مفوضية مكافحة الفساد ولجنة تفكيك التمكين والإعلام
أحمد ضحية
12 January, 2023
12 January, 2023
● في اجتماع مشترك لمجلسي السيادة الوزراء بتاريخ ٢٤ أبريل ٢٠٢١ أي (قبل انقلاب ٢٥ أكتوبر بستة أشهر فقط) أُجيز قانون "مفوضية مكافحة الفساد" لتعزيز أنشطة لجنة "تفكيك نظام ٣٠ يونيو ١٩٨٩ وإزالة التمكين واسترداد الأموال العامة"، بعد إزالة أي تعارض في نصوصه، مع قانون "لجنة التفكيك"، التي كانت تواجه حملات ضارية منظمة من أطراف عديدة، ارتبطت مصالحها بنظام الحركة الاسلاموية، الذي قوضته الثورة المجيدة في ديسمبر ٢٠١٨. ظلت هذه الأطراف التي بمثابة (دولة موازية)، تسعى لحل لجنة التفكيك ووقف عملها.
● و حتى سبتمبر ٢٠٢١ (أي قبل الانقلاب بشهر واحد)، لم يكن هناك أي مسعى جاد، لإنشاء هذه "المفوضية المستقلة لمكافحة الفساد واسترداد الأموال العامة" رغم قانون تكوينها منذ أبريل، بموجب القانون المُجاز في الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء، الذي اشرنا إليه أعلاه.
● في بداية سبتمبر ٢٠٢١ أُعلن عن الشروع في (إنشاء المفوضية) بموجب المادة ١١ من القانون المذكور أعلاه بحيث تتكون من رئيس وستة أعضاء متفرغين للعمل بالمفوضية، لفترة ست سنوات غير قابلة للتمديد. ومن ثم لم تمض سوى أسابيع قلائل، حتى قطع الانقلاب الطريق على (تكوين) هذه المفوضية؟!
● وغني عن القول، أنه منذ حدوث إنقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩ -و لثلاث عقود تالية- لم يتم التحقيق في تُهم الفساد، التي ظلت رائحتها تزكم الأنوف، رُغم أن المراجع العام، كان يشجع أحيانا باستحياء! على ملاحقة بعض المسؤولين المُتهمين باختلاس الأموال العامة، في إطار الصراعات الداخلية، لمراكز قوى النظام البائد.
● ومنذ العام ٢٠١٤ حتى لحظة سقوط نظام الحركة الإسلاموية في ٢٠١٩ بثورة ديسمبر المجيدة، فشلت أي جهة أو فرد نشط لمكافحة الفساد في أداء مهمته، ضد المسؤولين الحكوميين المُرتكبين لأعمال الفساد.
● وغني عن القول أن (وسائل الإعلام)، خلال عقود حُكم الحركة الإسلاموية الثلاث، ظلت تتعرض للتلاعب السياسي وعدم الاستقلالية. بفعل سيطرة كادر الحركة الاسلاموية على المؤسسات الإعلامية. والرقابة الصارمة من قبل أجهزة أمن النظام الاسلاموي البائد على الصحف. واجبار وسائل الإعلام على نشر قصص تُظهر النظام بمظهر جيد، بأقلام صحفيين وإعلاميين بارزين منتمين للمؤتمر الوطني أو تربطهم به شبكة معقدة من المصالح المشتركة.
● في المقابل، و بموجب قانون الصحافة والنشر الذي تمت إجازته في ٢٠٠٩، تعرض عدد من الإعلاميين والمواطنين الذين انتقدوا الفساد للمضايقة والاعتقال والعنف. كما حدثت عمليات اقتحام واعتقال وسلب، ضد عدد من الصحف الخاصة. وتم أيضاً رفض اصدار فيزا لدخول بعض الإعلاميين الأجانب، إلى الأراضي السودانية.
● أجهزة الإعلام خلال ثلاث عقود من حُكم الإسلامويين، خضعت لمراقبة مشددة يومياًَ، تم خلالها حذف أو تعديل الأخبار التي تناولت الفساد والشؤون الأمنية، وجرائم الحرب التي كان النظام الاسلاموي يرتكبها ضد المواطنين في دارفور وجنوب كردفان و ج/ النيل الأزرق.
