيرها) بين الزعماء الجنوبيين وحكام العهد التركي – المصري. وكانت زيارة الوفد الذي بعث به زعيم دينكا ملوال دينقدت أوتيك Dingdit Awutiek للخرطوم في أبريل من عام 1901م هي أول زيارة لوفد جنوبي للخرطوم. قد كان الوفد مكونا من 20 من رجال الدينكا والفرتيت، وقد قدم لأم درمان من قرية تبعد 60 كلم من موقع أويل الحالي. وكانت الزيارة الثانية هي لوفد من زعيم الزاندي (طمبرة) في العام التالي. وسجل قسم المخابرات عددا من الزيارات الأخرى من المديريات الجنوبية خلال تلك الفترة. وكان الغرض من تلك الزيارات إظهار قوة الحكومة وقدراتها وحسن تنظيمها وما أنجزته من منافع للأهالي. وحرص وينجت باشا على إفادة الزوار الجنوبيين بأنه يرحب بزيارات قادمة لوفود جنوبية. وشملت تلك الزيارات أيضا زيارة رث (ملك) الشلك كور نيادوك Kur Nyidok للخرطوم في رفقة 150 من خدمه، ومع أربعين من رجال الدينكا (وكان ذلك الملك نفسه قد وقع معاهدة مع الفرنسيين بقيادة Marchland بعد أن نصبه الخليفة عبد الله في أم درمان ملكا على الشلك نظير تأييده له، وعقابا للرث السابق أجانق نيادول Ajang Nyidol الذي كان المهدي قد عينه إبان وجوده في الأبيض. وكان الرث أجانق نيادول نفسه قد تحالف مع علي بيه كردي حاكم فشودة إبان العهد التركي – المصري). وزار كور نيادوك الخرطوم مرة أخرى في فبراير من عام 1903م، حيث نظمت له رحلة بالقطار إلى بربر وحلفا "لمعرفة ما تقوم به الحكومة". وكانت وفود الزعماء الجنوبيين تحضر معها للحاكم العام وأعوانه الكثير من الهدايا شملت كميات كبيرة من العاج (سن الفيل) وقرون وحيد القرن. وكتب طمبرة (زعيم الزاندي) للحاكم العام يطلب منه تزويده بالسلاح، كما كان يفعل "الدراويش"، لصيد مزيد من الأفيال (إذ أنها تكثر في منطقته)، أو كما قال. وطلب أيضا إطلاق سراح أحد قواده ورجاله الذين أسرهم "الدراويش الأشرار" بأم درمان، وإعادتهم لموطنهم. وكان من فوائد تلك الزيارات للحكم الاستعماري الحفاظ على حدود آمنة مع المستعمرات الأوربية المجاورة لمناطق أولئك الزعماء الجنوبيين. 2/ 1920 – 1930م بُنِيَتْ الامبريالية على فكرة أنه يمكن التفريق بسهولة بين المُستَعمِرين ورعاياهم من المُسْتَعْمَرين. غير أن الإداريين كانوا يعتمدون عل الزعماء المحليين والقادة الآخرين (مثل طمبرة) من أجل تسيير الأعمال وتقديم المعلومات، ولرفع أعلام (الإمبراطورية) على حدود البلاد، حماية لها، ولمراقبة الأهالي المُسْتَعْمَرين وتنفيذ أوامر الحكومة. وفي بدايات القرن العشرين كان النظام الجديد (وجيشه) ميالا لتصديق الشائعات، وغدا تصنيف الأهالي إلى "موالين" (يعملون ويدفعون الضرائب) و"غير موالين"، من ضمن شبكات السياسات الإقليمية. وتم استغلال "الموالين" لشن غارات عسكرية لتأديب "غير الموالين"، وأفلح السماسرة الماكرون في شراء تأييد البريطانيين لمراميهم بدفعهم للضرائب أو الجِزْي، وبنشر الشائعات. وكانت تلك التحالفات تتيح الفرص للمجموعات "الموالية" لشن غارات على خصومهم، أو لإفساد مخططات المنافسين. وكان بعض "الموالين" يؤثرون حل مشاكلهم عن طريق المسؤولين الاستعماريين، إذ أنهم بذلك يدخلون في علاقات تبادلية وتحالفات مع أولئك المسؤولين، ويوقعونهم في شِباك من الالتزامات والواجبات الشخصية. وفي العشرينيات قامت الحكومة بإعادة تنظيم مجتمع جنوب السودان مثلما فعلت في شماله، بإدخالها لنظام الإدارة الأهلية. وأستتبع ذلك تهجير قسري وإعادة توطين للسكان الجنوبيين في قرى تقع على طرق بنيت بأعمال السُّخْرَة. وسبق ذلك قصف المستوطنات والمزارع وحرقها لإجبار السكان على مغادرتها، وإعادة توطينهم في قرى