الانتخابات التركية وانعكاساتها على السودان
زين العابدين صالح عبد الرحمن
16 May, 2023
16 May, 2023
قال الرئيس التركي طيب رجب أوردغان زعيم حزب (العدالة و التنمية) عقب إنتهاء الفرز و حصوله على نسبة 49.50% من الأصوات. قال " أن تركيا قد أكدت مرتين إيمانها بتعضيد النظام الديمقراطي في البلاد" و هي إشارة عند خروج الشعب التركي يدافع عن ديمقراطيته في 15 يوليو 2016 م تحديا قيادات الانقلاب. و الثاني الانتخابات الأخيرة التي تكتلت فيها أحزاب المعارضة في تحالف واحد ( تحالف الشعب) بقيادة كمال كليجدارأوغلو رئيس حزب ( الشعب الجمهوري) و هو حزب كمال أتاتورك زعيم العلمنية التركية الذي كان قد اسقطت الخلافة الإسلامية في 1924م، فالانتخابات الأخير رغم اتساع الحشد فيها من الجانبين حيث بلغ عدد الذين صوتوا في الانتخابات أكثر 56 مليون بنسبة 90% من الذين يحق لهم التصويت. أن تركيا رغم الصراع السياسي الحاد الذي كان دائرا بين الإسلاميين و العلمانيين، و تمت حل أحزاب الإسلاميين عدة مرات، إلا أن النخبة السياسية التركية من الجانبين و صلت لقناعة ليس هناك خيارا أفضل من الديمقراطية، و أعطاء الشعب حق أختيار قيادته بالطرق السلمية عبر طريق صناديق الاقتراع.
أن النخبة التركية بكل تياراتها الفكرية وصلت لقناعة، بعد التدخل الذي كانت تقوم به قيادة الجيش في السياسة بصورة مباشرة و غير مباشرة، و التي أثرت سلبا على العملية السياسية و زعزعت الاستقرار السياسي في البلاد، اقتنعت يجب عليهم جميعا أحترام النظام الديمقراطي، و رفض أي تدخل لقيادات الجيش في العملية السياسية، خاصة أن جنرالات الجيش كانوا يعتقدون أنهم ورثة التيار الفكري السياسي لكمال أتاتورك، الذي يعطيهم الحق في الحفاظ على النظام العلماني كما يروه وحدهم. و كان للشارع التركي دورا كبيرا في الوقوف ضد تدخل الجيش في السياسة. و استطاعت الأحزاب التركية جميعها دون استثناء أن تحترم الدستور و و القانون، و أن تجعل انشطتها السياسية بعيدة عن المؤسسات العسكرية و شبه العسكرية.
أن النخبة السياسية التركية استطاعت أن تستفيد من تجاربها السابقة، و تنظر لها بواقعية بعيدا عن الشعارات البراقة التي لا تتلاءم مع الواقعية السياسية، و تحاول أن تجذر القيم الديمقراطية في المجتمع، هذا التحول في الذهنية التركية هو الذي ساعد كل القوى السياسية أن تكون منتجة للثقافة الديمقراطية، حيث احسرت الثقافة الشمولية التي كان ينتجها الجيش عبر تدخل جنرالاته في العمل السياسي. أن الصراع من أجل الديمقراطية و اتساع رقعة الحرية في تركيا قرابة 75 عاما، و لكن استطاعت النخبة أن تنتصر عندما أصبح العقل فاعلا بعيدا عن الولاءات المغلقة. السؤال متى تفيق النخبة السياسية و المثقفين السودانيين من غفوتهم و ولاءاتهم الأيديولوجية التي لا تنتج غير وعي زائف. و تشعل صراعات لا تنتج غير عنف و سيطرة للقوى القمعية؟
أن النخب السياسية السودانية ليست لها الشجاعة أن تطرح مبادراتها بشجاعة، و تفتح حولها حوارا مجتمعيا و سياسيا، و قد اثبتت التجربة؛ أن خوف النخب من عدم طرح الأفكار بشجاعة، لأنها تستبطن أجندة أخرى تخفيها وراء شعاراتها، و تفضحها الأحداث التي تنتج بسبب سلوكها، و حتى الحوارات ترفض الأغلبية أن تكون مفتوحة لكي تشارك فيها أكبر قاعدة اجتماعية. أن النخب السياسية التي تسعى دائما أن تضيق ماعون المشاركة هي نخب ليس لها أي علاقة بالديمقراطية، أنما تستخدمها في شعارات بهدف المناورة. و المسالة لا تقف في حدود النخب السياسية بل تعدتها إلي قاعدة عريضة من المثقفين و كتاب الرأى الذي مالوا إلي قاعدة الاستقطاب و الموالاة بدلا من الطرح الفكري الذي يفتح أفاق للحل و يفتح حوارات تقرب المسافات بين التيارات المختلفة.
