الناطق للشيوعي يفتح باب الصراحة والوضوح .. العلاقات السودانية المصرية (3-4)
زين العابدين صالح عبد الرحمن
7 March, 2023
7 March, 2023
واحدة من الإشكاليات التي تواجه النخبة السياسية السودانية طوال تاريخها منذ الاستقلال حتى اليوم، دون أن تخضعها للدراسة العلمية و إحصائيات، إذا كان عبر مراكز دراسات و مؤسسات أكاديمية و معهد الدبلوماسية أو حتى دارسات تقوم بها الأحزاب السياسية السودانية هي ( العلاقة السودانية المصرية) رغم أن العلاقة الشعبية تخاذ طور التقدم ثم تتراجع بسبب حالة المد و الجزر التي تطرأ على السياسة بين البلدين، و التي تأخذ طور التوترات، ثم تتراجع مرة أخرى. و الكن الغريب في الأمر، أن النخبة السياسية السودانية دائما تميل إلي إرضاء الصخب الشعبي الذي تثيره بعض القوى السياسية، أو كرد فعل لأحاديث الإعلاميين المصريين أو تصريح لبعض القيادات الحزبية المصرية. الغريب في الأمر أن النخب السودانية المثقفة لا تحاول أن تفتح حوارا موضوعيا مع مثيلاتها في مصر، و حتى إذا فتحت هذا الحوار لم تعد له الإعداد الجيد الذي يدفع بالعلاقات لنموها بالصورة التي يستفيد منها البلدان. و لذلك عندما ٌقرأت حديث الناطق الرسمي الأستاذ فتحي فضل تأكدت أن الحزب الشيوعي السوداني لم يخضع قضية ( العلاقة السودانية المصرية) للدراسة العلمية و يقدم أحصائيات، في محاول لوضع العلاقة بالصورة التي تخدم الشعبين، رغم أن بعض القيادات الشيوعية في عقد التسعينات و الخمس سنوات من العقد الحالي، كانت قد شاركت في العديد من الحوارات التي تمت مع عدد من المثقفين و الصحفيين المصريين أثناء تواجدهم في القاهرة لقيادة عمل ( التجمع الوطني الديمقراطي) الملاحظة في تلك اللقاءات كان الأخوة المصريين يحضرون اللقاءات مرتبين يطرحون القضايا التي يعتقدون أنها تحتاج لحوار، إلا أن السودانيين يعتمدون على الرد فقط فيما يطرح من قبل الجانب الأخر، فالذي لديه قضية و مأخذ يجب أن يبادر على طرحها و يجعل الحوار يدور حولها.
قال الأستاذ فتحي فضل عن الدور المصري في السودان " أن الدور المصري في السودان منذ عهد الخديوي هو أن السودان شيء خلفي، و جزء لا يتجزأ منها، لكن جزء ثانوي، و هذا مستمر منذ ذلك العهد و حتى الآن و كل الحكومات المصرية تنظر للسودان هذه النظرة، و بالتالي العلاقات فيها الرسمي الذي تحاول فيه الحكومة السيطرة على بلدنا و قرارنا السياسي و مصادرة قرارنا المستقل بالتدخل الفظ و الفج في الشؤون الداخلية في السودان و تنجح الأنظمة المصرية دائما في مساعيها عندما تكون هناك حكومة ديكتاتورية و ضعيفة و هي التي حكمت السودان لأغلب الوقت بعد الاستقلال" إذا تمعنا في هذا القول بموضوعية و سألنا الأستاذ فضل أين يكمن الخلل في دولة ساعية لمصالحها أم دولة لا تعرف مصالحها و مصالح شعبها؟
