مــــثقال ذرة مــــن صـــراخ الخـــــيبة و دمــــــوع النَّــــــدَم!!

 


 

 

بهدوووء_
عندما نُطالع وثائق السقطة التي ارتكبتها مؤسسة عسكرية وَثَقَتْ بِهِا القُوَى الثَّورية .. فأجلستها على مِقعد القيادة في مؤسسةٍ عقدنا عليها الآمال في ضخ دماءِ العافيةِ النقية في شرايين هذا الوطن الجريح ، فإذا بها تُخيِّب ظنها ، و تتتنكب الجادةَ ، و يسخِّر نفوذها لتساوم الغرب على أبناء شعبها مقابل السلطة والحكم وتسقط الأخلاق ( في سقطة أخلاقية لم تصدر من قبل طالبان ولا حتى نظام صدام حسين ..!! و عندما تصفعنا أخبارُ مفاسدِ التعيين بالمحسوبيةِ و المُحاباة في الوظائفِ في مختلف مؤسسات الدولة على الخدين بعد اعادة كل الإسلاميين لمفاصل الدولة .. في وقت كنا ننتظر فيه وضع حدٍ لمثل هذا الدَّنَس .. و عندما نُرجِعُ البَصر كَرَّتَيْنِ في التصرُّفِ الغيرِ وطني ولا انساني من الناظر ترك .. و هو "يهدد .. باغلاق ميناء الشرق واغلاق الطرق " أمامَ أعَيُنِ الكاميرات .. دون مراعاةٍ لهيبةِ الدولة وسمعتها و وقارِ مركز الناظر!!!... وعندما يتواصَلُ تواترُ الأخبارِ الصادمةِ عن استمرارِ تهريبِ الذهبِ -بلا مُبالاة- عبر المطاراتِ و الموانئِ و المنافِذِ البرية .. و معابِرِ الولايات .. بدرجةٍ من عدم المبالاة ِ لا يمكنُ أن تتوفر للمهربين .. إلا بحمايةٍ من نافذينَ من أهلِ المقاعدِ الأمامية ... وعندما يصبح الحصول على مخدر الكريستال في وسط الخرطوم اسهل من الحصول على كيس الخبز ... وعندما يستجيب أبناء وشباب بلادي لأحدهم صاح مناديا للخروج لإستقبال سياسي حزبي نافذ ولا يستنفرهم ويحثهم للتصدي لفيضان النيل وحملات النظافة وازالة جبال القمامة المتراكمة على الطرقات واقامة مشروعات التشجير والتعمير ...
و عندما ... و عندما ... و عندما ... يحدثُ ذلكَ و أكثرُ من ذلك : لا يبقى لنا - بعد الدماءِ التي سُكِبتْ... و الأرواحِ التي فُقِدَتْ- إلا أن نقفَ على أطلالِ الثورة التي أُجهِضَتْ .. نَبْكِي من وَجَعِ الإنتكاسةِ التي حَدَثَتْ .. و ضياعِ الحُلُمِ الذي تلاشى .. و الأمل الذي أُهدِر .. و الفسادِ الذي ظهرَ في البرِّ و البحرِ [بِما كَسَبَتْ أيدي الناس] .. و بما اقترفَ السُّفهاءُ مِنَّا ... و حينها لا نملِكُ إلا أنْ نَحْشُو آذانَنَا بأطنانِ الأسمنت .. و قناطيرِ الحديدِ و القصديرِ و النُّحاس .. مخافةَ أن نسمعَ الهُتافَ الذي باتَ وشيكاً .. و نخشى انطلاقَهُ في أَيَّةِ لحظةٍ ما لم ينصلحِ الحال.
شهدنا يوم 25 اكتوبر خروج السودانيون في كل انحاء البلاد، حيث خرج الناس في المدن و الحواضر و القري وقد كان هتافهم يشق عنان السماء، في هذه الكرنفالات رسم السودانيون لوحة تطلعاتهم وأحلامهم في قيام الجمهورية الثانية التي يجب أن تقوم علي اساس مشروع وطني معالمه واضحة وضوح الشمس. أهم هذه المعالم هي تأسيس دولة المواطنة المتساوية حيث الناس سواسية أمام القانون، دولة تجرّم التمييز علي أساس العرق او اللون أوالدين أو النوع، وهذه الدولة يجب أن تحكم بواسطة نظام ديمقراطي حقيقي يفصل بين السلطات ( أعني