ماهو عارف قدمو المفارق
جعفر فضل
14 December, 2023
14 December, 2023
كعادتنا في كل اجازة كريسماس ، كانت وجهتنا الي السودان الحبيب ، نغادر في موسم الشتاء من بلاد تموت من البرد حيتانها الي الدفء الاسري دفء الاهل و الحبان و الطراوة . نصطحب معنا العيال منذ ان كانوا أطفالا الي ان شبوا عن الطوق . نحرص علي تزويدهم بجرعات في حب الوطن الام . يتأقلمون علي نمط حياتنا بالاحتكاك و التواصل مع الاهل ، ينهلون من تراثنا و بعض عاداتنا التي نعتز بها .
في سعينا الدائم لربطهم بارض الجدود نحدثهم كثيرا عن السودان و حضارة السودان و سماحة خصال اهل السودان . التي يلتمسونها عند زياراتهم في محنة الخالة و العمة و الحبوبة . يضيفون لكل ذلك ما يجود به عليهم العم قوقل . اذكر في احدي زياراتنا الراتبة زار أبنائي اهرامات البجراوية مع انني شخصيا لم اسعد بمشاهدتها .
نسعد كثيرا عندما نجدهم سعداء بالزيارة و في انسجام مع الناس ، في التواصل مع ابناء جيلهم من الاهل و المعارف . رغم الفارق الكبير في سبل الرفاهية بين حياة اوربا و السودان . إلا أن السودان بي ناسو و بساطهم و ليس بعمرانه او بنيته التحتية .
الان الخرطوم الجريحة ما عادت ترحب بضيوفها ! بل تقتل في سكانها وزوارها بالرصاص و الدانة و القصف الجوي و الجوع و المرض و انعدام الخدمات ! غير ذلك فان الوصول اليها في حد ذاته اصبح عصيا .
علمنا ان منزلنا بالخرطوم قد تضرر كثيرا بضرب الطيران له ، لم يشغل ذلك بالنا ! و لم نجزع له !! تملكنا يقين غريب لا اعتقد كان يمكن ان يصيبنا لو لا الشعور بان البلد كلها غارقة في الخراب و مصيرها في كف عفريت . فمن راي مصيبة غيره هانت عليه مصيبته .
ما يشغل بالنا حقيقة ، هو الضرر و الاحباط و الحالة النفسية التي انتابت اهلنا كبارا و صغارا ، بسبب نزوحهم القصري من منازلهم و انسداد الأفق و المصير المجهول الذي أمامهم .
نزح الذين كنا نعيش في أكنافهم ، تقطعت بهم السبل و تفرقوا أيدي سبا . بعضهم بالإمارات العربية المتحدة و البعض الاخر بمصر و اخرون قابضون علي جمر البقاء بالسودان .
سفرنا الأسبوع القادم باذن الله هذا العام مؤازرين لهم و الوقوف بجانبهم و مواساتهم في مصيبتهم .
سنحمل شنطنا الي المطارات في رحلة ليست للترويح كسابقاتها و انما للتعاضد ، نلاقي فيها اهلنا و احبابنا في بلاد الغربة ! ، في بلدا لا هولك ولا هولي ، كما قال كامل عبدالماجد . سيكون لقاءنا و عناقنا حارا نبتغيه ان يمسح الاحزان من عيون الناس ، و ينسيهم مصيبتهم ولو لحين .
ان ما حدث لاهلنا و لبلادنا شيء فظيع وفوق التصور . لا نري اي مبرر له كما لا ندري لماذا كل هذا ؟ و لماذا ؟
لماذا جعلوا بلدنا الواسعة تضيق و لا تتسع لاهلها ، تشتتهم في الآفاق ؟ لماذا يقتلوا احلام الأطفال و يقطعوا أرزاق الكبار ؟ لماذا كل هذا القهر لبني جلدتهم ؟ و باي ذنب ؟
اسئلة لا اجد لها اجابة إلا في تساؤل استاذنا الطيب صالح ، طيب الله ثراه . من اين جاء هولاء الناس ؟ بل - من هولاء الناس ؟
حقيقة ان السودان الذي ترعرعنا في كنفه لم نشاهد فيه من قبل مثل هذه التصرفات من البشر ! و لا كان يمكن ان نتخيل ان ياتي علينا يوم يحيق باهلنا كل هذا العذاب ! فوق ام كم وعشان شنو ؟ اليس منكم رجل راشيد ؟ .
لم يتبقي لنا ما نقوله لأبنائها عن الوطن الذي جعلناهم يحبونه .
عسي ان يكون قد سلطهم الله علينا لخير ، فعسي أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم ، ابتلاء و درس نسأل الله ان يعدل به طريقنا و حالنا المايلة منذ الاستقلال .
