أدعياء النضال (نموذج عسكوري) (1/2) !!

 


 

 

abdullahaliabdullah1424@gmail.com
بسم الله الرحمن الرحيم
ضمن اشياء كثيرة كشفتها الثورة، ازاحة القناع عن المعارضين والمناضلين المزيفين. الذين لطالما تصدروا المشهد المعارض والنضالي بمواقفهم وتصريحاتهم وبطولاتهم وكتاباتهم ورفعهم السلاح ضد اباطيل الاسلامويين الانقلابيين. ولكن عند اول اختبار امام فتنة السلطة وانفتاح نفاج الامتيازات، إلا وتجدنا امام اناس آخرون، لا يختلفون عن الاسلامويين سوي في تخليهم عن الذقون وزبيبة الصلاة وحمل المسبحة وغيرها من عدة الشغل المعلومة عند الكيزان.
والسؤال لماذا لم ينضموا لاشباههم الاسلامويين، طالما المسالة تنحصر في الحصول علي السلطة والتمرغ في نعيمها؟ ام ان الكيكة صغيرة والطموحات كبيرة؟ ام يُعزا السبب لشح الاسلامويين واعراضهم عن اقتسام الغنائم مع الآخرين؟ وفي كل الاحوال الوضع كان اشرف لهم، حتي ولو ارتضوا لانفسهم موقع الكيزان درجة ثانية، من تبني قضايا ومواقف لا يؤمنون بها، ولا تعنيهم في شئ، غير تضليل المعارضين. والحال كذلك، من ناحية التزام ووضوح، نموذج مبارك الفاضل اكثر استقامة وصراحة وبما لا يقاس مقارنة بهم! اقلاه نموذج مبارك الفاضل تحركه دوافع واطماع شخصية، وليس مبادئ وشعارات وطنية، وهو لا يستحي من ذلك او يغطي ذقنه (رغباته) بادعاء النضال والبطولات والتضحيات المزيفة.
عموما هنالك عديد الادلة التي تؤكد ان مدعي النضال والاسلامويين وجهان لذات العملة، وعلي سبيل المثال نشير الي:
اولا، الاسلامويون يتخذون من شعارات الاسلام غطاء لرغباتهم وانحرافاتهم واطماعهم في السلطة المطلقة، وما يستتبعها من امتيازات غير مساءلة. وهو ذات ما يفعله ادعياء النضال من رفع شعارات المعارضة والتهميش والديمقراطية وحقوق الانسان والسودان الجديد، للتغطية علي الرغبات الحقيقية، وهي النفاذ لذات الامتيازات السلطوية المجانية، من غير وجه حق، وبعيدا عن رغبة ورقابة الشعب.
ثانيا، كلاهما يتميزان بالغرور والتعصب و وهم التمتع بقدرات عبقرية لا يملكها احد غيرهم، ومن ثمَّ السلطة والامتيازات من حقهم الذي لا يُنازعون عليه، بل تتشرف بهم المناصب وتتزين بهم المجالس! كما ان غيرهم من المواطنين مجرد اشياء وارقام لا يجمعهم بها الا وجودهم في ذات البقعة الجغرافية.
ثالثا، بما ان الاسلاموية، هي اغتنام للسلطة بكافة الوسائل، لخدمة انصارها حصريا، ودونما اكتراث لآثار ذلك سواء علي شركاءهم في الوطن او علي حال الوطن نفسه. فذلك عين ما يشكل تركيبة ونفسية ادعياء النضال.
رابعا، كلاهما يشعران بالوصاية علي الآخرين، وهو ما يجعل السطو علي السلطة والبقاء فيها الي الابد، مما لا يستوجب تبرير او تساؤل؟ وعليه اي اعتراض علي مواقفهم او تصرفاتهم او مجرد نقدهم، ما هو الا حقد عليهم، ولما يتمتعون به من مواهب يفقتدها الآخرون.
