الفصل الرابع عشر من كتاب: “ما وراء السودان” (1- 2)

 


 

 

 

 

الفصل الرابع عشر من كتاب: "ما وراء السودان" (1- 2)
The 1924 Disturbances اضطرابات عام 1924م
Henry Cecil Jackson هنري سيسيل جاكسون
ترجمة: بدر الدين حامد الهاشمي
مقدمة: هذه ترجمة للجزء الأول من الفصل الرابع عشر في كتاب "ما وراء السودان Beyond the Sudan"، للإداري البريطاني هنري سيسيل جاكسون. نشرت دار نشر ماكميلان الكتاب في لندن عام 1955م.
عمل جاكسون في مجال الإدارة بالسودان لأربعة وعشرين عاما متصلة، وحكم مديريتي بربر وحلفا، ولخص تجربته في الحكم والإدارة في عدد من المقالات والكتب التي وصف في بعضها عادات السودانيين وأمثالهم في مختلف المديريات التي عمل فيها، وأرخ في بعضها الآخر لبعض الشخصيات السودانية مثل عثمان دقنة والزبير باشا رحمة. وقد ترجمنا من قبل بعض فصول هذا الكتاب، ومقتطفات من بعض كتب ومقالات مختلفة لهذا الإداري الكاتب.
يسرد الكاتب في هذا الفصل وجهة النظر الاستعمارية في حركة 1924م، وفيما سبقها من أحداث في مصر. وسبق لنا نشر ترجمة ثلاثة مقالات أكثر حيادية وموضوعية عن تلك الحركة لإلينا فيزاديني (1، 2) وهيذر شاركي (3). وللباحثة اليابانية يوشيكو كوريتا كتاب عن علي عبد اللطيف وثورة 1924م (4).
المترجم
********** *********
بعد نحو عشرين عاما من تلك الأحداث التي سردتها في الفصل السابق (أي أحداث تمرد القوات السودانية عام 1900م (5). المترجم)، توقف المصريون عن محاولة إخراج بريطانيا من السودان. وكانت صعوبة الحياة ومخاطرها الجمة في السودان من الأسباب التي جعلت غالب المسؤولين المصريين يبغضون العمل به. ومع تزايد تجربتهم في أحوال البلاد، أدركوا أن ليس بالسودان الكثير ليقدمه للأشخاص المسالمين الذي نشأوا وترعرعوا في محيط وظروف طبيعية أكثر رقة وسهولة. وزادت الصراعات القبلية المتفرقة من ضيقهم بالعيش في البلاد، إضافة لوخامة الجو فيه، التي أثرت عليهم بقدر أكبر من تأثيرها على رصفائهم البريطانيين، الذين كانت لهم اهتمامات أوسع، وهوايات أكثر ملأت أوقات فراغهم، وجعلتهم أكثر نشاطا وصحة بممارستهم للألعاب الرياضية وركوب الخيل والرماية.
ولم يعاود المصريون النظر إلى السودان بعين الحسد إلا مع نهاية الحرب العالمية الأولى في عام 1918م، ونمو وانتشار المشاعر الوطنية (القومية) التي أعقبت تلك الحرب.
وبعد شهور من بدء العدائيات في عام 1914م وجدت بريطانيا العظمى نفسها في حرب ضد تركيا (الدّولة المهيمنة على مصر). وبذا وُضِعَتْ مصر في موقف شديد العسر، إذ كانت نظريا في حرب ضد بريطانيا العظمى، إذ أنها كانت جزءًا من الإمبراطورية التركية. وكانت مصر في ذات الوقت شريكة لها في حكم السودان. وكان بعض كبار الشخصيات المصرية قد اقترحوا حلا ينظم تلك العلاقة الملتبسة يتمثل في قيام بريطانيا العظمى بضم مصر لإمبراطوريتها، غير أن الحكومة البريطانية قررت تجاهل ذلك الاقتراح، وعمل ترتيب مؤقت يقضي بوضع مصر تحت الحماية. وفي عام 1922م ألغت بريطانيا العظمى إعلان الحماية الذي كان قد بدأ سريانه مع بدء الحرب، وأعلنت مصر دولةً مستقلة ذات سيادة. وبذا مُنِحَتْ مصر (التي حكمها من قبل الآشوريون والرومان والعرب والفرنسيون وآخرون) حريةً لم تنعم بها قط من قبل عبر تاريخها الطويل.
