السودانيون في مواجهة المستحيل!!
عبدالله مكاوي
30 July, 2022
30 July, 2022
بسم الله الرحمن الرحيم
اخطر ما في انقلاب 25/اكتوبر الكارثي انه شكل البداية الفعلية لتفكك ما يعرف بالدولة السودانية، بعد ان تحولت مشاكلها المعقدة المزمنة الي مشاكل غير قابلة للحل، وذلك لسببين:
اولهما، فقدان الثقة بين الاطراف الفاعلة في المشهد السياسي.
ومعلوم ان الدولة السودانية وبسبب جهل وغرور وتسلط الكيزان تم استنزافها واضعافها حد الموات، لدرجة تحول جهاز الدولة الي خرقة بالية لا تصلح لشئ مفيد بحالتها الراهنة. والحال ان اعادة بناء هكذا دولة ركام، ترزح في الحضيض، يحتاج لتكاتف جميع الفاعلين للعبور من مرحلة الانعاش بسلام.
و بالطبع هذا التكاتف لا معني له دون استصحاب عديد الاخطاء التي اسهمت فيما وصلت اليه الدولة من انحطاط، وعلي راس ذلك تاتي المؤسسة العسكرية وما افرزه تدخلها في الشأن السلطوي والسياسي والاقتصادي من تشوه عاق النمو والتطور الطبيعي للدولة السودانية. ومع دخول الاسلامويين علي خط الانقلابات والسيطرة علي هذه المؤسسة، وصل بها الانحراف عن وظيفتها الاحترافية لمدي ليس بعده انحدار او سقوط. الشئ الذي اضعف الثقة في هذه المؤسسة رغم دورها المحوري في بناء الدولة.
وبذهاب الثوار الي ساحة القيادة العامة للجيش، قدم ذلك عربون لاستعادة الثقة بين الطرفين، علي اعتبار الثقة هي الاساس الذي يشاد عليه صرح الدولة الحديثة. ولكن ما تكشف لاحقا، ان جزء اساس من كوارث الكيزان يرجع الي ان وعيهم بالسلطة كان وعي عضوض اذا جاز التعبير. اي السيطرة علي السلطة بصورة مطلقة وعمل كل شئ من اجل استدامة هذه السيطرة، ولضمان ذلك تمت عسكرة السلطة، لتتحول الاجهزة العسكرية والامنية والمليشياوية الي اصل في تركيب السلطة، ليصبحوا شركاء في السراء (تقاسم الامتيازات) والضراء (تورط في الجرائم). والحال كذلك بنية السلطة لم تصبح تسلطية فحسب، وانما مشرعنة لكل الاساليب والوسائل غير المشروعة، من الاستبداد (تبرير الانتهاكات) والفساد (نهب موراد الدولة) لتشغيل اجهزة السلطة. وككل تشكيل عصابي ظلت السيطرة دائما في ايدي القيادات، مع بناء منظومة طاعة، قائمة علي الترهيب والترغيب لكافة الاعضاء، وعلي راس ذلك الرتب الصغيرة في المؤسسة العسكرية.
ومن هنا ظهرت اكبر عقبة في طريق الثورة، وهي تعارض مصالح الثورة (تطلعات التغيير/بناء دولة مدنية) مع مصالح الجنرالات المسيطرون علي كامل مفاصل السلطة (الامن والاقتصاد). ولتفادي هذا المطب كانت واقعة التفاوض والوثيقة الدستورية والشراكة. اي مراعاة حالة تغلغل هذه المؤسسة في السلطة لتصبح جزء من تكوينها وعقيدتها، ومن ثمَّ صعوبة اخراجهم من المشهد ضربة لازب. وكان الظن ان الشراكة تخدم غرضين. اولا، لضمان عدم انقلابها علي الفترة الانتقالية بوصفها شريك، وبهذا يتم الخروج من الحلقة الشريرة المعلومة. وثانيا، لتقليل كلفة التغيير من دماء وعرقلة للانتقال ..الخ من اساليب التآمر والتربص بالثورة!! اي بدل ان تتحول الشراكة لمخرج آمن للعسكر من الحياة السياسية، تحولت بسبب تركيبة اللجنة الامنية الاجرامية، الي مشروع تآمر انتهي بانقلاب عدمي، اوقع الجنرالات في مأزق ليس غياب الشرعية فقط، ولكن مواجهة المصير المظلم للطغاة، والبلاد لمخاطر مهددات البقاء. بمعني علة الشراكة انها تعاملت بعقلانية ومسؤولية مع طغمة غير عقلانية طابعها الغدر والكذب والوفاء لسجلها الاجرامي وتاريخها الدموي.