● ولم يكن نظام المؤتمر الوطني الحاكم وقتها يسمح بنشر أي أخبار أو تحقيقات، أو أي نوع من المواد، التي تكشف الفساد أو التجاوزات. أو أي نوع من الجرائم التي درج على ارتكابها منذ ١٩٨٩.
● في ٢٢ يناير ٢٠١٤، صادرت الشرطة جميع نسخ (صحيفة الجريدة) في المطبعة -لحظة طباعتها- لأن القصة الرئيسية للصحيفة في تلك الطبعة، كانت عن الفساد في (شركة القطن السودانية)، خلال اتهام وجهه مكتب المراجع العام، ضد بدر الدين محمود وزير المالية ونائب محافظ سابق لبنك السودان المركزي، لارتكاب المذكور عدة جرائم، من ضمنها التزوير واستغلال النفوذ وسوء استخدام الوظيفة، عندما كان يترأس لجنة معنية بشراء مواقع لحلج القطن.
● وفي يوليو ٢٠١٥ أمر النظام الاسلاموي الحاكم مدير (الهيئة العامة السودانية للبث الإذاعي والتلفزيوني) بالتوقف عن بث البرنامج الاذاعي (بيت الجالوص)، الذي كان يعده ويقدمه الطبيب النفسي وكاتب السيناريو د/ علي بلدو، وذلك لأن (بلدو) تحدث عن الفساد المستشري. و اتهم بلدو فيما بعد العديد من الشخصيات النافذة في الإعلام، المعروفة بانتمائها للحزب الحاكم، بالوقوف خلف وقف بث برنامجه.
● الوقائع المذكورة عشوائية، لإعطاء فكرة عامة عن ما واجهته محاولات محاربة الفساد إذ لم تتوقف حملات ملاحقة الإعلاميين الذين يثيرون قضايا ملفات الفساد. ولذلك عندما كُونت لجنة التفكيك بعد الثورة خصيصاً لتولي ملفات الفساد، واجهت المشاكل نفسها وأكثر، من التي ظلت تواجه هيئات مكافحة الفساد والأفراد والصحافة منذ ٣٠ يونيو ١٩٨٩. الجديد في الأمر أنه بعد الثورة، أصبحت أصابع (اللجنة الأمنية) تتدخل من وراء ستار لعرقلة عمل لجنة التفكيك.
● (نظرياً) بحسب القانون أن (مكتب المراجع العام) مستقل، ولكنه عملياً ظل عرضةً للتأثير السياسي. كما أنه حُرم من الموارد الكافية لأداء عمله، في وقت لا تقوم فيه الحكومة، باتخاذ أي إجراءات لمحاربة الفساد، الذي نخر هياكل الدولة من قمة هرمها إلى أخمص قاعدتها. كما أن مكتب المراجع العام نفسه (اُتُهم بالفساد من قبل)، إذ تم في العام ٢٠٠٧ فصل ثلاث من مسؤوليه النافذين في إطار قضية اختلاس!
● الأسباب وراء عدم امتلاك السودان لمقاييس فعالة في محاربة الفساد تشمل: بروتوكولات إدارية ضعيفة؛ إرادة سياسية غير جادة في محاربة الفساد؛ وكذلك إحلال الحركة الإسلاموية -كتنظيم سياسي- لنفسها في جهاز الدولة واندماجها في هياكل السلطة، خلال ثلاث عقود أدى إلى تلاشي التمييز بين (الحكومة) و(الحزب السياسي الحاكم)، إذ أصبح الاثنان شيئاً واحداً! فرغم أن السودان كدولة، دعم بروتوكولات محاربة الفساد، التي أصدرتها الأمم المتحدة. إلا أن المسؤولين الحكوميين بدءا برئيس الجمهورية وحرمه مرورا بالوزراء وانتهاء بصغار الموظفين، خلال ثلاث عقود، لم يكونوا شفافين أو معنيين بالكشف عن شؤونهم المالية، لارتباطهم جميعاً بشبكات الفساد.