الغريب في الأمر في ختام حديث الأستاذ فضل أرجع سبب سلبية العلاقة بين البلدين كله للحكومات السودانية الديكتاتورية و الضعيفة التي حكمت بعد الاستقلال. هل كان يعتقد الأستاذ فضل: أن تتدخل مصر في الشأن الداخلي السوداني و تشكل له حكومات ديمقراطية و قوية، و بعد ما تتأكد من ذلك تقيم مع السودان علاقات. يا أستاذ فضل ألدولة و تطورها و نموها و استقرارها الاجتماعي و السياسي هو الذي يحدد دورها الخارجي، و الدور الذي تلعبه في محيطها الإقليمي و الدولي، و الدولة من خلال حكوماتها تستطيع أن تحدد مستوى العلاقة مع الدول الأخرى. إذا اقتنعنا افتراضا كل ما ذكرته، تمارسه مصر تجاه السودان منذ الاستقلال حتى الآن. ما هو دور السودان لكي يجعل العلاقة تسير في المسار الذي يعتقده هو الأفضل لنمو و تطور هذه العلاقة؟ لا يستطيع الأستاذ فضل الإجابة على هذا السؤال، لأن الحزب الشيوعي لم يقدم أي دراسة أو نقد موضوعي أكتفى فقط ما تردده العامة. و هذا ليس فقط على مستوى العلاقة ( السودانية المصرية) بل في كل حقل العلاقات الدولية. و يعود السبب لآن الحزب الشيوعي لم يتعود أن يقدم أي مراجعات فكرية على التغييرات التي تطرأ في العالم ما زال عائش على الرسائل التي كانت متبادلة بين كارل ماركس و انجلز حتى الآن؛ و حتى قيادتها و العديد من عضويته لم يقرأوا الدراسات النقدية للماركسية التي قدمها مفكري و أساتذة ( معهد فرانكفورت) و التي يطلق عليها ما بعد الحداثة، و التي خضعت كل المنجز العلمي و الحضارة و الفلسفة منذ اليونان حتى اليوم للدراسة و التمحيص. و خاصة نظرية هابرماس التي تسمى ( نظرية الفعل التواصلي) أن المجتمعات التي تريد أن تحافظ على دورها الحضاري لا تقف عند نقطة تاريخية و تكرر كتابات و تحليلات كانت لها سياقاتها التاريخية. فالحزب الشيوعي لا يستطيع أن يخرج من الشرنقة التي دفن فيها نفسه إلا إذا استطاع أن يقدم مراجعات فكرية تجعله حداثيا يقدم مبادرات مفيدة للوطن و خروجه من حالة الضعف الذي يعيشها.
في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي أسس جمعية ( وادي النيل) في القاهرة بهدف دراسة العلاقة السودانية المصرية و وضعها في المسار الذي يرضي جانبين. و جمعية وادي النيل أقامت ندوة في (فندق نوفوتيل) بالقرب من مطار القاهرة تحدث فيها عدد من السياسيين و المهتمين بقضية وادي النيل من الجانبين السوداني و المصري. و أهم قضية في الحوار كان قد طرحها الدكتور حيدر إبراهيم؛ و هي خضوع ملف السودان للمخابرات المصرية و ليس لوزارة الخارجية المصرية، الأمر الذي يجعل القضية السودانية في وضع أمني لا يجعلها تتطور في المجالات الأخرى. دار الحوار و كان من المتوقع أن تتطوره العقلية السياسية السودانية و لم يحصل. لم يرفض المصريون السؤال أو التعاطي معه. و عندما تمت ندوات أخرى لم يتطرق السودانيون للقضية، رجعوا إلي ذات الأقوال المثارة عند العامة.
إذا أرادت مصر أن تجعل ملف السودان في يد المخابرات المصرية، و التعامل مع قضايا السودان مع عدد من المخبرين ذوي المعرفة المحدودة بالعلاقات الدولية، و حتى بالشأن السوداني المصري، و الغرض فقط هو جمع معلومات. أيضا هؤلاء المخبرين يكون هدفهم قبض حفنة من الجنيهات لذلك يستطيعون فبركة الأخبار و المعلومات لكي تزيد من الدفع المالي لهم. و يكون الضرر واقع على مصر و ليس السودان. أن العلاقة السودانية المصرية تحتاج أن تبنى على الندية و على الحترام المتبادل، و تحتاج إلي مراجعة حقيقية من الجانبين و خاصة السودانيين أن يخرجوا من دائرة الخضوع للشائعات و أقوال العامة.