وللحقيقة رصيد الثقة الضعيف اصلا في المؤسسة العسكرية بدأ يتآكل منذ ظهور ابنعوف وخطابه، لينفد بعد جريمة فض الاعتصام ويتحول الي غضب علي المؤسسة العسكرية واحتقار لمنتسبيها. ولذلك بعد حراك 30 يونيو وضغوطات الخارج تم الوصول للشراكة سالفة الذكر، ولكن ليس علي اساس الثقة المتبادلة، ولكن علي اساس تجنب اسوأ الاضرار، اي عودة الحكم العسكري بنسخة انتهاكات حقوق الانسان علي اسوأ صورها، وما حدث في ساحة الاعتصام من مجازر ضد ابرياء سلميين يندي لها الجبين، وما شهدته البلاد من استباحة وانتهاكات علي طول البلاد وعرضها من قبل قوات الدعم السريع، علي وجه الخصوص، كافٍ لتوقع العواقب لكل من يسعي لافتكاك السلطة كرها من يد الجنرالات الدمويين (وهذا لتذكير كل من يتغافل عن ظروف الشراكة، وتبني مواقف استدراكية رافضة لها، بناء علي ما اصاب الشراكة من تآمر وغدر العسكر).
وهذا لا يعفي الشريك المدني قوي الحرية والتغيير من اخطاء وتقصير منذ لحظة التفاوض الاولي ومرورا بكل مراحل الشركة حتي الوصول لمحطة الانقلاب الكارثي في 25 اكتوبر. فقوي الحرية والتغيير ولاحقا بالاشتراك مع حمدوك، تعاطوا مع الشراكة ليس من مسؤولية امانة التكليف ليلتزموا بما تم التوافق عليه في نصوص الوثيقة الدستورية، وهو ما يستلزم الرجوع للشعب حال حدوث خلاف مع العسكر يمنع تنفيذ بنود الاتفاقية، ولكنهم انزاحوا بها الي خانة تصرف المالك في ملكه او الوصي علي المفوضِين! وهو ما افسح المجال امام العسكر للانفراد بهم والسيطر عليهم ليتحولوا الي مجر واجهة للحكم العسكري! وعندما حاولوا مجرد استرداد جزء من الحقوق المهدرة التي تغول عليها الجنرالات دون وجه حق، رد عليهم الجنرالات بانقلاب 25 اكتوبر.
وهو الانقلاب الذي لم يعمق فقدان الثقة بين الثوار والعسكر فقط كما ظل يستثمر البرهان وحميدتي بكل خسة وجهل وقصر نظر، وانما كرس لفقدان الثقة داخل مكونات الحرية والتغير، وبينها وبين لجان المقاومة. والحال كذلك، فقدان الثقة هو الفاعل الاساس في الساحة السياسية الآن، وهو ما يجعل كل الحلول المطروحة مستعصية، لتتحول حالة الاستعصاء يوما بعد يوم الي عدم قابلية للحل، ومن ثمَّ الدخول في نفق الاستحالة.
ثانيهما، عمل الانقلاب علي افساح المجال امام التدخلات الخارجية (الاقليمية بصفة خاصة) لتصبح عامل اساس في السيطرة علي الاوضاع الداخلية. وهو ما يعني بدوره خروج الحل من يد الفاعلين الداخليين الي خارج الحدود! وخطورة هذا الامر ليس في عدم اكتراثه لمصالح الداخل واصراره علي تكريس الانقلاب باي صورة من الصور من اجل الحفاظ علي مصالحه، وانما في تضارب مصالح هذا الخارج وما يخلقه من حالة عدم استقرار مزمنة في الداخل، تؤدي بدورها لاستحالة ايجاد الحلول، خصوصا عندما تتحول الساحة الداخلية لتصفية حسابات وملفات عالقة بين المؤثرين الخارجيين، وهو ما تجسده احوال دول مثل لبنان واليمن والعراق وليبيا.
واذا صح اعلاه ما هي فرص مواجهة المستحيلات، وهل هنالك امكانية لتحديها؟ والاستماتة في سبيل زحزحتها نحاية الممكن والمتاح؟
المدخل لمواجهة المستحيل هو عدم الياس من بذل الجهد لاسترداد الثقة المفقودة بين المكونات الفاعلة. واستراد هذه الثقة بين المكونات المعارضة، سيفسح المجال امام استردادها مع المؤسسة العسكرية. علما بان هذا الطريق هو الوحيد لتاسيس دولة حديثة علي اسس راسخة ومستقرة، تقطع الطريق علي الانقلابات العسكرية، كاكبر معيق لعملية التطور الديمقراطي وبناء الدولة المدنية.