وعند نهاية الحرب العالمية الأولى طلبت الحكومة المصرية السماح لها بإرسال وفد لمؤتمر السلم في ڤرساي. وكان من المفترض أن تٌمثل فيه أيضا الجزيرة العربية وقبرص. وسرت أيضا شائعات عن استقلال سوريا وبلاد ما بين النهرين. وكانت عدة دول صغيرة قد برزت لحياة جديدة من بين رماد ألمانيا والنمسا وتركيا، وكانت تلك الدول شديدة الرغبة في الحصول على استقلالها من الهيمنة الأجنبية. وكانت لدى مصر، بثقافتها التي تمتد لخمسة آلاف سنة من التاريخ، طموحات مماثلة. وكانت تحس بأن ما قدمته للحلفاء من مساعدات قيمة يؤهلها لتُسْمَع صوتها. وبالإضافة لعدد قليل من مشغلي المدافع (المدفعجية) في معارك الحجاز، عمل أكثر من 100,000 من الجنود المصريين في الجيش المصري – في الوحدات الخدمية غالبا -. وكانت مصر قد قدمت أيضا فيلق هجانة أدى أدوارا مهمة في انتصار حملة اللنبي في فلسطين (6). وخدم في ذلك الفيلق أكثر من 170,000 من الجنود. وعلى الرغم من أن كل أولئك الرجال كانوا يعملون في الخطوط الخلفية، إلا أنهم فقدوا 220 من القتلى و1,400 من الجرحى في عمليات ضد العدو. وقُتِلَ منهم أيضا 4,000 في المستشفيات الميدانية. وكان من الطبيعي (والصحيح في نظري) أن تغضب مصر لرفض طلبها لإرسال ممثلين لها للاشتراك في مؤتمر ڤرساي، رغم أن طلبها كان مدعوما مِنْ قِبَل اللواء سير وينجت باشا، المفوض السامي البريطاني في مصر، الذي كان قد أبحر في طَّرَّاد خاص إلى لندن ليساند الطلب المصري. غير أن وينجت أخفق في مهمته، بل ولم يسمح له بالعودة لمصر.
وعوضا عن السعي لتحقيق مطالبهم العادلة بوسائل معقولة ودستورية، لجأ الساسة المصريون – كدأبهم من قبل وبعد تلك الحادثة – إلى إثارة مشاعر سكان البلاد (القابلين أصلا للإثارة بسهولة) ودفعهم للقيام بحملة من التظاهرات والتخريب. وقامت حشود الغوغاء العنيفة باقتلاع خطوط السكة حديد، وتحطيم صناديق الإشارة، وإحداث قدر كبير من التخريب في طول البلاد وعرضها. وقاموا أيضا بجر ضابطين وخمسة ضباط صف بريطانيين وقتلوهم بصورة بالغة الوحشية، ومثلوا بجثثهم بصورة لا توصف. واُسْتُدْعِي جنود الكومنويلث لإعادة النظام، إلا أن ذلك تطلب الكثير من الاقتتال العنيف الذي أسال الكثير من الدماء، قبل أن تتم إعادة الهدوء والاستقرار. غير أن إيقاف الاقتتال لم يفلح في إخماد الاضطراب السياسي إذ أن بعض الأحزاب السياسية المصرية واصلت في إثارة الفوضى في مصر، والاضطرابات في السودان.
ومن المحزن أن مصر التي كانت تؤمل – عن استحقاق – في نيل الاستقلال لنفسها، قد ناهضت مثل ذلك الاستقلال لشعب السودان، الذي كانت ترغب في بسط سيطرتها عليه دون مبرر. لقد كانت سياسة حكومة السودان الدائمة هي منح السودان حكما ذاتيا في نهاية المطاف. وبعد نهاية الحرب العالمية الأولى كانت الخطوة الأولى في سبيل تحقيق تلك الغاية هي إحلال السودانيين محل المسؤولين المصرين في الوظائف الدنيا بصورة متدرجة. غير أن ذلك الإحلال المتدرج لم يرض المصريين، لعجزهم عن فهم السياسة البريطانية فهما كاملا، ولعدم ادراكهم أن حصول السودانيين على المؤهلات المطلوبة سيمكنهم من أن يحلوا محل البريطانيين في الوظائف العليا، كما قاموا ذلك بالفعل مؤخرا. وكان المصريون يخشون من أن الإنجليز يؤملون في ضم السودان لمجموعة الكومنويلث. وإن حدث هذا فستنتهي بالطبع السيطرة المصرية على السودان للأبد (وهي السيطرة التي دانت لهم كاملةً من قبل، إلى أن أنهاها الدراويش، ويمارسونها الآن اسميا في نظام الحكم الثنائي)
