لا حل في الأفق .. سوى الديمقراطية. . بقلم: الطيب الزين

 


 

 

لو عدنا بالذاكرة السياسية إلى الوراء، تحديداً إلى عام ١٩٩٠م، في ذلك العام،  في ٢٨ رمضان، شهدت البلاد أولى محاولة جسورة من جانب الوطنيين في داخل قوات الشعب المسلحة،  تعبيراً عن إنحياز الجيش إلى صف الشعب، كونه مؤسسة حالها حال بقية  مؤسسات الدولة، لكن الجيش له  ميزة خاصة أنه يمتلك السلاح والقوة الضاربة التي تمكنه من تغيير موازين القوة لصالح عامة الشعب، وليس لصالح جهة أو فئة، على حساب الوطن والمواطن.

فإنحيازه الى جانب الشعب يعبر عن فهم متقدم، لدوره الوطني وهو حماية الديمقراطية لضمان الإستقرار السياسي في البلد، كما هو حاصل في أغلب الدول المحترمة، التي تحتكم إلى صناديق الإقتراع ولا تسمح للجيش بالتدخل في الشأن السياسي، وتحصر دوره الوطني الكبير في حماية الوطن وحدوده من أي عدوان خارجي.


محاولة ٢٨ رمضان جاءت في هذا السياق، تعبيراً عن إلتزام الجيش بحماية الديمقراطية، بإعتبارها الخيار الوحيد الذي يضمن أمن البلاد وإستقرارها.


كانت هبة وطنية صادقة هدفها إستعادة الديمقراطية التي صادرها قطعان الجبهة القومية الإسلاموية في عام ١٩٨٩م.


تلك المحاولة تبعتها محاولات عديدة من جانب الشرفاء داخل الجيش، ومحاولات من الشارع، أبرزها مظاهرات سبتمبر ٢٠١٣، وأستمرت مقاومة الشعب للإنقلاب حتى تكللت بثورة ديسمبر المجيدة، بصفحاتها النضالية المشرقة، بدءاً منذ أول يوم إنطلقت فيه المظاهرات الرافضة لحكم الكيزان الحرامية، وحتى وصول الثوار مقر الإعتصام أمام القيادة العامة، حيث تجلت أجمل صور النضال ومعاني التماسك والتكافل الإجتماعي، والإستعداد للتضحية بالروح والدم من أجل مستقبل أفضل يدفع عجلة الحراك السياسي والثقافي والإجتماعي في البلاد قدماً بهدف ترسيخ ثقافة الحرية والعدالة والسلام والتداول السلمي للسلطة التي تساهم في تطور وعي الفرد والمجتمع ، وتبعد خيار اللجوء إلى القوة والعنف والإنقلابات العسكرية التي عطلت عجلة التنمية، وأوقعتنا في فخ الإستجداء والإعتماد على المساعدات الخارجية كما حدث في عهد عبود ونميري وعمر البشير.


وكما هو حاصل الآن، بعد إنقلاب البرهان وحميدتي، وجبريل إبراهيم ومناوي والتوم هجو واردول وعسكوري،  في ٢٥ إكتوبر ٢٠٢١م، الذي أكد أن الذين لا يقرأون التاريخ يعيدون أخطاء الماضي.!


الإنقلابات العسكرية لن تحل المشاكل ولن تقود السودان إلى بر الأمان،  بل تقوده إلى مزيد من الخراب والدمار.


في ظل الوضع القائم الذي يسوده الجهل والتخلف والفقر بجانب التعقيدات الإجتماعية والسياسية.!


السودان في حاجة إلى حس وطني صادق  يدفع بالأمور نحو القبول بالديمقراطية خياراً وفضاءاً مفتوحاً أمام الجميع للتدوال السلمي للسلطة لبناء دولة القانون والمؤسسات التي توفر الأمن وتضمن لقمة العيش الكريم في بلد يعتبر سلة غذاء العالم.



Eltayeb_Hamdan@hotmail.com

 

آراء