● من المفروض أن يحمي القانون كل من يقوم بالتبليغ عن حالات فساد، ولكن في الواقع يتم إجراء عمليات انتقامية ضد هؤلاء المبلغين. ولذلك سخرت الحركة الاسلاموية المندمجة في جهاز الدولة، كل إمكانياتها، لتشويه ومحاربة وحل لجنة تفكيك التمكين.
____________
# المقاومة_ الشاملة_ للضرائب_ الشاملة
# المكافحة_ الشاملة_ للفساد_ الشامل
# مواطنة_ بلا_ تمييز
ahmeddhahia@gmail.com
● و حتى سبتمبر ٢٠٢١ (أي قبل الانقلاب بشهر واحد)، لم يكن هناك أي مسعى جاد، لإنشاء هذه "المفوضية المستقلة لمكافحة الفساد واسترداد الأموال العامة" رغم قانون تكوينها منذ أبريل، بموجب القانون المُجاز في الاجتماع المشترك لمجلسي السيادة والوزراء، الذي اشرنا إليه أعلاه.
● في بداية سبتمبر ٢٠٢١ أُعلن عن الشروع في (إنشاء المفوضية) بموجب المادة ١١ من القانون المذكور أعلاه بحيث تتكون من رئيس وستة أعضاء متفرغين للعمل بالمفوضية، لفترة ست سنوات غير قابلة للتمديد. ومن ثم لم تمض سوى أسابيع قلائل، حتى قطع الانقلاب الطريق على (تكوين) هذه المفوضية؟!
● وغني عن القول، أنه منذ حدوث إنقلاب ٣٠ يونيو ١٩٨٩ -و لثلاث عقود تالية- لم يتم التحقيق في تُهم الفساد، التي ظلت رائحتها تزكم الأنوف، رُغم أن المراجع العام، كان يشجع أحيانا باستحياء! على ملاحقة بعض المسؤولين المُتهمين باختلاس الأموال العامة، في إطار الصراعات الداخلية، لمراكز قوى النظام البائد.
● ومنذ العام ٢٠١٤ حتى لحظة سقوط نظام الحركة الإسلاموية في ٢٠١٩ بثورة ديسمبر المجيدة، فشلت أي جهة أو فرد نشط لمكافحة الفساد في أداء مهمته، ضد المسؤولين الحكوميين المُرتكبين لأعمال الفساد.
● وغني عن القول أن (وسائل الإعلام)، خلال عقود حُكم الحركة الإسلاموية الثلاث، ظلت تتعرض للتلاعب السياسي وعدم الاستقلالية. بفعل سيطرة كادر الحركة الاسلاموية على المؤسسات الإعلامية. والرقابة الصارمة من قبل أجهزة أمن النظام الاسلاموي البائد على الصحف. واجبار وسائل الإعلام على نشر قصص تُظهر النظام بمظهر جيد، بأقلام صحفيين وإعلاميين بارزين منتمين للمؤتمر الوطني أو تربطهم به شبكة معقدة من المصالح المشتركة.
● في المقابل، و بموجب قانون الصحافة والنشر الذي تمت إجازته في ٢٠٠٩، تعرض عدد من الإعلاميين والمواطنين الذين انتقدوا الفساد للمضايقة والاعتقال والعنف. كما حدثت عمليات اقتحام واعتقال وسلب، ضد عدد من الصحف الخاصة. وتم أيضاً رفض اصدار فيزا لدخول بعض الإعلاميين الأجانب، إلى الأراضي السودانية.
● أجهزة الإعلام خلال ثلاث عقود من حُكم الإسلامويين، خضعت لمراقبة مشددة يومياًَ، تم خلالها حذف أو تعديل الأخبار التي تناولت الفساد والشؤون الأمنية، وجرائم الحرب التي كان النظام الاسلاموي يرتكبها ضد المواطنين في دارفور وجنوب كردفان و ج/ النيل الأزرق.
● ولم يكن نظام المؤتمر الوطني الحاكم وقتها يسمح بنشر أي أخبار أو تحقيقات، أو أي نوع من المواد، التي تكشف الفساد أو التجاوزات. أو أي نوع من الجرائم التي درج على ارتكابها منذ ١٩٨٩.