خامسا، غالبا هنالك علاقة بين حجم الطموح والتطلع للامتيازات، بكافة السبل ودونما استحقاق، وبين التلون والتقلب في المواقف، من دون احساس بالتناقض او الحياء. وهو ما يجعل الجرأة علي الحق والمكابرة في الانكار البديهيات، حالة ثابتة لكلا النموذجين. وعليه، ليس هنالك من سبيل لمحاورتهم او اقناعهم، وانما حسمهم بنزع السلطة، كسبيل وحيد لنزع الوهم، وتعريفهم بحجمهم الحقيقي.
والسؤال الذي يفرض نفسه والحال هذه، لماذا ادعياء النضال يكثرون في المعارضة وعلي الاخص المعارضة الاكثر جذرية كالحركات المسلحة؟
اولا، الحركات المسلحة تمنح المعارض، صفة المعارض الجذري، كاعلي تجليات الفعل المعارض (الثوري)، ومن ثمَّ اكتساب درجة من التميُّز حتي بين صفوف المعارضة.
ثانيا، اعتقاد هؤلاء ان الحركات المسلحة هي الاقرب للنصر او اقلاه للمشاركة في السلطة، بحكم ان الانقلابات العسكرية لا تفهم إلا لغة السلاح. وتاليا هنالك فرصة اسرع للحصول علي الامتيازات المادية، بعد تخطيهم عتبة الامتيازات المعنوية (مناضلين درجة اولي).
ثالثا، اشتمال الحركات المسلحة علي شق سياسي، يتيح لهم فرصة تطوير قدراتهم السياسية، وهو ما يبرعون في استغلاله، واجادة اللعب في مساحته. اي بقدر ما هو قليل المخاطر مقارنة بالمقاتلين المحترفين، بقدر ما هو مجزٍ للعوائد عندما يحين اوان اقتسام المناصب والامتيازات.
رابعا، طبيعة الحركات المسلحة (حالة طوارئ مفتوحة) تجعها اقل احتكام للمعايير الموضوعية في شغل الوظائف والرتب داخلها، وهو ما يجبرها علي اعتماد الثقة والولاء للقائد علي وجه الخصوص كاهم المعايير. وذلك ما يفتح المجال امام ادعياء النضال لحيازة اهم المناصب وشغل كل الاهتمام، لانه ليس هنالك من يفوقهم تملق وتمثيل وانتهازية ومزايدة علي اقرانهم.
خامسا، اسوأ ما في الامر، ان ادعياء النضال يشكلون المنطقة الرخوة او الثغرة التي ينفذ منها مخطط الاختراق لهذه الحركات بواسطة اعداءها. والسبب ان هشاشة هذه العناصر واسبقية اطماعها علي ادعاءاتها، يجعلها لقمة سائغة للبيع والشراء. ولذلك غالبا ما يشكلون اهم عوامل الانشقاقات التي تضرب الحركات المسلحة.
سادسا، المفارقة في الموضوع ان ادعياء النضال اذا كانوا مجرد افراد كما في الحركة الشعبية شمال (نموذج عسكوري واردول)، فان الحركات المسلحة بكاملها قد تصبح مُدعيَة للنضال امثال العدل والمساواة وغيرها من مكونات الجبهة الثورية؟!
وبناء علي ما ذكر اعلاه، انضمام مدعي النضال للانقلاب ودعمهم للانقلابيين لاجهاض الثورة، ليس مصادفة، ولكنه الوضع الملاءم لكلا الطرفين. فالانقلابيون يساهمون في توفير بيئة الفساد والاستبداد وانعدام المعايير الحاكمة للتنصيب والاستحقاقات، وهو ما يناسب ادعياء النضال ويغنيهم عن جسامة الاختبار، وكشف مواطن ضعفهم وتواضع قدراتهم وانعدام اهليتهم. وهؤلاء بدورهم يجيدون التبرير للانقلابيين، وإطرابهم بعزف ما يشتهون من مدح وإطراء، وإظهار كل فروض الطاعة والولاء.
/////////////////////////////

 

آراء