المصالح الأمريكية والضامن مركزية الحرية والتغيير..!! بقلم: اسماعيل عبدالله
لكل ظاهرة جوهر وأساس ومنطلق يترجم مربط فرس تفاصيلها، ومكتشف للغز تمظهراتها الواضحة والغامضة – المدفونة تحت أدراج الطاولات والترابيز، ولكل مقال فقرة وخلاصة تمثل زبدة الحديث ومختصر الكلام المكتوب بإسهاب، غائصة داخله هذه الجملة المفصلية والعبارة المحورية، فمن خلال متابعتنا الملهوفة لعاصفة حوار المبعوث الأممي التي تبعها إعصار إجتماع بيت السفير، المعلن فيه عن لقاء الضدين – العسكر ومركزية قحت – منتصف ليلة من ليالي العشرية الأولى من أيام شهر يونيو، أصابتنا الدهشة حيال تسارع الأحداث بهذه الطريقة الدراماتيكية، كما أصابت الكثيرين من مشاهدي دوري أولمبيات المباريات الساخنة بين الفرق المتنافسة لنيل كأس السلطة المؤقتة، فبعد أن أعلن رموز مركزية الحرية والتغيير عن مؤتمرهم الصحفي نهار أمس، برزت هذه الجملة المفصلية المفسّرة لسر وكنه الدوافع الرئيسية لإنعقاد الإجتماع بمنزل السفير السعودي، إنّها المصالح والمخاوف الأمريكية في السودان المثارة من قبل النفوذ الروسي، وتمدد الأسواق الصينية في بلدان القارة الأفريقية، لذا، علينا تركيز سهام الفكر في صلب الموضوع، والإجابة على السؤال المواكب لسرعة صيرورة هذه الأحداث ذات الإيقاع المهرول، ما الذي دفع بالولايات المتحدة الأمريكية لأن تستعجل خلق عنصر ضغط آخر غير مشروع الحوار الذي ابتدره المبعوث الأممي؟.
إنّ القبضة الإنقلابية على مقاليد الأمور بالبلاد لم تسمح للمارد الأمريكي بأن يمدد ساقيه، فالعسكر الإنقلابيون وحلفاؤهم في الواقع هم تلاميذ نجباء لمعلمهم الأكبر الدكتاتور (البائد)، الذي راوغ المحاور الإقليمية والدولية بممارسته للعبة البيضة والحجر، بالتحول المفاجيء من محور إلى آخر – الخليج – إيران – روسيا، على خلاف المجموعة المدنية الحديثة العهد بكواليس لعبة القط والفأر هذه، والتي عوّل عليها الأمريكان كثيراً لوداعتها كي تكون الضامن لتحقيق المصالح المشتركة، ولولا الإنقلاب المفاجيء المغازل لموسكو لاستكملت كل الإجراءات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، رغم العطب الذي أصابها بسبب الضعف المهني للسنهوري عرّابة ذلك الإجتهاد الدستوري، ولخلق اختراق أوعزت الدولة (العظمى) للسفير الوكيل بأن يمضي قدماً في نفض الغبار عن التحالف المدني الذي قذف به التحالف الإنقلابي خارج أطر السلطة، فالدولة (العظمي) لم تعد عظمى بُعيد الحرب الروسية الأوكرانية، وأمست لاعبة كغيرها من اللاعبين في ميادين الصراع حول موارد إفريقيا، تتعاطى سياسة خارجية متوغلة في الشئون الداخلية للدول من باب فن الممكن، وليس من باب ما أريكم إلّا ما أرى، لم تعد الولايات المتحدة بذلك العنفوان المقتلع لرئيس المكسيك غير المرغوب فيه، فهي الآن مهددة بنفوذ فاغنر الروسية المتفيئة لظلال البلدان الأفريقية الفرانكفونية، فهل تتمكن واشنطن من إقتلاع أظافر موسكو المغروسة في أرض النيلين؟.
كلمة وردت في معرض إجابته على سؤال أحد الصحفيين (نحن لسنا في جيب أحد)، قالها الأمين العام للحركة الشعبية الشمالية الموقعة على إتفاق سلام جوبا الداعم للانقلاب (القيادي بتحالف الحرية والتغيير المناهض للإنقلاب)، محاولاً إبعاد شبهة العمل تحت طاولة الوصاية الأمريكية، هذه العبارة ليست بالضرورة صادقة، خاصةً وأن البلاد تعج وتضج بالمستثمرين الحرام الطامعين في الحصول على موطيء قدم على سطح هذه الأرض البكر، التي لم يعد يوجد بها رجلٌ بكر يلفظ بكلمة لا في وجه الأطماع الإقليمية والدولية، لقد أصبحنا سماسرة عارضين لأرضنا وعرضنا في سوق النخاسة، نشجع المزايدين على شراء الوطن عبر الإعلانات المجانية المدسوسة بين فقرات الخطاب السياسي المعني وبالدرجة الأولى بصون كرامة الوطن، إنّه أمر محزن ومخزٍ أن تنحى الواجهات البرّاقة المتخذة من الحرية والإنعتاق شعاراً هذا المنحى الخائن لدماء الشهداء، وإنه لهوان ما بعده هوان أن تكون لأجندة المصالح الأمريكية الأولوية السابقة لأولوية الأجندة الوطنية، وإنّها أم المهازل السارحة والمارحة على مدارج هذا الزمان الأغبر، ويؤسفنا أن نقول بأن الشعب السوداني لن يجني أية مصلحة من مخرجات إجتماع بيت السفير، وإنّما ستتآلف المصالح الأمريكية والمصالح الذاتية لرموز مركزية الحرية والتغيير، فهذه المنافع الذاتية المتبادلة حصراً بين الطرفين هي الخارج الوحيد من بين هوجاء هذه الأعاصير الأممية والرياح الإقليمية.
اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
11 يونيو 2022
إنّ القبضة الإنقلابية على مقاليد الأمور بالبلاد لم تسمح للمارد الأمريكي بأن يمدد ساقيه، فالعسكر الإنقلابيون وحلفاؤهم في الواقع هم تلاميذ نجباء لمعلمهم الأكبر الدكتاتور (البائد)، الذي راوغ المحاور الإقليمية والدولية بممارسته للعبة البيضة والحجر، بالتحول المفاجيء من محور إلى آخر – الخليج – إيران – روسيا، على خلاف المجموعة المدنية الحديثة العهد بكواليس لعبة القط والفأر هذه، والتي عوّل عليها الأمريكان كثيراً لوداعتها كي تكون الضامن لتحقيق المصالح المشتركة، ولولا الإنقلاب المفاجيء المغازل لموسكو لاستكملت كل الإجراءات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية، رغم العطب الذي أصابها بسبب الضعف المهني للسنهوري عرّابة ذلك الإجتهاد الدستوري، ولخلق اختراق أوعزت الدولة (العظمى) للسفير الوكيل بأن يمضي قدماً في نفض الغبار عن التحالف المدني الذي قذف به التحالف الإنقلابي خارج أطر السلطة، فالدولة (العظمي) لم تعد عظمى بُعيد الحرب الروسية الأوكرانية، وأمست لاعبة كغيرها من اللاعبين في ميادين الصراع حول موارد إفريقيا، تتعاطى سياسة خارجية متوغلة في الشئون الداخلية للدول من باب فن الممكن، وليس من باب ما أريكم إلّا ما أرى، لم تعد الولايات المتحدة بذلك العنفوان المقتلع لرئيس المكسيك غير المرغوب فيه، فهي الآن مهددة بنفوذ فاغنر الروسية المتفيئة لظلال البلدان الأفريقية الفرانكفونية، فهل تتمكن واشنطن من إقتلاع أظافر موسكو المغروسة في أرض النيلين؟.
كلمة وردت في معرض إجابته على سؤال أحد الصحفيين (نحن لسنا في جيب أحد)، قالها الأمين العام للحركة الشعبية الشمالية الموقعة على إتفاق سلام جوبا الداعم للانقلاب (القيادي بتحالف الحرية والتغيير المناهض للإنقلاب)، محاولاً إبعاد شبهة العمل تحت طاولة الوصاية الأمريكية، هذه العبارة ليست بالضرورة صادقة، خاصةً وأن البلاد تعج وتضج بالمستثمرين الحرام الطامعين في الحصول على موطيء قدم على سطح هذه الأرض البكر، التي لم يعد يوجد بها رجلٌ بكر يلفظ بكلمة لا في وجه الأطماع الإقليمية والدولية، لقد أصبحنا سماسرة عارضين لأرضنا وعرضنا في سوق النخاسة، نشجع المزايدين على شراء الوطن عبر الإعلانات المجانية المدسوسة بين فقرات الخطاب السياسي المعني وبالدرجة الأولى بصون كرامة الوطن، إنّه أمر محزن ومخزٍ أن تنحى الواجهات البرّاقة المتخذة من الحرية والإنعتاق شعاراً هذا المنحى الخائن لدماء الشهداء، وإنه لهوان ما بعده هوان أن تكون لأجندة المصالح الأمريكية الأولوية السابقة لأولوية الأجندة الوطنية، وإنّها أم المهازل السارحة والمارحة على مدارج هذا الزمان الأغبر، ويؤسفنا أن نقول بأن الشعب السوداني لن يجني أية مصلحة من مخرجات إجتماع بيت السفير، وإنّما ستتآلف المصالح الأمريكية والمصالح الذاتية لرموز مركزية الحرية والتغيير، فهذه المنافع الذاتية المتبادلة حصراً بين الطرفين هي الخارج الوحيد من بين هوجاء هذه الأعاصير الأممية والرياح الإقليمية.
اسماعيل عبدالله
ismeel1@hotmail.com
11 يونيو 2022