تقع على الطريق لتسهيل مراقبتهم (وأطلق على تلك الممارسات "إعادة السلام / إخماد الفتنة/ التهدئة pacification). أظهرت الوثائق المحفوظة في جوبا تحت عنوان "زيارات الزعماء القبليين" (وهي غير مكتملة نسبة للظروف المعلومة) أن زعماء القبليين في أعالي النيل زاروا الخرطوم سبع مرات في الفترة ما بين 1926 و1935م، من الناصر (في عامي 1926 و1933م)، ومن ابوانق (في 1926م)، ويامبيو (في 1928م)، وبور (1928م)، وكانت هنالك زيارة من البيبور لم يسجل تاريخها. وكانت هنالك أيضا زيارة لرث الشلك من فشودة إلى قامبيلا (1927م)، وزيارة أخرى من أكوبو إلى ملكال (1935م). وسجلت أيضا زيارة من وات إلى الخرطوم في عام 1955م لـ "معرفة ما يجري في السودان". سافر للخرطوم في تلك الزيارات نحو ثلاثين فردا. وكانت كل تلك الزيارات، عدا التي تمت قي عام 1955م، بغرض تَقْوِيم تحدٍ متصور للسلطة الاستعمارية. إذن فقد كانت تلك الزيارات تهدف لتحقيق ذات الهدف الذي من أجله شنت حملات الدوريات التَأدِيِبيّة التي شملت القصف الجوي وإطلاق القذائف المدفعية وإحراق البيوت وقتل الماشية وحرق الذرة أو مصادرتها، وكل ذلك لإحداث “تأثير معنوي" (على من يخاطر بالتمرد على الحكومة). وبرر سي. أي. ويليس مدير المخابرات الميزانية المخصصة لزيارة زعماء بور للخرطوم في عام 1928م بالقول إنه "... وفي نفس الوقت سيكون من المؤسف أن نضيع أي فرصة للتأثير على هؤلاء الناس كي يدركوا مدى عجزهم عن مصادمة الحكومة". لقد صارت "المشاهدة" طريقة المستعمرين في تثبيط التمرد. غير أن لهجة (ورأي) المستعمرين في تلك الزيارات تغيرت في غضون السنوات الثلاثين الأولى من حكمهم للسودان. فقد كانت التقارير الرسمية تشير للزوار على أنهم "أفراد يؤدون مهاما دبلوماسية"، ولكنها بعد الثلاثينات صارت تحسب على أنها "تسْتَحْضَر عنف حملات الدوريات العقابية". ولهذا التغير سبب تاريخي. فقد شهدت السياحة في العشرينيات الأولى وما بعدها للحكم الاستعماري نهضة وتوسعا كبيرا في مجال السياحة، خاصة من أثرياء أوروبا الذين كانوا في لهفة لرؤية مواقع قبة المهدي والحروب التي خاضها البريطانيون ضده، وعظام مقاتليه تبَيَّضَ رمال الصحراء، وللاستمتاع بزيارة بيت الخليفة ببنادقه البدائية (الموضوعة تحت إضاءة خافتة لتوحي بفترة تاريخية مظلمة)، وبرحلات نهرية على ظهر الباخرة (بوردين Bordein) التي كانت قد استخدمت في أيام حصار الخرطوم. وكان الغرض هو إبراز الفظائع البشعة التي ارتكبها النظام المهدوي، وإظهار الأمن والنماء والتقدم الذي حدث بعيد إزاحته. وأتت زيارات زعماء الجنوب للخرطوم لتحقق بعضا من تلك الأهداف المرتجاة من زيارة السواح الأوربيين، وأيضا ليقنع ويغري هؤلاء الزعماء ويصيبهم بالحيرة والإحباط (ويردعهم في النهاية عن التفكير في التمرد). ووصف أحد البريطانيين زيارات الزعماء الجنوبيين للخرطوم بـ "السياحة البدائية"، تلك التي تعرض أول مقابلة أو مواجهة بين "القديم البالي" و"الحديث"، ليرى الزوار أنفسهم بعيدين عن "العالم الحديث" و "التمدن" (يمكن النظر في كتاب اودين كيون المعنون"A Foreigner Looks at the British Sudan" (2). المترجم). ********* ********* 3/ أغسطس 1933م كانت المنافسة بين السودان وإثيوبيا إحدى الأسباب التي دعت البريطانيين لتنظيم زيارة الزعماء الجنوبيين للخرطوم. فقد كان بعض أفرع قبيلة النوير (Jikanny Nuer) تقيم بالسودان في بعض أشهر العام ثم ترحل بأبقارها عبر الحدود الاثيوبية الغربية للرعي في داخل الأراضي الإثيوبية في شهور أخرى. غير أن المسؤولين الإثيوبيين (على رأسهم ماجد عبود Majid Abud) دأبوا على