كيف بثت الحرية والتغيير معلومات مضللة حول ديون السودان؟
عبد الحميد أحمد محمد
8 March, 2023
8 March, 2023
قال متحدث باسم قوى الحرية والتغيير: "إنّ التحالف تمكّن من خفض ديون السودان إلى 6 مليارات دولار خلال عامين حينما تسنم السلطة في الفترة الانتقالية، أغسطس 2019 – أكتوبر 2021."
وأكّد جعفر حسن في كلمة ألقاها خلال فعالية سياسة بمدينة ربك، السبت 18 فبراير 2023: "إنّ ديون السودان وصلت خلال حكم البشير إلى 64 مليار دولار لم تسخّر في التنمية، وإنما استولى عليها عمر البشير وأعوانه، فيما نجحت قوى الحرية والتغيير في خفضها إلى 6 مليارات"
ما أهمية الأمر: كانت تلك معلومات مضللة، تتعارض مع البيانات الرسمية الصادرة عن بنك السودان بشأن الدين الخارجي.
أورد أحدث تقرير صادر عن بنك السودان المركزي حول "وضع الدين الخارجي للسودان" من إعداد وحدة الدين الخارجي يوليو 2022: "إنّ الدين الخارجي حتى تاريخ 30/6/2022 بلغ 64156 مليون دولار أمريكي، مع انخفاض بنحو 17% عن ذات التاريخ من العام 2021"
وأوضح التقرير أنّ الانخفاض يعزى على نحوٍ رئيسي لتسوية متأخرات صندوق النقد الدولي، والمؤسسة الدولية للتنمية (ADB&ADF) إلى جانب إعفاء ديون نادي باريس.
وقال البنك المركزي: "إن تحليل محفظة الديون للربع الثاني من العام 2022 أظهر أنّ نسبة 58% من الدين الخارجي عبارة عن متأخرات فوائد، ويرجع ذلك بالأساس للاقتراض غير الميسّر وضعف السداد"
كم كان أصل دين السودان وكيف ربا أضعافاً مضاعفة؟
أكّد الكاتب والمحلل الاقتصادي د. خالد التجاني: "إنّ أصل الدين الخارجي لمؤسسات التمويل الدولية شاملاً الفوائد التعاقدية والتأخيرية هو 5.7 مليارات دولار حيث ظلت الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال تقترض دون أن توفي بسداد مديونياتها، وهو ما أدى لأن تربو تلك الديون أضعافاً مضاعفة، حيث بلغت حتى نهاية العام 2018، نحو 49.9 مليار دولار، وإجمالي الدين لنادي باريس 15.7 مليار دولار وأصل ديونها هي 3.2 مليارات دولار"
وأضاف: "لقد تمّ طرد السودان من صندوق النقد الدولي منذ عهد الديمقراطية الثالثة وبالتالي لم يستطع نظام الإنقاذ الحصول على قروض من صندوق النقد الدولي."
وأشار التجاني إلى أنّ السودان في لحظة انفصال الجنوب حصل على وعود في إطار تسوية تركة السودان من الديون بأن يتم إعفاء كامل ديونه خلال عامين من الانفصال من خلال إدخاله مبادرة هيبك وهو ما لم يحدث.
وكان الرئيس المعزول عمر البشير قد اشتكى في تصريحات شهيرة العام 2016 من منع السودان من الدخول إلى مبادرة هيبك، بالرغم من أنّ النظام على مدار عهده قام بالإجراءات التي تؤهله لذلك أكثر من عشر مرات.
وقال التجاني: "إنّ حكومة البشير ظلت تبعث في كل عام وفداً بقيادة وزير المالية لبحث الديون في اجتماعات صندوق النقد الدولي، وتظل أيضاً الإجابة حاضرة في أضابير الصندوق بأن السودان متقدم من الناحية الفنية، ولكن ما لم يطبع مع أمريكا لن يصل لحل بشأن الدين الخارجي لأن الولايات المتحدة لديها (فيتو) باعتبارها صاحبة المساهمة الأكبر في هذه المؤسسات وبدا واضحاً وأنّ الأمر يرتبط برفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب"
تطبيع العلاقات مع أمريكا المدخل لإلغاء الديون
أحدثت حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك 2019 -2021 اختراقاً كبيراً في هذا الملف بالوصول لنقطة القرار الخاصة بالدول الفقيرة المثقلة بالديون، (HIPC)، وأضحت قاب قوسين أو أدنى من الحصول على إعفاء لكامل الديون التي ربت إلى 77.2 مليار دولار، لو لا أن قطع الانقلاب العسكري في أكتوبر 2021 الطريق عليها.