ولكن لماذا نقول مستحيل؟ لان التخندق داخل المواقف والاحكام المسبقة وعدم تجديد الرؤية للمستجدات والادوات المستعملة والتبصر في عواقب كل خيار، او خداع الذات بحجة الاستفادة من الاخطاء والتجارب التاريخية، سيجعل الدوران في حلقة مفرغة هو حصيلة كل الجهد والتضحيات والزمن المهدر؟
وعليه، لبناء الثقة بين القوي المعارضة، لا يكفي قادة الحرية والتغيير المشاركون في السلطة، الاكتفاء بذكر الاخطاء او تقديم اعتذار، وانما مغادرة مراكز القيادة داخل تنظيماتهم او اقلاه تقديم بدائل لهم خلال الفترة الانتقالية، اي افساح المجال لقيادات جديدة وبرنامج جديد يستجيب للتحديات الماثلة. وعلي القيادات السابقة الاكتفاء بالعمل خلف الكواليس، والافضل التفرغ لبناء احزابها وكياناتها علي اسس حديثة، ظلت تنادي بها في الدولة، وتضن بها داخل تنظيماتها. اما التحجج بعدم التوافر علي قيادات بذات المستوي فهو مردود، لان مستواها الذي تتحدث عنه هو ما اوردنا موارد الهلاك الراهنة، كما ان مسؤولية اعداد القيادات البديلة يقع علي عاتقها، وفشلها فيه لهو دلالة كافية علي فشلها في التصدي لمهام الدولة وهي اكبر وبما لا يقاس. والسؤال الذي يفرض نفسه والحالة هذه، هل لقادة الحرية والتغيير الاستعداد لمغادرة مراكز القيادة، اذا ما كان ذلك يشكل ضمانة لرد الثقة في مكون الحرية والتغيير؟ الاجابة المحتملة طالما انهم سودانيون، اي لهم نفس النظرة للقيادة والتركيبة النفسية/الاجتماعية للتعاطي مع متطلباتها، فهذا يدخل في باب المستحيل. لانه من دون ان يتغيَّر الفاعلون من الاستحالة تغيُّر افعالهم او مردودهم الاجتماعي والسياسي (تغيير الآخرين).
اما الحزب الشيوعي، نجده يتقاطع مع لجان المقاومة في التصورات والتطلعات، ولذلك هو اقرب للحالة الثورية منها للحزب السياسي! بمعني رغبة الحزب في تنزيل تطلعاته (وهي مثالية) علي ارض الواقع، تطغي علي امكانيات ووسائل التنزيل وآليات التطبيق وقدرة الواقع علي الاستجابة لتلبية تلك التطلعات. وهذا ما يفسر ايمان الحزب بخرافة التغيير الجذري! والدليل علي انه مجرد خرافة او زيف شعاراتي، هو السؤال هل يستقيم حقا التغيير الجذري مع تحولات المجتمعات بكل تبايناتها وتضارب مصالح مكوناتها، وبناء الدول بكل تحدياتها، والتاسيس لمنظومة حديثة وهو ما يمس ثقافة راسخة ومتوارثة؟ وعليه عملية التغيير بطبعها عملية بطيئة (متدرجة) ومعقدة (تستصحب عوامل متناقضة) ورهينة لطبيعة المرحلة التاريخية وظروف كل مجتمع، اكثر من خضوعها لمخيل التكوينات والاحزاب الثورية؟! لذلك ليس مصادفة ان محاولات التغيير الجذري لا تتم طوعا ولكن يتم فرضها قسرا، سواء عبر سلطة سياسية (انقلاب/حكم شمولي) او سلطة ثقافية (احتكار الوعي) او سلطة اخلاقية (تقديم تضحيات). اما المفارقة ان نتائج محاولات احداث التغيير الجذري علي ارض الواقع، ليس حدوث التغيير المنشود، وانما كوارث من ذات كوارث تجربة الكيزان في الداخل، وتجارب الاحزاب الشيوعية في الخارج! والحال كذلك، من دون تحرر الحزب الشيوعي من خرافة التغيير الجذري ومنزع قيادة الجماهير وتصدر ركب التغيير، سيكون من الاستحالة علي الحزب الخضوع لاكراهات الواقع ومراعاة هشاشة الاوضاع وصعوبة مهام التغيير، وتاليا النزول عند ضرورة مشاركة اكبر قدر من التكوينات والاجسام والمواطنين في هكذا مهام حتي يكتب لها النجاح اذا ما كنا محظوظين.
اما لجان المقاومة فعليها قراءة الواقع بصورة اكثر رحابة وعقلانية، وان تعلم ان الفعل الثوري احد ادوات العمل السياسي وليس بديل له او لمكوناته السياسية، او انه صالح لكل زمان ومكان اذا حضر بطل غيره. وهذا بدوره يقود الي انه ليس هنالك سياسة من غير حوار او تفاوض او شراكة. بمعني فشل بعض القادة السياسيين في اداء مهامهم، لا يعني فشل كل القادة السياسيين، والاهم لا يعني فشل السياسة كواحدة من اساليب ومناهج وادوات ادارة الخلافات والمصالح المجتمعية بصورة سلمية. كما ان هذه المكونات السياسية هي نفسها ابنة شروط ذات المجتمع وتخضع لمحددات تطوره، ولو ان ذلك لا يمنع دورها المفترض في صناعة وقيادة التغييرات المنشود، اذا ما تحلت بالجدية والمسؤولية وانتهاج المؤسسية!