هناك أسئلة رئيس يجب أن تجاوب عليها النخب السياسية و المثقفين ترتبط بعملية التحول الديمقراطي، و هي تشكل تحديا سياسيا و عقبة في طريق التحول الديمقراطي.
1- ما هي الأسباب التي تمنع فتح حوارا وطنيا جامعا بين التيارات الفكرية، دون أي شروط من قبل الجميع؟
2- لماذا الخوف من فتح حوار سياسي مع الإسلاميين حول موقفهم من عملية التحول الديمقراطي؟ و معلوم للكل أن الإسلاميين ليس تنظيما واحدا بل هم تنظيمات متعددة و بينهم خلافات، و لكن يشكل قاعدة اجتماعية عريضة في المجتمع؟
3- الحوار المفتوح مع القوات المسلحة حول حدود دورهم في العملية قبل و بعد الانتخابات؟
4- لماذا تتردد القوى السياسية المطالبة بضرورة إدماج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة قبل إجراء الانتخابات؟
5- المطالبة بخراج كل معسكرات و قواعد الأسلحة العسكرية من جميع المدن في السودان؟
6- هل النخب الأيديولوجية و خاصة الإسلاميين لديهم الاستعداد أن ينخرطوا في العملية الديمقراطية و يعاضدونها كما فعل حزب أوردوغان ( العدالة و التنمية) في تركيا و ينقدون تجربتهم بمنهج نقدي دون التبرير، و العمل من أجل مراجعات فكرية حتى تتلاءم رؤيتهم مع الديمقراطية؟
7- هل قيادة الحزب الشيوعي الاستالينية قادرة أن تتجاوز الإعلان الشيوعي 1848م الذي قدماه كل من ماركس و انجليز و يطلعوا على الكتابا الماركسية الجديدة التي تتجاوز قضية الصراع الطبقي الحاد، و تخرج من حالة السكون السالب الذي عطل قدرات فكرية وسط القاعدة، و هؤلاء قادرين أن يسهموا في حوار سياسي بأفق جديد بعيد عن شعارات الإقصاء التي وقف عندها العقل الشيوعي الاستاليني؟
هناك العديد من الأسئلة التي يجب أن تجاوب عليها النخب السياسية و الذين يشتغلون بالفكرعبر حوارات مفتوحة تسهم في عملية الوعي الديمقراطي. أن الحالة السالبة التي يقفها المثقفون و الكتاب انصياعا لدعوات الاستقطاب تؤكد إفلاس حقيقي هو الذي يجعل النخب السودانية عاجزة عن الاستفادة من تجاربها السابقة و تحاول تكرارها بذات الافتراضات و الخطوات السابقة اعتقادا منهم سوف يجدون نتائج مختلفة. نسأل الله التوفيق و حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com
أن النخبة التركية بكل تياراتها الفكرية وصلت لقناعة، بعد التدخل الذي كانت تقوم به قيادة الجيش في السياسة بصورة مباشرة و غير مباشرة، و التي أثرت سلبا على العملية السياسية و زعزعت الاستقرار السياسي في البلاد، اقتنعت يجب عليهم جميعا أحترام النظام الديمقراطي، و رفض أي تدخل لقيادات الجيش في العملية السياسية، خاصة أن جنرالات الجيش كانوا يعتقدون أنهم ورثة التيار الفكري السياسي لكمال أتاتورك، الذي يعطيهم الحق في الحفاظ على النظام العلماني كما يروه وحدهم. و كان للشارع التركي دورا كبيرا في الوقوف ضد تدخل الجيش في السياسة. و استطاعت الأحزاب التركية جميعها دون استثناء أن تحترم الدستور و و القانون، و أن تجعل انشطتها السياسية بعيدة عن المؤسسات العسكرية و شبه العسكرية.