واستطاع حمدوك أن ينجز تطبيع العلاقات مع أميركا، وصرّح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في ديسمبر 2019، أن الولايات المتحدة والسودان سيبدآن تبادل السفراء بعد 23 عاماً من القطيعة، وفي 26 مارس 2021، قالت الولايات المتحدة أنّها ستقدم مساعدات مالية تقدر بنحو مليار دولار للمساهمة في سداد متأخرات مستحقة على السودان للبنك الدولي.
كيف سبقت العقوبات الأمريكية تفجير سفارتيها في أفريقيا؟
قال المتحدث باسم الحريّة والتغيير أثناء ذات المخاطبة السياسية بمدينة ربك: "إنّ نظام البشير أدخل البلاد في مأزق "بتفجيرهم" للمدمرة كول و"تفجيرهم" لسفارتي أمريكا في كلٍ من كينيا و(يوغندا) وبموجب ذلك تم وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب"
وكان تنظيم القاعدة قد قام في العام 1998 بتفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام عاصمة تنزانيا، كما قام بمهاجمة المدمرة الأمريكية "كول" بخليج عدن في العام 2000.
يذهب المحللون الاقتصاديون إلى أنّ وزارة الخارجية الأمريكية، أدرجت السودان بقائمة الدول الراعية للإرهاب، في 12 أغسطس 1993، رداً على استضافته زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وحمل ذلك الإجراء نذر الحصار الاقتصادي الأمريكي على السودان، الذي بدأت إرهاصاته، منذئذٍ تلوح في الأفق.
يشير الصحافي والمحلل الاقتصادي سنهوري عيسى للقرار التنفيذي الذي أصدرته إدارة الرئيس بيل كلينتون، في نوفمبر من العام 1997 وقضى بفرض عقوبات ماليّة وتجارية على السودان، وتم بموجب ذلك تجميد الأصول المالية السودانية، ومنع تصدير التكنولوجيا الأميركية إلى الخرطوم، وألزمت الشركات الأمريكية والمواطنين الأميركيين، بعدم الاستثمار والتعاون الاقتصادي مع السودان."
وقال سنهوري: "بدأت الإجراءات الأمريكية في مراحلها الأولى تلك أحادية، لم تتبعها قطيعة شاملة مع السودان من جانب الغرب ومؤسساته المالية، وهو ما أتاح لنظام الإنقاذ أن يحدث اختراقاً في العام 1998 إذ عقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي أتاح له خدمة ديون السودان من خلال دفع مبلغ 5 ملايين دولار شهرياً ومنح السودان مقابل ذلك شهادة صلاحية وهو ما فتح الطريق أمام الصناديق العربية لتمويل بعض المشاريع في السودان كما كانت تلك الخطوة مهاداً لعقد شراكات اقتصادية مع الصين.
تمسّك المتحدّث باسم الحرية والتغيير بصحة المعلومات التي أدلى بها خلال مخاطبة سياسية وأكّد أنّه يستند إلى "الوثيقة المعززة من مبادرة هيبك الخاصة بالسودان عند وصوله لنقطة اتخاذ القرار الصادرة في يونيو 2021"
وقال جعفر حسن في كلمة لاحقة بمنبر طيبة برس 24 فبراير 2023: " في النهاية كنا سنصل لإعفاء نسبة 75% من الدين بشكل نهائي وكانت ستستمر عمليات الإعفاء وكنا سنصل لنقطة ألا يتجاوز الدين 150% من الناتج القومي، كان يجب أن يحدث ذلك في العام 2024."
واستطرد: "إنّ الناتج القومي يعادل 4 مليارات وبهذا تكون نسبة 150% هي 6 مليارات وهو ما ذكرته في ندوة ربك ولا زلت أصر على ذلك."