اما الخبر غير السار للجان المقاومة او بعضها، ليس هنالك استقرار لهذه البلاد من دون اجراء حوار وتفاوض مع المؤسسة العسكرية، والوصول لنوع من التسوية تضمن للمؤسسة العسكرية ادوار طوال الفترة الانتقالية وما بعدها، حتي رسوخ الحياة المدنية والتحول الديمقراطي، وإلا سنظل اسيري الدائرة الجهنمية. اي بناء الدولة المدنية والحياة الديمقراطية مشوار شاق وطويل ويحتاج للحكمة والصبر وطول النفس والعمل الجاد الحذر.
اما الخبر الاكثر سوء، انه ليس لدينا مؤسسة عسكرية احترافية، كما انها غير مؤتمنة علي البلاد، ولا تحوز كما سلف اي ثقة او احترام. وزاد من احتقار المواطنين لها غير عار فض الاعتصام، مواصلتها الصمت واحيانا المشاركة في قتل الثوار السلميين، وانحيازها غير المشروط لكبار جنرالاتها المجرمين، ومشاركتها النفوذ والسيطرة بواسطة مليشيا همجية لا تستنكف استفزازها والسخرية منها في كل موطن احترام لها! والحال كذلك، هل هنالك استحالة اكثر من ذلك، في حدوث تحوُّل في هذه المؤسسة، لتكون جدير بثقة الثوار وقبلهم المواطنين، ومن ثمَّ تبرر الدخول معها في حوار او تفاوض او شراكة؟ هذا الامر رهين بالطرفين، بمعني هل للجان المقاومة واسر الشهداء والثوار بصفة خاصة، والقوي السياسية المعارضة للانقلاب بصفة عامة، من الاستعداد النفسي للمسامحة والصفح او اقلاه غض الطرف آنيا عن دعوات المحاسبة والقصاص (وهو امر غير محتمل علي كل حال، في ظل استمرار استباحة دماء الثوار في الطرقات بدم بارد، كما انه يخل بواحدة من شعارات الثورة، الا وهي العدالة، ولذا نتحدث عن استحالة ومعالجات تتحداها)؟ بما يفتح صفحة جديدة مع هذه المؤسسة، اذا ما قامت بما يليها من واجب وطني، يتمثل في انتفاض هذه المؤسسة علي كبار جنرالاتها، وعلي الخصوص اللجنة الامنية وعلي راسها البرهان وحميدتي. بوصفمها الاسباب الاساسية للازمة الراهنة واجهاض الفترة الانتقالية وازهاق كل هذه الارواح من دون رحمة! والاسوأ من ذلك استعدادهما لاهدار ارواح كل المواطنين، وعرض كل موارد البلاد للخارج، ورهن مستقبل البلاد للخراب، فقط من اجل ضمان بقاءهما في سدة السلطة، وهم سلفا غير مؤهلين لها من كل النواحي. والامر الآخر الاكثر خطورة وحساسية، هو ان تتصدي المؤسسة العسكرية لمعالجة معضلة الدعم السريع، لانه في ظل وجود هكذا مليشيا عائلية، لا يمكن الحديث عن الدولة، ناهيك ان تكون حديثة او قديمة! فهل هنالك اكثر استحالة من انتفاضة هكذا مؤسسة وبهكذا تكوين ولهكذا غايات سلف ذكرها؟
لكل ما سلف تبدو مهمة الحفاظ علي الدولة، ناهيك عن افساح المجال امام تحقيق دولة العدالة والديمقراطية والسلام والتنمية والكرامة والانسانية، هو في حكم المستحيل. ولكن قدرنا كسودانيين ان نواجه هذا المستحيل الذي نهض كالطود العظيم امام احلام الحياة الكريمة، بسبب تراكم الفشل والخيبات والاخطاء والجرائم وملازمة سوء الحظ كاللعنة الابدية.
واعتقد محاولة الوصول لوحدة القوي المعارضة وهي بكل هذا التشرذم وانعدام الثقة، لهو جهد مستحيل لمواجهة المستحيل السابق ذكره، ولذا الجهد العملي الذي يمكن ان يحدث اختراق في جدار المستحيل، هو طرح الدكتور بكري الجاك ومجموعته اذا ما فهمنا طرحه، وهو التوافق علي المشتركات بين الفاعلين في المعارضة، كوحدة القوات المسلحة مثلا، علي ان تقدم كل جهة تصوراتها المكتوبة لكل محور من هذه المشتركات. واذا ما تم ذلك، فعمليا بعد تنسيقه وضبطه والاجابة علي تساؤلات والتباسات المشاركين يكون لدينا مشروع يسمح بالالتفاف حوله. ليشكل ضربة البداية لمواجهة الانقلاب، وممارسة ضغوط كافية لفتح جبهة اخري في جدار استحالة القوات المسلحة بانحيازها لمشروع التغيير والدولة المدنية.
واخيرا
اعتقد ان اوضاعنا ميؤوس منها في ظل حالة الانسداد واصرار الجميع علي المضي نحو مزيد من الانسداد. ولكن لا يعني ان هذه دعوة للمزيد من اليأس، ولكنها دعوة لمقاومة حالة اليأس، ليس بطرح التفاؤل غير الموضوعي، وانما بطرح البدائل غير المطروحة. ودمتم في رعاية الله.