● في ٢٢ يناير ٢٠١٤، صادرت الشرطة جميع نسخ (صحيفة الجريدة) في المطبعة -لحظة طباعتها- لأن القصة الرئيسية للصحيفة في تلك الطبعة، كانت عن الفساد في (شركة القطن السودانية)، خلال اتهام وجهه مكتب المراجع العام، ضد بدر الدين محمود وزير المالية ونائب محافظ سابق لبنك السودان المركزي، لارتكاب المذكور عدة جرائم، من ضمنها التزوير واستغلال النفوذ وسوء استخدام الوظيفة، عندما كان يترأس لجنة معنية بشراء مواقع لحلج القطن.
● وفي يوليو ٢٠١٥ أمر النظام الاسلاموي الحاكم مدير (الهيئة العامة السودانية للبث الإذاعي والتلفزيوني) بالتوقف عن بث البرنامج الاذاعي (بيت الجالوص)، الذي كان يعده ويقدمه الطبيب النفسي وكاتب السيناريو د/ علي بلدو، وذلك لأن (بلدو) تحدث عن الفساد المستشري. و اتهم بلدو فيما بعد العديد من الشخصيات النافذة في الإعلام، المعروفة بانتمائها للحزب الحاكم، بالوقوف خلف وقف بث برنامجه.
● الوقائع المذكورة عشوائية، لإعطاء فكرة عامة عن ما واجهته محاولات محاربة الفساد إذ لم تتوقف حملات ملاحقة الإعلاميين الذين يثيرون قضايا ملفات الفساد. ولذلك عندما كُونت لجنة التفكيك بعد الثورة خصيصاً لتولي ملفات الفساد، واجهت المشاكل نفسها وأكثر، من التي ظلت تواجه هيئات مكافحة الفساد والأفراد والصحافة منذ ٣٠ يونيو ١٩٨٩. الجديد في الأمر أنه بعد الثورة، أصبحت أصابع (اللجنة الأمنية) تتدخل من وراء ستار لعرقلة عمل لجنة التفكيك.
● (نظرياً) بحسب القانون أن (مكتب المراجع العام) مستقل، ولكنه عملياً ظل عرضةً للتأثير السياسي. كما أنه حُرم من الموارد الكافية لأداء عمله، في وقت لا تقوم فيه الحكومة، باتخاذ أي إجراءات لمحاربة الفساد، الذي نخر هياكل الدولة من قمة هرمها إلى أخمص قاعدتها. كما أن مكتب المراجع العام نفسه (اُتُهم بالفساد من قبل)، إذ تم في العام ٢٠٠٧ فصل ثلاث من مسؤوليه النافذين في إطار قضية اختلاس!
● الأسباب وراء عدم امتلاك السودان لمقاييس فعالة في محاربة الفساد تشمل: بروتوكولات إدارية ضعيفة؛ إرادة سياسية غير جادة في محاربة الفساد؛ وكذلك إحلال الحركة الإسلاموية -كتنظيم سياسي- لنفسها في جهاز الدولة واندماجها في هياكل السلطة، خلال ثلاث عقود أدى إلى تلاشي التمييز بين (الحكومة) و(الحزب السياسي الحاكم)، إذ أصبح الاثنان شيئاً واحداً! فرغم أن السودان كدولة، دعم بروتوكولات محاربة الفساد، التي أصدرتها الأمم المتحدة. إلا أن المسؤولين الحكوميين بدءا برئيس الجمهورية وحرمه مرورا بالوزراء وانتهاء بصغار الموظفين، خلال ثلاث عقود، لم يكونوا شفافين أو معنيين بالكشف عن شؤونهم المالية، لارتباطهم جميعاً بشبكات الفساد.
● من المفروض أن يحمي القانون كل من يقوم بالتبليغ عن حالات فساد، ولكن في الواقع يتم إجراء عمليات انتقامية ضد هؤلاء المبلغين. ولذلك سخرت الحركة الاسلاموية المندمجة في جهاز الدولة، كل إمكانياتها، لتشويه ومحاربة وحل لجنة تفكيك التمكين.
____________
# المقاومة_ الشاملة_ للضرائب_ الشاملة
# المكافحة_ الشاملة_ للفساد_ الشامل
# مواطنة_ بلا_ تمييز
ahmeddhahia@gmail.com