السلطة التشريعية والسلطة القضائية والسلطة التنفيذية و تكون لكل سلطة صلاحياتها ولا تتغول فيه سلطة علي أخرى). هذه الدولة يجب أن تضمن و تصون الحريات الاساسية المنصوص عليها في الميثاق العالمي لحقوق الانسان (من حرية التنظيم و حرية التعبير وحرية الضمير و غيرها) و بناء المؤسسات التي تصون هذه الحريات هو اساس ضمان صيانة الكرامة الانسانية. هذه الدولة ايضا يجب أن تقوم علي اساس تحقيق العدالة الاجتماعية و العدالة النوعية في بنيانها الدستوري مما يلزم بتطوير سياسات تضمن توفير سبل الحياة الكريمة لكل افراد المجتمع خصوصا المستضعفين و المهمشين. هذه الدولة ايضا يجب أن تضمن و تحمي التنافس الحر في مجال الابداع و الابتكار و و ريادة الاعمال بوضع القوانين و السياسات التي توفر هذه البيئة. في تقديري هذه الدولة يجب ان تتبني نظام شبه رئاسي حيث أن السلطة التنفيذية و السيادية تقسم ما بين رئيس الجمهورية و رئيس الوزراء حيث يقوم الرئيس بتعيين رئيس الوزراء علي أن يحصل علي موافقة البرلمان و هذا ليقيني أنه ليس بامكان اي قوي سياسية الحصول علي اغلبية لتفادي مشاكل حكومات التحالفات في الديمقرطيات البرلمانية، فكرة انتخاب رئيس الجمهورية من قبل الشعب مباشرة يمكن أن تضمن التفاف الناس حول رمز وطني يساهم في معالجة تهتك النسيج الاجتماعي و الاحتقانات الأثنية.
الخلاصة هنالك رسالة قوية يجب أن تصل لهؤلاء ونقول لهم : شرق السودان ليس ملكاً للناظر ترك وحده .. ودارفور ليست ملكاً لمناوي .. ووسط السودان قالها بلسان الفعل إنه أكبر من القدرات السياسية الفطيرة والمتواضعة لأمثال التو هجو وآخرين .. وكذلك الحال في الخرطوم .. وشمال السودان العظيم والذي هو أكبر وأعظم من دعاة دولة البحر والنهر.
أخر الهدوووء:-
يبدو أننا قد اِبتُلينا بمسئولين من النوع (الشكاي لدرجة قف) ابتداء من المجلس السيادي ومجلس الشركاء والولاة وحتى أخر الاباطرة السودانيين ( اركو ) ومدراء المؤسسات وغيرهم الذين يجيدون الشكوي ونشر وتحليل المشاكل والمعوقات واوجه ومكامن الخلل والقصور التي تواجه البلاد حاليا والتي يعلمها القاصي والداني ، ويعجزون عن الاصلاح والحلول العملية التي يحتاجها المواطن الآن ، فانطبق علي أغلبهم المثل (نسمع جعجعة ولا نري طحنا) فقد شبع المواطن من ( الشكية وشيل الحال) ، الفساد الظاهر يحتاج بالضرب عليه بيدٍ من حديد وحسمه فوراً وليس الشكوي والتزمر وميوعة المواقف.
لكَ الله - أيها الوطن المكلوم - .. و حَسْبُكَ اللهُ و نِعْمَ الوكيل.
لا تختبرها مرتين..
أن نفصل بين اعتياد الشخوص ومؤالفتهم، وبين مُلامسة معادنهم واختبارها حين النوازل ، فتلك هي الحكمة ونعمة العقل، ومن يتعلم الأشياء بطرائق مُكلِفة، لن يرغب في إعادة اختبارها مرة أخرى، لذلك فإن الجهر بعبارة، لا لعودة العلاقات المرهقة في حياتنا فذلك يعني بلوغنا مرحلة النضج الاجتماعي الكافي لتقييم الأشياء، واستردادنا لعملية الشهيق التي تأخرت عودتها لثنايا الضلوع وعودة الروح للأوردة.

mido34067@gmail.com
///////////////////////////

 

آراء