يجب على النخبة السودانية أن تنظر للقضية بموضوعية، و أهم علاقة إستراتيجية للسودان خارجيا و أقليميا و دوليا هي مصر. على المستوى الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي و الأمني و الجيوسياسي، لكن هذه العلاقة يجب أن تخضع للنقد و البناء على مستوى المؤسسات التي تجعل قضية التنمية الأولوية. و كل بلد يختار من النظام السياسي ما يحقق رغبات شعبه دون التدخل في الشؤون الداخلية للحكم. و نحن السودانيين بدلا أن نبرر لإخطائنا يجب علينا إخضاعها للمنهج النقدي. و من أسوأ الأشياء التي قدمها الحزب الشيوعي للثقافة السياسية السودانية هي الاتهامات ( غواصات – هذا عميل أمن و غيرها من الاتهامات) حيث اعتمد في ذلك على عمل جيش جرار يسميهم ( مغفلين نافعين) يعرف الحزب الشيوعي أن هؤلاء غير مفيدين في العمل السياسي، و مقدراتهم محدودة في كل شيء، و لم يرفعهم من الواجهات التي استقطبتهم ( الجبهة الديمقراطية – اتحاد الشباب – اتحاد النساء – و غيرها من الواجهات) لقصر نظرهم و ضعف مقدراتهم، و لكنه يستفيد منهم الحزب في ( Dirty Games ) و للأسف أن ثقافتهم المتواضعة هي خلق لوث سالب في الساحة السياسية. لذلك عندما تستضيف بعض المنتديات و الحوارات بعض المعلقين و الصحفيين المصريين لا يتردد هؤلاء من إطلاق هذه الإتهامات دون تحري.
أثناء نشاط التجمع الوطني الديمقراطي في القاهرة في تسعينات القرن الماضي، و بعد اجتماع ما سمي ( اجتماع القوى الرئيس) الذي تم في اسمرا عام 1994م، لم يدعا له الحزب الشيوعي السوداني و لا القيادة الشرعية، و كان أول أجتماع تظهر فيه (قوات التحالف السودانية) بقيادة عبد العزيز خالد و اعتمد الاجتماع تعميم العمل المسلح على القوى السياسية في التجمع. كان موقف المصريين معارض للعمل المسلح و كانوا يعتقدون أن العمل المسلح ليس في مصلحة المعارضة. و الجبهة الإسلامية سوف تستفيد منه في التعبئة و الحشد، و كانوا يفضلون العمل السياسي السلمي هو الذي يستطيع أن يعرى النظام. و أيضا قالوا أن العمل المسلح سوف يمهد الطريق لتفكيك السودان. و رفضت مصر تقديم أي مساعدة تجعلها مشاركة في العمل المسلح حتى رفضت أعطاء صفحة في أي جريدة قوية لأنها تجعلها جزء من هذا العمل. و قالوا بوضوح أن أنهم لن يشاركوا في أي عمل يعتقدون سوف يؤدي في المستقبل على تفكيك السودان. و حضرت اجتماع للقيادات الاتحادية ( أحمد السيد حمد – محمد الحسن عبد يسن – محمد توفيق – حاج مضوي – فرح من السعودية) حضره من الجانب المصري اللواء عمر قناوي وكيل المخابرات و اللواء محمود عبد الخالق مسؤول ملف السودان في المخابرات في ذلك الوقت، و تحدثا باستفاضة في الاجتماع "أن العمل المسلح و قضايا تقرير المصير سوف يجعل أجندة التفكيك للدولة حاضرة في مستقبل السودان – الثاني سوف يضعف العمل السياسي لأنه سوف يأخذ الأولوية و يهمل العمل السياسي القاعدي للأحزاب السياسية السودانية التي سوف تكون مشغولة طوال الوقت عن العمل المسلح و الدعم اللوجستي لها" لم تضع القيادات السياسية السودانية هذا الحديث موضع الاعتبار. انفصل الجنوب – و الآن كل الأحزاب السودانية تاعني من ضعف سياسي هو الذي أدى إلي فشل الأربعة سنوات بعد الثورة المجيدة.
