ستأخذهم الراجفة .. تتبعها الرادفة

 


 

 

 


مسألة

بمثلما رفض ثوار عطبرة في بيانهم الرصين مجلس البرهان؛ رفضه محامو دارفور ورفضته الطريقة العركية القادرية..! (الله حي) ونحن لا نقول ذلك من باب التشفي ولكن من باب الابتهاج بوصول الوطن إلى حالة من التقارب الوجداني الذي يضم أبناء الوطن ويؤكد احتضانهم لثورته الباسلة والمنافحة عنها والخشية عليها حتى من الغبار الطائر.. وقد رأينا علامات ومؤشرات وشواهد لا تحصى من هذا التلاقي الحميم حول أهداف الثورة بين أبناء الوطن في الحواضر والبوادي بعد أن ارتفع مد الوعي السوداني وزاد إخصابه بهذا التجاوب العظيم بعد أن اتضحت معالم الطريق وبان الإصرار العظيم على مواصلة السير فيه مهما اكتنفه من مصاعب وأحجار عثرة ومن (كضابشيات) وخوازيق..! وسبحان الله من إجماع السودانيين واستنصارهم للحق ولا غرابة...! فقد أجادت الشاعرة السودانية الأمية في مجاهل الوطن في رثاء شقيقها الباسل بأعظم مزيّة يمكن أن تُقال في خصائص البشر عندما قالت عنه في حصافة ريفية رفيعة المعنى..(دقيت الجسر ..حارس مشارع الحق)..!!
إذا كان الأمر في تكوين هذا المجلس بهذه الكيفية خطأ عابر فإن (الخطأ مرجوع) وإن كان من باب الغفلة فإن (الفاول مرفوع) أما إذا كان فلول الإنقاذ تريد استثمار مثل هذه التباينات بين مؤسسات الفترة الانتقالية فإنهم سيلوكون الحصا ويضرسون الحصرم و(يبلعون الظلط) ولات حين عودة من طريق الثورة الممهور بدماء الشباب وجسارة النساء (وأطفال التروس)..ومثل هذا الإجماع الشعبي برهان يراه كل من يبحث عن (البرهان)..! فقد كان التجاوب في رفض هذا المجلس بتلك الكيفية تلقائياً عفوياً لم ينتظر عقد اجتماع أو بحث أجندة أو نظر لما تقرره الحكومة أو صدور بيان من الحرية والتغيير..! وهنا تبرز معالم الطريق ناصعة أمام القادمين الجُدد أو المبارحين القدامى.. (أمامك فاختر أي نهجيك تنهجُ/ طريقان شتى مستقيم وأعوجُ) وفي كل ذلك ذكرى وعبرة (للناشزين) من قادة الحركات التي كان السودانيون يتلهفون لاستقبالهم حتى يكونوا عوناً على تجاوز هضاب ومنعطفات ووعثاء الفترة الانتقالية.. فذلك ما كان منتظراً منهم (يا عيني) وهم يعلمون وغيرهم يعلم أن ظروف الانتقال في السودان جعلت بعض الإنقاذيين لا يزالون على مواقعهم التي كانوا عليها في العهد الإنقاذي الكريه..(والأمثلة حاضرة).. وهذا هو ما وجدت الفترة الانتقالية نفسها فيه.. وهذا ما يحتاج إلى كثير من الصبر.. وكثير من المضاء ..وكثير من الحكمة ..وكثير من العزم على حراسة الثورة وإنجاح الانتقال.. وكل من يريد أن يحلم بعودة الإنقاذ فليس محجوراً عليه أن يحلم.. ولكن كل ثورة عظيمة تتكوّن من موجات إثر موجات واستعداد بعد استعداد وأهبة بعد أهبة وهبّة بعد هبّة..وكان ذلك على الثورات العظيمة قدراً مقدوراً (جفت الأقلام وطويت الصحف).!
الذين وضعتهم الأقدار في مواقع التأثير عليهم أن يدركوا من العبر و(ديوان المبتدأ والخبر) ما حل بالإنقاذ وشبيهاتها.. وما كان يصدر من قادتها من عنجهية (واطمئنان للاستبداد) حتى كان يقول كبارهم أو من هم في حُكم الكبار من عصاباتهم إنهم باقون في السلطة إلى يوم الصاخة والحشر العظيم.. وقال قائلهم إنهم لن يسلموا السلطة إلا للسيد المسيح ..فأين هم الآن وقد قطع الله دابرهم وأصبحوا مثل طسم وجديس والمؤتفكة و(أصحاب الرس) ..وجب على الفلول إذن أن يستذكروا ما فعل ربك بعاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذي الأوتاد بعد أن طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد...(وهذه هي الإنقاذ الخالق الناطق).!

 

آراء