وبالإضافة لعدم رغبة المصريين في منح السودانيين الحق في حكم أنفسهم، فقد كان للمصريين سبب آخر للنظر بعين الخوف والارتعاب للتناقص المتواصل في نفوذهم بالسودان. لقد كان النيل (الذي ينبع جنوبا، بعيدا عن حدودهم) هو دم الحياة لبلادهم. وكانت مصر تؤمن بأنها إن لم تسيطر على مياه النيل، فقد تأتي قوة غير صديقة وتقدم – حتى لوقت قليل - على تقليل مرور المياه لها بصورة حرة، وتعرضها لخطر المجاعة (7).
*****
وبحسب اتفاقية عام 1922م، كان على المسؤولين البريطانيين الانسحاب من مواقعهم في مصر، وكان على الضباط البريطانيين العاملين بالجيش المصري إنهاء خدماتهم قبل عام 1927م. وكان المصريون يقولون للضباط السودانيين بأنه كما طُرد البريطانيون من مصر، فسيطردون من السودان أيضا.
وزعموا أيضا أنه عند رحيل الضباط البريطانيين من الجيش المصري في المستقبل القريب، فستؤول قيادة الجيش المصري لمصر، لذا يجب على السودانيين الذين يريدون الحفاظ على مرتباتهم ومعاشاتهم أن يقفوا في صف المصريين. واستخدم المصريون ذات الحجج القديمة الكاذبة التي كانوا يستخدمونها إبان حرب البوير من أجل زيادة الشِقاق والخلاف. غير أنهم كانوا يتجاهلون عمدا أن يذكروا أن اتفاقية 1922م (6) كانت قد ذكرت أربع نقاط ستخضع لمزيد من الدراسة، وأن واحدة من تلك النقاط كانت عن مستقبل السودان. ولو كانوا قد توخوا الصدق، لما كان لدعايتهم تلك أدنى أثر. ولكن بطبيعة الحال كان بعض السودانيين يجهلون الحقائق الصحيحة، لذا أحسوا بأنه ليس أمامهم من خيار سوى الاصطفاف مع المصريين. ويعجب المرء في الحقيقة من عدم وقوع المزيد من منهم في شراك خداع المصريين.
*****
لم يكن من العسير الوصول للمعلومات عن المؤامرات المصرية في بلد تدين الغالبية العظمى من شعبه بالإخلاص للبريطانيين، وتبغض المصريين لسوء حكمهم لهم في الماضي. لذا كانت أخبار الاجتماعات المحرضة على الفتنة التي كانت تُعقد في الأندية والمقاهي وحتى البيوت الخاصة تُبْلَغُ بسرعة إلى السلطات. غير أن البريطانيين لم يكن يرغبون في إفساد المفاوضات مع مصر حول تلك النقاط الأربعة المعلقة. لذا عمدوا إلى إرجاء القيام بأي عمل لإيقاف المؤامرات التي كان المصريون يحيكونها ضدهم، وتواصلت الدعايات المصرية دون أن تجد من يوقفها أو يدحضها. وعد المصريون امتناع البريطانيين عن ردعهم دليلا إضافيا على ضعفهم. وفي أيام إنهاء الحماية البريطانية على بلادهم (وقد كان ذلك تنازلا طوعيا) كان المصريون يعدون أن ذلك قد أُخِذَ غِلابًا، وأن مرد صبر البريطانيين كان هو الخوف أو القُصُوْرُ أو العجز. وعلى الرغم من كل ذلك الفيض من الدعايات، لم تفلح محاولات المصريين في نيل شيء سوى إغواء القليل من السودانيين وإبعادهم عن ولائهم (للبريطانيين). وكان هنالك الكثير من السودانيين الأحياء الذين لا يزالون يذكرون جيدا تلك الأيام المَنْكُودة التي حكم فيها الأتراك والمصريون بلادهم حكما ظالما، ولا يرغبون في عودة مثل تلك الأحوال. ولما أخفق المصريون في نيل تأييد الجزء المسؤول والأرجح عقلا من الشعب، ركزوا جهودهم على نيل تأييد طلاب المدارس، والذين تخرجوا فيها حديثا – وهؤلاء قطاع من المجتمع يعوزه تماما تكوين رأي مدروس حول القضايا مدار البحث بالبلاد (هكذا! المترجم)