أن واحدة من إشكاليات الحزب الشيوعي الذي لم يتعرض لها الأستاذ فتحي فضل، أنه لم يراجع أقواله و يستعين باراء العامة، في أهم القضايا التي تحتاج لدراسة و تمعن. الأمر الذي يؤكد أن هذا الحزب التاريخي الذي سجلت عضوية أرقي انواع النضال في حاجة لتغيير في العقلية التي تتولى قيادة الحزب. الحزب الشيوعي في حاجة لمفكريين قادرين على الإنتاج الفكري الذي يقود للتغيير الاجتماعي و السياسي و الثقافي. دون ذلك سوف يكون على هامش العمل السياسي كما هو الآن.
zainsalih@hotmail.com
/////////////////////////
قال الأستاذ فتحي فضل عن الدور المصري في السودان " أن الدور المصري في السودان منذ عهد الخديوي هو أن السودان شيء خلفي، و جزء لا يتجزأ منها، لكن جزء ثانوي، و هذا مستمر منذ ذلك العهد و حتى الآن و كل الحكومات المصرية تنظر للسودان هذه النظرة، و بالتالي العلاقات فيها الرسمي الذي تحاول فيه الحكومة السيطرة على بلدنا و قرارنا السياسي و مصادرة قرارنا المستقل بالتدخل الفظ و الفج في الشؤون الداخلية في السودان و تنجح الأنظمة المصرية دائما في مساعيها عندما تكون هناك حكومة ديكتاتورية و ضعيفة و هي التي حكمت السودان لأغلب الوقت بعد الاستقلال" إذا تمعنا في هذا القول بموضوعية و سألنا الأستاذ فضل أين يكمن الخلل في دولة ساعية لمصالحها أم دولة لا تعرف مصالحها و مصالح شعبها؟
الغريب في الأمر في ختام حديث الأستاذ فضل أرجع سبب سلبية العلاقة بين البلدين كله للحكومات السودانية الديكتاتورية و الضعيفة التي حكمت بعد الاستقلال. هل كان يعتقد الأستاذ فضل: أن تتدخل مصر في الشأن الداخلي السوداني و تشكل له حكومات ديمقراطية و قوية، و بعد ما تتأكد من ذلك تقيم مع السودان علاقات. يا أستاذ فضل ألدولة و تطورها و نموها و استقرارها الاجتماعي و السياسي هو الذي يحدد دورها الخارجي، و الدور الذي تلعبه في محيطها الإقليمي و الدولي، و الدولة من خلال حكوماتها تستطيع أن تحدد مستوى العلاقة مع الدول الأخرى. إذا اقتنعنا افتراضا كل ما ذكرته، تمارسه مصر تجاه السودان منذ الاستقلال حتى الآن. ما هو دور السودان لكي يجعل العلاقة تسير في المسار الذي يعتقده هو الأفضل لنمو و تطور هذه العلاقة؟ لا يستطيع الأستاذ فضل الإجابة على هذا السؤال، لأن الحزب الشيوعي لم يقدم أي دراسة أو نقد موضوعي أكتفى فقط ما تردده العامة. و هذا ليس فقط على مستوى العلاقة ( السودانية المصرية) بل في كل حقل العلاقات الدولية. و يعود السبب لآن الحزب الشيوعي لم يتعود أن يقدم أي مراجعات فكرية على التغييرات التي تطرأ في العالم ما زال عائش على الرسائل التي كانت متبادلة بين كارل ماركس و انجلز حتى الآن؛ و حتى قيادتها و العديد من عضويته لم يقرأوا الدراسات النقدية للماركسية التي قدمها مفكري و أساتذة ( معهد فرانكفورت) و التي يطلق عليها ما بعد الحداثة، و التي خضعت كل المنجز العلمي و الحضارة و الفلسفة منذ اليونان حتى اليوم للدراسة و التمحيص. و خاصة نظرية هابرماس التي تسمى ( نظرية الفعل التواصلي) أن المجتمعات التي تريد أن تحافظ على دورها الحضاري لا تقف عند نقطة تاريخية و تكرر كتابات و تحليلات كانت لها سياقاتها التاريخية. فالحزب الشيوعي لا يستطيع أن يخرج من الشرنقة التي دفن فيها نفسه إلا إذا استطاع أن يقدم مراجعات فكرية تجعله حداثيا يقدم مبادرات مفيدة للوطن و خروجه من حالة الضعف الذي يعيشها.
