التخاذل الصومالي امام التغول العفري

 


 

 

المثقفين من العيسى اذا تناولت الفرنكفونية او الاسلام السياسي سيتصدون لك بشراسة!
بينما لم نجدهم كذلك في ظل استحقاق دفاعهم عن قومهم الذين يتعرضون للاعتداء المستمر من قبل العفر!
ذلك الموقف يمثل حالة مفارقة لا تسندها وجهة نظر او تصور منطقي،حقوقي يمكن ان يقف كسبب وراء واقع الاستلاب الذي يعانون منه ووجدوا ذاتهم فيه، والهروب نحو تلك الايديولوجيات ياتي على حساب وجودهم الانساني واستحقاقاتهم.

وقد اصبحت تلك الايديولوجيات هي الطاغية على فكر هذه النخبة الصومالية العيساوية، وارتباطهم معها يفوق صلتهم العرقية والوطنية، وقد افضى ذلك الى تصور ان وجودهم كمكون اجتماعي وقضاياه يمثل امر هامشي مقارنة مع الفرنكفونية والاسلام السياسي اللذان اتخذا كثقافات ووجود بديل لهم.
واصبح وجودهم كمكون يمثل امر هامشي مقارنة مع ايديولوجياتهم المكتسبة والتي تمنح الصدارة من قبلهم، ويتم تسخير ما دون ذلك خدمتا لها، وبحيث اصبح الاهتمام بقضايا فرنسا والعالم الاسلامي مقدما عن شؤون العيسى والصوماليين.

فعلى سبيل المثال فان رجال الدين والدعاة المنحدرين منهم يرون ويختزلون الصراع العفري الصومالي بالفتنة، فهم ليسوا على استعداد لكي يبحثوا عن بعد الصراع وخلفياته والتوقف عند المأل الحقوقية لقضية النزاع، فالرابطة السياسية التي تجمعهم مع اخوان العفر تتصدر اهتماماتهم ومصالحهم السياسية، وبالتالي فان واقع الصراع الصومالي العفري ياتي خارج اهتمامات هذا النخبة الدينية، بينما لن تجد ذلك الموقف المتخاذل من قبل التيار الديني القائم لدى العفر.

وبدورها فان نزعتهم الفرنكفونية تتجاوز رابطتهم القومية ومصالح مكونهم الاجتماعي، والمسافة مع الفرنكفونية بالنسبة لهم اقرب من مثيلاتها القومية، والنخبة العيساوية الفرنكفونية تتصدر المشهد السياسي والاجتماعي للمكون مقارنة مع المجموعات الغير مؤثرة والمنحدرة من صومال الدولة واقليم سيتي المستعمر من قبل اثيوبيا واللتان تتجذر الثقافة الصومالية في اوساطهم، بينما الامر مختلف لدى كبرى مجموعاتهم الفرنكفونية القاطنة في جيبوتي، فهؤلاء الايديولوجيين يرون ذاتهم انهم جزء عضوي من المجتمع الفرنسي وان ما يربطهم مع قومهم هو مجرد المكان، وهكذا الامر بالنسبة للمنضويين منهم تحث عباءة الاسلام السياسي، والذين لا يضعون اعتبار لرابطة القومية والجغرافيا او حتى الاعتبار الحقوقي، ويعتقدون ان واقع المسلمين مشاعي او شيوعي وبمعزل عن الخصوصية، وهو ما يعرف بالخلافة الاسلامية.

في حين ان جوهر الامر هو صراع وجودي، خاصة وانه ذو صلة بالوطن ماوئ المكون والصوماليين جميعا، وهذه النخبة الصومالية والعيساوية منها غير قادرة على استيعاب ان الصوماليين ومنهم العيسى لم يخوضوا صراع مع العفر من فراغ او بفعل نعرة قومية، بل من خلفية حقوقية وهي ان هناك سكان صوماليين على ارضهم ويرغب العفر انتزاعهم منها، والماساة ان تجد صوماليين متعاطفين مع العفر نكايتا بمكون العيسى وذلك على خلفية نعرة او خلاف قبلي!