تشجيع أولئك النوير للإقامة الدائمة في إثيوبيا، ومنحوهم ملابس إثيوبية، وعينوا بعض كبرائهم في مناصب رسمية. وفي تلك الزيارة سافر وفد الجنوبيين من الناصر في مساء 9/8/ 1933م على متن صندل صغير به كبائن في مؤخرة سطحه العلوي خصصت لـ "المسافرين من الأهالي"، كان مربوطا بباخرة أسمها "كرري". ومروا من تحت كبري أم درمان بعد أسبوع كامل. وتم تزويدهم في أيام الرحلة بالذرة واللبن والبيرة والتبغ، ومنحوا عجولا ليأكلوا من لحومها. ورسى الصندل أمام المتحف (في منطقة المقرن)، وبقي هو فندقهم في أيام زيارتهم للخرطوم. وفي عصر يوم 16/8 قام الزوار بطواف على الخرطوم وأم درمان لرؤية المباني العامة والأسواق والميادين والمنتزهات والجسور والقطارات والترام والتماثيل، وميادين لعبة البولو وأماكن أخرى. وأختتم ذلك اليوم بزيارة حديقة الحيوان (التي أنشئت في عام 1901م لتستقبل ما يتلقاه الحاكم العام من هدايا من كبار الشخصيات السودانية، وما تشتريه الحكومة من حدائق الحيوان في أوروبا وأفريقيا وغيرهما، وانتقلت لمنطقة المقرن في عام 1903م). وفي صباح اليوم التالي بقيت نساء الوفد في الصندل، بينما أخذ الزعماء باكرا على ظهر (لوري) إلى القصر لمشاهدة مارش عسكري على أنغام مقطوعات عسكرية. وأعجب الزعماء بذلك العرض، بل طالبوا بإعادته مرة أخرى. ثم طافوا على أرجاء القصر، وأراهم مرافقهم بعض المقتنيات التي جمعها الجيش البريطاني في حروبه لـ "استرداد" السودان (كان منها طبول السلطان علي دينار). ونقر أحد أولئك الزوار على أحد تلك الطبول، وسرعان ما بدأت حفلة رقص، رأي مرافقهم أنها لا تناسب "هيبة" المكان، فأوقفها على الفور، لكنه أخذهم لسطح القصر لمواصلة رقصهم، ولتأمل منظر الخرطوم من علٍ، قبل أخذهم لمستودع الأسلحة وورشها. وبعد زيارات لمنشئات أخرى لم يملك الزوار إلا أن يطلقوا عَقَائِرهم بأغنية تشيد بقوة البريطاني (the Briton has a strong foot بحسب رواية مرافقهم كورفيليد). وعادوا بهم للقصر حيث جعلوا بعضهم يهاتف البعض الآخر في غرف منفصلة بالقصر. وفي اليوم التالي شهدوا عرضا جويا لعدد من الطائرات كان هدفه التخويف، وركب بعضهم تلك الطائرات التي طافت بهم على الخرطوم من الجو. وفي مساء يومهم الأخير أقام لهم ماكمايكل (إنابة عن الحاكم العام) حفل استقبال في حدائق القصر، وتقبل منهم بعض الهدايا التذكارية.. ****** ******** ******** إحالات مرجعية: (1) عمل فرانك ديريك كورفيليد في القسم السياسي لحكومة السودان من عام 1926 إلى 1952م، وتدرج في الوظائف من مفتش إلى باشمفتش ثم مدير مديرية أعالي النيل، ومديرية الخرطوم. وهو لا يختلف عن بقية زملائه في القسم السياسي من حيث التعليم والأيدلوجية والتحيزات المسبقة. وبعد فترة قصيرة في فلسطين وتقاعده من العمل بالسودان استقر في كينيا، حيث كلفته حكومة الاستعمار هناك بكتابة تقرير عن حركة الماوماو: أصولها وتطورها. وجاء تقرير كورفيليد متماشيا مع أفكاره حول "المجتمعات البدائية"، التي كان يرى أن التطور السريع الذي أحدثه الاستعمار فيها قد أحدث فصاما في العقل الأفريقي وقدرة عجيبة على العيش حياتين منفصلتين، في أحدهما يضع (الأفريقي) قدمه في هذا القرن، بينما يضع القدم الأخرى في السحر والتوحش. فالرجل من الكيكويو الذي يعيش حياة طبيعية، قد ينقلب في لحظة إلى وحش كاشر، لا تصدق أنه من طينة البشر. (2) https://www.alrakoba.net/636032/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A-%D8%A8%D8%B9%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%B1%D8%AD%D8%A7%D9%84%D8%A9-%D8%A3%D8%AC%D9%86%D8%A8%D9%8A%D8%A9/