روني، سؤال مشروع كيف نفهم مهدية المهدي؟!.

 


 

 

بهدوووء_

أرسل لي احد الأصدقاء فيديو لنجمة من نجوم السوشيال ميديا على حد تعبيره (الأستاذة / روني ) وهي تطرح أسئلة حول مهدية المهدي ، وكيف يمكن أن نفهم هذا الألمر ، الفيديو ليس طويل ، وطرحت الأخت من خلاله اسئلة مهمة ، وجب على جيل روني و الاجيال القادمة فهمها، خصوصا أننا نحتاج إلى أساس ننطلع منه نحو تشكيل السودان. هذه النقاشات لا تنفصل عن رؤيتنا لذاتنا ، و المعرفة المكونة و المتشكلة عن المجتمعات السودانية و النظم الاجتماعية و السياسية ، وهو مرتبط ايضا بالنظم السياسية للسودان.
للرد على سؤال روني هناك اتجاهين ، الأول هو مرتبط بالشروط الاجتماعية التي ظهر فيها المهدي وعلاقات القوى في ذاك الوقت ، وكيف يتحرك المجتمع ، و الوعي الجمعي و الشعور العام . و الثاني متعلق بنقد سردية التاريخ التي شكلت عن المهدي ، و ثورة التحرر التي خاضها السودان ضد الخديوية.
بكل تأكيد عندما قامت ثورة التحرر ، لم يكن المجتمع حينها كما الآن أو العالم كما على حاله ، فالمجتمعات تعيش وفق اساطيرها و معرفتها التي شكلتها مع تفاعلها بالواقع المحيط حولها ، كان المجتمع السودان مقسم إلى تكوينات اجتماعية متشظية ، و أعلى تجلي لحالة السلطة فيها هي الممالك الاسلامية ، و المشائخ المتحالفة مع هذه الممالك شمالا. في زمن عاثت الخديوية بهذه المكونات فسادا ، و دمرت المدن و القرى و قتلت الآلاف ، و وصل حد جمع الضرائب ، ان يدخل الجامعين القطط في (سراويل) الرجال اذا رفضوا دفع الضريبة.
حينها كان لابّد من منقذ يخرج الناس من هذا الوضع ، فلقد ضاق الحال على الناس ، هنا خرج الامام إلى خلق ايدولوجيا محركة للناس ، مرتبطة مع تصوراتهم الاجتماعية و متسقة مع مخيالهم الجمعي . ولم يجد الامام اعلى من المهدية كفكرة تحرك الناس ، فالظلم و السلطة الخديوية بلغت ذروتها . إلتفت التكوينات الاجتماعية حول المهدي ، وقادوا ثورة التحرر او التحرير ، مقتلعة الخديوية ، و قتلت غردون باشا الجنرال الانجليزي الذي تحول إلى جرح نرجسي في المخيلة البريطانية.
هذا يجعلنا ندخل إلى الاتجاه الثاني من السؤال ، وهو كيف فهمنا هذه المسألة ضمن النظم المعرفية و الاجتماعية الحديثة ، يقودنا هذا إلى سؤال المعرفية الاستعمارية ، التي في الاساس هي ممهدة للسيطرة الاستعمارية ليست سيطرة على الأرض أو على الثروات وإنما هي سيطرة تعمل على تشكيل المجتمع بحيث تعيد تعريفه من جديد من خلال الانظمة التي تعمل على انتاج المجتمع ضمن نظم سلطوية محددة تعمل على اعادة انتاجه.
وهنا نذهب الى الدور الذي لعبته بريطانيا في اعادة تشكيل المخيال الاجتماعي ضد المهدية ، فادخلت النظم الاسلامية التي تواجه اي محاولة لانتاج مثل هذا الشكل من الحركات الثورية ، وهو ما نفهمه في كتابات ونجت و المخطوطات البريطانية.
إن سؤال روني سؤال مشروع ، و الاجابة عليه واجبة ، ليس لها بصورة شخصية وإنما بصورة عامة ، و أود شكرها على حسن النية الذي اظهرته ، ومحاولة السؤال بكل احترام .

_____________________________
في تضامن رمضان ..
أعاده الله علينا و عليكم بالخير و اليمن و البركات ، وأعاده الله علينا وبلادنا أكثر أمنا و استقرارا ، و أهلنا في ربوعها بخير و الذين في المهاجر ، عائدين مستبشرين ، أو فرحين في غربتهم.
يأتي علينا رمضان و نحن في انهيار تام في كافة مناحي الحياة ، بمجتمعنا و مؤسساتنا ، كجرح يدمي في وجه الزمان أصبحت المأساة في كل بيت و كل فريق و كل حي و أي مدينة ، طوفان نتحسر على آثاره الحاضرة و نخاف من آثاره القادمة.
مظاهر الفقر التي ضربت الطرقات و تظهر في ملامح الناس ،رغم خير البلاد و موردها ، تطل هذه الازمات علينا كرأس شيطان ، فأنهك الناس وجف الماء و ضربت المجاعة أرجاء البلاد ، فسيرتفع عدد المهددين بالمجاعة الى 12 مليون نسمة ، و يصل الفقر الى 70 % من السكان ، ولا وجيع لهم و مهتم.
رمضان فرصة لأجل أن يزيد التضامن في المجتمع ، فلا جبل يعصم إلا القيم الاجتماعية ، وخصوصا تلك التي تظهر في مواسم كموسم رمضان ، فلقد تعودنا في السودان بكل بقاعه المختلفة ، أن يتحول رمضان إلى ملحمة اجتماعية ، تظهر معادن المجتمع التي تدفن مع الأزمات ، لكن لا تلبث الإ أن تظهر نابتة من عجاف السنوات ومن صحراء التفكك لتكون حصننا الحصين.
اخرجوا للطرقات و الشوارع حاملين الموائد فربما هناك متعففين يستحون من مد يد الحاجة او تقبل الهبات ، كريمي اصل و نفس ، يقبلون المائدة التي تحف بالكرم و الشيم.
اخرجوا للطرقات ، حاملين طعاكم ، فربما يصادفه مسافر أو جائع انقطع به الطريق ، أو طالب بعيد عن اهله ، أو غريب عن بلدته ، تقطع اوردة تواصله ، ادعوا الناس إلى الموائد ، فربما يتحقق التقارب ، و التراحم.
لربما يكون رمضان المسغبة هذا ، خير لما يأتي ، و غسل لما دفن في هذه الأيام المتوحشة ، ولا ندري أين يكون الخير لربما كان من بعد أيام عجاف ، فيه نكست رايات التضامن و التراحم و نشرت الفرقة و التشتت.
أسأله أن يرحم من فقدنا خلال هذه المدة ، و ان يلطف بقلوب الناس و ان يزرع فيهم السكينة ، وان يزيل المأساة كما يزيل الداء العضال من الجسد.
mido34067@gmail.com

 

آراء