ورغم ان التصورات المعرفية الفرنسية والدينية ذاتها ترى بمدى حقوقية الموقف الصومالي العيساوي، فحتى هذه المسلمة البديهية النخبة العيساوية غير قادرة على استيعابها بفعل انعدام التصور وغياب الافق، وبفعل احكام السيطرة السياسية عليها في جيبوتي ومن قبل الحكومة الاثيوبية واللتان تتقاطع مصالحهم السياسية، خاصة وان اديس ابابا تحديدا تسعى الى استمرار الصراع الصومالي العفري، حتى تستقطب الجانب الاخير وتضع الصوماليين في ظل صراع مفتوح مع العديد من القوميات الخاضعة لها.

قضية اخرى وهي ان مرجعية العيسى انتقلت من المشيخة التقليدية الى سيطرة السلطة الحاكمة في جيبوتي وبالتالي اصبح قرار ومصير هذا المكون الصومالي في قبضة حكومة جيبوتي اكان من قبل نخبها المنحدرة من العيسى والعفر معا.
مما افضى الى عزل وتهميش اي حراك سياسي واجتماعي لهذا المكون اكان منطلق من جيبوتي،اقليم سيتي المستعمر من قبل اثيوبيا او محافظة اودل في الصومال والسيطرة على نخب المكون في تلك الجغرافيا اكان عبر تدجينها او قمعها.

بينما ستجد وحدة التصور والقرار لدى العفر في عموم الجغرافيا التي يقطنون فيها، وتغليبهم لصراعهم الوجودي مع الصوماليين على ايديولوجيتهم الفكرية.
لدى لن ترى مثقف او شيخ عفري غير متضامن او غير مؤمن بالتصور العام العفري الذي يخوض النزاع مع الصوماليين على اراضي ليست لهم، خاصة وانهم قد اتخذوا من هذا النزاع كرابطة جامعة فيما بينهم على امتداد ارتريا،جيبوتي والخاضعين منهم لاثيوبيا.

عوضا عن ذلك ان صراعهم الحالي مع الصوماليين ينطلق في ابعاده من تصور موهوم يرى ان للعفر حق تاريخي في اقليم سيتي الصومالي، وان السكان الحاليين مجرد رعاة تم استضافتهم وان الارض عفرية، وفي الحين ذاته يرددون ان هؤلاء الصوماليين استوطنوا في اراضيهم المزعومة لحقبة زمنية تصل الى مئات السنين!
يضاف الى هذا التصور المتشنج وهم يرى ان مدينة زيلع كانت تعود الى العفر، رغم ان وجودهم فيها لم يتجاوز نطاق مجموعة عسكرية كانت جزء من الجيش العثماني الاستعماري ورحلت مع افول سيطرته، ولا يمكنها ان تكتسب مشروعية سياسية من وجود استعماري ارتبط به بعض ابنائها في مرحلة تاريخية محددة.

المحصلة ان النخبة العيساوية المثقفة والصومالية عموما غير قادرة على استيعاب ان من يتم ابادتهم وتهجيرهم واستهدافهم هم من ابناء مجتمعهم وليسوا العفر، وان القضية حقوقية في المقام الرئيسي، وانهم في ظل تخاذل امام القيام باستحقاقهم القومي السياسي والاجتماعي، لا سيما ان الارض المتنازع عليها صومالية ومن يقطنون بها صوماليين، وان ملكية الوطن والارض في نهاية الامر صومالية وليست مقصورة على مكون عيسى حصرا.

وما يجب ان تدركه تلك النخبة من العيسى وامثالها من الصوماليين، ان ايديولوجياتهم ذات الصلة بالاجنبي وتبعثرهم بفعل صراعاتهم الداخلية، سياتيان على الوجود الصومالي ومكون عيسى تحديدا، ولن توفر حالة الاستلاب تلك وطن بديل لصوماليين المستهدفين من قبل العدوان العفري، وان الطريق نحو مواجهة ذلك مرتبط بمسار ثوري لمواجهة الاحتلال الاثيوبي واستبداد السلطات في جيبوتي ،وان خيار الحفاظ على الوجود ذو صلة عضوية بالحرية التي لاتتجزأ، والحتمية تؤكد ان كل ذلك لن يتحقق في ظل واقع التشرذم الصومالي.

khalidsf5@gmail.com
/////////////////////////

 

آراء