<abdullahaliabdullah1424@gmail.com>
اخطر ما في انقلاب 25/اكتوبر الكارثي انه شكل البداية الفعلية لتفكك ما يعرف بالدولة السودانية، بعد ان تحولت مشاكلها المعقدة المزمنة الي مشاكل غير قابلة للحل، وذلك لسببين:
اولهما، فقدان الثقة بين الاطراف الفاعلة في المشهد السياسي.
ومعلوم ان الدولة السودانية وبسبب جهل وغرور وتسلط الكيزان تم استنزافها واضعافها حد الموات، لدرجة تحول جهاز الدولة الي خرقة بالية لا تصلح لشئ مفيد بحالتها الراهنة. والحال ان اعادة بناء هكذا دولة ركام، ترزح في الحضيض، يحتاج لتكاتف جميع الفاعلين للعبور من مرحلة الانعاش بسلام.
و بالطبع هذا التكاتف لا معني له دون استصحاب عديد الاخطاء التي اسهمت فيما وصلت اليه الدولة من انحطاط، وعلي راس ذلك تاتي المؤسسة العسكرية وما افرزه تدخلها في الشأن السلطوي والسياسي والاقتصادي من تشوه عاق النمو والتطور الطبيعي للدولة السودانية. ومع دخول الاسلامويين علي خط الانقلابات والسيطرة علي هذه المؤسسة، وصل بها الانحراف عن وظيفتها الاحترافية لمدي ليس بعده انحدار او سقوط. الشئ الذي اضعف الثقة في هذه المؤسسة رغم دورها المحوري في بناء الدولة.
وبذهاب الثوار الي ساحة القيادة العامة للجيش، قدم ذلك عربون لاستعادة الثقة بين الطرفين، علي اعتبار الثقة هي الاساس الذي يشاد عليه صرح الدولة الحديثة. ولكن ما تكشف لاحقا، ان جزء اساس من كوارث الكيزان يرجع الي ان وعيهم بالسلطة كان وعي عضوض اذا جاز التعبير. اي السيطرة علي السلطة بصورة مطلقة وعمل كل شئ من اجل استدامة هذه السيطرة، ولضمان ذلك تمت عسكرة السلطة، لتتحول الاجهزة العسكرية والامنية والمليشياوية الي اصل في تركيب السلطة، ليصبحوا شركاء في السراء (تقاسم الامتيازات) والضراء (تورط في الجرائم). والحال كذلك بنية السلطة لم تصبح تسلطية فحسب، وانما مشرعنة لكل الاساليب والوسائل غير المشروعة، من الاستبداد (تبرير الانتهاكات) والفساد (نهب موراد الدولة) لتشغيل اجهزة السلطة. وككل تشكيل عصابي ظلت السيطرة دائما في ايدي القيادات، مع بناء منظومة طاعة، قائمة علي الترهيب والترغيب لكافة الاعضاء، وعلي راس ذلك الرتب الصغيرة في المؤسسة العسكرية.
ومن هنا ظهرت اكبر عقبة في طريق الثورة، وهي تعارض مصالح الثورة (تطلعات التغيير/بناء دولة مدنية) مع مصالح الجنرالات المسيطرون علي كامل مفاصل السلطة (الامن والاقتصاد). ولتفادي هذا المطب كانت واقعة التفاوض والوثيقة الدستورية والشراكة. اي مراعاة حالة تغلغل هذه المؤسسة في السلطة لتصبح جزء من تكوينها وعقيدتها، ومن ثمَّ صعوبة اخراجهم من المشهد ضربة لازب. وكان الظن ان الشراكة تخدم غرضين. اولا، لضمان عدم انقلابها علي الفترة الانتقالية بوصفها شريك، وبهذا يتم الخروج من الحلقة الشريرة المعلومة. وثانيا، لتقليل كلفة التغيير من دماء وعرقلة للانتقال ..الخ من اساليب التآمر والتربص بالثورة!! اي بدل ان تتحول الشراكة لمخرج آمن للعسكر من الحياة السياسية، تحولت بسبب تركيبة اللجنة الامنية الاجرامية، الي مشروع تآمر انتهي بانقلاب عدمي، اوقع الجنرالات في مأزق ليس غياب الشرعية فقط، ولكن مواجهة المصير المظلم للطغاة، والبلاد لمخاطر مهددات البقاء. بمعني علة الشراكة انها تعاملت بعقلانية ومسؤولية مع طغمة غير عقلانية طابعها الغدر والكذب والوفاء لسجلها الاجرامي وتاريخها الدموي.