وأشار إلى أنّ أهم ما جاء في الوثيقة: أن الدائنين على السودان وأهمهم نادي باريس لديه 42% من الدين ما يعادل 23.7 مليار، الدائنين خارج نادي باريس لديهم 36% بما يعادل 20.3 مليار، وأن "حكومة قحط –وفق تعبيره- اشتغلت على إعفاء الدين إلى أن وصلت مع نادي باريس لإعفاء 64% من الدين، كما تفاوضت مع غيرهم من الصناديق"
وتغاضى المتحدث باسم الحرية والتغيير عن إيراد أيما إشارة لتقرير البنك المركزي الذي أثبت أن انخفاض الدين العام حتى يوليو 2022 كان بنحو 17% فقط عن ذات التاريخ من العام 2021.
hameed506@gmail.com
وأكّد جعفر حسن في كلمة ألقاها خلال فعالية سياسة بمدينة ربك، السبت 18 فبراير 2023: "إنّ ديون السودان وصلت خلال حكم البشير إلى 64 مليار دولار لم تسخّر في التنمية، وإنما استولى عليها عمر البشير وأعوانه، فيما نجحت قوى الحرية والتغيير في خفضها إلى 6 مليارات"
ما أهمية الأمر: كانت تلك معلومات مضللة، تتعارض مع البيانات الرسمية الصادرة عن بنك السودان بشأن الدين الخارجي.
أورد أحدث تقرير صادر عن بنك السودان المركزي حول "وضع الدين الخارجي للسودان" من إعداد وحدة الدين الخارجي يوليو 2022: "إنّ الدين الخارجي حتى تاريخ 30/6/2022 بلغ 64156 مليون دولار أمريكي، مع انخفاض بنحو 17% عن ذات التاريخ من العام 2021"
وأوضح التقرير أنّ الانخفاض يعزى على نحوٍ رئيسي لتسوية متأخرات صندوق النقد الدولي، والمؤسسة الدولية للتنمية (ADB&ADF) إلى جانب إعفاء ديون نادي باريس.
وقال البنك المركزي: "إن تحليل محفظة الديون للربع الثاني من العام 2022 أظهر أنّ نسبة 58% من الدين الخارجي عبارة عن متأخرات فوائد، ويرجع ذلك بالأساس للاقتراض غير الميسّر وضعف السداد"
كم كان أصل دين السودان وكيف ربا أضعافاً مضاعفة؟
أكّد الكاتب والمحلل الاقتصادي د. خالد التجاني: "إنّ أصل الدين الخارجي لمؤسسات التمويل الدولية شاملاً الفوائد التعاقدية والتأخيرية هو 5.7 مليارات دولار حيث ظلت الحكومات المتعاقبة منذ الاستقلال تقترض دون أن توفي بسداد مديونياتها، وهو ما أدى لأن تربو تلك الديون أضعافاً مضاعفة، حيث بلغت حتى نهاية العام 2018، نحو 49.9 مليار دولار، وإجمالي الدين لنادي باريس 15.7 مليار دولار وأصل ديونها هي 3.2 مليارات دولار"
وأضاف: "لقد تمّ طرد السودان من صندوق النقد الدولي منذ عهد الديمقراطية الثالثة وبالتالي لم يستطع نظام الإنقاذ الحصول على قروض من صندوق النقد الدولي."
وأشار التجاني إلى أنّ السودان في لحظة انفصال الجنوب حصل على وعود في إطار تسوية تركة السودان من الديون بأن يتم إعفاء كامل ديونه خلال عامين من الانفصال من خلال إدخاله مبادرة هيبك وهو ما لم يحدث.
وكان الرئيس المعزول عمر البشير قد اشتكى في تصريحات شهيرة العام 2016 من منع السودان من الدخول إلى مبادرة هيبك، بالرغم من أنّ النظام على مدار عهده قام بالإجراءات التي تؤهله لذلك أكثر من عشر مرات.
وقال التجاني: "إنّ حكومة البشير ظلت تبعث في كل عام وفداً بقيادة وزير المالية لبحث الديون في اجتماعات صندوق النقد الدولي، وتظل أيضاً الإجابة حاضرة في أضابير الصندوق بأن السودان متقدم من الناحية الفنية، ولكن ما لم يطبع مع أمريكا لن يصل لحل بشأن الدين الخارجي لأن الولايات المتحدة لديها (فيتو) باعتبارها صاحبة المساهمة الأكبر في هذه المؤسسات وبدا واضحاً وأنّ الأمر يرتبط برفع اسم السودان من لائحة الدول الراعية للإرهاب"
تطبيع العلاقات مع أمريكا المدخل لإلغاء الديون
أحدثت حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك 2019 -2021 اختراقاً كبيراً في هذا الملف بالوصول لنقطة القرار الخاصة بالدول الفقيرة المثقلة بالديون، (HIPC)، وأضحت قاب قوسين أو أدنى من الحصول على إعفاء لكامل الديون التي ربت إلى 77.2 مليار دولار، لو لا أن قطع الانقلاب العسكري في أكتوبر 2021 الطريق عليها.