في النصف الأول من تسعينيات القرن الماضي أسس جمعية ( وادي النيل) في القاهرة بهدف دراسة العلاقة السودانية المصرية و وضعها في المسار الذي يرضي جانبين. و جمعية وادي النيل أقامت ندوة في (فندق نوفوتيل) بالقرب من مطار القاهرة تحدث فيها عدد من السياسيين و المهتمين بقضية وادي النيل من الجانبين السوداني و المصري. و أهم قضية في الحوار كان قد طرحها الدكتور حيدر إبراهيم؛ و هي خضوع ملف السودان للمخابرات المصرية و ليس لوزارة الخارجية المصرية، الأمر الذي يجعل القضية السودانية في وضع أمني لا يجعلها تتطور في المجالات الأخرى. دار الحوار و كان من المتوقع أن تتطوره العقلية السياسية السودانية و لم يحصل. لم يرفض المصريون السؤال أو التعاطي معه. و عندما تمت ندوات أخرى لم يتطرق السودانيون للقضية، رجعوا إلي ذات الأقوال المثارة عند العامة.
إذا أرادت مصر أن تجعل ملف السودان في يد المخابرات المصرية، و التعامل مع قضايا السودان مع عدد من المخبرين ذوي المعرفة المحدودة بالعلاقات الدولية، و حتى بالشأن السوداني المصري، و الغرض فقط هو جمع معلومات. أيضا هؤلاء المخبرين يكون هدفهم قبض حفنة من الجنيهات لذلك يستطيعون فبركة الأخبار و المعلومات لكي تزيد من الدفع المالي لهم. و يكون الضرر واقع على مصر و ليس السودان. أن العلاقة السودانية المصرية تحتاج أن تبنى على الندية و على الحترام المتبادل، و تحتاج إلي مراجعة حقيقية من الجانبين و خاصة السودانيين أن يخرجوا من دائرة الخضوع للشائعات و أقوال العامة.
يجب على النخبة السودانية أن تنظر للقضية بموضوعية، و أهم علاقة إستراتيجية للسودان خارجيا و أقليميا و دوليا هي مصر. على المستوى الاجتماعي و الاقتصادي و السياسي و الأمني و الجيوسياسي، لكن هذه العلاقة يجب أن تخضع للنقد و البناء على مستوى المؤسسات التي تجعل قضية التنمية الأولوية. و كل بلد يختار من النظام السياسي ما يحقق رغبات شعبه دون التدخل في الشؤون الداخلية للحكم. و نحن السودانيين بدلا أن نبرر لإخطائنا يجب علينا إخضاعها للمنهج النقدي. و من أسوأ الأشياء التي قدمها الحزب الشيوعي للثقافة السياسية السودانية هي الاتهامات ( غواصات – هذا عميل أمن و غيرها من الاتهامات) حيث اعتمد في ذلك على عمل جيش جرار يسميهم ( مغفلين نافعين) يعرف الحزب الشيوعي أن هؤلاء غير مفيدين في العمل السياسي، و مقدراتهم محدودة في كل شيء، و لم يرفعهم من الواجهات التي استقطبتهم ( الجبهة الديمقراطية – اتحاد الشباب – اتحاد النساء – و غيرها من الواجهات) لقصر نظرهم و ضعف مقدراتهم، و لكنه يستفيد منهم الحزب في ( Dirty Games ) و للأسف أن ثقافتهم المتواضعة هي خلق لوث سالب في الساحة السياسية. لذلك عندما تستضيف بعض المنتديات و الحوارات بعض المعلقين و الصحفيين المصريين لا يتردد هؤلاء من إطلاق هذه الإتهامات دون تحري.