وللحقيقة رصيد الثقة الضعيف اصلا في المؤسسة العسكرية بدأ يتآكل منذ ظهور ابنعوف وخطابه، لينفد بعد جريمة فض الاعتصام ويتحول الي غضب علي المؤسسة العسكرية واحتقار لمنتسبيها. ولذلك بعد حراك 30 يونيو وضغوطات الخارج تم الوصول للشراكة سالفة الذكر، ولكن ليس علي اساس الثقة المتبادلة، ولكن علي اساس تجنب اسوأ الاضرار، اي عودة الحكم العسكري بنسخة انتهاكات حقوق الانسان علي اسوأ صورها، وما حدث في ساحة الاعتصام من مجازر ضد ابرياء سلميين يندي لها الجبين، وما شهدته البلاد من استباحة وانتهاكات علي طول البلاد وعرضها من قبل قوات الدعم السريع، علي وجه الخصوص، كافٍ لتوقع العواقب لكل من يسعي لافتكاك السلطة كرها من يد الجنرالات الدمويين (وهذا لتذكير كل من يتغافل عن ظروف الشراكة، وتبني مواقف استدراكية رافضة لها، بناء علي ما اصاب الشراكة من تآمر وغدر العسكر).
وهذا لا يعفي الشريك المدني قوي الحرية والتغيير من اخطاء وتقصير منذ لحظة التفاوض الاولي ومرورا بكل مراحل الشركة حتي الوصول لمحطة الانقلاب الكارثي في 25 اكتوبر. فقوي الحرية والتغيير ولاحقا بالاشتراك مع حمدوك، تعاطوا مع الشراكة ليس من مسؤولية امانة التكليف ليلتزموا بما تم التوافق عليه في نصوص الوثيقة الدستورية، وهو ما يستلزم الرجوع للشعب حال حدوث خلاف مع العسكر يمنع تنفيذ بنود الاتفاقية، ولكنهم انزاحوا بها الي خانة تصرف المالك في ملكه او الوصي علي المفوضِين! وهو ما افسح المجال امام العسكر للانفراد بهم والسيطر عليهم ليتحولوا الي مجر واجهة للحكم العسكري! وعندما حاولوا مجرد استرداد جزء من الحقوق المهدرة التي تغول عليها الجنرالات دون وجه حق، رد عليهم الجنرالات بانقلاب 25 اكتوبر.
وهو الانقلاب الذي لم يعمق فقدان الثقة بين الثوار والعسكر فقط كما ظل يستثمر البرهان وحميدتي بكل خسة وجهل وقصر نظر، وانما كرس لفقدان الثقة داخل مكونات الحرية والتغير، وبينها وبين لجان المقاومة. والحال كذلك، فقدان الثقة هو الفاعل الاساس في الساحة السياسية الآن، وهو ما يجعل كل الحلول المطروحة مستعصية، لتتحول حالة الاستعصاء يوما بعد يوم الي عدم قابلية للحل، ومن ثمَّ الدخول في نفق الاستحالة.
ثانيهما، عمل الانقلاب علي افساح المجال امام التدخلات الخارجية (الاقليمية بصفة خاصة) لتصبح عامل اساس في السيطرة علي الاوضاع الداخلية. وهو ما يعني بدوره خروج الحل من يد الفاعلين الداخليين الي خارج الحدود! وخطورة هذا الامر ليس في عدم اكتراثه لمصالح الداخل واصراره علي تكريس الانقلاب باي صورة من الصور من اجل الحفاظ علي مصالحه، وانما في تضارب مصالح هذا الخارج وما يخلقه من حالة عدم استقرار مزمنة في الداخل، تؤدي بدورها لاستحالة ايجاد الحلول، خصوصا عندما تتحول الساحة الداخلية لتصفية حسابات وملفات عالقة بين المؤثرين الخارجيين، وهو ما تجسده احوال دول مثل لبنان واليمن والعراق وليبيا.
واذا صح اعلاه ما هي فرص مواجهة المستحيلات، وهل هنالك امكانية لتحديها؟ والاستماتة في سبيل زحزحتها نحاية الممكن والمتاح؟
المدخل لمواجهة المستحيل هو عدم الياس من بذل الجهد لاسترداد الثقة المفقودة بين المكونات الفاعلة. واستراد هذه الثقة بين المكونات المعارضة، سيفسح المجال امام استردادها مع المؤسسة العسكرية. علما بان هذا الطريق هو الوحيد لتاسيس دولة حديثة علي اسس راسخة ومستقرة، تقطع الطريق علي الانقلابات العسكرية، كاكبر معيق لعملية التطور الديمقراطي وبناء الدولة المدنية.
