عن الشيخ مبارك قسم الله ومنبر السلام (العادل) وهذا الزمان البئيس ! … بقلم: عبد الحميد أحمد محمد

 


 

 

hameed506@gmail.com

 

(حتى الشيخ (مبارك قسم الله) نال منه هذا الزمان البئيس!)

 

·   الشيخ مبارك قسم الله كان يخرج يوماً من أحد إجتماعات شورى الحركة الإسلامية باكياً. وأحدهم يهمس لنا: إن ما لقيه الشيخ مبارك قسم الله (يهرد المصارين).. وآخر يقول إن مبارك قسم الله قتلته الحسرة. ومنذ خروجه باكياً من ذلك الإجتماع لم يذق العافية.. ومات.

 

·   والشيخ المبارك بحسه الدقيق يعلم أن تحولاً ضخماً قد طرأ على الخريطة الوراثية للإسلاميين وأن ثمة (جينات) جديدة (شائهة) قد ضربت تلك السلالة الصالحة وبدأت عملية التغير.

 

·        مبارك كان يعلم أن التغير لن يصيب الأجيال القادمة فقط وإنما سيحور الأجيال الحاضرة كذلك.

 

·   والشهيد علي عبد الفتاح كان يخرج من رحم الحركة الإسلامية معافى. ولكن (آخرين) قريبون من جيل مبارك ولهم من الأعمار ما يفوق عمر علي عبد الفتاح مرة ومرتان يصيبهم (فايروس) التشوه هذا.

 

·   وإن نحن مضينا في المقارنة بين هؤلاء و(الشهيد علي) – الذي يصلح أن يكون تلميذاً على أصغرهم عمراً- ذكرنا قصة مدير جامعة الجزيرة الذي كان يتعصب لمدرسة حنتوب

 

·   وفي إحدى زياراته لها أوائل التسعينات (البروف) كان يقول للطلاب وفي حضور أساتذتهم: (بكل الصدق أتمنى أن يرتقي الأستاذ في حنتوب لمستوى الطالب.) والأساتذة يمتعضون ولكن (البروف) لا يأبه.

 

·   والمقارنة الصغيرة تقودنا لأولئك النفر من عصبة (منبر السلام العادل) الذين يشرعون يهدمون كل ثراث مبارك قسم الله. ولا يأبهون يقودهم غضب على الجنوب وحزن وعويل...

 

·   ووجه المقارنة أن علي عبد الفتاح في أحراش الإستوائية وبين (أمبي)، (مقوي) و(فرجوك) كان يواري الثرى (أبا الحسن) و(خليفة حارن) و(فضل المرجي) الذي يحب وطابوراً بالمئات من إخوانه وأحبائه. ثم يغضب غضبة ما غضبها من قبل حينما يسمع بعضهم يهمس بأن المصاب  والهزائم لأمر لا يرضاه الله " لعلنا على غير هدى." وعلى كان يرفع قبضته إلى السماء ويقسم (والله لو أوصلونا حتى (سوبا) ما علمنا إلا أننا على الحق وانهم على الباطل).. ولو تحيّز علي يومها (لدنقلا) لكانت له فئة. ولكنه يصمد ويقاتل وينتصر ولا يتنازل عن شبر دفن فيه شهيداً.

 

·   ومن يهدمون تراث مبارك قسم الله اليوم تأسرهم قضية تجاوزها علي عبد الفتاح منذ ثلاثة عشر عام بدينه المتين وقرآن الفجر.. وعلي كان يقرأ القرآن ويعلم أن في الناس من إذا أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله. والشهيد علي كان يفتنه تمرد الحركة الشعبية بقتل أحبابه واحداً واحداً فلا ينكسر ولا يلين حتى سوبا.

 

·   ولكن من تصيبهم (الفايروسات) التي رآها مبارك قسم الله ما أن يفتنون بواحدة حتى ينكصون على عقبيهم ويرتدون ينسفون كل الجسور التي بناها (مبارك) مع الجنوب والجنوبيين وينقضون غزله عروة عروة من بعد قوة أنكاثا. ويقيمون السدود ويفتشون عن حدود جديدة، يخشون أن تصيبهم دائرة.

 

·   وقصة علي عبد الفتاح تشتبك بقصة مبارك قسم الله وكلاهما يجوب جنوب السودان بالدعوة والحق والخير لا يصدهم نصب ولا رهق ولا يقنعون بالجنوب بل تمتد أعينهم نحو العمق الأفريقي.. ومبارك حين يبدأ فيؤسس أضخم منظمة للدعوة الإسلامية إنما يفتح بها ما استغلق من أبواب الجنوب السوداني ويتوغل نحو بلاد أفريقيا السوداء.

