البرهان والروليت مع الحرية المركزي

 


 

 

قال الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة في كلمته في حفل زواج جماعي بمنطقة كبوشية بولاية نهر النيل " أن القوات المسلحة لا تريد المضي في الاتفاق الإطاري مع جهة واحدة" و أضاف قائلا " أن القوات المسلحة تريد مشاركة الجميع في تنفيذ الاتفاق الإطاري لإدراكها بأنه لن يقبل أحد أن تسوية فئة معينة دون أن تشرك الآخرين" بهذا القول يعيد البرهان المقولة التي كان قد درج على ترديدها في منابر المعسكرات العسكرية، لكن هذه المرة نسبها للقوات المسلحة مباشرة و بحضور قائد هيئة الأركان. و البرهان حاول أن يثبت الاتفاق الإطاري كمحور للحل حتى لا يقال عنه نكص العهد، و يدعو لتوسيع المشاركة فيه، أما إذا لم تتم عملية توسيع المشاركة يصبح القرار بيد الجيش.
ردا على حديث البرهان غرد ياسر عرمان أحد قيادات الحرية المركزية في تويتر يقول " الصراع ليس كما يصور بين المدنيين و العسكريين بل بين الدولة العميقة للفلول و قوى الثورة، و الدولة العميقة موجودة في القوات النظامية مثلها مثل كافة المؤسسات الأخرى" هنا يريد عرمان أن يؤكد أن الفلول هم الذين مارسوا سياسية الضغط على البرهان لكي يخرج هذا التصريح. رغم أن البرهان قد كرر الحديث كثيرا، و لكنه لم يوقف السير في طريق الاتفاق الإطاري، و المشاركة في كل البرامج التي ترتبتها الثلاثية الدولية، لكن يجيء حديث البرهان المنسوب للقوات المسلحة بعد تطور جديد في الساحة السياسية حيث عقدت مجموعات تحالفية اخرى ورشة عمل في القاهرة، الأمر الذي يوسع دائرة اللاعبين الاقليميين و الدوليين، لكي تفرض شروط جديدة على العملية السياسية. و استطاعت الدبلوماسية المصرية أن تدعو ذات الدول التي كانت قد حضرت توقيع الاتفاق الإطاري بين العسكر و الحرية المركزي لحضور الجلسة الافتتاحية لورشة عمل المجموعات التي ذهبت لاجتماع القاهرة، مما يبين أن مصر استطاعت أن توظف دبلوماسيتها لكي تخلق معادلة جديدة في الساحة السياسية.
أن الحرب الروسية الآكرانية قد أعادت ذات التوترات السياسية في العالم التي كانت سائدة أثناء الحرب الباردة، حيث نشطت الدول في عمليات الاستقطاب، و الصراع الإقليمي و الدولي بدأ يبرز بصورة واضحة في العديد من مناطق العالم، و خاصة في السودان بسبب موقعه الإستراتيجي، إلي جانب أن السودان مايزال دولة بكر تحتفظ بالعديد من الثروات في باطن الأرض، و كانت هناك فرصة كبيرة جدا أمام الفرقاء السودانيين أن يوحدوا انفسهم في تحالف واحدى، لكي يعيدوا توازن القوى مرة أخرى و يصبح الشارع هو الضامن لأي تسوية سياسية، لكنهم فشلوا في ذلك تماما، و بدأ الصراع بينهم يأخذ منحنى التصادم، الأمر الذي أعاد للجيش سطوته مرة أخرى، و بدأت القوى السياسية تفقد أدوات ضغطها بسبب محاولات الأحزاب أختراق لجان المقاومة و إدارة عملية الاستقطاب وسطهم. الأمر الذي يشتت وحدتها.
أن الساحة السياسية أصبحت مجموعات و أحزاب متفرقة، كل حزب بما لديهم فرحون، و بالتالي غاب الحوار من الساحة السياسية تماما. و البعض يحاول أن يرمي اللوم على عناصر النظام السابق هؤلاء غير مدركين أن نظام مكث في السلطة ثلاث عقود التف حوله عشرات الألاف من أهل المصالح الخاصة كل هؤلاء لابد أن يدافعوا عن هذه المصالحهم بشتى الطرق، و لابد من القيادة السياسية أن تكون مدركة للتحديات التي سوف تواجهها، و لكن بعض القيادات جعلتها أداة تبرير؛ كل ما تفشل في أداء مهامها. هل القيادات السياسية التي صعدت لقمة العمل السياسي بعد ثورة ديسمبر كانت تعتقد أن رفع شعارات الديمقراطية كافية لهزيمة أعدائها،. أن الديمقراطية صراع اجتماعي سياسي مستمر، لذلك تحرص القيادات الوعية أن تسرع بتكوين المواعين الديمقراطية التي يجري داخلها الصراع، لكي يخرج بصورة ثقافة ديمقراطية توسع دائرة الوعي السياسي الجماهيري، و الصراع في الديمقراطية ينتصر فيه الحق و ليس مجموعة على أخرى، لأن باب الانتصار و الهزيمة تتداول فيهما الأحزاب، و ليس انتصار فئة في مرحلة يعني أن تعلن شعارات الإقصاء على الأخرين.
أن الصراع الدائر الآن بين المجموعات المختلفة تتسيد فيه الرغبات الخاصة، و المصالح، و قد ظهرت تماما عند قيادة الحركات الرافضة تماما لإجراء أي تعديل في (اتفاق جوبا) كانه بقرة مقدسة، و هؤلاء ليس دفاعهم عن الاتفاق بسبب انهم حريصين على مصالح المواطن في دارفور أو النيل الأزرق أو أي بقعة في السودان، و لكن دفاعا عن الامتيازات التي يريدها هؤلاء القادة. أن معركة الديمقراطية سوف تستمر سنين عددا حتى تظهر أجيال لها الإرادة و التجرد من أجل بناء وطن. نسأل الله حسن البصيرة.

zainsalih@hotmail.com

 

آراء