أن النخبة السياسية التركية استطاعت أن تستفيد من تجاربها السابقة، و تنظر لها بواقعية بعيدا عن الشعارات البراقة التي لا تتلاءم مع الواقعية السياسية، و تحاول أن تجذر القيم الديمقراطية في المجتمع، هذا التحول في الذهنية التركية هو الذي ساعد كل القوى السياسية أن تكون منتجة للثقافة الديمقراطية، حيث احسرت الثقافة الشمولية التي كان ينتجها الجيش عبر تدخل جنرالاته في العمل السياسي. أن الصراع من أجل الديمقراطية و اتساع رقعة الحرية في تركيا قرابة 75 عاما، و لكن استطاعت النخبة أن تنتصر عندما أصبح العقل فاعلا بعيدا عن الولاءات المغلقة. السؤال متى تفيق النخبة السياسية و المثقفين السودانيين من غفوتهم و ولاءاتهم الأيديولوجية التي لا تنتج غير وعي زائف. و تشعل صراعات لا تنتج غير عنف و سيطرة للقوى القمعية؟
أن النخب السياسية السودانية ليست لها الشجاعة أن تطرح مبادراتها بشجاعة، و تفتح حولها حوارا مجتمعيا و سياسيا، و قد اثبتت التجربة؛ أن خوف النخب من عدم طرح الأفكار بشجاعة، لأنها تستبطن أجندة أخرى تخفيها وراء شعاراتها، و تفضحها الأحداث التي تنتج بسبب سلوكها، و حتى الحوارات ترفض الأغلبية أن تكون مفتوحة لكي تشارك فيها أكبر قاعدة اجتماعية. أن النخب السياسية التي تسعى دائما أن تضيق ماعون المشاركة هي نخب ليس لها أي علاقة بالديمقراطية، أنما تستخدمها في شعارات بهدف المناورة. و المسالة لا تقف في حدود النخب السياسية بل تعدتها إلي قاعدة عريضة من المثقفين و كتاب الرأى الذي مالوا إلي قاعدة الاستقطاب و الموالاة بدلا من الطرح الفكري الذي يفتح أفاق للحل و يفتح حوارات تقرب المسافات بين التيارات المختلفة.
هناك أسئلة رئيس يجب أن تجاوب عليها النخب السياسية و المثقفين ترتبط بعملية التحول الديمقراطي، و هي تشكل تحديا سياسيا و عقبة في طريق التحول الديمقراطي.
1- ما هي الأسباب التي تمنع فتح حوارا وطنيا جامعا بين التيارات الفكرية، دون أي شروط من قبل الجميع؟
2- لماذا الخوف من فتح حوار سياسي مع الإسلاميين حول موقفهم من عملية التحول الديمقراطي؟ و معلوم للكل أن الإسلاميين ليس تنظيما واحدا بل هم تنظيمات متعددة و بينهم خلافات، و لكن يشكل قاعدة اجتماعية عريضة في المجتمع؟
3- الحوار المفتوح مع القوات المسلحة حول حدود دورهم في العملية قبل و بعد الانتخابات؟
4- لماذا تتردد القوى السياسية المطالبة بضرورة إدماج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة قبل إجراء الانتخابات؟
5- المطالبة بخراج كل معسكرات و قواعد الأسلحة العسكرية من جميع المدن في السودان؟
6- هل النخب الأيديولوجية و خاصة الإسلاميين لديهم الاستعداد أن ينخرطوا في العملية الديمقراطية و يعاضدونها كما فعل حزب أوردوغان ( العدالة و التنمية) في تركيا و ينقدون تجربتهم بمنهج نقدي دون التبرير، و العمل من أجل مراجعات فكرية حتى تتلاءم رؤيتهم مع الديمقراطية؟
7- هل قيادة الحزب الشيوعي الاستالينية قادرة أن تتجاوز الإعلان الشيوعي 1848م الذي قدماه كل من ماركس و انجليز و يطلعوا على الكتابا الماركسية الجديدة التي تتجاوز قضية الصراع الطبقي الحاد، و تخرج من حالة السكون السالب الذي عطل قدرات فكرية وسط القاعدة، و هؤلاء قادرين أن يسهموا في حوار سياسي بأفق جديد بعيد عن شعارات الإقصاء التي وقف عندها العقل الشيوعي الاستاليني؟
هناك العديد من الأسئلة التي يجب أن تجاوب عليها النخب السياسية و الذين يشتغلون بالفكرعبر حوارات مفتوحة تسهم في عملية الوعي الديمقراطي. أن الحالة السالبة التي يقفها المثقفون و الكتاب انصياعا لدعوات الاستقطاب تؤكد إفلاس حقيقي هو الذي يجعل النخب السودانية عاجزة عن الاستفادة من تجاربها السابقة و تحاول تكرارها بذات الافتراضات و الخطوات السابقة اعتقادا منهم سوف يجدون نتائج مختلفة. نسأل الله التوفيق و حسن البصيرة.
zainsalih@hotmail.com