رغم الثمن الباهظ الذي الذي دفعه ، لا يخالجني شك بان هذا الشعب صاحب التاريخ المجيد في قهر الذل سوف يتجاوز هذه المحنة طال الزمن ام قصر . كما قال الطاهر إبراهيم ( شعبك يا بلادي اقوي و اكبر من ما كان العدو يتصور) . و الشباب قادرون علي تحقيق أشواق محجوب شريف ، حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي ، وطن شامخ وطن عاتي . و لنتمسك بقول الطغرائي
أعلل النفس بالامال ارقبها - ما أضيق العيش لو لا فسحة الامل
القادم اجمل
و الله علي المفتري
جعفر فضل - لندن
gafargadoura@hotmail.com
في سعينا الدائم لربطهم بارض الجدود نحدثهم كثيرا عن السودان و حضارة السودان و سماحة خصال اهل السودان . التي يلتمسونها عند زياراتهم في محنة الخالة و العمة و الحبوبة . يضيفون لكل ذلك ما يجود به عليهم العم قوقل . اذكر في احدي زياراتنا الراتبة زار أبنائي اهرامات البجراوية مع انني شخصيا لم اسعد بمشاهدتها .
نسعد كثيرا عندما نجدهم سعداء بالزيارة و في انسجام مع الناس ، في التواصل مع ابناء جيلهم من الاهل و المعارف . رغم الفارق الكبير في سبل الرفاهية بين حياة اوربا و السودان . إلا أن السودان بي ناسو و بساطهم و ليس بعمرانه او بنيته التحتية .
الان الخرطوم الجريحة ما عادت ترحب بضيوفها ! بل تقتل في سكانها وزوارها بالرصاص و الدانة و القصف الجوي و الجوع و المرض و انعدام الخدمات ! غير ذلك فان الوصول اليها في حد ذاته اصبح عصيا .
علمنا ان منزلنا بالخرطوم قد تضرر كثيرا بضرب الطيران له ، لم يشغل ذلك بالنا ! و لم نجزع له !! تملكنا يقين غريب لا اعتقد كان يمكن ان يصيبنا لو لا الشعور بان البلد كلها غارقة في الخراب و مصيرها في كف عفريت . فمن راي مصيبة غيره هانت عليه مصيبته .
ما يشغل بالنا حقيقة ، هو الضرر و الاحباط و الحالة النفسية التي انتابت اهلنا كبارا و صغارا ، بسبب نزوحهم القصري من منازلهم و انسداد الأفق و المصير المجهول الذي أمامهم .
نزح الذين كنا نعيش في أكنافهم ، تقطعت بهم السبل و تفرقوا أيدي سبا . بعضهم بالإمارات العربية المتحدة و البعض الاخر بمصر و اخرون قابضون علي جمر البقاء بالسودان .
سفرنا الأسبوع القادم باذن الله هذا العام مؤازرين لهم و الوقوف بجانبهم و مواساتهم في مصيبتهم .
سنحمل شنطنا الي المطارات في رحلة ليست للترويح كسابقاتها و انما للتعاضد ، نلاقي فيها اهلنا و احبابنا في بلاد الغربة ! ، في بلدا لا هولك ولا هولي ، كما قال كامل عبدالماجد . سيكون لقاءنا و عناقنا حارا نبتغيه ان يمسح الاحزان من عيون الناس ، و ينسيهم مصيبتهم ولو لحين .
ان ما حدث لاهلنا و لبلادنا شيء فظيع وفوق التصور . لا نري اي مبرر له كما لا ندري لماذا كل هذا ؟ و لماذا ؟
لماذا جعلوا بلدنا الواسعة تضيق و لا تتسع لاهلها ، تشتتهم في الآفاق ؟ لماذا يقتلوا احلام الأطفال و يقطعوا أرزاق الكبار ؟ لماذا كل هذا القهر لبني جلدتهم ؟ و باي ذنب ؟
اسئلة لا اجد لها اجابة إلا في تساؤل استاذنا الطيب صالح ، طيب الله ثراه . من اين جاء هولاء الناس ؟ بل - من هولاء الناس ؟
حقيقة ان السودان الذي ترعرعنا في كنفه لم نشاهد فيه من قبل مثل هذه التصرفات من البشر ! و لا كان يمكن ان نتخيل ان ياتي علينا يوم يحيق باهلنا كل هذا العذاب ! فوق ام كم وعشان شنو ؟ اليس منكم رجل راشيد ؟ .
لم يتبقي لنا ما نقوله لأبنائها عن الوطن الذي جعلناهم يحبونه .
عسي ان يكون قد سلطهم الله علينا لخير ، فعسي أن تكرهوا شيئا وهو خيرا لكم ، ابتلاء و درس نسأل الله ان يعدل به طريقنا و حالنا المايلة منذ الاستقلال .
رغم الثمن الباهظ الذي الذي دفعه ، لا يخالجني شك بان هذا الشعب صاحب التاريخ المجيد في قهر الذل سوف يتجاوز هذه المحنة طال الزمن ام قصر . كما قال الطاهر إبراهيم ( شعبك يا بلادي اقوي و اكبر من ما كان العدو يتصور) . و الشباب قادرون علي تحقيق أشواق محجوب شريف ، حنبنيهو البنحلم بيهو يوماتي ، وطن شامخ وطن عاتي . و لنتمسك بقول الطغرائي
أعلل النفس بالامال ارقبها - ما أضيق العيش لو لا فسحة الامل
القادم اجمل
و الله علي المفتري
جعفر فضل - لندن
gafargadoura@hotmail.com