ولكن لماذا نقول مستحيل؟ لان التخندق داخل المواقف والاحكام المسبقة وعدم تجديد الرؤية للمستجدات والادوات المستعملة والتبصر في عواقب كل خيار، او خداع الذات بحجة الاستفادة من الاخطاء والتجارب التاريخية، سيجعل الدوران في حلقة مفرغة هو حصيلة كل الجهد والتضحيات والزمن المهدر؟
وعليه، لبناء الثقة بين القوي المعارضة، لا يكفي قادة الحرية والتغيير المشاركون في السلطة، الاكتفاء بذكر الاخطاء او تقديم اعتذار، وانما مغادرة مراكز القيادة داخل تنظيماتهم او اقلاه تقديم بدائل لهم خلال الفترة الانتقالية، اي افساح المجال لقيادات جديدة وبرنامج جديد يستجيب للتحديات الماثلة. وعلي القيادات السابقة الاكتفاء بالعمل خلف الكواليس، والافضل التفرغ لبناء احزابها وكياناتها علي اسس حديثة، ظلت تنادي بها في الدولة، وتضن بها داخل تنظيماتها. اما التحجج بعدم التوافر علي قيادات بذات المستوي فهو مردود، لان مستواها الذي تتحدث عنه هو ما اوردنا موارد الهلاك الراهنة، كما ان مسؤولية اعداد القيادات البديلة يقع علي عاتقها، وفشلها فيه لهو دلالة كافية علي فشلها في التصدي لمهام الدولة وهي اكبر وبما لا يقاس. والسؤال الذي يفرض نفسه والحالة هذه، هل لقادة الحرية والتغيير الاستعداد لمغادرة مراكز القيادة، اذا ما كان ذلك يشكل ضمانة لرد الثقة في مكون الحرية والتغيير؟ الاجابة المحتملة طالما انهم سودانيون، اي لهم نفس النظرة للقيادة والتركيبة النفسية/الاجتماعية للتعاطي مع متطلباتها، فهذا يدخل في باب المستحيل. لانه من دون ان يتغيَّر الفاعلون من الاستحالة تغيُّر افعالهم او مردودهم الاجتماعي والسياسي (تغيير الآخرين).
اما الحزب الشيوعي، نجده يتقاطع مع لجان المقاومة في التصورات والتطلعات، ولذلك هو اقرب للحالة الثورية منها للحزب السياسي! بمعني رغبة الحزب في تنزيل تطلعاته (وهي مثالية) علي ارض الواقع، تطغي علي امكانيات ووسائل التنزيل وآليات التطبيق وقدرة الواقع علي الاستجابة لتلبية تلك التطلعات. وهذا ما يفسر ايمان الحزب بخرافة التغيير الجذري! والدليل علي انه مجرد خرافة او زيف شعاراتي، هو السؤال هل يستقيم حقا التغيير الجذري مع تحولات المجتمعات بكل تبايناتها وتضارب مصالح مكوناتها، وبناء الدول بكل تحدياتها، والتاسيس لمنظومة حديثة وهو ما يمس ثقافة راسخة ومتوارثة؟ وعليه عملية التغيير بطبعها عملية بطيئة (متدرجة) ومعقدة (تستصحب عوامل متناقضة) ورهينة لطبيعة المرحلة التاريخية وظروف كل مجتمع، اكثر من خضوعها لمخيل التكوينات والاحزاب الثورية؟! لذلك ليس مصادفة ان محاولات التغيير الجذري لا تتم طوعا ولكن يتم فرضها قسرا، سواء عبر سلطة سياسية (انقلاب/حكم شمولي) او سلطة ثقافية (احتكار الوعي) او سلطة اخلاقية (تقديم تضحيات). اما المفارقة ان نتائج محاولات احداث التغيير الجذري علي ارض الواقع، ليس حدوث التغيير المنشود، وانما كوارث من ذات كوارث تجربة الكيزان في الداخل، وتجارب الاحزاب الشيوعية في الخارج! والحال كذلك، من دون تحرر الحزب الشيوعي من خرافة التغيير الجذري ومنزع قيادة الجماهير وتصدر ركب التغيير، سيكون من الاستحالة علي الحزب الخضوع لاكراهات الواقع ومراعاة هشاشة الاوضاع وصعوبة مهام التغيير، وتاليا النزول عند ضرورة مشاركة اكبر قدر من التكوينات والاجسام والمواطنين في هكذا مهام حتي يكتب لها النجاح اذا ما كنا محظوظين.
اما لجان المقاومة فعليها قراءة الواقع بصورة اكثر رحابة وعقلانية، وان تعلم ان الفعل الثوري احد ادوات العمل السياسي وليس بديل له او لمكوناته السياسية، او انه صالح لكل زمان ومكان اذا حضر بطل غيره. وهذا بدوره يقود الي انه ليس هنالك سياسة من غير حوار او تفاوض او شراكة. بمعني فشل بعض القادة السياسيين في اداء مهامهم، لا يعني فشل كل القادة السياسيين، والاهم لا يعني فشل السياسة كواحدة من اساليب ومناهج وادوات ادارة الخلافات والمصالح المجتمعية بصورة سلمية. كما ان هذه المكونات السياسية هي نفسها ابنة شروط ذات المجتمع وتخضع لمحددات تطوره، ولو ان ذلك لا يمنع دورها المفترض في صناعة وقيادة التغييرات المنشود، اذا ما تحلت بالجدية والمسؤولية وانتهاج المؤسسية!
اما الخبر غير السار للجان المقاومة او بعضها، ليس هنالك استقرار لهذه البلاد من دون اجراء حوار وتفاوض مع المؤسسة العسكرية، والوصول لنوع من التسوية تضمن للمؤسسة العسكرية ادوار طوال الفترة الانتقالية وما بعدها، حتي رسوخ الحياة المدنية والتحول الديمقراطي، وإلا سنظل اسيري الدائرة الجهنمية. اي بناء الدولة المدنية والحياة الديمقراطية مشوار شاق وطويل ويحتاج للحكمة والصبر وطول النفس والعمل الجاد الحذر.