 

·   ومنظمة الدعوة الإسلامية كانت تبدأ في السبعينات من مبارك قسم الله.. ثم مكتب صغير (بعمارة الضرائب بالخرطوم) ثم ينتبه لها أمن النميري.. وأحد أفراد أمن دولة نميري كان يقتحم على الشيخ مبارك قسم الله مكتبه الصغير ويأخذه لأول إعتقال بسبب منظمته المخيفة وضابط الأمن كان اسمه (عبد الجليل ريفا) أول من حاول إعاقة (مشروع مبارك قسم الله) و(ريفا) هذا (يجرجر) الشيخ أياماً في التحقيق والسؤال.. ماذا تريد ومن تريد وأي دعوة وأي إسلام.!؟

 

·   ومبارك يصبر ويحتسب ويصل مع (أمن مايو قريب العهد بالشيوعية) إلى تسوية. أن يعمل تحت نظرهم ومراقبتهم فليس لديه ما يدسه أو يخشى عليه إنما هي الدعوة والإسلام. ومبارك يعبر بمشروعه ويتخطّى مايو وأمنها. وتسقط مايو وتقوم (الدعوة الإسلامية) منارةً يأوى إليها التائهون في ظلمات إفريقيا هداية ورحمة ومبارك سعيد بطريقه المحفوف بالشوك والقذى الذي هو خير له من حمر النعم.

 

·   ومئات الحكايات كلها تروى صلات مبارك قسم الله بالجنوب همه الدعوة الدعوة.. والناس هناك إذ تحبه تحب الإسلام الذي أدبه فأحسن تأديبه وآلاف الجنوبيون تجتذبهم القدوة الحسنة التي يجسدها الشيخ فيدخلون في دين الله افواجا..وثلاثون عاماً تمضي ثم..

 

·   محاولة ضابط الأمن (ريفا) منذ أكثر من ثلاثين عاماً لهدم مشروع مبارك تظل تبرق ناراً من تحت الرماد تتحين فرصة لضرام يلتهم المشروع وفجأة يبرز اسم (ريفا) من جديد وقد غيّر معوله من أمن مايو لمنبر آخر هو (منبر السلام العادل) والراية تنتصب من جديد تلعن كل ما بنى مبارك وشاد، وصورة الداعية السمح الذي يسعى بين أحراش الجنوب بالخير والدعوة الإسلامية تتراكم عليها أوضار الآلة الإعلامية الفاجرة الخصومة، ومحاولات جادة كلها تعمل على أن ينسى الناس هناك مبارك ويقطعون أواصره ويهدمون جسوره (الناس هناك بغض النظرعن من يحكمهم اليوم أو من يرفع السلاح بينهم بالأمس) كانوا إذا خافوا هرعوا إلى الدعوة الإسلامية وإذا جاعوا وإذا عطشوا وإن يعرون يتدثرون لباس التقوى من معهد مبارك قسم الله.

 

·   وبعد حملات النفير والتنفير نزور مدينة (واو) فإذا منظمة الدعوة الإسلامية قاعاً صفصفا لا ترى له عوجاً ولا أمتا. وإذا مدارسها ومراكزها الصحية أثراً بعد عين، وإذا الناس هنالك ينسون مبارك قسم الله ويذكرون (الطيب) مصطفي و(أنتباهته في زمن الغفلة)

 

·   والفراغ الذي تخلفه منظمة الدعوة الإسلامية تملأه المنظمات الكنسية والصليبية وبينما ينحسر الإسلام تتمدد المسيحية وكل داعية يحزم متاعه نحو الشمال يحل محله مبشر وقسيس وكل نقص في المصاحف تقابله زيادة من نسخ الإنجيل. غير أن الأدهى هو أن شعوباً من الأفارقة المتاخمون كانوا ينتظرون أن تصل إليهم الجذوة التي خلفها مبارك أمانة بين أيدينا فلا تصلهم حين قام (منبر السلام) ينفخ فيها يريدون أن يطفئوها بأفواههم

 

·   والصفوف اليوم تتمايز فرقاناً بين مبارك قسم الله والشهيد علي عبد الفتاح والشهيد عبد السلام سليمان والدعوة الإسلامية من جانب و(ريفا) - ضابط أمن مايو السابق والناشط في منبر السلام العادل اليوم - والطيب مصطفى ومنبره من جانب آخر.

 ·        ونواصل إن أسعفنا العمر.

 

آراء