ونشأت جماعة مُخَرّبة وهَدّامة – سودانية ظاهِرِيًّا، ولكنها منظمة وممولة مِنْ قِبَل مصر، تحت اسم "جمعية اللواء الأبيض". وتظاهر بعض الدهماء من أراذل الناس (هكذا! المترجم) في أم درمان والخرطوم احتجاجا ضد البريطانيين، وتسبب ذلك في إزعاج عامة السكان، وفي تهديد الأمن والاستقرار في المجتمع. لذا حظرت السلطات نشاط تلك الجمعية واعتقلت بعض قادتها وأودعتهم السجن. وكان أبرز أولئك القادة في ذلك الوقت هو علي عبد اللطيف – وهو دينكاوي ومسترق سابق -، ونجح في الهرب إلى مصر. وهناك تُوُفِّيَ في مصحة عقلية، وحظي بجنازة رسمية شارك فيها ممثل لجلالة ملك مصر. وظهر لاحقا عضو لتلك الجمعية، صار (زعيما) فائق الشهرة وهو محمد نجيب، أول رئيس لجمهورية مصر (8).
******* ***********
كنت أقضي عطلتي عندما اُسْتُدْعِيتُ في صيف 1924م بسبب وقوع اضطرابات في السودان، وتم تعييني مديرا لمديرية بربر. لقد كانت لحظة حزينة مؤسفة تلك التي بدأت فيها بمباشرة مسؤولياتي، إذ أنه قبيل وصولي لمقر عملي، كان نحو 4,000 من رجال كتيبة السكة حديد المصرية العاملة في أتبرا (التي تعادل مدينة كرو Creweفي إنجلترا، التي بها ورش وتقاطعات عديدة لخطوط السكة الحديد) قد أعلنوا رفضهم إطاعة الأوامر، وبدأوا حملة أعمال تخريبية. وجُلِبَتْ من شندي قوات سودانية للتعامل مع المتظاهرين. ولم يصب في تلك الحادثة إلا القليل من المصريين، وتم ترحيل بقية عمال الكتيبة إلى بلادهم. وعلى الرغم من عدم وجود أي قوات بريطانية بالقرب من أتبرا إلا أن الصحف المصرية، في سعيها المحموم لإثارة الرأي العام ضد البريطانيين، ورفضها للاعتراف بأن السودانيين يوالون الحكومة، لم تتورع عن ذكر أن المصريين غير المسلحين قد أصيبوا برصاص البريطانيين القساة المتوحشين.
وساءت الأوضاع أكثر فأكثر في غضون فصلي صيف وخريف عام 1924م. وكان البريطانيون يعتمدون على ولاء وإخلاص السودانيين، ولا يرغبون في اتخاذ إجراءات صارمة حاسمة إلى عندما يصبح اتخاذ مثل تلك الإجراءات أمرا غير قابل للتأجيل. وفي يوم 18 نوفمبر من ذلك العام تعرض سير لي استاك، حاكم عام السودان وسردار الجيش المصري للإصابة بالرصاص في أحد شوارع القاهرة – ليس بيد سوداني (كما ذكرت الصحف المصرية تخرَّصا)، وتُوُفِّيَ في منتصف ليل 20 نوفمبر. لقد كان استاك محبوبا جدا عند السودانيين بسبب أمانته وبساطته وتعاطفه معهم، وأثار اغتياله سخطهم الشديد. وتحول اِمْتِعَاضِهِم إلى غضب عارم لما سمعوه من المصريين في أتبرا وغيرها من اساءات نفثوها على ذكرى الرجل. بل إن أحد كبار الضباط المصريين في كسلا أقام مَأْدَبة غداء احتفالا باغتيال استاك.
وتوالى وصول برقيات التعازي المؤكدة للإخلاص والولاء للبريطانيين من كل أنحاء البلاد. وكانت تلك البرقيات تطالب أيضا بالتعجيل بأخذ إجراءات صارمة وحاسمة ضد المصريين. وأعلم عن الصعوبات الجمة التي واجهت اثنين من الباشمفتشين، في منطقتين بعيدتين عن بعضهما، في كبح جماح سكان منطقتهما ومنعهم من حل "المشكلة المصرية"، مرة واحدة، بطريقة ملائمة وسهلة تتلخص في الفَتْك بجميع المصريين بالمنطقة!