اما الخبر الاكثر سوء، انه ليس لدينا مؤسسة عسكرية احترافية، كما انها غير مؤتمنة علي البلاد، ولا تحوز كما سلف اي ثقة او احترام. وزاد من احتقار المواطنين لها غير عار فض الاعتصام، مواصلتها الصمت واحيانا المشاركة في قتل الثوار السلميين، وانحيازها غير المشروط لكبار جنرالاتها المجرمين، ومشاركتها النفوذ والسيطرة بواسطة مليشيا همجية لا تستنكف استفزازها والسخرية منها في كل موطن احترام لها! والحال كذلك، هل هنالك استحالة اكثر من ذلك، في حدوث تحوُّل في هذه المؤسسة، لتكون جدير بثقة الثوار وقبلهم المواطنين، ومن ثمَّ تبرر الدخول معها في حوار او تفاوض او شراكة؟ هذا الامر رهين بالطرفين، بمعني هل للجان المقاومة واسر الشهداء والثوار بصفة خاصة، والقوي السياسية المعارضة للانقلاب بصفة عامة، من الاستعداد النفسي للمسامحة والصفح او اقلاه غض الطرف آنيا عن دعوات المحاسبة والقصاص (وهو امر غير محتمل علي كل حال، في ظل استمرار استباحة دماء الثوار في الطرقات بدم بارد، كما انه يخل بواحدة من شعارات الثورة، الا وهي العدالة، ولذا نتحدث عن استحالة ومعالجات تتحداها)؟ بما يفتح صفحة جديدة مع هذه المؤسسة، اذا ما قامت بما يليها من واجب وطني، يتمثل في انتفاض هذه المؤسسة علي كبار جنرالاتها، وعلي الخصوص اللجنة الامنية وعلي راسها البرهان وحميدتي. بوصفمها الاسباب الاساسية للازمة الراهنة واجهاض الفترة الانتقالية وازهاق كل هذه الارواح من دون رحمة! والاسوأ من ذلك استعدادهما لاهدار ارواح كل المواطنين، وعرض كل موارد البلاد للخارج، ورهن مستقبل البلاد للخراب، فقط من اجل ضمان بقاءهما في سدة السلطة، وهم سلفا غير مؤهلين لها من كل النواحي. والامر الآخر الاكثر خطورة وحساسية، هو ان تتصدي المؤسسة العسكرية لمعالجة معضلة الدعم السريع، لانه في ظل وجود هكذا مليشيا عائلية، لا يمكن الحديث عن الدولة، ناهيك ان تكون حديثة او قديمة! فهل هنالك اكثر استحالة من انتفاضة هكذا مؤسسة وبهكذا تكوين ولهكذا غايات سلف ذكرها؟
لكل ما سلف تبدو مهمة الحفاظ علي الدولة، ناهيك عن افساح المجال امام تحقيق دولة العدالة والديمقراطية والسلام والتنمية والكرامة والانسانية، هو في حكم المستحيل. ولكن قدرنا كسودانيين ان نواجه هذا المستحيل الذي نهض كالطود العظيم امام احلام الحياة الكريمة، بسبب تراكم الفشل والخيبات والاخطاء والجرائم وملازمة سوء الحظ كاللعنة الابدية.
واعتقد محاولة الوصول لوحدة القوي المعارضة وهي بكل هذا التشرذم وانعدام الثقة، لهو جهد مستحيل لمواجهة المستحيل السابق ذكره، ولذا الجهد العملي الذي يمكن ان يحدث اختراق في جدار المستحيل، هو طرح الدكتور بكري الجاك ومجموعته اذا ما فهمنا طرحه، وهو التوافق علي المشتركات بين الفاعلين في المعارضة، كوحدة القوات المسلحة مثلا، علي ان تقدم كل جهة تصوراتها المكتوبة لكل محور من هذه المشتركات. واذا ما تم ذلك، فعمليا بعد تنسيقه وضبطه والاجابة علي تساؤلات والتباسات المشاركين يكون لدينا مشروع يسمح بالالتفاف حوله. ليشكل ضربة البداية لمواجهة الانقلاب، وممارسة ضغوط كافية لفتح جبهة اخري في جدار استحالة القوات المسلحة بانحيازها لمشروع التغيير والدولة المدنية.
واخيرا
اعتقد ان اوضاعنا ميؤوس منها في ظل حالة الانسداد واصرار الجميع علي المضي نحو مزيد من الانسداد. ولكن لا يعني ان هذه دعوة للمزيد من اليأس، ولكنها دعوة لمقاومة حالة اليأس، ليس بطرح التفاؤل غير الموضوعي، وانما بطرح البدائل غير المطروحة. ودمتم في رعاية الله.
<abdullahaliabdullah1424@gmail.com>