واستطاع حمدوك أن ينجز تطبيع العلاقات مع أميركا، وصرّح وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في ديسمبر 2019، أن الولايات المتحدة والسودان سيبدآن تبادل السفراء بعد 23 عاماً من القطيعة، وفي 26 مارس 2021، قالت الولايات المتحدة أنّها ستقدم مساعدات مالية تقدر بنحو مليار دولار للمساهمة في سداد متأخرات مستحقة على السودان للبنك الدولي.
كيف سبقت العقوبات الأمريكية تفجير سفارتيها في أفريقيا؟
قال المتحدث باسم الحريّة والتغيير أثناء ذات المخاطبة السياسية بمدينة ربك: "إنّ نظام البشير أدخل البلاد في مأزق "بتفجيرهم" للمدمرة كول و"تفجيرهم" لسفارتي أمريكا في كلٍ من كينيا و(يوغندا) وبموجب ذلك تم وضع السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب"
وكان تنظيم القاعدة قد قام في العام 1998 بتفجير السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام عاصمة تنزانيا، كما قام بمهاجمة المدمرة الأمريكية "كول" بخليج عدن في العام 2000.
يذهب المحللون الاقتصاديون إلى أنّ وزارة الخارجية الأمريكية، أدرجت السودان بقائمة الدول الراعية للإرهاب، في 12 أغسطس 1993، رداً على استضافته زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، وحمل ذلك الإجراء نذر الحصار الاقتصادي الأمريكي على السودان، الذي بدأت إرهاصاته، منذئذٍ تلوح في الأفق.
يشير الصحافي والمحلل الاقتصادي سنهوري عيسى للقرار التنفيذي الذي أصدرته إدارة الرئيس بيل كلينتون، في نوفمبر من العام 1997 وقضى بفرض عقوبات ماليّة وتجارية على السودان، وتم بموجب ذلك تجميد الأصول المالية السودانية، ومنع تصدير التكنولوجيا الأميركية إلى الخرطوم، وألزمت الشركات الأمريكية والمواطنين الأميركيين، بعدم الاستثمار والتعاون الاقتصادي مع السودان."
وقال سنهوري: "بدأت الإجراءات الأمريكية في مراحلها الأولى تلك أحادية، لم تتبعها قطيعة شاملة مع السودان من جانب الغرب ومؤسساته المالية، وهو ما أتاح لنظام الإنقاذ أن يحدث اختراقاً في العام 1998 إذ عقد اتفاق مع صندوق النقد الدولي أتاح له خدمة ديون السودان من خلال دفع مبلغ 5 ملايين دولار شهرياً ومنح السودان مقابل ذلك شهادة صلاحية وهو ما فتح الطريق أمام الصناديق العربية لتمويل بعض المشاريع في السودان كما كانت تلك الخطوة مهاداً لعقد شراكات اقتصادية مع الصين.
تمسّك المتحدّث باسم الحرية والتغيير بصحة المعلومات التي أدلى بها خلال مخاطبة سياسية وأكّد أنّه يستند إلى "الوثيقة المعززة من مبادرة هيبك الخاصة بالسودان عند وصوله لنقطة اتخاذ القرار الصادرة في يونيو 2021"
وقال جعفر حسن في كلمة لاحقة بمنبر طيبة برس 24 فبراير 2023: " في النهاية كنا سنصل لإعفاء نسبة 75% من الدين بشكل نهائي وكانت ستستمر عمليات الإعفاء وكنا سنصل لنقطة ألا يتجاوز الدين 150% من الناتج القومي، كان يجب أن يحدث ذلك في العام 2024."
واستطرد: "إنّ الناتج القومي يعادل 4 مليارات وبهذا تكون نسبة 150% هي 6 مليارات وهو ما ذكرته في ندوة ربك ولا زلت أصر على ذلك."
وأشار إلى أنّ أهم ما جاء في الوثيقة: أن الدائنين على السودان وأهمهم نادي باريس لديه 42% من الدين ما يعادل 23.7 مليار، الدائنين خارج نادي باريس لديهم 36% بما يعادل 20.3 مليار، وأن "حكومة قحط –وفق تعبيره- اشتغلت على إعفاء الدين إلى أن وصلت مع نادي باريس لإعفاء 64% من الدين، كما تفاوضت مع غيرهم من الصناديق"
وتغاضى المتحدث باسم الحرية والتغيير عن إيراد أيما إشارة لتقرير البنك المركزي الذي أثبت أن انخفاض الدين العام حتى يوليو 2022 كان بنحو 17% فقط عن ذات التاريخ من العام 2021.
hameed506@gmail.com