تُولَدُ العواصف الهادرة صغيرةً في البدء. فالأعاصير المدمرة التي تطوف على سواحل فلوريدا (مثلا) قد تنشأ من بدايات عديمة الأهمية في خليج المكسيك، وتكتسب سرعة وقوة وعنفا وهي تسير في طريقها، وليس هنالك ما ينذر بمقدمها سوى ضعف وسكون في الهواء أو حَفِيف يُسمع من بعيد. وهذا ما حدث بمصر والسودان عام 1924م. فقد تجمعت عاصفة الغيوم في مصر، وسارت عبر وادي النيل الضيق، وتجمعت بالتدريج، وبلغت ذروتها في السودان، على بعد ما يزيد على 1,000 ميلا جنوبا.
وتوالى سير الأحداث سريعا وبلا هوادة نحو نهايتها المُرّة. فعند الساعة الخامسة إلا ربعا عصر يوم 22 نوفمبر 1924م قدم اللورد اللنبي المندوب السامي البريطاني بمصر (وهو في حراسة فوجه العسكري 5th/16Lancers ) إنذارا أخيرا لرئيس الوزراء سعد باشا زغلول طالبه فيه – ضمن مطالب أخرى- بإخراج كل الجنود المصريين من السودان. وصدرت في السودان أوامر سرية لمديري المديريات والضباط الذين يقودون المناطق كي يقوموا بتدبير أمر إجلاء كل المصريين العسكريين والمدنيين، على حد سواء، إن لم يُقبل ذلك الإنذار حتى عصر يوم 23 نوفمبر. ولم يتم الالتزام بما ورد في ذلك الإنذار في الوقت المحدد، لذا قام الجنود البريطانيون في صباح يوم 24 نوفمبر بالإحاطة بجنود كتيبة المشاة الرابعة في الجيش المصري بالخرطوم، وجنود كتيبة المشاة الثالثة والمدفعية بالخرطوم بحري، وأجبروهم على البقاء في ثكناتهم. وعلى الرغم من كل الاستفزازات التي تلقاها الجنود البريطانيون، ورغما عن غضبهم على قتل استاك غِيلةً، فأنهم لم يقوموا بإهانة الضباط المصريين في الخرطوم، بل سُمح لهم بالخروج بشروط. وذهبوا للإقامة في فندق غردون، ونادي الضباط المصريين، حيث بدأوا في التعجيل بتحضيراتهم لعمل انقلاب. وكانوا قد خططوا أن تكون إشارة بدء الانقلاب هي قصف المدفعجية المصريين في الجهة المقابلة للنهر للقصر والقلعة والثكنات البريطانية بالخرطوم. غير أن سرعة تحرك البريطانيين وقيامهم بهجوم مضاد أحبط ذلك المخطط الانقلابي. لذا لجأ المصريون لتعديل خطتهم.
************ ************ **********
إحالات مرجعية
1. برقيات وطنية: الكتابات السياسية ومقاومة الاستعمار في السودان بين عامي 1920 – 1924م
https://www.sudaress.com/sudanile/66233
2. جواسيس وأسرار وقصة تنتظر أن تعاد روايتها: ذكريات ثورة 1924م وعنصرة التاريخ السوداني
https://bit.ly/3u8y9k1
3. اسْتِعْراض لكتاب: "الوطنية المفقودة (المفتقدة): الثورة والذاكرة والمقاومة المعادية للاستعمار في السودان".
https://bit.ly/33184Yh
4. كتاب "على عبد اللطيف وثورة 1924م: بحث في مصادر الثورة السودانية" / بقلم يوشيكو كوريتا، وترجمة مجدي النعيم. الطبعة الأولى. تاريخ النشر: 1418 هجري - 1997م. عدد الصفحات: 117 صفحة. الناشر: مركز الدراسات السودانية.
5. لقراءة الفصل انظر الرابط: https://bit.ly/3u2LVVe
6. أعلن اللورد إدموند اللينبي في 28/2/1922م إنهاء الحماية البريطانية على مصر، واستقلالها. للمزيد عن الموضوع يمكن قراءة ما ورد في هذين الرابطين: https://bit.ly/3u7z847 و shorturl.at/myJKP
7. قيل إن المخاوف المصرية من جفاف النيل قديمة. انظر مثلا لموضوع بعنوان: "نقش أثري يعيد للأذهان مخاوف المصريين من جفاف النيل" https://bit.ly/2PJXCBy
8. ذكر هذه المعلومة أيضا الكاتب المصري محمد ثروت في كتابه "الأوراق السرية. محمد نجيب أول رئيس لمصر" بحسب مقال تاج السر حسين في الرابط: https://www.sudaress.com/sudanile/18198

 

alibadreldin@hotmail.com

 

آراء