أثناء نشاط التجمع الوطني الديمقراطي في القاهرة في تسعينات القرن الماضي، و بعد اجتماع ما سمي ( اجتماع القوى الرئيس) الذي تم في اسمرا عام 1994م، لم يدعا له الحزب الشيوعي السوداني و لا القيادة الشرعية، و كان أول أجتماع تظهر فيه (قوات التحالف السودانية) بقيادة عبد العزيز خالد و اعتمد الاجتماع تعميم العمل المسلح على القوى السياسية في التجمع. كان موقف المصريين معارض للعمل المسلح و كانوا يعتقدون أن العمل المسلح ليس في مصلحة المعارضة. و الجبهة الإسلامية سوف تستفيد منه في التعبئة و الحشد، و كانوا يفضلون العمل السياسي السلمي هو الذي يستطيع أن يعرى النظام. و أيضا قالوا أن العمل المسلح سوف يمهد الطريق لتفكيك السودان. و رفضت مصر تقديم أي مساعدة تجعلها مشاركة في العمل المسلح حتى رفضت أعطاء صفحة في أي جريدة قوية لأنها تجعلها جزء من هذا العمل. و قالوا بوضوح أن أنهم لن يشاركوا في أي عمل يعتقدون سوف يؤدي في المستقبل على تفكيك السودان. و حضرت اجتماع للقيادات الاتحادية ( أحمد السيد حمد – محمد الحسن عبد يسن – محمد توفيق – حاج مضوي – فرح من السعودية) حضره من الجانب المصري اللواء عمر قناوي وكيل المخابرات و اللواء محمود عبد الخالق مسؤول ملف السودان في المخابرات في ذلك الوقت، و تحدثا باستفاضة في الاجتماع "أن العمل المسلح و قضايا تقرير المصير سوف يجعل أجندة التفكيك للدولة حاضرة في مستقبل السودان – الثاني سوف يضعف العمل السياسي لأنه سوف يأخذ الأولوية و يهمل العمل السياسي القاعدي للأحزاب السياسية السودانية التي سوف تكون مشغولة طوال الوقت عن العمل المسلح و الدعم اللوجستي لها" لم تضع القيادات السياسية السودانية هذا الحديث موضع الاعتبار. انفصل الجنوب – و الآن كل الأحزاب السودانية تاعني من ضعف سياسي هو الذي أدى إلي فشل الأربعة سنوات بعد الثورة المجيدة.
أن واحدة من إشكاليات الحزب الشيوعي الذي لم يتعرض لها الأستاذ فتحي فضل، أنه لم يراجع أقواله و يستعين باراء العامة، في أهم القضايا التي تحتاج لدراسة و تمعن. الأمر الذي يؤكد أن هذا الحزب التاريخي الذي سجلت عضوية أرقي انواع النضال في حاجة لتغيير في العقلية التي تتولى قيادة الحزب. الحزب الشيوعي في حاجة لمفكريين قادرين على الإنتاج الفكري الذي يقود للتغيير الاجتماعي و السياسي و الثقافي. دون ذلك سوف يكون على هامش العمل السياسي كما هو الآن.
zainsalih@hotmail.com
/////////////////////////